عبدالله علي صبري
ربما ما كان ينبغي أن نطرح السؤال على هذا النحو، لولا أن كمية الاستهبال في الرؤى والمواقف المبثوثة في المنصات الإعلامية العربية تفرض المزيد من علامات الاستفهام والتعجب، بل والحيرة والاستهجان، إذ كيف يجوز لمن يزعم أنه عربي أن يتقيأ بعبارات الخذلان لفلسطين والاستهتار بالفعل المقاوم والزعم عن ثقة مفرطة أن المواجهة الإيرانية مع الكيان الصهيوني ليست إلا مسرحية هزلية!!.
لا أقول بأي عقل يفكر هؤلاء ولا بأي منطق ينطقون، فالعمالة الرخيصة جلية فيما يقولونه أو يكتبونه، والأجندة الصهيونية التي يخدمونها ليست جديدة، وإن كانت أكثر وقاحة وإسفافا.
الحرب ليست نزهة ولا يمكن أن تكون مسرحية أو تبادل أدوار، ولو كانت كذلك لكان للأنظمة العربية الرسمية نصيب الأسد منها، فمصر مثلا – وهي أم الدراما ورئيسها ” أبو الفهلوة ” بأحوج ما تكون لعرض مسرحي ينفض عنها شيئا من المهانة التي تتجرعها كل يوم بل وكل ساعة منذ انطلاق طوفان الأقصى، وما أحوج السعودية وسيدة الترفيه العربي لعرض مماثل هي الأخرى، لكن المسألة أكبر وأكثر تعقيدا على أرض الواقع.
لم تختار الجمهورية الإسلامية إسرائيل عدوا رغبة منها في استعراض القوة، لكنها وجدت نفسها في معمعة الصراع مع هذا الكيان منذ انحيازها لعدالة القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، فيما هذا الكيان كان ولا يزال عدوا لكل العرب، منذ نشأته وقيام دولته غير الشرعية وإلى اليوم. وليست مشكلة إيران أنها جادة في التعامل مع إسرائيل كعدو، فيما غالبية العرب يتوددون إلى هذا الكيان ويبحثون عن مدخل لصداقته أياً كان الثمن.
ليست مشكلة إيران أن القضية الفلسطينية اتخذت أبعادا عالمية، فهي إسلامية وإنسانية وهي قضية الشرفاء وإن رفع الصهاينة العرب شعار ” فلسطين ليست قضيتي” ..
المشكلة ليست إيرانية، وإلا ما الذي يجعل دولة مثل جنوب أفريقيا مثلا تتحرك في المحافل الدولية انتصارا للقضية الفلسطينية، بأفضل من أي دولة عربية وازنة، وإلا لماذا نفسر أن العواصم الغربية وجامعاتها شهدت وما تزال حراكا تضامنيا على الضد من جرائم الإبادة الصهيونية في غزة، بأفضل مما يشهده الشارع العربي الذي يتحرك على إيقاع الجامعة العربية.
استغاثت المقاومة الفلسطينية وناشدت محيطها وأمتها العربية كي تتحرك بالاتجاه الصحيح، ولكن لا حياة لمن تنادي.. فهل منعت إيران هذه الدولة أو تلك من العمل وفقا لواجبات العروبة والإسلام والإنسانية، وهل تنكرت إيران للمقاومة الفلسطينية كما فعل العرب، حين جاء الأمريكي محذرا من أي تدخل أو دعم لفلسطين وغزة؟
والسؤال، ماذا لو قالت إيران أن فلسطين عربية وأن الدفاع عنها مسئولية العرب وحدهم ؟
فلسطين قضية عربية، هي كذلك في الأصل.. وستبقى كذلك، وإن دس الحكام العرب رؤوسهم في الرمال كالنعام..
فلسطين أرض عربية، وقيام الكيان الصهيوني على أرضها مؤامرة غربية على العرب، وعلى الشعب الفلسطيني العربي أيضا، والمخاطر والتهديدات المصاحبة لنشأة هذا المرض الخبيث لحقت بالعرب قبل وأكثر من غيرهم، والمشاريع التوسعية لهذه الدولة اللقيطة لن تكون إلا على الأرض العربية..
إسرائيل لا تفتك سوى بالعرب ولا تمتهن إلا كرامة العرب ولا ترى في أي عربي إلا عدوا أو عميلا ومرتزقا في أحسن الأحوال.. وهذه بديهيات عشنا جحيمها لأكثر من سبعين عاما، فهل علينا كعرب أن نختلق عداوات موهومة بدل مجابهة العدو الحقيقي، وهل من المنطق أن نرفض يدا تمتد إلى العدو الصهيوني وتنازله في ساحة العز والشرف والرجولة، ثم نقابل صنيعه هذا بالسخرية المقيتة ؟
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
النفيسي توقع ما يحدث في الخليج وشبه الجزيرة العربية.. ماذا قال؟ (شاهد)
انتشر على مواقع التواصل مقطع مصور للأكاديمي والمفكر الكويتي عبدالله النفيسي٬ حذر فيه من أن الولايات المتحدة حريصة على شيئين في الخليج، وهما: "تفكيك الحالة الإسلامية في الجزيرة العربية تمامًا، وإعادة صياغة للمجتمعات الخليجية وللجزيرة".
وأكد النفيسي في حواره الذي كان قبل أكثر من 25 عاما على قناة الجزيرة، "أن الأمريكان جايين هنا وينون المكوث، ومكثهم هذا مقدمة لمجيء الإسرائيليين وغيرهم إلى المنطقة، وأن الحالة الإسلامية هي المعيق الأساسي للأمريكان وغيرهم".
في 23 يونيو 1999 قبل أكثر من 25 عاما أجريت هذا الحوار مع الدكتور عبدالله النفيسي وقال هذا الكلام العجيب"
والسؤال هو :ما علاقة ما قاله قبل 25 عاما بالواقع اليوم؟
د.عبد الله النفيسي:
أنا أتصور أن الأميركان حريصون –اليوم- على شيئين في الخليج، تفكيك الحالة الإسلامية في الجزيرة… pic.twitter.com/yFS6kJPUzJ — A Mansour أحمد منصور (@amansouraja) November 19, 2024
وأضاف أن "ثمة استراتيجية أمريكية بضرورة تفكيك هذه الحالة الإسلامية، سواء مُثلت بالحركة الدستورية، أو السلف، أو غيرها من التنظيمات الإسلامية٬ ولذلك أنا أرى يعني -في بحر السنوات القادمة هذه- سوف تضيق الدائرة على كافة الإسلاميين، بشتى راياتهم، ومسمياتهم في إقليم الخليج والجزيرة العربية".
ودائما ما يحذر النفيسي ممن يصفهم بالصهاينة العرب، حيث كتب في منشور له على منصة "إكس" (تويتر سابقا) بعد معركة طوفان الأقصى٬ أن "التغلغل الصهيوني داخل العرب بات كارثياً".
التغلغل الصهيوني داخل العرب بات كارثياً. ستجد من العرب اليوم وفي هذه الظروف الحارقة من يشيطن حماس ويبرر لإسرائيل . التغلغل إياه عملية قديمة للغاية بدأت منذ أن قرر الصهاينة تسمية شارع في إسرائيل باسم المغنية أم كلثوم فكسبوا بذلك مساطيل المغنية . صهاينة العرب كارثة . — د. عبدالله النفيسي (@DrAlnefisi) October 18, 2023
وتابع "ستجد من العرب اليوم وفي هذه الظروف الحارقة من يشيطن حماس ويبرر لإسرائيل. التغلغل إياه عملية قديمة للغاية بدأت منذ أن قرر الصهاينة تسمية شارع في إسرائيل باسم المغنية أم كلثوم فكسبوا بذلك مساطيل المغنية. صهاينة العرب كارثة".
وحذر في منشور سابق بعد أحداث الشيخ جراح في القدس قائلا "صهاينة العرب يجب أن يخجلوا من (عرب الصهاينة). ظهرت أصوات داخل الكيان الصهيوني - على ضعفها- تندّد بسياسة الإخلاء في (الشيخ جرّاح) إخلاء العائلات الفلسطينية من بيوتها لصالح المستوطنين. وسارت مظاهرات لمجموعات إسرائيلية تؤيِّد الهبّة الفلسطينية واشتبكوا مع الشرطة الإسرائيلية".
صهاينة العرب يجب أن يخجلوا من ( عرب الصهاينة) . ظهرت أصوات داخل الكيان الصهيوني - على ضعفها- تندّد بسياسة الإخلاء في ( الشيخ جرّاح) إخلاء العائلات الفلسطينية من بيوتها لصالح المستوطنين . وسارت مظاهرات لمجموعات إسرائيلية تؤيِّد الهبّة الفلسطينية واشتبكوا مع الشرطة الإسرئيلية. — د. عبدالله النفيسي (@DrAlnefisi) May 16, 2021