جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-01@02:22:10 GMT

عقلية الحلول واستدامة الإنجاز

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

عقلية الحلول واستدامة الإنجاز

فاطمة الحارثية

 

يَمُرُّ علينا الكثير من المُعضلات والتَّحديات في حياتنا، المسار يستمر بحكم سُنة الله على الأرض، البعض ينغمس في تلك المشكلات، والبعض الآخر يُسوف، وآخرون يتجاهلونها، ولا بأس في ذلك؛ فالمشكلات والأزمات أنواع قد تكون جزءًا من مخاطر خيار أو قرار، وقد تكون عقدة الخلاص، فقط لا ترهق نفسك في تحليل المشكلة أو التعمق بها؛ بل عش عقلية الحلول وتحويل التحديات إلى فرص.

وربما يرى البعض لو أنَّ الحل موجود لما تأزمت الأمور وتحول الوضع إلى مشكلة، في الحقيقة مُعظم المشكلات ما كانت لتتأزم إلّا بسبب الأطراف التي تُحقق المبتغى والهدف، والاختلاف أو الشخصنة، وأطراف ثالثة لا دخل لهم بالموضوع غير سماح أصحاب الشأن بتدخلهم، بصياغ واضح أننا نمتلك القدرة على صناعة المشكلات مثل امتلاكنا القدرة على صناعة الحلول وتنفيذها؛ علما بأنَّ الثقة نمنحها لمن نشاء بغض النظر إن كان مستحقاً أم لا، وفي هذا التأثير المطلق في التعقيدات اللاحقة في الشؤون المختلفة وحلها.

ويتفق الكثير منَّا على أنَّ الحل الأولي للمشكلة هو حُسن التواصل، وفهم جذورها أو مسبباتها، وللأسف الغالبية تنغمس في مناقشة المشكلة أكثر من اللازم، مما يتسبب في تفاقم الوضع وارتفاع شدة الخلاف، فتتحول العقبة البسيطة إلى عُقد، والاختلاف في وجهات النظر إلى قطيعة، والعائق الصغير إلى مأزق، مما يُعيق الإنجاز ويُشتت بلوغ الأهداف، على المستوى الفردي أو الأسرى أو حتى المؤسسي. واللهث خلف الحل والفوز السريع يُفقد الساعي مُتعة التعلم، وسعة الإدراك ولذة الإنجاز الحقيقي، ونحن الآن مُقبلون نحو التقييم وقياس الجهد، يبذل المتقاعس طوال العام جهدا جبارا وبما أنه كان في "الراحة"؛ فطاقته أعلى من المرهق الأمين المجتهد طوال العام، وهذا ينطبق على جميع المستويات، كلا يُقيم على شاكلته، علماً بأنَّ الجهد يحتاج إلى حصاد وبرهان بين، ولتحقيق الظلم يُمارس بعض المسؤولين فن تغيير المهام بحجة التأخر لينال خاصتهم ثمار جهد الغير، والبعض الآخر يبحث عن الصغائر ليفاضل ويُميل الدفة حيث يهوى. إنه موسم تقلب الوجوه والقلوب وتبيان الأنفس. حكت لي فتاة فاضلة في لقاء عارض في إحدى المؤتمرات، عن ممارسات التنمر التي تسبق فترة التقييم السنوي، وتعمد المسؤول الضغط عليها حتى تفقد صبرها وتدافع عن نفسها ليجد ثغرة السلوك ليُدمر جهد عام كامل، ويُجحف حقها مع سبق الإصرار والترصد، وما أن أتمت قصتها حتى بادر أحد الشباب على ذات الطاولة بسرد عن الإذلال - تقشعر منه الأبدان- الذي يتعرض له في موسم الحصاد، قد يقول البعض إنهم يبالغون، وأقول السرد الصادق لا يتناقض في الوصف والقول لذلك أصدق ما بلغني وقيل لي، لو يستطيع القلم رسم مشاعر القهر على وجههم لما ذهب بعيدا عن صور ألم الظلم والاستعباد من القرون الماضية.

لا شك أنَّ عقلية الحلول، مهمة في تنظيم وضبط قياس الإنجاز والمنجزات وأيضاً القائمين والعاملين عليها، وعلى القياس أن يتجاوز الفرد إلى الفريق والقسم، وتعزيز استراتيجيات وأنظمة التقييم بات ضرورة حقيقية لحفظ الولاء والانتماء واستدامة الأداء المُرضي. ينضم إلى سوق العمل جيل مختلف له قواعده ورؤيته الخاصة في الأمور، وعقلية الحلول السريعة أحد أهم صفاته الذي وُجدت فيه ليتأقلم، ويواكب سرعة التغيير والتعاقب الاقتصادي والاجتماعي، وعلى الأجيال الأقدم منه أن تُراعي ذلك، وتوليه الاهتمام اللازم لتحقيق التوازن المطلوب، لتستمر الجهود في تحقيق الرؤية والرفاه.

وإن طال...

تكليف خلافة الأرض لتعميرها كان على الجميع، لم نُكلف بالفردية؛ بل النفع العام، فلا تبع آخرتك من أجل بضع ريالات، ولا تضع معايير أنت ذاتك لا تستطيع أن تُحققها، أطلب المستطاع لتُطاع، والممكن لتتمكن. وإن كُلفت أن تحاسب وتقييم على الأرض، ومتكئ على عذر "رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا" وإن كان عليك شداد غلاظ، تذكر رد الحق في عُلاه "يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا".

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

سادة أم عبيد ؟!

مناظير الاربعاء 30 اكتوبر، 2024
زهير السراج
manazzeer@yahoo.com

* كنت وما زلتُ من الداعين لوقف الحرب خوفا على الشعب السوداني من التشرد والضياع وحفاظا على الدولة السودانية من الفوضى والتمزق وطمع الطامعين!

* كثيرا ما انتقدت بأقسى العبارات رفض البعض للتفاوض وتفويت الفرصة للوصول الى صيغة مناسبة للتعايش السلمي في حضن وطن سوداني موحد، ومعالجة الجراح التي تزداد عمقا كل يوم في خضم الحرب!

* كما كنت وما زلت ناقدا شرسا للجرائم المرتكبة ضد المدنيين الابرياء او حتى العسكريين من هذا الطرف او ذاك، بدون تحيز لجهة أو لاحد، من منطلق أن الجميع سودانيون ينتمون لهذا الوطن وإن إختلفت إثنياتهم وثقافاتهم وأقاليمهم ، ولدى إيمان راسخ لا يتزعزع أبدا بوطن واحد وتراب واحد وهوية واحدة جامعة هى الهوية السودانية العريقة عراقة التاريخ، مهما إختفلت الآراء وتباينت وجهات النظر أو إحتدم القتال بين أبناء الوطن الواحد، فالقتال أمر عارض والسلام هو الباقي والدائم، هكذا يعلمنا التاريخ البشري منذ بداية الخليقة وحتى اليوم!

* التنوع أمر طبيعي ومصدر قوة (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين) سورة هود الآية 118، وليس العكس كما يظن البعض، بشرط أن يُدار بحكمة وعقل وعدالة ، وهو أمر سهل الحدوث في وطن واسع (حدادي مدادي) كثير الخيرات مثل السودان، ولهذا كثيرا ما طرحتُ فكرة التصالح بين السودانيين على أساس (الحقيقة والمصالحة) وما زلتُ عند رأيي بإمكانية تحققها في السودان ، فقط نحن في حاجة الى رشد ووعى وتفكير عميق في ما يمكن أن يحدث لنا لو ظللنا نتقاتل ونسفك الدماء ونُعلي أصوات الكراهية والبغضاء، ونتيح للآخرين الطامعين فينا فرصة التدخل في شؤوننا وفرض حمايتهم علينا لتحقيق مصالحهم المشتركة، وتكون النتيجة في آخر الأمر فشلنا وذهاب ريحنا، لا أنا ولا انت ولا نحن ولا أجيالنا القادمة سيكون لها وجود في المستقبل، والتاريخ ملئ بالدروس والعبر.

* آلاف الحضارات والامبراطوريات العظيمة سادت ثم بادت بسبب الخلافات والحروب والتشرذم والضعف، وحلت محلها دول وحضارات أخرى، ومن يعتقد أننا سنبقى لو استمر القتال، فهو لم يقرأ التاريخ البشري ولا حتى تاريخ السودان، فالسودان بتكوينه الحالي لم يكن له وجود قبل أقل من قرنين ونصف، بل كان عبارة عن ممالك صغيرة متحاربة متشاكسة ثم اضمحلت وهوت وصارت في ذمة التاريخ، أوانقلبت عليها الدائرة فتحولت الى مصدر للرقيق وتجارة العبيد للآخرين .. تخيل أنك كنت ملكا أو ابن ملك أو شيخ قبيلة ترفل في العز والجاه، ثم صرتَ عبدا مملوكا تنام وتصحو وتعمل بضرب السياط، وهو ما يُراد للسودانيين الآن إن لم يفيقوا من غفوتهم ويدركوا حجم المؤامرة التي تُحاك ضدهم، وهى أكبر مما يعتقده البعض حربا بين طرفين أو بين الجيش والدعم السريع، يقتتلون ويهدرون الدماء ويمرِّغون كرامة بني وطنهم في التراب ويعتدون على المدنيين الابرياء، وينشرون فيديوهات العصبية والكراهية والبغضاء!

* ربما ينتصر هذا الطرف أو ذاك، أو ينقسم السودان الى دولة النهر والبحر ودولة الساحل الغربي "وينتهي كل شئ في سلام"، كما يشتهي البعض. هذا وهم كبير وحلم لا يوجد حتى في مخيلة أغبى المخلوقات .. من يعتقد أن النصر العسكري، أو الإنقسام سينهي الأزمة السودانية فهو شخص رومانسي موغل في الرومانسية.

* إنتصار هذا الطرف أو ذاك لن يجلب سوى المزيد من العداء والدماء، هكذا يخبرنا التاريخ، خاصة إذا كانت الحرب بين طرفين او أطراف مختلفة اثنيا وموغلة في الجهل والبدوية والعصبية، ولا أعتقد أننا أفضل حالا من ذلك!

* والإنقسام الذي ينجم عن حرب وكراهية لن يولد سوى المزيد من الكراهية والعداء خاصة مع الجيرة الإجبارية، هذا إذا تركنا الطامعون نفعل ما نريد أو نتصرف كما نريد، ولكنهم حتما سيغتنمون الفرصة لفرض إرادتهم علينا والإستئثار بخيراتنا الطبيعية، سواء كانت فوق الأرض أو تحت الارض، أو الأرض نفسها، أو الموقع الاستراتيجي، وبالمناسبة هم متفقون تماما حول مصير السودان، وليسوا مختلفين كما يظن البعض، ولكنهم يستخدمون وسائل مختلفة.

* كما ان الانقسام ليس بالبساطة التي يفكر فيها البعض بأن دولة النهر والبحر أو دولة الساحل الغربي ستخلو من المشاكل العرقية أو الإثنية التي تتجسد الآن بوضوح في التنظميات والمليشيات الكثيرة ذات الطابع العرقي التي تصول وتجول هنا وهناك، فهل ستترك هذه المليشيات حقوقها ومظالمها التاريخية للمنتصر او المنقسم، أم أننا سنعود مرة اخرى الى سيناريو الانقسام فتنقسم هذه الدولة او تلك مرة اخرى بل مرات وتصبح مثل حيوان الاميببا، لا تتوقف عن الانقسام، أم ان الحرب ستلاحقنا وتطاردنا وتقتلنا وتشردنا على الدوام؟!

* لا بد أن نفهم ونعي ونستوعب أن ما يحدث في بلادنا الآن اكبر بكثير مما يراه البعض مجرد حرب بين طرفين، ستنتهي إما بالنصر أو بالانقسام الى دولتين، فالمؤامرة أكبر من ذلك بكثير جدا، فإما أن نكون سادة انفسنا، أو نصير عبيداً لدى الآخرين !  

مقالات مشابهة

  • ماجدة خير الله: الأعمال الفنية تحاول تقديم جميع المشكلات الخاصة بكبار السن
  • حبس أحد أفراد العصابة متلبساً كمية من مؤثرات عقلية معدة للتهريب
  • طبيبة تحذر من ترتيب السرير فور الاستيقاظ.. يسبب هذه المشكلات الصحية
  • عاجل | ترامب: أقول للبنانيين إنني سأحل المشكلات التي سببتها هاريس وبايدن وأوقف المعاناة والدمار في لبنان
  • هيئة الطرق: مؤتمر سلامة واستدامة الطرق العالمي يأتي استكمالًا لنجاحات المملكة في رفع مستوى السلامة
  • سادة أم عبيد ؟!
  • محافظ المنوفية يتابع معدلات الإنجاز بمنظومة المتغيرات المكانية بالمحافظة
  • محافظ المنوفية يتابع معدلات الإنجاز بمنظومة المتغيرات المكانية
  • محافظ المنوفية يتابع معدلات الإنجاز بمنظومة المتغيرات المكانية وإزالة الحالات المخالفة