قمر المحاق وحصاد الحصرم (الحلقة الثالثة)
تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT
قمر المحاق وحصاد الحصرم (الحلقة الثالثة)
أسامة عيدروس
29 أكتوبر 2024م
امتداد العمق واقتراب النهايات:
منذ اللحظات الأولى كانت الخطة الإعلامية الداعمة للمليشيا مرسومة بعناية وظهرت عبارة “هذه الحرب لا يمكن كسبها عسكريا” حتى قبل أن تتضح اتجاهات الحرب ومساراتها. وعلى أساس هذه العبارة وغيرها من السرديات المصاغة بعناية مثل نكتة “إطلاق الرصاصة الأولى” و”حرب الفلول” و “دولة 56” و “جلب الديمقراطية” و “الحرب الأهلية” تغلغلت الدولة الراعية للمليشيا لتجيش ليس فقط المرتزقة من دول الجوار وعلى امتداد دول الساحل والصحراء، بل قامت بحشد دبلوماسي عالمي من العداء للسودان في مبادرات صارت كالبصيرة أم حمد تريد قطع رأس الثور وكسر الجرة.
وعلى الرغم من أن مجريات العمليات العسكرية توضح تغير التكتيكات مع تطور الحرب وكأن السودان يخوض عدة حروب في وقت واحد، إلا ان الهدف الرئيس لهذه الحرب ظل واحدا وهو السيطرة التامة على السودان حتى لو تم ذلك عبر تدميره وتهجير سكانه. وقد بدأت الحرب في العمق الحيوي للدولة السودانية داخل العاصمة الخرطوم وعندما فشلت في السيطرة عليها، خرجت المليشيا في انتشار واسع واستراتيجية واضحة تقضي بكسر القوة الصلبة للجيش ومطاردته في كل ولاية ومدينة سودانية حتى الوصول لبورتسودان. وفي نفس الوقت تحولت للدفاع في الخرطوم بنشر قناصتها ومدافعها في كل مبنى عال من اجل الحفاظ على هذه المواقع للعودة إليها والانتشار منها في ضربة أخيرة لمعسكرات الجيش الأساسية بما فيها القيادة العامة. استراتيجية الهجوم المستمر والانتشار الواسع لم تتغير حتى بعد فشلها الذريع في اسقاط بابنوسة أو الدلنج أو الأبيض أو سنار أو الفاشر وهزيمتها المدوية في جبل موية التي أعلنت نهاية مرحلة مهمة من مراحل الحرب. ستظل المليشيا متمسكة باستراتيجيتها الهجومية الواسعة والانتشار ومعاودة الهجوم على الفاشر وفتح جبهة جديدة من خلال شرق الجزيرة وسهل البطانة أو محاولة فتح جبهة جديدة نحو نهر النيل او الشمالية. المليشيا الآن تسابق الزمن فمهما حشدت الدولة الراعية من عتاد وذخائر وأسلحة ومرتزقة من دول الساحل والصحراء إلا أن تأثير طول الحرب قد أضعف المليشيا كثيرا كما أن امساك الجيش بزمام المبادرة يهدد بشل قدرتها على الحركة أو فتح جبهات جديدة.
رغم الأهمية الاستراتيجية للعمق الحيوي للدولة السودانية في الخرطوم، إلا أن نهاية هذه الحرب ستكون في دارفور. وربما هذا يبرر ظهور الدعاية الجديدة السالبة حول الحركات المسلحة والقوات المشتركة والمحاولات الحثيثة لدق إسفين بينها وبين القوات المسلحة.
في الحلقة القادمة نواصل حول استراتيجيات الجيش القائمة على الدفاع في العمق واستباق العمق وسيناريو نهاية المعارك العسكرية.إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
البرهان في القصر.. الخرطوم حرة
حط بطائرته فى مطار الخرطوم
البرهان في القصـــــــــر.. العاصمة حرة
تقرير_ محمد جمال قندول- الكرامة
وصل رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة أمس إلى العاصمة الخرطوم، وذلك لأول مرةٍ منذ خروجه من القيادة العامة خلال الأشهر الأولى للحرب.
وأعلن البرهان رسميًا تحرير الخرطوم من داخل القصر الرئاسي الذي زاره للمرة الأولى منذ اندلاع الحرب.
وصول الرئيس تزامن مع تحرير جنوب وشرق العاصمة ليكتمل عقد التحرير الكامل الذي مُهِر بدماء الشهداء.
المطار
وحطّ رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان الرحال في مطار الخرطوم على متن طائرة خاصة، وفور وصوله خرّ ساجدًا وشاكرًا لله على الانتصار الكبير الذي تحقق.
البرهان تفقد القوات المنفتحة بمطار الخرطوم الدولي، كما زار القوات بالقصر الجمهوري مقدمًا التهاني بالانتصارات.
وقع وصول الرئيس إلى العاصمة في أول رحلة يستقبلها المطار منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، حُظي باهتمام شعبي وإقليمي ودولي، لا سيما وإنّها دلالة واضحة على خلو العاصمة من ميليشيات آل دقلو الإرهابية.
البرهان أعلن رسميًا تحرير الخرطوم من القصر، لتنطلق الأفراح من السودانيين داخل وخارج البلاد.
جيشٌ عريق
ويقول الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء “م” د. أمين إسماعيل مجذوب إنّ زيارة الرئيس عبر مطار الخرطوم ووصوله للقصر الرئاسي تعني أنّ العاصمة أصبحت حرةً كما صرح سيادته.
وأضاف د. أمين بأنّ الخرطوم أصبحت خاليةً من التمرد وذلك بعد الانهيار السريع لميليشيا الدعم السريع وتفرغها بالأنحاء الجنوبية للخرطوم، مشيرًا إلى أنّ هنالك بعض الهاربين حاولوا الوصول إلى جبل أولياء والعبور للمنطقة الغربية من العاصمة.
ويشير محدّثي إلى أنّ الزيارة مؤشر واضح وقاطع بأنّ الولاية المركزية تحررت بشكل كامل وأنّ المطار عاد للخدمة ليستقبل الرئيس البرهان في أول رحلة منذ عامين.
كما أنّ ظهور الجنرال بين جنوده بعد النصر رفع الروح المعنوية للقوات مما يمكنها من تنفيذ المراحل اللاحقة ومطاردة فلول الميليشيا والقضاء على جيوب التمرد بالعاصمة والاتجاه لتحرير بقية مناطق السودان.
واعتبر الخبير العسكري د. أمين مجذوب بأنّ التمرد قد فشل فى تحقيق أي نتائج على الأرض وفشل كذلك سياسيًا واقتصاديًا بالخسائر التي لحقت به جراء مغامرته غير المحسوبة بالتمرد على جيش وطني عريق.
ويرى الخبير الاستراتيجي والأمني د. عمار العركي أنّ هبوط الطائر الميمون لرئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بمطار الخرطوم عقب إغلاقه منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، لا تقتصر على بعد بروتوكولي أو لوجستي، بل تحمل دلالات ورسائل عميقة على الصعيدين العسكري والسياسي والدبلوماسي والإقليمي والدولي.
من الناحية السياسية يقول العركي: إنّ دلالة التوقيت تأكيد عزم القيادة العسكرية على استعادة السيطرة على كامل الأراضي السودانية، ولا أشك في أنّ هبوط طائرة البرهان في مطار الخرطوم الدولي خطوة دبلوماسية ستتبعها تحركات دبلوماسية قد تُحدث تغييرات في مسار الحرب أو تؤثر على خارطة مفاوضات التسليم المتوقعة.