تفصلنا أيام قليلة عن الموعد المنتظر للانتخابات الأميركية لعام 2024 التي ستقرر من يجلس في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، ورغم أن الانتخابات بحد ذاتها ليست أمرًا تقنيا معقدًا، فإن أصابع التقنية امتدت إلى جوانب عدة بها، بدءًا من الآليات المستخدمة لتنظيم العملية الانتخابية وضمان نزاهتها وحتى التأثير في أصوات الناخبين ونشر الدعاية الانتخابية لمختلف المرشحين.

ولكنّ هناك استخداما آخر للتقنية يفضله الخبراء السياسيون في مختلف بقاع العالم، إذ يمكن استخدام التقنيات الحديثة عبر مجموعة من الآليات المتنوعة للتنبؤ بنتائج الانتخابات الرئاسية قبل نهايتها، وهو ما يعتمد عليه كثير من المحللون السياسيون والخبراء في وضع خططهم المستقبلية، فكيف ذلك؟ وهل يمكن أن تتوقع التقنية نتائج الانتخابات بشكل دقيق؟

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2عاجل | ترامب: أقول للبنانيين إنني سأحل المشكلات التي سببتها هاريس وبايدن وأوقف المعاناة والدمار في لبنانlist 2 of 2هاريس تنأى بنفسها عن تصريح بايدن بشأن "القمامة"end of list لماذا نحتاج للتنبؤ بنتائج الانتخابات؟

يتمتع الرئيس الأميركي بنفوذ واسع يمتد في كل القطاعات المختلفة في العالم، وبينما يظهر هذا النفوذ بشكل أوضح داخل حدود الولايات المتحدة، إلا أنه في النهاية يصل إلى الدول كافة سواء كان بشكل سياسي مباشر أو حتى اقتصادي غير مباشر.

ومن هنا ظهرت الحاجة إلى وجود منظومة تنبؤ دقيقة بنتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، وذلك حتى تمكن الخبراء السياسيين والاقتصاديين في أنحاء العالم من وضع خطط وتوقعات تتكيف مع نتائج الانتخابات الأقرب إلى التصديق.

يعدّ النفوذ الاقتصادي الذي يتمتع به الرئيس الأميركي أحد أبرز الأسباب التي تدفع الشركات إلى الاستثمار في أنظمة توقع نتائج الانتخابات، وربما كان حظر "هواوي" من قبل الرئيس الأميركي الأسبق والمرشح الحالي دونالد ترامب مثالًا واضحًا على النفوذ الذي يتمتع به الرئيس الأميركي، إذ تسبب عبر قرار واحد في تقويض جهود "هواوي" في تطوير الهواتف والأجهزة الذكية.

لذا فإن التنبؤ الصحيح بنتائج الانتخابات يتيح للشركات بناء خطط وإستراتيجيات للتعامل مع الأوضاع الجديدة التي يفرضها كل رئيس جديد في كل دورة انتخابية، ولهذا السبب أيضًا تتأثر البورصة بشكل مباشر بنتائج الانتخابات وتوقعاتها.

التنبؤ بنتائج الانتخابات قبل عصر الآلة

توجد العديد من الأنظمة التي يمكن استخدامها للتنبؤ بنتائج الانتخابات في مختلف بقاع العالم، وبينما تعتمد جميع هذه الأنظمة في الوقت الحالي على التقنيات الحديثة وتعلم الآلة، إلا أنها في الماضي كانت تعتمد على القدرات الذهنية للخبراء السياسيين مثل آلان ليختمان (77 عاما) الذي تمكن من توقع نتائج الانتخابات بشكل صحيح 9 مرات في الـ20 عامًا الماضية.

يعتمد ليختمان وأمثاله على تحليل الوضع السياسي عبر وضع مجموعة من النقاط والعوامل التي تؤثر في قرار الانتخاب الشعبي، وهي آلية تعتمد على خبرة المحلل السياسي وقدرته على قراءة الوضع بشكل صحيح ومناسب.

ورغم نجاح هذه الطريقة، فإنها ليست الأفضل لأنها تعتمد على المهارة البشرية ولا يمكن تطبيقها بوضوح في كل دول العالم فضلًا عن كونها خاضعة لقدرات الخبير السياسي وميوله الشخصية، وهو ما دفع الشركات التقنية إلى البدء في تطوير آليات تعتمد على الحواسيب المجردة من المشاعر والأهواء للتنبؤ بنتائج الانتخابات وتوقعها بشكل صحيح وملائم.

الاعتماد على التعلم الآلي

يمكن تبسيط آلية عمل أنظمة التنبؤ بالانتخابات إلى مرحلتين مرتبطتين ببعضهما، الأولى تتطلب جمع البيانات ثم إنتاج بيانات جديدة بالاستناد إلى البيانات الأساسية المجموعة قبل تحليلها وبناء التوقع النهائي للانتخابات، وهي المنظومة التي ظهرت في ورقة بحثية نشرت بمكتبة "إم دي بي آي" (MDPI) المفتوحة المصدر. 

أشارت الورقة إلى استخدام مزيج من تقنيات المحاكاة وتقنيات التعلم الآلي لجمع البيانات وتحليلها بشكل أدق وتقديم نتائج تقترب من الدقة بنسبة كبيرة، وقد تم اختبار هذه الآلية سابقًا في البرازيل وأوروغواي وبيرو وجاءت النتائج مطابقة للواقع بنسبة 100% من الجولة الأولى.

تتكون هذه الآلية من 4 مراحل، تبدأ عند تحديد العوامل الانتخابية التي تؤثر في فئات المجتمع المختلفة، ثم تقوم بتوزيع هذه العوامل بناء على عدد السكان والطبيعة الديمغرافية للمنطقة المنشودة، وبعد ذلك تبدأ عملية المحاكاة لتوليد مزيد من البيانات المتعلقة بالناخبين قبل تزويد منظومة التعلم الآلي بها وانتظار النتائج النهائية للانتخابات.

تعد هذه الآلية إحدى الآليات الدقيقة للتنبؤ بنتائج الانتخابات لأنها تستند إلى مجموعة من البيانات الحقيقية حتى في حالة المحاكاة فضلًا عن دقة نتائج التعلم الآلي بشكل عام، ولهذا تتمتع هذه الآلية بمعدل نجاح مرتفع.

وتوجد طريقة أخرى تعتمد على التعلم الآلي وتحديدًا الخوارزميات البايزية وسلاسل ماركوف من أجل تحليل مجموعة من العوامل. ويمكن القول إن هذه الآلية تعتمد على طريقة قريبة مما يقوم به ليختمان، ولكن بشكل آلي تمامًا، وقد أثبتت نجاحها بمعدل يتجاوز 90%، بحسب ما نشر في مجلة "ساينس دايركت" (Science Direct) المهتمة بالأبحاث العلمية.

النفوذ الاقتصادي الذي يتمتع به الرئيس الأميركي أحد أبرز الأسباب التي تدفع الشركات إلى الاستثمار في أنظمة توقع نتائج الانتخابات (شترستوك) دخول عصر الذكاء الاصطناعي

في يونيو/حزيران الماضي، قام شابان يبلغان من العمر 19 عاما بتطوير نظام ذكاء اصطناعي قادر على التنبؤ بنتائج الانتخابات في آلية تحاكي آليات استطلاع الرأي المستخدمة بكثرة في عدد كبير من المجالات، ولكن دون تقديم استطلاع رأي واحد أو حتى مقابلة شخص واحد.

اعتمد كام فينك ونيد كوه مؤسسا شركة "آرو" (Aaru) على هذه الآلية لتوقع نتائج الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي في نيويورك. وبحسب ما نشره موقع "سيمافور" (Semafor) المهتم بالسياسة، فإن نموذج شركة "آرو" تمكن من توقع نتائج الانتخابات بدقة كبيرة.

يقوم نموذج "آرو" بجمع بيانات التعداد السكاني والمناطق الانتخابية المختلفة، ثم يقوم بتوليد عدد كبير من روبوتات الدردشة أو نماذج الذكاء الاصطناعي المصغرة التي تحاكي الشخصيات المختلفة الموجودة في بيانات التعدد السكاني والمناطق الانتخابية. وبعد ذلك تبدأ هذه النماذج في تكوين شخصيتها عبر البحث في الإنترنت بطريقة تفكير تشبه طريقة تفكير كل شخصية موجودة في البيانات السكانية، إذ تجد نموذجًا لشخص محافظ في الـ40 من عمره يواجه مشاكل مع الهجرة غير الشرعية، أو رجل أعمال رغب في توسيع رقعة أعماله وهكذا.

وبعد أن يقوم النموذج بتوليد الشخصيات ومحاكاة الشخصيات الواقعية بشكل كبير، تبدأ العملية الانتخابية في شكل مشابه لما يحدث في الانتخابات الحقيقية، وفي النهاية يتم تحليل البيانات الواردة من الانتخابات لتكوين توقع أقرب إلى الحقيقة.

تمتلك هذه التقنية العديد من الاستخدامات، ورغم حداثة عهد الشركة فإنها تملك العديد من العملاء من مختلف بقاع الأرض الذين يقومون بالتركيز على عدد كبير من الأعمال المختلفة، وربما كان من أبرز عملاء "آرو" عائلة والتون المالكة لسلسلة متاجر "وول مارت" (WalMart) الشهيرة، وقد لجأت إلى خدمات "آرو" لإجراء استطلاع رأي حول بعض المنتجات الخاصة بها، مما يعزز من مكانة الشركة ودقة نتائجها.

ورغم وجود العديد من الآليات المختلفة لمحاولة التنبؤ بالانتخابات، يظل الأمر عرضة للخطأ، ولكن بنسبة أقل كثيرًا من الخطأ البشري، خاصة عند محاولة استخدام الآلية والنموذج ذاته أكثر من مرة في ظروف مختلفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الرئیس الأمیرکی التعلم الآلی هذه الآلیة العدید من مجموعة من تعتمد على

إقرأ أيضاً:

تقرير بحثي يسلط الضوء على أبعاد الآلية الحوثية الجديدة لصرف المرتبات

يمن مونيتور/قسم الأخبار

كشف تقرير بحثي حديث أصدره مركز المخا للدراسات الاستراتيجية عن مخاطر وأبعاد الآلية الحوثية الجديدة التي أعلنت عنها مؤخراً لصرف المرتبات في مناطق سيطرتها.

وكانت جماعة الحوثي قد أصدرت في ديسمبر 2024 قانونًا يحمل عنوان “الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة وحل مشكلة صغار المودعين”.

ويهدف هذا القانون، وفقًا لبيانات الحوثيين، إلى معالجة مشكلة انقطاع مرتبات الموظفين العموميين وتحقيق العدالة في توزيع الدخل الشهري بين موظفي وحدات الخدمة العامة.

وتقوم فكرة الآلية -بحسب تقرير المركز- على إنشاء حساب خاص في فرع البنك المركزي بصنعاء، تحت إدارة الحوثيين، ليكون وعاءً لجمع الإيرادات المالية المخصصة لمرتبات الموظفين.

ويعتمد هذا الحساب على الإيرادات التي تُجمع من حساب الحكومة العام بعد تغطية الالتزامات الشهرية، بالإضافة إلى نسبة مساهمة تُفرض على جهات حكومية مختلفة.

وتنص الآلية على صرف مرتبات كاملة لبعض الوحدات الهامة مثل البرلمان والقضاء، بينما يتم تحديد مرتبات وحدات أخرى بناءً على قدرتها على تغطية نفقاتها. في الوقت ذاته، تُعتبر أي مستحقات خارج هذه الآلية غير ملزمة للحكومة.

وتثير هذه الخطوة العديد من المخاوف حول التلاعب بحقوق الموظفين العموميين، حيث تستبدل حقهم في المرتبات بقوائم جديدة تخضع لشروط الحوثيين. كما أن هذه الآلية تبدو وكأنها تعزز التمييز بين الموظفين بناءً على طبيعة مهامهم، مما يتعارض مع مبدأ العدالة.

علاوة على ذلك، تشير التحليلات إلى أن الآلية قد تمهد لاستيلاء الحوثيين على موارد القطاع العام تحت غطاء سداد المرتبات، مما يزيد من المخاوف بشأن مستقبل الاقتصاد الوطني، فيما تواجه الآلية انتقادات لعدم منحها الاهتمام الكافي للمعلمين، الذين يُعتبرون من الفئات الأكثر حرمانًا.

كما تقوم الآلية بفرض ضرائب جديدة على السلع الكمالية وضرائب دخل على المرتبات التي تتجاوز حدودًا معينة، مما قد يزيد من الأعباء المالية على المواطنين. كما تسعى الجماعة إلى فرض واقع جديد فيما يخص مرتبات الموظفين، مما يزيد من التوترات المحتملة في المستقبل.

وخلص التقرير أن هذه الآلية تتعارض مع الدستور والقانون، ومع قواعد صرف المرتبات القائمة على العدالة والعمومية. ويبدو أنها جاءت نتيجة مخاوف الحوثيين من التبعات المحتملة لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، بالإضافة إلى محاولة امتصاص الاحتقان الشعبي المتوقع تصاعده بعد انتهاء الحرب في غزة، فضلاً انها قد تواجه مصير الفشل كما حدث مع تجارب سابقة في هذا السياق.

مقالات مشابهة

  • خبير يوضح كيفية استغلال الذكاء الاصطناعي بشكل آمن
  • إنجاز تاريخي لأطر وزارة المالية…تحكم غير مسبوق في عدد الميزانية والتسوية الطوعية حققت نتائج تجاوزت التوقعات
  • حكومة التغيير تدشن الآلية الطارئة لصرف مرتبات موظفي الدولة
  • شاهد..تفاصيل مطارات تجهزها الإمارات في سقطرى وذباب بشكل سري
  • «الشارقة الخيرية» تستقبل مليون رسالة تبرع في 2024
  • الجزيرة وبني ياس يُحلّقان بالفوز في «عربية الطائرة»
  • رئيس مركز بحوث الصحراء يبحث مع الفاو تنمية تطوير التقنيات الحديثة لتحسين إنتاجية المحاصيل
  • توطين التقنيات الحديثة لجراحات العمود الفقري بسلطنة عمان
  • عام مليء بالشكاوى.. أكثر المنتجات التي أثارت استياء الأتراك في 2024
  • تقرير بحثي يسلط الضوء على أبعاد الآلية الحوثية الجديدة لصرف المرتبات