دينا الرميمة
مخطئ من يصدق أن للصدفة يدًا باغتيال القائد يحيى السنوار، حسب توصيف الكيان الصهيوني للمعركة التي خاضها السنوار معهم وحيدًا إلا من سلاحه وبعض قذائف ولثام أضاع به عليهم فرصة اعتقاله وعصا كانت طلقته الأخيرة على طائرة أتته تستطلع حجم قوته التي جعلتهم يخشون اقتحام موقعه إلَّا بعد يوم وبعد ما أمطروه بقذائف دباباتهم، وارتقاء مقامات الشهادة خواتيم عمر قضاه بين السجون ومعارك تحرير وطوفان هوى بهيبتهم في قعر سحيق صباح السابع من أُكتوبر العام الماضي، أعاد للذاكرة قضية فلسطين، وطوفان آخر صنعه السنوار من بين ذهول اللحظة ونشوة ظنها الجيش الصهيوني نصراً؛ فهرع يوثق مشهد الاغتيال للعالم، وما كانت إلا هزيمة ضمن هزائم كثر ألحقها الصهاينة بأنفسهم منذ العملية العسكرية التي شنوها على غزة، وصك براءة للسنوار من شائعات صورته جباناً يختبئ بالأنفاق ويتحصن بالرهائن ويتلذذ بمعاناة غزة وسكانها!!
وبالتالي نحن نعلم ويعلمون أن العملية العسكرية التي برز لهم فيها السنوار مقاتلًا وجهاً لوجه، ليست إلا معركة ضمن العملية العسكرية التي شنوها على غزة تسوقهم شهوة الانتقام وطموح يعيد العافية لهيبتهم التي سحقها الطوفان!!
القضاء على السنوار كان هدفه المعلن ظناً أنه نهاية مقاومة وبداية استيطان لغزة، عاقبته نكبة تضم غزة ضمن مدن “إسرائيل” الدولة الطارئة على التاريخ والخارطة!!
وبكل ما أوتوا من قوتهم وقوة الغرب وصمت العرب، الذين تركوا غزة تقاتل وحيدة، وتدافع عن كرامة أُمَّـة ومجد عربي مضى، الصهاينة يقتلون ويدمّـرون ويتحسسون أثر السنوار فوق وتحت غزة التي طوتها صواريخهم وجنودهم شبرًا شبرًا!!
أزهقوا فيها ما يقارب الخمسين ألف روح اختلطت فيها دمائهم مع ركامات الدمار، وكلفتهم ثمناً باهظاً من الخسائر بدءاً من مليارات الدولارات المنفقة على الحرب، وخسارة الكثير من قادة جيشهم وجندهم، ورهائن قالوا إنهم يبحثون عنهم، ودول وشعوب لطالما كانوا متيمون بما يسمى دولة “إسرائيل” منذ نشأتها على رفاة الدولة الفلسطينية!!
أضف إلى خسارتهم مسمى الديمقراطية التي لطالما حاولوا إلصاقها بأنفسهم، وسمعة جيش قالوا إنه الأكثر إنسانية وأخلاقًا فعاد بمسمى الجيش الأكثر إجراماً لدولة قتلت كُـلّ معنى للسلام وقوانين الإنسانية وتجاوزت كُـلّ الخطوط الحمراء، فتحت على نفسها الحرب في أكثر من جبهة وحرب ثانية مع لبنان جعلت أبواب مدنها مفتوحة على مصراعيها لنيران مقاومة دول المحور وصواريخ كسرت حصونها التي أعطتها نوعاً من القداسة وجعلتها محطة للسياحة وَالاستثمار طيلة عقود سبعة!! فاعتلاها الدمار والخوف؛ ما تسبب بهجرة الآلاف من المستوطنين في هزيمة أُخرى أراد بها “ناتن ياهو” تهجير الغزوايين فانقلبت على مستوطنيه والمستثمرين، مخلفين خسائر للاقتصاد الصهيوني، وانهيار سمعة أنظمة دفاعاتهم الأشهر عالميًّا!!
وبالتالي فإن كان هناك من صدفة فهي الصدفة التي صنعها السنوار بلثام أضاع عليهم فرصة اعتقاله، التي ربما أنهم وعلى غرار الصورة التي كبل فيها الطوفان جيشهم وأظهره للعالم خائفاً مرتعد الفرائص، تمنوا أن يأتوا بالسنوار أسيراً مكبلاً بقيود حقدهم إلى زنازين أعدوا له فيها أصناف العذاب والتنكيل أسوأ من تلك التي وسبق أن قضى فيها ثلث عمره، إلَّا أن الأقدار شاءت أن تمحنه حياة وَيقود فيها طوفان وطوفان.
لا يعلم أحد غيرهم كم روح خبيثة اجتثها قبل أن يرحل بتلك الصورة التي أظهرته بطلاً على كرسي الشهادة ينزف للعالم كُـلّ معاني التضحية والفداء بين رمق الحياة الأخير والرمق الأول للشهادة.
وربما قد يكون نال جسده من التنكيل ما يطفئ شهوة الانتقام، كما نالت قنابلهم من المبنى الذي دارت فيه المعركة علهم يمحون رمزيته التي اخترقت حدود الزمان والمكان وطوت ذاكرة التأريخ واستقرت في أذهان الأمم كُـلّ الأمم، كثائرٍ لفحته شمس المخيمات، ورسمت تجاعيد وجهه غربة السجون نموذجاً رائعاً لمعنى أن تكون مقاوماً في سبيل قضية عادلة، شرف لا يعرفه الشامتون بدماء الشهداء قادة وجنداً، تركوا بصمتهم على كتف الزمن معمدة بدماء أثبتت أن المقاومة فكرة إن مات حاملوها فهي أبدًا لن تموت.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
كتائب القسام تقصف مستوطنات غلاف غزة في اليوم الـ423 للعدوان
أعلنت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، اليوم الاثنين، أنها قصفت مستوطنات غلاف قطاع غزة، في اليوم الـ423 للعدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة المستمرة على القطاع.
وقالت كتائب القسام في بيان عبر "تيلغرام" إننا "استهدفنا مواقع العدو في مستوطنتي نيريم والعين الثالثة، بعدد من صواريخ رجوم عيار 114 ملم".
وفي بيان آخر، أشارت "القسام" إلى أنها استهدفت آليات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة في منطقة الصفطاوي، الواقعة شمال مدينة غزة.
وبثت كتائب القسام أمس، مشاهد مصورة لعملية نفذتها ضد جنود وآليات الاحتلال الإسرائيلي شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتي حملت اسم "الانتصار لدماء السنوار".
ونوهت إلى أن العملية عبارة عن كمين مركب ضد جنود الاحتلال وآلياته في محيط مفترق برج عوض بحي الجنينة شرق مدينة رفح، منوهة إلى أن مقاتليها نفذوا العملية بتاريخ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024.
ولفتت إلى أن العملية تضمنت ثلاثة كمائن في المنطقة، وهي انتصار لدماء زعيم حركة حماس الشهيد يحيى السنوار، الذي استشهد في مدينة رفح، وبثت مشاهد من الكمين الأول، وختمت مقطع الفيديو بالقول: "انتظروا الكمين الثاني".
وأعلنت حركة حماس، في 18 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، استشهاد رئيس مكتبها السياسي يحيى السنوار، بعد اشتباك خاضه مع قوات الاحتلال في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وقال رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، خلال كلمة مصورة، إننا "ننعى القائد الكبير يحيى السنوار، الذي قدم روحه واصطفاه الله من الشهداء"، مضيفا أنه "قائد معركة طوفان الأقصى، وارتقى مقبلا غير مدبر، وفي مقدمة الصفوف، يتنقل بين المواقع القتالية، مدافعا عن أرض فلسطين ومقدساتها".
وتابع الحية قائلا: "ارتقى السنوار شاهدا وشهيدا، وراضيا بما قدمه من العطاء"، مؤكدا أنه كان استمرارا لقافلة الشهداء العظام.
وأشار إلى أن "أسرى الاحتلال لن يعودوا إلا بوقف العدوان على غزة، والانسحاب الكامل منها، وخروج أسرانا من المعتقلات".
وذكرت حركة حماس في بيان نعي للسنوار: "بكل معاني الشموخ والكبرياء والعزة والكرامة، تنعى الحركة إلى شعبنا الفلسطيني وإلى أمتنا جميعا وأحرار العالم، رجلا من أنبل الرجال وأشجع الرجال، رجلا كرس حياته من أجل فلسطين، وقدم روحه في سبيل الله على طريق تحريرها، صدق الله فصدقه الله، واصطفاه شهيدا مع من سبقه من إخوانه الشهداء".
ووصفت حماس السنوار بأنه "قائد وطني كبير ورئيس مكتبها السياسي وقائد معركة طوفان الأقصى"، مشيرة إلى أنه "ارتقى بطلا شهيدا، مقبلا غير مُدبر، مُمْتَشقا سلاحه، مشتبكا ومواجها لجيش الاحتلال في مقدّمة الصفوف، يتنقل بين كل المواقع القتالية، صامدا مرابطا ثابتا على أرض غزَّة العزَّة، مدافعا عن أرض فلسطين ومقدساتها، ومُلهما في إذكاء روح الصُّمود والصَّبر والرّباط والمقاومة".