سواعد لا تعرف للراحة طريقا، شيدت مبانى وأنارت شوارع ومدنا ومهدت الطرق، أصحابها يرتقون المرتفعات لأداء عملهم، ومنهم من يحفرون الأرض لكسب لقمة العيش.
أجساد أنهكتها سنوات الشقاء التى رسمت ملامح وجوههم الشاحبة، يقدمون أعمارهم فداء لغيرهم، ورغم ذلك يتقاضون جنيهات قليلة دون مظلة اجتماعية تحميهم.
ووسط موجة الغلاء الناتجة عن ارتفاع أسعار المحروقات، ووسط الظروف الصعبة التى أفسدت حياة ملايين المصريين، ما زال هناك أناس يواصلون كفاحهم دون ملل، يشعرون بشرف لقمة العيش حتى لو كانت بطعم العذاب.
ورغم خطورة العمل الذين يقومون به إلا أن قلوبهم المليئة بالإيمان تدفعهم لخوض مغامرات يومية، تتطلب قدرات بدنية عالية و«قلوب ميتة» فتجد بعضهم يصعدون لمرتفعات عالية لتشييد المبانى، أو تنظيف زجاجها أو للقيام بأعمال الإنارة، تجدهم صامدين بين السماء والأرض، يعملون بجد، منهم من كتب عليه القدر فقدان أحد أطرافه أو فقدان حياته نتيجة لعدم توافر وسائل الأمان، إلا أن الباقين ما زالوا يعملون بجد بحثا عما يسد رمقهم ورمق أسرهم فى ظل موجة الغلاء الفاحش التى يعانى منها الجميع.
«سعيد» ماسح زجاج المبانى: «حياتى بين السما والأرض»
على ارتفاعات شاهقة تجده معلقًا فى الهواء، حياته ومستقبل أسرته مرتبطة جميعا ببعضها، تحمله بعض الحبال المشدودة على خصره النحيل، يقضى قرابة 10 ساعات بين السماء والأرض ويستمد العزيمة من ترتيل آيات القرآن الكريم.
«سعيد» يحمل فى قلبه إيمانًا قويًا وثقة لا تلين.. يتحدى الصعاب ويتغلب عليها بجرأة وإصرار.. لا يبالى الارتفاعات الشاهقة فى سبيل تأدية عمله، ويقول: «حياتى كلها بين السما والأرض».
الشاب الثلاثينى الذى امتهن المهنة عن والده بعد وفاته منذ 10 سنوات، وتعلم منه كيف يحمل نفسه قدر المستطاع لمواصلة العمل، يقول: «العمر أقدار.. بس إحنا لازم ناخد بالأسباب».
يشير الشاب إلى أنّ والده توفى وأصبح هو عائل الأسرة دون معاش أو دعم أو حماية اجتماعية، ويخشى أن يحدث له حادث يعجزه عن العمل ويصبح «عالة» على أسرته، وتابع: «أحسن لى إنى أموت ولا إنى أتكسر وأعيش عاجز».
يصمت الشاب للحظات متذكرا أنه ذات يوم كاد الحبل أن ينقطع لولا رعاية الله له، واستطاع أن ينقذ نفسه قبل أن يسقط على الأرض، وتابع: «كنت بنظف برج من 15 دور وكنت فى الدور الـ13 وفوجئت بانقطاع الحبل».
«قبل ما بطلع أمارس عملى بتأكد من سلامة الحبل أولا».. لكن ما حدث فى هذا اليوم كان مفاجأة، استغاث باحدى الشركات التى تقع بالدور العاشر واستطاع موظفوها أن يدخلوه من النافذة قبل أن ينقطع الحبل.
يومية ماسح الزجاج لا تتعدى 150 جنيهًا، ومع ارتفاع أسعار السلع الأساسية أصبحت الحياة عبئًا كبيرًا عليه، ويقول: «البيت عايز 300 جنيه يوميًا على الأقل ولكن بقول يا رب».
تدمع عيناه بشكل لا إرادى ويتذكر حكاية صديق عمره الذى سقط من الطابق التاسع، وتوفى على الفور، وقال إنّ الموت يأتى فى لحظة ويخطف من يعاونه على الشقاء، وتابع: «مرة واحدة مالقتوش جنبى.. وسمعت صريخ الناس فى الشارع».
لا يتمالك «سعيد» نفسه من البكاء، ويقول إن حياته قد تنتهى مثل صديقه الذى ترك طفلين ووالدتهما التى تسعى الآن للعمل فى المنازل كعاملة نظافة لكى تستطيع أن تسد احتياجاتها هى وأطفالها، وتابع: «نفسنا فى معاش اجتماعى.. والحكومة تبص علينا بنظرة شفقة».
«ناصر» الكهربائى: «لقمة العيش على جثتى»
بين أسلاك كهرباء أعمدة الضغط العالى تجده صامدًا، لا يهاب الموت، يتعامل مع كابلات الشحنات العالية باتزان شديد، لا يبالى ما حدث مع غيره من زملائه فى المهنة، والذين توفى بعضهم متفحمًا على ارتفاعات عالية، بينما تم بتر عضو من أعضاء بعضهم الآخر إثر تعرضهم لصعقات كهربائية.
قضى «ناصر» الرجل الأربعينى، قرابة 20 عامًا بين أعمدة الإنارة، ويقول: «الكهرباء مالهاش كبير والموت قد يأتى فى أى لحظة»، ويشير إلى أنّ المشكلة الكبيرة التى تواجهه هى المصاريف اليومية التى تفاقمت عليه، بحيث أصبح يعمل نهارًا وليلًا حتى يستطيع أن يسد احتياجات أسرته المكونة من 4 أبناء وزوجته، وتابع: «بدل ما أخفف ساعات العمل علشان أقلل نسبة الخطورة أصبحت أعمل لفترة أطول وبالتالى زادت الخطورة ولكن ما باليد حيلة».
«لقمة العيش بقت على جثتى».. يستكمل «ناصر» حديثه قائلاً: بحاول أن أحمى نفسى أثناء التعامل مع الكهرباء بارتداء القفازات الخاصة لعزل الكهرباء عن جسدى، ولكن القدر قد يقول كلمته فى أى وقت.
«ناصر» يظهر كمثال حى على الشجاعة والإصرار والإقدام على الموت يوميًا، ويضيف: «مش مهم أعيش قد ما مهم أوفر لقمة كريمة لعيالى ولو مت أبقى ميت بطل ومكفى بيتى».
يستكمل «ناصر» حديثه مشيرا إلى أنّ مفك الاختبار لا يفارقه قط، يختبر عمود الضغط قبل صعوده، والأسلاك قبل لمسها، والقفازات الخاصة التى تحميه من تآكل أصابعه بسبب التيار سواء الضعيف أو العالى.
«عبدالعال» البنا: «بنسى حرقة الأسمنت بنظرة من عيالى»
يرتدى قبعة من القماش، و«بوت» من البلاستيك يصل إلى ركبته، ملابس رثة تخفى عضلات رجل خمسينى مَنَّ الله عز وجل عليه بقوة تمكنه من مواصلة شقاء حياته لسد احتياجات أسرته المكونة من 4 أبناء فى مراحل التعليم المختلفة.
على ارتفاعات شاهقة تجده يضع قوالب الطوب كأنها لوحة يرسمها بإبداع، يقف على حمالة من الخشب ومن أسفله الموت فى أى لحظة، يقضى قرابة 10 ساعات من العمل الشاق، ويقول: «شغلانتى عايزة مخ وعضلات وتركيز».
لا تتعدى يومية «عبدالعال» الـ200 جنيه، ويحرص على عدم تناول الطعام خارج المنزل لتوفير المال، ويعتمد فقط على ما يوفره صاحب العمل له وللعمال من طعام، وتابع: «اللى ربنا بيرزق بيه باكله وبحمد ربنا علشان الـ200 جنيه يبقوا فى جيبى».
«عبدالعال» عامل البناء الذى يواصل رحلته مع الحياة، اتخذ من حرفة والده نشاطًا له، ورفض أن يورثها لأبنائه وقال: «عايز عيالى يبقوا أحسن منى بكتير».
يرتدى «عبدالعال» ملابس بسيطة ورثها عن والده، بينما يحمل فى قلبه رغبة قوية فى توفير حياة أفضل لأبنائه.
وعلى الرغم من ظروفه المادية الصعبة، ووسط صرخات المواطنين من نار الأسعار، إلا أنه يسعى جاهدا لتوفير احتياجات عائلته، مؤكدا قدرته على تحمل مسئولية أسرته، ولكنه يؤكد أن هناك تحديا جديدا يواجه العاملين فى مهنة البناء وهى ظهور المعدات الجديدة التى تهدد كثيرا من البيوت بالخراب ».. مشيرا إلى أن الكثير من المقاولين يفضلون استخدام الآلات الجديدة لرفع الأسمنت وتحضير الخرسانة، والاعتماد فقط فى البناء على بناء الطوب، وتابع: «تحضير الأسمنت ورفعه دى حاجات كنا بناخد عليها فلوس زيادة لكن بطلت من ساعة المعدات ما ظهرت، ولكن ربنا هو الرزاق».
«عيد» عامل البالوعات: «أنزل ولا أضمن الطلوع»
عيد عبدالملك خليل، عامل تسليك البالوعات، يعمل بجد داخل شركة المياه والصرف الصحى، ويعتبر من الجنود المجهولين الذين يبذلون جهودًا كبيرة فى صمت لخدمة المجتمع. يُعرف بلقب «صاحب المهام الصعبة» نظرًا لتفانيه فى أداء عمله الذى يتطلب الشجاعة وتحمل الظروف الصعبة.
عندما تدق عقارب الساعة الخامسة صباحًا، يكون «عيد» قد بدأ يومه بالفعل. يستيقظ مُسرعا ويتناول وجبة الإفطار فى عجالة ليكون جاهزًا لبدء يومه الطويل، يخرج من منزله متجها نحو مقر عمله داخل شركة المياه، ليكون فى انتظار بلاغ للطوارئ من أحد المواطنين بوجود بالوعة مغلقة تسببت فى فيضان من المياه وسط الشارع.
رغم أن «عيد» يقضى معظم وقته فى الشوارع، إلا أنّ ابتسامته التى لا تغيب مألوفة للجميع، فما أن تقترب منه حتى يقول «الدنيا لسه بخير».
«التعب للناس وقضاء الحوائج ليه ثوابه والرزق بيزيد».. قالها عامل التسليك وهو يشعر بالفخر لما يقوم به فى خدمة المواطنين، لا يبالى بالضغوط التى يتعرض لها من البعض، ويقول: «فيه ناس عاوزين كن فيكون، ومرتبى مايعديش 3 آلاف جنيه وعندى 4 عيال».
استكمل الرجل الأربعينى حديثه وقال إن هناك أياما يخرج فيها طوارئ لأكثر من 8 مرات وفى كل مرة يشعر بالتعب الشديد، وتابع: «الساعة اللى باخرج فيها أيام الشتاء تعبها يقارب تعب أسبوع كامل فى الأيام العادية.. لكن الجنيه اللى بكسبه بيشيل التعب».
عامل البالوعات كثيرًا ما يحرص على تلاوة القرآن الكريم بعد أن يذهب إلى الجامع ويؤدى صلاة العصر. يمسك بمصحفه ثم يقرأ القرآن ويقول: «أحاول استغلال أى وقت بكون فاضى فيه علشان الموت ممكن ييجى فى أى وقت».
«الحياة بيكون فيها بركة لما براعى ربنا فى شغلى وبحرص على التقرب إلى الله».. يستكمل «عيد» حديثه ويشير إلى أن راتبه ضعيف جدا مقابل أهوال الحياة ومتطلباتها ولكن «البركة» التى تحل عليه وعلى أسرته جعلته يستطيع أن يسد احتياجاته، وتابع: «اللى بيتعب بيلاقى ولما براعى ربنا فى لقمة عيشى ربنا بيبارك فى قرشى».
يستكمل عامل البالوعات حديثه، ويقول إنه يحاول أن يمرن جسده على التنفس تحت ضغط شديد، بالشهيق والزفير بشكل مستمر لساعات طويلة، كما يرتدى كمامة بها بعض العطور لكى تعاونه على التغلب على رائحة البالوعات، وتابع: «الخوف والرعب كله لو مية الصرف كانت قريبة من أسلاك الكهرباء القديمة الواصلة من مبانى قديمة ومتهالكة».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جنون الاسعار لقمة العیش إلا أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
رئيس «البيت الفني»: الانتهاء من تطوير مسارح الدولة على رأس الأولويات.. وعروض احترافية لكبار النجوم في الأقاليم
فى أول حوار له عقب توليه رئاسة البيت الفنى للمسرح، كشف الفنان هشام عطوة ملامح خطة العمل خلال الفترة المقبلة، قائلاً: «أنا عدت إلى بيتى فى المسرح»، مشيراً إلى أنه من أبناء هذا القطاع المهم، حيث كان تعيينه الأول فى مسرح «الطليعة»، ثم مديراً لمركز الهناجر للفنون، كما تولى رئاسة هيئة قصور الثقافة، وقدم خلال مسيرته عدداً من العروض التى حصلت على جوائز مهمة، مثل «كاليجولا» كأفضل مخرج.
وتوجه «عطوة»، فى حواره مع «الوطن»، بالشكر إلى الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، على اختياره لرئاسة البيت الفنى للمسرح، قائلاً إن تركيزه فى الفترة المقبلة سيكون على العمل لإعادة الهوية الفنية إلى مسرح الدولة، إلى جانب العمل على تقديم المخرجين والكتاب الجدد إلى الساحة الفنية، واكتشاف المواهب الشابة.
فى البداية، ما أبرز ملاح المشروع الذى تعمل عليه بعد توليك رئاسة البيت الفنى للمسرح؟
- أولاً، أود أن أشكر الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، على ثقته واختيارى لإدارة مسرح الدولة، المتمثل فى البيت الفنى للمسرح، وهو المسرح الاحترافى فى مصر، والذى يعبر عن وجه مصر الثقافى، ويضم عدة مسارح تشمل «القومى، والكوميدى، ومسرح السلام (الحديث)، ومسرح الطليعة، ومسرح الشباب، ومسرح الغد، والمسرح القومى للطفل، والقاهرة للعرائس»، إضافة إلى اثنين من المسارح فى مدينة الإسكندرية، وهما «بيرم التونسى، والليسيه»، إلى جانب فرقة «المواجهة والتجوال»، وفرقة «الشمس» بالحديقة الدولية، وتشمل خطتنا تطوير المسارح فى الشكل والموضوعات والبنية، من جانب، بالإضافة إلى إعادة الهوية الفنية لكل مسرح من مسارح الدولة.
وما الإجراءات التى من المتوقع أن يتم اتخاذها لتطوير هذه المسارح خلال الفترة المقبلة؟
- تقدمت بخطة لتطوير المسارح تعمل على أكثر من محور، المحور الأول له علاقة بالبنية التحتية، وترميم جميع المواقع، لأن الوزير يهتم بأن تعتمد المسارح على تقنية عالية، ونحن على وعى بالتطورات الحديثة والذكاء الاصطناعى، وأول نقطة فى المشروع الذى أعمل عليه، هى العمل على تحديث خشبة المسرح، وأعمالها المرتبطة بالشاشات، وتوظيف مستحدثات التكنولوجيا، لمواكبة التحديث العالمى، وتتضمن بنية جديدة تضاهى أحدث التقنيات فى مسارح العالم.
وماذا تقترح بشأن إعادة الهوية الفنية لكل مسرح من مسارح الدولة؟
- المحور الآخر، ضمن الخطة التى يجرى العمل عليها، يتعلق بإعادة هوية كل مسرح، لتحقيق الهدف الذى أُنشئ من أجله، وهو كان مطلباً من المسرحيين والمثقفين، فالمسرح القومى يختص بتقديم عروض الهوية الثقافية المصرية، بالإضافة إلى كلاسيكيات المسرح العالمى، أما مسرح الشباب فيعتبر معملاً لاكتشاف المواهب الفنية الشابة من مختلف العناصر المسرحية، ورعايتها وتقديمها فى عروض احترافية، ويجرى العمل على إعادة مسرح الشباب لتقديم عروض شبابية جيدة المحتوى والتنفيذ.
أما مسرح الغد فهو مختص بتقديم العروض ذات الطابع التراثى الشعبى ولكن بشكل غير تقليدى، أى استلهام الموروث وتقديمه فى شكل حديث، أما مسرح الطليعة فهو معنىّ بتقديم التجارب الطليعية والتجريبية ذات الأفكار الحديثة، وأقرب للأطروحات العالمية، وكذلك المسرح الكوميدى يختص بتقديم الأعمال الكوميدية المحلية والعالمية ذات الطابع الجماهيرى، أى إنه أقرب إلى مسرح القطاع الخاص.
ولكن بصبغة ذات طابع جماهيرى وجودة للمحتوى، والمسرح الحديث من المفترض أن يقدم التجارب التى تهتم بالجانب الاستعراضى، ومسرح الحديقة الدولية لفرقة الشمس، معنىّ بدمج ذوى القدرات الخاصة وقضاياهم وتشغيلهم وكيفية تقديمهم للمجتمع، وكيفية رعاية مواهبهم، أما مسرح بيرم التونسى فيختص بتقديم الأعمال الفنية لمبدعى الإسكندرية، وكذلك الأعمال التى تقدم من القاهرة ذات الجودة العالية، والتى يشارك فيها نجوم كبار، وتكون جاذبة للجمهور السكندرى خاصةً فى فترة الصيف.
ولدينا أيضاً فرقة الساحة المسرحية، وتقدم أعمالها فى فضاءات مغايرة، مثل الساحات المكشوفة، وكذلك لدينا فرقة المسرح القومى للأطفال، وفرقة القاهرة للعرائس، أما مسرح المواجهة والتجوال فيقدم تجارب تمس القضايا الوطنية، وتحارب الأفكار المتطرفة، ويتم تقديم عروضه فى كافة الأقاليم المصرية، لنشر الوعى الثقافى.
هل هناك بيانات بعدد المواقع التى يجرى تطويرها فى الوقت الراهن؟
هناك توجيهات من الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، للاهتمام بتطوير كافة المسارح، وتحسين البنية التحتية بها وصيانتها، لكى تفتح أبوابها فى أقرب وقت، وهناك عدد محدود من المواقع التى تجرى بها أعمال صيانة حالياً، وهى مسرح بيرم التونسى بالإسكندرية، وهو فى مرحلة التطوير وفقاً لأحدث التقنيات الفنية، ووسائل الحماية والأمان، وقاربنا على تسلمه لافتتاحه قريباً.
كما يجرى العمل على رفع كفاءة مسرح القاهرة للعرائس، ومسرح «متروبول» بالعتبة، وسيكون مسرح مصر، فى شارع عماد الدين بوسط القاهرة، من أحدث دور العرض التابعة للبيت الفنى للمسرح، ويجرى تطويره منذ عام 2021، وقاربنا على الانتهاء من المشروع كاملاً لنتمكن من افتتاحه، واستقبال العروض الجماهيرية، والعروض المقدمة بشراكات مع القطاع الخاص، التى يجرى تقديمها بمشاركة عدد من كبار النجوم، وفقاً لخطة عمل ذات طبيعة خاصة، تتناسب والمسرح المجهز بأحدث التقنيات الفنية، ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من هذه الأعمال خلال العام الجارى.
كيف يتم تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لكل هذه الأعمال؟
- أحد المحاور المهمة التى نعمل عليها، هو تعزيز الدعم المالى، وتعظيم الموارد، ويجرى حالياً البحث عن مصادر تمويل إضافية، سواء من خلال شراكات مع القطاع الخاص، ومع الرعاة، وبالتنسيق مع المؤسسات الثقافية المحلية والدولية، وعمل اسراتيجية جديدة لتحقيق استدامة مالية، وجذب كبار النجوم والفنانين لتقديم أعمال فنية ذات جودة عالية، ومعروف أن النجوم الكبار هم أحد عناصر الجذب للجمهور، والعرض الجيد يحتاج تكاليف خاصة لكافة عناصر العرض، من ديكور وملابس وموسيقى وغيره، خاصةً أن المسرح فن وصناعة.
ما تقييمك لحجم إقبال الجمهور على ارتياد المسرح فى الوقت الراهن؟
- شكل المسرح فى مصر يتطور، وعدد محبى ومريدى المسرح، من صناع وفنانين وفنيين، فى تزايد، وأعتقد أن هناك صحوة مسرحية، وأغلب العروض المسرحية أصبحت كاملة العدد، والعروض الجيدة المدروسة بشكل جيد تجذب الجمهور، وقد رأينا مؤخراً حجم الإقبال الجماهيرى الضخم على عروض المهرجان القومى للمسرح، خاصةً ونحن لدينا روافد متعددة لمسارح وزارة الثقافة والمسرح الجامعى والقطاع الخاص وغيرها، كما رأينا إقبالاً غير مسبوق على مسرحية «مش روميو وجولييت» للفنان على الحجار، التى حققت إيرادات تخطت المليون جنيه.
ما أبرز القضايا التى يحرص المسرح على تقديمها؟
- من المحاور التى نعمل عليها تطوير المسرح وعلاقته بالمجتمع، وسيتم تقديم مجموعة من الأعمال المسرحية، التى تتناول قضايا ثقافية واجتماعية، لتلبية مختلف اهتمامات الجمهور، كما سيتم العمل على تقديم أعمال فنية وطنية، تبرز الجوانب الإيجابية فى المجتمع، فالفن محاكاة للواقع، كما أن خطة العمل تهدف إلى اكتشاف ورعاية المواهب الشابة، ولدينا مسرح الشباب.
وهو معنىّ بتقديم ورعاية كل المواهب الشابة، على مستوى الإخراج والتمثيل، لتقديم أكبر عدد من العروض، لأكبر عدد من المخرجين والممثلين الشباب، ليتحول هذا المسرح إلى المعمل الدائم لتخريج المواهب الشابة فى كل عناصر العمل المسرحى، ولدينا أكاديميات متخصصة، فى مقدمتها المعهد العالى للفنون المسرحية، وأقسام المسرح فى الجامعات المصرية، وإدارات رعاية الموهوبين، وجميع هذه الجهات يمكنها تقديم أعمالها على مسرح الشباب، وعلى مسرح الطليعة، ومن المتوقع أن نقدم عدداً كبيراً من العروض الشبابية، إلى جوار العروض القائمة حالياً، ومع بداية السنة المالية الجديدة، سيكون هناك شكل جديد لآلية الإنتاج فى البيت الفنى للمسرح.
كيف يمكن للبيت الفنى للمسرح تقديم الدعم للمؤلف المسرحى؟
- من الموضوعات التى سنعمل عليها أيضاً، دعم إنتاج أعمال جديدة للمؤلف المسرحى، لتحفيز الكتاب المصريين على الإبداع فى مجال المسرح مرة أخرى، ولاسيما أن لدينا عدداً من المسابقات والجوائز المخصصة للمؤلف، وأعتقد أنه من خلال مسابقات النصوص المسرحية، هناك العديد من العروض الفائزة، يجب أن تقدم على خشبة المسرح، لتقديم مؤلف جديد، وعند عودة كل مسرح لتقديم هويته، سنجد حالة من التنوع والتكامل بين مختلف الفرق.
وكل النصوص الفائزة فى مسابقات محلية أو دولية، سيكون لديها الفرصة لتقديمها فى عروض على خشبة المسرح، وأود هنا أن أدعو جميع المؤلفين المسرحيين لتقديم مشروعاتهم الفنية إلى البيت الفنى للمسرح، ولدينا لجنة قراءة من كبار الكتاب والنقاد والمثقفين، لتقرأ وتوجه لجهات الإنتاج، وفقاً للمسرح الأنسب لطبيعة النص، وطبقاً لفلسفة البيت الفنى للمسرح فى استعادة الهوية الفنية لمسارح الدولة مرة أخرى.
أثار خبر عودة مسرحية «الملك لير» نوعاً من الجدل داخل الوسط الفنى، ما رأيك؟
- عندما يكون هناك عرض مهم مثل «الملك لير»، من بطولة النجم الكبير يحيى الفخرانى، يجب التأكيد أن هذا العمل الفنى الملهم من أبرز وأهم كلاسيكيات وتراث المسرح والفكر العالمى، ويأتى ضمن هوية وفلسفة عمل المسرح القومى، الذى يقدم نوعية العروض الكلاسيكية، إلى جانب العروض المعبرة عن الهوية الثقافية المصرية، ومن المعروف أن أعمال شكسبير هى أعمال خالدة، يمكن تقديمها على مر العصور، ومسارح العالم كلها تقدمها إلى اليوم، وهذا العرض يعيد يحيى الفخرانى إلى خشبة المسرح، والذى سيقدمه هذه المرة برؤية جديدة، مع مخرج جديد.
ما أبرز آليات التسويق للترويج للمنتج؟
- هناك بروتوكول تعاون مع الشركة المتحدة، وسيكون من السهل أن نعلن على القنوات الفضائية للشركة المتحدة، كما يجرى تجريب الحجز الإلكترونى حالياً، تيسيراً على الجمهور، على غرار عروض دار الأوبرا، وسنطلق موقعاً للبيت الفنى للمسرح، كما نستفيد من خلال وسائل التواصل الاجتماعى، للترويج للأعمال الفنية، والرعاية من شأنها دعم عناصر المسرح، ليكون أكثر جاذبية للجمهور، ويكون به قدر من الاستثمار، نظراً لأن المسرح فن وصناعة، وهناك تصور لشكل التسويق والترويج للمنتج الفنى يجرى العمل على تنفيذه فى الفترة الحالية.
وهل يمكن أن يمتد تقديم العروض الاحترافية إلى الأقاليم؟
- بالفعل، نعمل على الوصول بالعروض الاحترافية، التى يقوم ببطولتها كبار النجوم، إلى مختلف الأقاليم، وذلك من خلال التعاون بين البيت الفنى للمسرح والهيئة العامة لقصور الثقافة، وستكون هناك خطة معروفة بالعروض الاحترافية فى المحافظات المختلفة، ومن الممكن أن يشاهد الجمهور، خلال الفترة المقبلة، عروضاً لكبار النجوم، مثل على الحجار، على مسرح أسوان، أو فى قلب الصعيد.
وما الجديد بخصوص تطوير المنطقة المحيطة بمسارح العتبة؟
- أعتقد أن هناك دراسات مطروحة لتطوير المنطقة المحيطة بهذه المسارح، وله علاقة باللاند سكيب، لحل هذه الإشكالية.