هل تعلم الأمريكيون شيئا بعد عقدين من الحروب؟
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
في الفصل السادس والأربعين من كتاب الحرب لبوب وودورد، ذكر المؤلف حوارات وزير الخارجية الأمريكي مع الحكام العرب وكيف أنهم باعوا القضية وطلبوا القضاء على حماس، وهو ما ناقشه كثيرون ممن علقوا على الكتاب.
لكن نقطة أخرى لفتت نظري لم أقرأ لأحد ناقشها من قبل، وهي في حوار بلينكن مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ورئيس الوزراء محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
استمر الأمير في حديثه عن ضرورة وقف القصف الجوي لعدة ساعات حتى يمكن إطلاق سراح بعض الأسرى، وأن حماس ستطلب شيئا بالمقابل، لكن حماس عندها رغبة في الإفراج عن الأسرى.
هذا الجهل الشديد بثقافة الشعوب العربية وطريقة تفكيرهم يعد مشكلة كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية، ومن الجدير بالذكر أيضا أن هناك حالة مماثلة بالجهل الشديد لدى السياسيين الأمريكيين بالثقافة والأوضاع الداخلية في بعض البلدان الكبرى كالصين والهند مثلا، لكن الجهل بأوضاع العرب أكثر خطورة
نقطتان هامتان في حوار بلينكن مع الأمير تميم:
1- كان الأمير تميم يتحدث والشاشة تعرض صور الدمار في غزة، وهي لفتة مهمة لأنه قال للأمريكيين بصورة غير مباشرة إن سلاحهم الذي يعطونه للكيان يستخدم في تلك الجرائم. نتنياهو حين التقى بلينكن قام بفعل مماثل، حيث عرض صور الأماكن التي تضررت في غلاف غزة وجثث القتلى وغيرها.
2- اندهاش بلينكن من قول الأمير تميم أن حماس تريد الإفراج عن بعض الأسرى مقابل مطالب لها. هذا الاندهاش نفسه كان غريبا، هل كان يتوقع أن حماس ستأخذ هؤلاء الأسرى لاستعبادهم مثلا؟ هل كان يرى أن هؤلاء سيصبحون عبيدا وإماء في غزة؟ إن اندهاش بلينكن من هذا الكلام يدل على جهل شديد بطريقة تفكير العرب وحركات المقاومة تحديدا، وهو أمر له عواقبه الكارثية على الأمريكيين قبل غيرهم.
نعلم أن الصراع بين الأمريكيين والعرب كان مستمرا لعقود، فمنذ استقلال الدول العربية دخل الأمريكيون في صدامات سياسية مع بعضها، كصدامهم مع مصر في عهد جمال عبد الناصر، بل قتالهم بأنفسهم ضد مصر في عهد السادات، ثم حربهم ضد العراق عام 19991 ثم احتلال العراق نفسه عام 2003. لكن الصراع أخذ منحى آخر حين قام بعض العرب عام 2001 بتنفيذ هجمات 11 أيلول/ سبتمبر الدموية التي راح ضحيتها قرابة ثلاثة آلاف من المدنيين. وكان من المفترض أنه في تلك الفترة، خاصة بعد حرب العراق، قد تكونت لدى الأمريكيين صورة واضحة عن العرب وثقافتهم، وطريقة تفكيرهم، وتعاملهم مع الأزمات، خاصة الأزمات الخارجية وتعاملهم مع أعدائهم. أكثر من عقدين مرّا منذ عام 2001، ولا زالت نظرة الأمريكيين للعرب كما هي، أعراب أجلاف لا يفقهون شيئا ويحسدونهم على طريقة حياتهم، كما قال الرئيس جورج بوش ذات مرة في أحد خطاباته!
إن هذا الجهل الشديد بثقافة الشعوب العربية وطريقة تفكيرهم يعد مشكلة كبيرة في السياسة الخارجية الأمريكية، ومن الجدير بالذكر أيضا أن هناك حالة مماثلة بالجهل الشديد لدى السياسيين الأمريكيين بالثقافة والأوضاع الداخلية في بعض البلدان الكبرى كالصين والهند مثلا، لكن الجهل بأوضاع العرب أكثر خطورة، فالسياسيون وأصحاب القرار في البيت الأبيض والكونغرس وغيرهما لديهم معرفة شديدة السطحية بما يريده العرب.
صحيح أنهم يلتقون بالحكام العرب كثيرا في الزيارات والاجتماعات المختلفة، لكن الأمريكيين يعرفون أيضا أن كثيرا من الحكام العرب لا يعكسون التطلعات الحقيقية لشعوبهم
صحيح أنهم يلتقون بالحكام العرب كثيرا في الزيارات والاجتماعات المختلفة، لكن الأمريكيين يعرفون أيضا أن كثيرا من الحكام العرب لا يعكسون التطلعات الحقيقية لشعوبهم. في نفس الكتاب ونفس الفصل ذكر المؤلف أن حكام العرب الذين يرغبون في القضاء على حماس لا يقولون ذلك علنا خشية شعوبهم، وبالتالي فالأمريكيون يعرفون مدى الاختلاف في وجهات النظر بين الحكام والشعوب العربية. ورغم كل هذا، يستمر الأمريكيون في السير على عماهم مستمعين لنصائح الحكام والمستشارين العرب، وهو ما يجعل العداء لهم أكثر تجذرا وأشد رفضا كلما مر الوقت.
مر عقدان قتل فيهما الآلاف وشرد فيهما الملايين، تعرضت فيهما الولايات المتحدة لهزيمتين مذلتين في العراق ثم أفغانستان، ورغم هذا كله، يصر المسؤولون الأمريكيون على جهلهم وتصورهم الخاطئ والوهمي عن العرب. بدون وجود تصور سليم وحقيقي عن العقلية العربية وطريقة تفكيرها، وسواء رضي الحكام العرب أو لم يرضوا، فيبدو أنه لا زال أمامنا طريق طويل حتى يدرك الأمريكي أن العرب لهم إرادة نافذة، وأن حق الفلسطينيين لا بد أن يعود إليهم، عاجلا أو آجلا، وكلما تأخرت عودة هذه الحقوق كلما زاد الثمن الذي يدفعه الأمريكي نظير ظلمه وطغيانه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العرب الصراع الفلسطينيين امريكا فلسطين العرب صراع مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکام العرب بعض الأسرى أن حماس أیضا أن
إقرأ أيضاً:
الكويت توقع عقدين مع حكومة الإمارات وشركة بريطانية لتطوير المنظومة الأمنية البحرية
وقع النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، اليوم الأربعاء، عقدين مع حكومة دولة الامارات العربية المتحدة وشركة (SRT Marine Systems) البريطانية؛ لتطوير المنظومة الأمنية البحرية والزوارق البحرية والمنظومة الرادارية بالادارة العامة لخفر السواحل.
وقال الشيخ فهد اليوسف - في بيان صادر عن الإدارة العامة للعلاقات والإعلام الأمني بـ الداخلية الكويتية اليوم /الأربعاء/ - إن توقيع العقدين جاء وفق مواصفات فنية عالية؛ تتماشى مع أحدث المعايير العالمية البحرية وهو خطوة استراتيجية نحو تعزيز الأمن البحري لدولة الكويت.
وأكد في الوقت ذاته على الروابط الوثيقة بين دولة الكويت ودولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة في مجال الصناعة العسكرية، مبينا أن المرحلة الحالية والمستقبلية ستشهد عملية تحديث شاملة ومتكاملة انطلاقا من المنظور الاستراتيجي الشامل نحو تحديث مختلف الأجهزة الأمنية.
وذكر أن ذلك يسهم في ترسيخ قواعد الأمن نحو تعزيز الأمن وسلامة أرواح البشر والأمن البحري وضمان حماية السواحل والمياه الاقليمية الكويتية تماشيا مع أهداف الرؤية المستقبلية.
وأكد حرص الداخلية الكويتية على تعزيز الأمن البحري بتوفير أحدث الحلول التكنولوجية لضمان حماية السواحل والمياه الاقليمية الكويتية وفي إطار التعاون الثنائي بين الكويت والامارات.
حضر التوقيع كل من سفير دولة الامارات العربية المتحدة لدى الكويت الدكتور مطر النيادي وسفيرة المملكة المتحدة لدى البلاد بليندا لويس ووكيل وزارة الداخلية المساعد لشؤون أمن الحدود اللواء مجبل بن شوق والمدير العام الادارة العامة لخفر السواحل العميد ركن بحري الشيخ مبارك علي يوسف الصباح.