غادر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون سلطنة عمان بعد زيارة استمرت ثلاثة أيام أسست لمسارات تعاون وشراكات استثمارية واقتصادية بين البلدين. وعكست التطلعات المتبادلة نحو بناء شراكة فعّالة ترتكز على أسس تاريخية متينة ورؤى سياسية متطابقة. والزيارة التي تخللتها مباحثات سياسية مهمة وتوقيع مذكرات تفاهم متنوعة، تحمل إشارات واضحة على رغبة القيادتين في الانتقال بالعلاقات إلى مستوى التعاون الاستراتيجي المنهجي، الذي يخدم مصالح الشعبين ويعزز مكانتهما على الساحتين الإقليمية والدولية.

ويمكن النظر إلى القرارات التي خرج بها البيان الختامي، بدءًا من تأسيس صندوق استثماري مشترك إلى تعزيز الشراكة في الطاقة والزراعة والتكنولوجيا، باعتبارها تمثل رؤية جديدة تسعى لتحقيق أهداف اقتصادية واستراتيجية مستدامة. مثل هذه المبادرات تتجاوز في أهميتها حدود الاقتصاد، فهي تساهم في بناء تكامل اقتصادي بين البلدين، وتخلق فرصًا جديدة تُعزز من الاستقلالية وتفتح آفاقًا للابتكار والنمو. هذه الخطوات أيضًا ترسل رسائل ضمنية عن تحول نوعي في الاستراتيجيات الثنائية، بحيث تسعى كل من سلطنة عُمان والجزائر إلى تكريس مفهوم «شراكة المصير» القائم على المصالح المشتركة.

في الجانب السياسي، يأتي توافق البلدين حول القضايا الإقليمية، وخاصة القضية الفلسطينية، كتعبير عن توجهاتهما الثابتة إزاء حقوق الشعوب وضرورة احترام القانون الدولي. هذا التوافق يعكس الرؤية السياسية العميقة للبلدين ويكشف عن رغبتهما في أن يكون لهما دور محوري في دعم الاستقرار الإقليمي. إن دعوة البيان إلى وقف العدوان الغاشم على كل من فلسطين ولبنان وسوريا وإيران والتمسك بحل الدولتين يؤكد ويعزز سياسة كل من سلطنة عُمان والجزائر في السعي الحثيث نحو السلام العادل، ويعكس قيم العروبة والإنسانية الراسخة في سياسة البلدين الشقيقين.

ومن هذا المنطلق، فإن الدور الذي تلعبه الجزائر بصفتها عضوًا في مجلس الأمن، وهو ما أثنت عليه سلطنة عمان في البيان، يُشكّل امتدادًا للعمل العربي المشترك. في المقابل، تُدرك الجزائر أهمية الدور الذي تقوم به سلطنة عمان في تقريب وجهات النظر ودفع الحلول السلمية للأزمات الإقليمية. هذه الأدوار تعزز من المكانة السياسية للبلدين وتجعلهما ركيزة للاستقرار في المنطقة. وعلى الرغم من أن البيان يحمل الكثير من الدلالات والتطلعات ويكشف أيضا عن إرادة سياسية قوية، فإن التحدي الأكبر الآن هو تحويل هذه التطلعات إلى واقع ملموس، حيث إن تنفيذ المشروعات المعلنة يتطلب إرادة قوية وتنسيقًا مكثفًا بين القطاعات المعنية. وإذا كانت هذه الزيارة خطوة على طريق الشراكة، فإن النجاح الحقيقي يكمن في بناء آلية فعّالة لمتابعة هذه المبادرات وضمان استمراريتها. وقد أكد وزير الخارجية معالي السيد بدر بن حمد البوسعيدي في تصريح صحفي أمس سعي البلدين لإيجاد آلية واضحة لمتابعة تنفيذ وتفعيل مذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين.

وتبقى الزيارة وما خرجت به من قرارات فرصة تاريخية لتوطيد العلاقة بين البلدين الشقيقين وإطلاق عهد جديد من التعاون المشترك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بین البلدین

إقرأ أيضاً:

نجوم العراق.. زاخو يعتلي القمة وميمي يفض الشراكة مع غوستافو بصدارة الهدافين

نجوم العراق.. زاخو يعتلي القمة وميمي يفض الشراكة مع غوستافو بصدارة الهدافين

مقالات مشابهة

  • مواهب مجيدة يفرزها دوري سماش الرمضاني للبادل
  • وزير الخارجية الإيراني يهرول الى سلطنة عمان في زيارة غير معلنة .. تفاصيل
  • سلطنة عمان تحذر من تداعيات التصعيد العسكري في اليمن على أمن المنطقة
  • سلطنة عمان تحذر من تداعيات استمرار النهج العسكري الأمريكي الذي يستهدف مليشيا الحوثي
  • سلطنة عمان تحذر من انعكاس التصعيد ضد اليمن على أمن المنطقة
  • سحر البيان في تناسب آي القرآن
  • جهود حثيثة لوضع ظفار على خريطة السياحة الإقليمية والدولية بجميع المواسم
  • موارد عمان يطلق أبحاثًا مبتكرة لاكتشاف النباتات الغذائية والعلاجية
  • الخطاب الديني في سلطنة عمان.. تعزيز للتسامح والاعتدال والتقارب
  • نجوم العراق.. زاخو يعتلي القمة وميمي يفض الشراكة مع غوستافو بصدارة الهدافين