الـ”MBC” الوجه الآخر لأجندات واشنطن و”تل أبيب”
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
قد لا تكون المرة الأولى التي تتسبب فيها وسيلة إعلام سعودية بإثارة غضب ملايين الناس، من العراقيين وغير العراقيين، بسبب الإساءة إلى رموز دينية ووطنية، أو تجاوزها معتقدات وتوجهات معينة. فقبل التقرير الذي ظهر على شاشة قناة MBC قبل عدة أيام، والذي وصفت فيه عددًا من شهداء قيادات المقاومة في العراق وايران ولبنان بالإرهابيين، وصنفتهم في خانة الإرهابي أسامة بن لادن.
غالبًا ما كانت تأتي الإساءات من المؤسسات الإعلامية السعودية، وحتى غير السعودية، في توقيتات مدروسة ارتباطًا بظروف وأوضاع وحسابات خاصة، تندرج في إطار توزيع مهام وأدوار ضمن أجندات ومشاريع كبيرة، ترسمها وتديرها وتوجهها مراكز القرار الغربية المعادية لمحور المقاومة، وتحديدًا من واشنطن ولندن و”تل أبيب”.
في هذا الصدد؛ لا بدّ من الإشارة إلى جملة أمور لكي تكون الصورة واضحة بمجمل أبعادها وجوانبها، ولا يقتصر التعاطي والتقييم مع واقعة الفعل الأخير للــــMBC وردود الفعل الغاضبة عليه، والتي وصلت إلى حد اقتحام مئات المواطنين العراقيين مكتبها في بغداد، وتدمير ممتلكاته وإحراقه.
الأمر الأول: تعدّ القناة المذكورة من المؤسسات الإعلامية الرسمية في المملكة العربية السعودية، وهي خاضعة لتوجيه ورقابة صارمة، ومن غير الممكن لها أن تجتهد وترتجل في قضايا حساسة وخطيرة. هذا فضلًا عن المؤسسات الإعلامية غير الرسمية، والتي هي الأخرى لا يمكنها السباحة عكس تيار السلطة؛ بل لا يمكنها أن تحيد ولو قليلًا عن المسارات والخطوط المرسومة سلفًا، وإذا كان هناك هامش صغير من حرية الطرح، فهو يشمل قضايا اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية ثانوية ليس إلّا.
الأمر الثاني: كان الإعلام السعودي- وما يزال- يتبنّى موقفًا سلبيًا عدائيًا من العراق، مؤسسات حكومية ومرجعيات دينية وقوى سياسية ومكونات مجتمعية، بالرغم من حصول تطور يعد مقبولاً في العلاقات بين بغداد والرياض خلال الأعوام القليلة الماضية.
لعلّ الكثيرين يتذكرون المقدار الكبير من الضخ التحريضي للإعلام السعودي ضد العراق، خلال حربه ضد تنظيمي “القاعدة” و”داعش” الإرهابيين، وتصديه للفتنة الطائفية التي أريد لها أن تغرقه في بحر من الدماء. وكان هذا الضخ الإعلامي متساوقًا ومترافقًا مع الفتاوى الدينية التكفيرية للمؤسسات والشخصيات الدينية السعودية، وتدفق الانتحاريين السعوديين وغير السعوديين إلى العراق، لقتل أكبر عدد من الناس الأبرياء!.
الأمر الثالث: يتحرك الإعلام السعودي بمفاصله المختلفة ضمن مسار عام، تتحرك فيه وسائل إعلام بعض الدول الخليجية والعربية، وأبرزها الإمارات العربية المتحدة وكذلك وسائل إعلام أمريكية وغربية، تبث باللغة العربية إلى جانب بثها باللغة الإنجليزية، فضلًا عن لغات أخرى، إلى جانب وسائل الإعلام الصهيونية.
لقد بدا ذلك واضحًا إلى حدٍّ كبير في التعاطي مع مجمل وقائع معركة “طوفان الأقصى” والعدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان، وما خلفه ذلك العدوان من مجازر مروعة يندى لها جبين الإنسانية.
إذ إنّ القنوات الفضائية، “العربية” و”الحدث” و”سكاي نيوز” و”أبو ظبي”، والصحف، “الشرق الأوسط” و”الاتحاد” و”البيان”، ومختلف وسائل الإعلام السعودية والإماراتية ومنصات التواصل التابعة لها، كانت تدور في فلك الإعلام الأميركي والصهيوني، بل إنها بدت وكأنّها صدى لقناة الحرة وقناة CNN، وللقنوات 12 و13 و14 الصهيونية. وأكثر من ذلك، كانت، في كثير من الأحيان، تبدو لمن يتابعها أنها “ملكية أكثر من الملك”، حيث إن مساحة النقد وإبراز جوانب من جرائم الكيان الصهيوني غابت عنها تمامًا، في حين إنه حتى في وسائل الإعلام الصهيونية، هناك انتقادات حادة لكبار قادة الكيان وتشخيص لسياساتهم المتهورة وخطواتهم الحمقاء، وإن كان جوهر تلك الانتقادات لا يندرج في إطار الدفاع عن الفلسطينيين واللبنانيين بقدر الدفاع عن الصهاينة النازحين وساكني الملاجئ.
من أقرب مصاديق ذلك التحرك في المسارات ذاتها، هو أن إساءات قناة MBC السعودية لرموز المقاومة وقادتها، جاءت متزامنة تقريبًا مع إساءات القناة 14 الصهيونية للمرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد علي السيستاني.
الأمر الرابع: مثلت قناة MBC، من خلال فرعها العراقي MBC عراق، والذي افتتح في السابع عشر من شهر شباط/ فبراير 2019م، إحدى أدوات الحرب الناعمة التي استهدفت القيم الدينية والأعراف الاجتماعية والثوابت الأخلاقية للمجتمع العراقي، فمختلف برامجها وأعمالها الدرامية والكوميدية كانت تنطوي على رسائل سلبية للغاية، وتؤسس لثقافة مشوهة، وتعمل على تسطيح الوعي، والإساءة إلى الرموز بأشكال واساليب وصور مختلفة.
ممّا لا شك فيه أن الإحاطة بكل أبعاد الصورة وجوانبها، يتيح فهم وتفهم ذلك الغضب الشعبي العراقي، وتقدير صوابية قرار الجهات العراقية الرسمية المختصة بإلغاء رخصة القناة السعودية، وهذا ما يفترض أن يشمل قنوات عربية وأجنبية أخرى تسير على المنوال نفسه، هذا فضلًا عن وجوب قيام القنوات الفضائية العراقية بمقاطعة المروجين والمسوغين، بشكل أو بآخر، لجرائم الكيان الصهيوني من كتّاب ومحللّين سياسيين وأصحاب رأي؛ لأن كل خطأ أو تجاوز ينبغي أن يقابل بحزم يتناسب وطبيعته ومستوى خطورته وحقيقة أهدافه وأجنداته.
كاتب وصحافي عراقي
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
«إندبندنت»: اتهامات لوسائل الإعلام الحكومية التركية بإخفاء حقيقة الاحتجاجات الحاشدة المناهضة لأردوغان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بينما يتجمع الآلاف فى شوارع إسطنبول فى مظاهرات حاشدة ضد الحكومة، تم توجيه اتهامات لوسائل الإعلام الحكومية التركية بالنظر إلى الاتجاه الآخر وإخفاء حقيقة الاحتجاجات عن السكان، بحسب ما ذكرت صحيفة «إندبندنت» البريطانية.
وشهدت تركيا سبعة أيام من مظاهرات واسعة النطاق ضد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، بعد اعتقال منافسه السياسى وعمدة إسطنبول أكرم إمام أوغلو. وأطلقت السلطات التركية الرصاص المطاطى والغاز المسيل للدموع ضد عشرات الآلاف من المتظاهرين، وتم اعتقال حوالى ١١٠٠ شخص.
وبدلًا من ذلك؛ ركزت قناة «NTV» الموالية للحكومة، وفقا لصحيفة «الجارديان» البريطانية، على جهود وزير المالية التركى محمد شيمشك لتحقيق الاستقرار فى الاقتصاد.
وفى غضون ذلك، أظهر التليفزيون الحكومى أردوغان وهو يتحدث عن إنجازات حكومته بعد حفل إفطار. وقال المعارضون إنه لم يتم بث أى لقطات للاحتجاجات أو مقابلات مع المتظاهرين من قبل أى من القناتين.
وهدد المجلس الأعلى للإذاعة والتليفزيون، يوم السبت الماضي، بإلغاء ترخيص المحطات التى تبث تغطية حية للاحتجاجات، تحت حجة التغطية المتحيزة، مما دفع بعض القنوات إلى الامتناع عن تغطية المظاهرات. لكن بعض المحطات المستقلة والمعارضة قامت بتغطية شبه مستمرة للمظاهرات.
وقال بولنت موماي، الصحفى الذى حكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ لنشره معلومات فى تحد لأمر حكومى فى عام ٢٠٢٣، لصحيفة «إندبندنت»: «أكثر من ٩٠ فى المائة من وسائل الإعلام فى تركيا تسيطر عليها الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر».
وأضاف موماي، الذى يعمل فى إذاعة «دويتشه فيله» الألمانية، أن: «وسائل الإعلام المستقلة المتبقية تواجه ضغوطا قانونية ومالية من الدولة. أحد أسباب خروج المواطنين إلى الشوارع هو أنهم لا يستطيعون رؤية مشاكلهم فى وسائل الإعلام. ويشاركون فى احتجاجات إمام أوغلو جزئيا لإظهار مشاكلهم والتعبير عن تمردهم».
وقال موماى إن حرية الصحافة لم تتدهور فى تركيا، لأنه «ليس لدينا حرية صحافة حتى تتدهور».
ودعا أوزغور أوزيل، رئيس حزب الشعب الجمهورى المعارض، إلى مقاطعة المحطات التلفزيونية التى امتنعت عن تغطية الاحتجاجات، وقال إن الحزب «يحيط علما بكل قناة تلفزيونية تتجاهل هذه اللحظة».
واتهم المعلنين على القنوات بـ«خدمة قصر أردوغان»، وأضاف: «لا يتعلق الأمر فقط بعدم مشاهدة قنواتهم، فمن يشترى منتجاتهم متواطئ».
وقال إيرول أوندروغلو، مراسل منظمة مراسلون بلا حدود فى تركيا، إن مجتمع الصحفيين فى تركيا «قلق للغاية» بشأن «التحول الخطير للغاية إلى العقلية التى تحاول التخلص من وسائل الإعلام الناقدة، والصحفيين الذين يبلغون بشكل صحيح عن الفساد السياسى والمخالفات».
وأضاف: «نحن نواصل جهودنا للدفاع عن ١٥ فى المائة المتبقية من وسائل الإعلام المستقلة فى تركيا. خمسة وثمانون فى المائة تسيطر عليها بالفعل الحكومة أو الانتماء الأيديولوجى أو المصلحة المالية».
وقال أوندروغلو إن الناس «يجب ألا يتفاجأوا من هذا الاستقطاب الإعلامى وهذه البيئة السامة». وتابع أنه بعد أن سيطر أردوغان على الكثير من ملكية وسائل الإعلام على مدى العقدين الماضيين، حاولت وسائل الإعلام التى تنتقد الحكومة أن تصبح «وسائل الإعلام الرئيسية».
وأضاف: «لقد رأينا الضرر الكبير الذى لحق بقطاع الإعلام، لتصفية ما نسميه جميعا الاستقلالية التحريرية. وقد أدت الأوامر السياسية للمحاكم ولدوائر الصحافة، إلى تدهور جميع أنواع العدالة فى المجتمع».
وأشارت «إندبندنت» إلى أنه ليس التليفزيون التركى وحده هو الذى تأثر. أصدرت الحكومة التركية أوامر قضائية لموقع التواصل الاجتماعى «إكس» «تويتر سابقا» بإغلاق حسابات أكثر من ٧٠٠ صحفى ووسائل إعلام ونشطاء، وهى خطوة قالت «إكس» إنها تقاتل ضدها فى المحكمة.
وقالت جمعية الإعلام والدراسات القانونية، وهى إحدى منظمات المجتمع المدني، إن ١١ صحفيًا اعتقلوا لتغطيتهم الاحتجاجات فى إسطنبول على خلفية اتهامات بانتهاك قانون الاجتماعات والمظاهرات.
وكان الصحفيون من بين أكثر من ٢٠٠ شخص أوصى المدعون بالسجن على ذمة المحاكمة، من بينهم نشطاء يساريون اعتقلوا من منازلهم خلال مداهمات فى وقت مبكر من يوم الإثنين الماضي. وبحلول وقت متأخر من يوم الثلاثاء الماضي، كان ١٧٢ شخصًا، من بينهم سبعة صحفيين، قد سجنوا قبل المحاكمة.
وقال وزير الداخلية التركى على يرليكايا، فى ساعة مبكرة من صباح يوم الثلاثاء الماضي، إن الشرطة اعتقلت ٤٣ شخصا زاعمًا أنهم قاموا بتوجيه إهانات إلى أردوغان وعائلته خلال الاحتجاجات. وقال فى وقت لاحق أنه تم اعتقال ١٤١٨ شخصًا منذ الأربعاء الأسبوع الماضي، وأن ٩٧٩ مشتبهًا بهم محتجزون حاليًا.
وكتب عبر حسابه على «إكس»: «لن يتم تقديم أى تنازلات لأولئك الذين يحاولون ترويع الناس».