الهجرة إلى الخليج.. أزمة الحديث عن الأزمة
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
في عالم يعيش حالة رعب من الآخر، ويتصاعد فيه العداء ضد المهاجرين، المسلمين، والعرب، في دول الشمال، لابد أن نطور يقظة خاصة، وننتبه لمنطق التفكير العنصري أينما ظهر. ثمة عقلية غريبة في الخليج تُعلن انفصالاً تاماً بين قضايا الهجرة في أوروبا وتمثلاتها في الخليج. فالمهاجر العماني إلى ألمانياً مثلاً يتوقع من النظام الأوروبي أن يكون منصفاً ومتساعداً معه، بينما يُصر العماني على النظر إلى المهاجرين في الخليج بدونية، واعتبارهم مقيمين من الدرجة الثانية، غير متساوين معه في الحقوق.
نشر خميس العدوي بتاريخ 28 أكتوبر على جريدة عمان مقالاً بعنوان «الهجرة إلى الخليج.. الجذور والأزمة». في المقال فكرتان أساسيتان أتفق مع إحداهما وأختلف فكرياً وأخلاقياً مع الأخرى. يؤسس العدوي لطرحه بالحديث عن تبني الخليج لنظام اقتصادي رأسمالي. وهو محق في أن لا يفترض البراءة في تدخل القوى الكبرى (وخصوصاً أمريكا) في شكل الاقتصادات القائمة، فهي -في النهاية- وسيلة للهيمنة. الأمن الأمريكي -بالنسبة لصناع القرار الأمريكيين- يعني تحكمهم بالمصادر. لهذا يظهر عداؤهم الشرس ضد أي نموذج بديل للحكم السياسي والاقتصادي (الشيوعي أو الاشتراكي) حتى وإن كان منتخبا بفعل الشعوب، لأنه قد يهدد هيمنتها، ويؤثر على فرصها الاستثمارية، ويحد من قدرتها على التأثير. وهي وحتى إن لم يكن لها مصالح مباشرة في دول معينة، يلازمها الخوف من ظهور نموذج بديل يمكن أن يثبت نجاحه أو يهدد النموذج الأمريكي. تتورط أمريكا باستمرار في التأثير على انتخابات البلدان الأخرى، تنظيم الانقلابات، وتستخدم كل أدواتها لمنع الدول من الحق في تقرير السياسات المستقلة، إن كان عبر توطين (أو إعادة توطين) الحكومات الفاشية، إضعاف النقابات، قطع المساعدات، فرض العقوبات؛ لمعاقبة الشعوب ولإنتاج وضع مزرٍ يؤلب الشعب على الحكومات التي لا ترضى عنها. وهي تستغل كل ذريعة تخطر بالبال من الدفاع عن حقوق الإنسان، وتحرير المرأة (خصوصاً العربية والمسلمة)، إلى (وهي المفضلة لديهم) إحلال الديمقراطية؛ لتبرير تدخلاتها في شؤون البلدان، وإبقاء استعمارها الاقتصادي للعالم قائماً. هذا النظام القائم يتطلب قوة عاملة، لأنه بطبعه -وبحكم التعريف- يسعى إلى مضاعفة رأس المال، ومراكمة الثروة. من هنا تأتي الحاجة للمهاجرين القادمين من بلدان منكوبة، غير مستقرة سياسياً، أو تعاني من أزمات اقتصادية ونسب بطالة عالية. ما لا يجب أن نغفل عنه هو شرط وجود هذه الطبقة العاملة. فالنظام الجشع الذي يتخذ من مضاعفة رأس المال هدفاً له، يتطلب أيضاً إبقاء شريحة عظمى مستغلة، لا يتوافق ما تكسبه مع القيمة الحقيقية للعمل الذي تؤديه. وشريحة أخرى بين فاحشي الثراء، والمسحوقين، تُسلم بالنظام القائم وتدعمه حتى لا تخسر امتيازاتها، مهما كانت امتيازاتها ضئيلة مقارنة بالمتكسبين الأهم من وضع الانتهاز القائم. لا يتسع المجال لسرد الدلائل، والاقتباسات المطولة من التقارير الحقوقية للتدليل على أن استغلال العمالة غير الماهرة وعاملات المنازل في الخليج قائم وشائع ومسكوت عنه في الغالب. ما على الإنسان إلا أن يطل من نافذة شقته المكيفة إلى الشارع في منتصف يوليو ليُدرك المعاناة المستدامة ليس بفعل الأفراد فحسب، بل بفعل القانون المنحاز ضدهم أيضاً عبر نظام الكفالة، وغيره من التشريعات التي تقيد حركة وحرية وحقوق المهاجرين. منطق العدوي في جوهره هو ذات المنطق اليميني الذي يهدد المهاجرين العرب والمسلمين في أوروبا وأمريكا. تهديد الهوية والقيم والثقافة الأوروبية، والخوف من الإحلال الديموغرافي من قبل العرب والمسلمين «الذين ينجبون الكثير من الأولاد». هل الأمر لهذه الدرجة من الصعوبة؟ أن تتوقع من شعبك ما تتوقعه وتطلبه لهم. ألا تعلمنا التجارب والأزمات التي نتعرض لها أي شيء عن مسؤوليتنا الإنسانية؟ بينما يفترض أن يذهب جهدنا لاقتراح سياسات تصب في تحسين حياة الوافدين الذين يعانون الاستغلال، والتهميش، والعنصرية، ويستخدمون كشماعة لأي مشكلة اقتصادية، أو اجتماعية، يأتي خطاب كهذا لتكريس فكرة أن المهاجرين هم أصل الشرور، وأنهم «ظاهرة» بحاجة لمكافحة. لا أود القول إن هذا الشأن يخصني لأني مهاجرة أيضاً. فمن يملك الحس الأخلاقي والحقوقي السليم، لا يفشل في ملاحظة الظلم، والاستغلال، والعنصرية التي يتعرض لها المهاجرون في الخليج، والأوضاع غير الإنسانية. |
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی الخلیج
إقرأ أيضاً:
شم النسيم من الفراعنة إلى العصر الحديث.. طقوس الاحتفال وسر أكل الفسيخ والرنجة
أستاذ تاريخ فرعوني: الاحتفال بشم النسيم موجود على الجدران والمعابد
شعبة الأسماك: ارتفاع أسعار الفسيخ والرنجة ونسبة إقبال المواطنين على الشراء 20%
يحتفل المصريون اليوم 21 أبريل بـ عيد شم النسيم، الذي يعود إلى العصر الفرعوني، حيث كان المصريون القدماء، يحتفلون بهذا اليوم بمناسبة قدوم فصل الربيع، ولتكريم الآلهة وللتعبير عن الفرح بعودة الحياة للأرض بعد فصل الشتاء.
وتبدأ احتفالات شم النسيم في اليوم التالي لعيد القيامة المجيد، وتتنوع مظاهر احتفالات شم النسيم بين الأماكن التي يذهب إليها المواطنون، والأطعمة التقليدية والفعاليات الترفيهية، التي تُقام في مختلف المحافظات.
ونشأ عيد شم النسيم من مهرجان «شمو» المصري القديم، الذى كان يُحتفل به في بداية فصل الصيف والحصاد، كعيد زراعي يرمز إلى تجديد الحياة والخصوبة، وذلك وفقًا لما أوضحه أساتذة التاريخ الفرعوني.
مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيموفي هذا الصدد كشفتِ «الأسبوع» مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم منذ الحضارة المصرية القديمة، وسبب ارتباط أكل الفسيخ والرنجة بهذه المناسبة.
وقال الدكتور ياسر عبد الخالق، أستاذ التاريخ الفرعوني إن عيد شم النسيم كمراسم واحتفالات يعود إلى الفراعنة، وهذه حقيقة مؤكدة، ومظاهر الاحتفال بشم النسيم موجودة على الجدران والمعابد، وتُعتبر من ضمن أعياد النسيء الخمسة، وكان يوجد السمك والبيض الملون.
«شموسو» تحريف وليس أصلها المصري القديموكشف أستاذ التاريخ الفرعوني أن كلمة «شموسو» الدارجة، التي تعبِّر عن عيد شم النسيم، هي تحريف وليس أصلها المصري القديم.
وأكد الدكتور ياسر عبد الخالق أن العادات والتقاليد بعيد شم النسيم، نفس التي تحدث الآن في العصر الحديث، من حيث تلوين البيض، وتمليح السمك وأكل البصل.
وأشار أستاذ التاريخ إلى أن ارتباط تناول الرنجة والفسيخ بعيد شم النسيم، يُعتبر عادة لا أكثر، ولكن كافة مظاهر الاحتفال كانت موجودة في الحضارة المصرية القديمة.
شم النسيم أقدم عيد غير ديني لدى المصريين القدماءومن جانبه، أوضح الدكتور محمد عبد الحميد، أستاذ التاريخ القديم أن عيد شم النسيم، عطلة وطنية مصرية وجزء من التراث المصري القديم، واعتبر المصريين القدماء عيد شم النسيم أقدم عيد غير ديني، واحتفلوا به بمناسبة قدوم فصل الربيع، لأن الربيع كان رمزًا للخير والحصاد، وكان الاحتفال بهذا العيد هو ميعاد جنى المحاصيل وما يصاحبه من فرحة تملأ البيوت بسبب وفرة المحصول وإقامة الأفراح.
وقال أستاذ التاريخ القديم أن مظاهر الاحتفال بعيد شم النسيم يتضمن زيارة الأماكن العامة والتنزه في الحدائق والشواطئ، وتناول أطعمة تقليدية مثل الفسيخ، والبيض الملون، والبصل الأخضر.
وأضاف محمد عبد الحميد، أن اسم «شم النسيم» هو تحريف لكلمة شمو في اللغة الهيروغليفية القديمة، التي ارتبطت عند المصريين القدماء بتاريخ خلق الأرض، وتحرفت الكلمة مع مرور الزمن إلى شم، ثم إلى «شم النسيم» لارتباطها بفصل الربيع.
إقبال المواطنين على الشراء 20%وفي سياق متصل، كشف الدكتور هاني المنشاوي، رئيس شعبة الأسماك باتحاد الصناعات ما يحدث في أسواق الفسيخ والرنجة في عيد شم الشيم من حيث الأسعار ونسبة الإقبال وأشهر أماكن البيع قائلاً: إن هناك ارتفاع في أسعار الفسيخ والرنجة خلال هذه الفترة، بسبب زيادة الطلب على هذه السلعة، ونسبة إقبال المواطنين للشراء، وصلت نحو 20%.
وأضاف رئيس شعبة الأسماك بغرفة الصناعات الغذائية أن مصر، تمتلك نحو 11200 مصنع متخصص في صناعة سمك الرنجة، ومدن نبروه بمحافظة الدقهلية، وسيدي سالم ودسوق بمحافظة كفر الشيخ، من أشهر الأماكن لتصنيع الفسيخ منذ عشرات السنين.
ارتفاع مبيعات الأسماك المملحةوقال محمد حليم، نائب رئيس شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية، إن مبيعات الأسماك المملحة من الرنجة والفسيخ، ارتفعت بنسبة 25%، وزيادة المبيعات، نتيجة الإقبال الكبير على شراء الأسماك المملحة خلال عيد شم النسيم.
وأضاف نائب رئيس شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية أن هناك زيادة في الإقبال على شراء الأسماك المملحة خلال الفترة الحالية، بالتزامن مع احتفالات شم النسيم، لأنها تمثل موسمًا رئيسيًا لهذه المنتجات، نظرًا لتقاليد المصريين خلال هذه المناسبة.
أسعار الرنجة والفسيخوتختلف أسعار الرنجة والفسيخ بشكل كبير في الأسواق مع تنوع العلامات التجارية وجودة التصنيع، حيث تتراوح أسعار الرنجة المدخنة في السوق ما بين 350 ل 900 جنيهًا للأنواع العادية، المستوردة كالهولندية واليونانية.
ويبلغ سعر الفسيخ المخلي المستورد نحو 1130 جنيهًا، ولكن تتوفر أنواع محلية بأسعار، تتراوح ما بين 450 ل 520 جنيهًا حسب تعدد العروض.
وتوفر وزارة التموين كميات كبيرة من الرنجة والفسيخ بأسعار، تبدأ من 170 جنيهًا للكيلو، بهدف توفير منتجات بجودة مقبولة وأسعار تناسب المستهلكين.
اقرأ أيضاًطقس شم النسيم 2025.. «الأرصاد» تكشف درجات الحرارة اليوم الإثنين 21 أبريل 2025
هل نخرج للمتنزهات؟.. الأرصاد تكشف عن طقس شم النسيم 2025 وتوجه نصائح للمواطنين
قبل شم النسيم 2025.. «الصحة» توجه نصائح عند تناول الفسيخ والرنجة