جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-25@09:48:39 GMT

مجرد حياة فانية

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

مجرد حياة فانية

 

 

صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد

 

أصل كلمة فندق يوناني وتعني "النُزُل"، والحياة عبارة عن فندق كبير ينزل فيه النَّاس لفترة بسيطة وما يلبثون إلا وأن يولوا عنها راحلين، والسكن في هذا الفندق له ثمن باهظ لا يُدفع بالمال وإنما يدفع من عمر الإنسان الذي ينقضي سريعًا.

وهذا الفندق ليس كالفنادق التي نعرفها إنما يحتوي على نزلاء بمختلف مستوياتهم المادية والاجتماعية والنفسية، وبمختلف ظروفهم المعيشية وأفكارهم وتوجهاتهم.

والجميع يتمسك بالسكن في هذا الفندق الذي وجدوا أنفسهم فيه دون إرادتهم ثم لا يرغبون في الرحيل عنه حتى ولو كانوا يعيشون في اضطرابات معيشية صعبة أو مُعاناة متواصلة.

أما الذين أمورهم ميسرة ودنياهم تسير على ما يرام والحياة فارهة مبتسمة لهم في هذا الفندق الكبير المقيمين فيه، فلا يكتفون بذلك، ويُتعبون نفسيتهم لأتفه الأسباب وصغائر الأمور، وأكثر الأمور تافهة وصغيرة لا تستحق الالتفات إليها إذا وضع الإنسان ثقته بالله الذي يُحسن التدبير، وإنما التركيز عليها والانشغال بها يجعلها كبيرة متضخمة في ذواتهم.

فلا لإعطاء المجال للمنغصات أن تصعب الحياة ولا للتوافه أن تقلق الراحة في هذه الدنيا التي تفني النَّاس وتبقي نفسها، ولتكُن ردة الفعل حول ما يحصل خارجا هادئا معتدلا عابرا كسحابة صيف لا تلبث أن تزول. ولا يجب إعطاء توافه الأمور وصغائرها أهمية أكبر من حجمها إذا أردت أن تنعم براحة البال؛ فلا وقت في هذا العمر القصير كنزيل في الفندق الدنيوي، للكرب والضيق والمنغصات الحياتية، وأن تجعلها تهيمن على حياتك ولتأخذ الأمور ببساطة وتروى وتغاضى.

ولا داعي للتشنج والخوف والارتباك والأسى والندم، "فما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وغدا أنت عن كل شيء راحل؛ فليجعل الإنسان في إقامته القصيرة في حياته الفندقية الانشغال بنفسه لا بالآخرين، فلديه ما يكفيه من انشغالات أهمها إصلاح نفسه وأهله بالتي هي أحسن.

والإنسان أحيانًا يكبل نفسه بنفسه بأوهام لا فكاك منها بسهولة؛ فيتصرف على نحو غير صحيح بوعي أو دون وعي. والبعض أوهامهم تبقى معهم يحملونها معهم طوال حياتهم وإنما تبقى أوهام مخدرة بالنسبة لهم ترضيهم لا يفيقون منها، ولا يريدون لأحد أن يطعن فيها لأنهم مؤمنين بها ويقتاتون عليها. وأن تعرف كيف تعيش فذلك فن ليس الجميع يتقنه، وإذا لم تعرف كيف تحكم عقلك في حياتك فستأتي الأوهام لتأخذ دور العقل في تسييرك وتحكم تصرفاتك.

البعض يقرر أن يقضي أكثر وقته في الصلاة وقراءة القرآن والتعبد ويبقى على هذا الوضع طوال حياته. وإذا تأخر عن أداء فريضة من الفرائض يومًا في وقتها في المسجد تراه يشعر بالخوف وغضب الله عز وجل ويشعر بتأنيب الضمير والحزن فيستغفر الله ويتوب إليه ألف مرة، ولا يريحه إلا الصلاة والاستغفار والتسبيح وله ذلك.

والبعض يقضي وقته متوجهاً للدنيا في لعبها ولَهْوِها، معتقدا بأنَّ الدنيا تعني المتع والسهر والخمر والرقص والموسيقى والانبساط بين أحضان النساء وله ذلك.

والبعض يقضي مُعظم وقته مع أصدقائه وأصحابه بالسفر وجلسات السمر ومراكز التسوق والمطاعم والأندية والمجالس مهملاً عمله وبيته وله ذلك.

والبعض الآخر يقضي وقته منغمسًا في العمل وغارقاً في الواجبات الوظيفية طوال حياته إلى أن يجد نفسه قد تقدم به العمر بسرعة إلى المشيب دون أن يعيش حياته لتهبط عليه الأمراض المزمنة التي لا فكاك منها. وكان معتقدا بأنه حتما سيأتي اليوم الذي يرتاح فيه ليستمتع بحياته وأمواله، مؤجلا فرحته إلى يوم آخر لا يأتي، عائشا في وهم الوظيفة وله ذلك.

 والبعض يكرس حياته لزوجته وأبنائه مسخرا ماله ووقته وقدراته وإمكانياته لهم مضحياً بكل ما لديه دون أن يلتفت لحاجاته ورغباته وسعادته، متفانيا لخدمتهم لا يأتي ولا يذهب لنفسه، ناكرًا ذاته وله ذلك.

ولا تلبث إلا أن تجد إقامتك في هذا الفندق قد انتهت أو أوشكت على الانتهاء وأنت لم تعرف كيف تعيش في هذا الفندق؟!

والآن قبل فوات عمرك هل تريد أن تعيش واهمًا أم تستيقظ من وهمك وتعطي توازناً لنفسك في هذه الحياة القصيرة الفانية؟! فوقتٌ لعبادتك ووقتٌ لعائلتك ووقتٌ لأصدقائك ووقتٌ لأعمالك ووقتٌ لهواياتك ووقتٌ لنفسك، أم تبقى غارقًا في وهمك؟!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟

في زمن تتسارع فيه وتيرة الحياة ويطغى الاعتماد على التكنولوجيا، يبدو أن تعليم الأطفال مهارات حياتية مثل الطهي قد أصبح أكثر أهمية من أي وقت مضى. الطهي ليس مجرد وسيلة لإعداد الطعام؛ بل هو نشاط يدمج بين التعلم، والترفيه، وتطوير المهارات الحياتية التي يحتاجها الأطفال لمستقبلهم. فالطهي يمنح الأطفال فرصة لفهم أهمية العمل الجاد، وتعزيز الثقة بالنفس، وتنمية عادات غذائية صحية تدوم معهم مدى الحياة.

متى يبدأ الأطفال تعلم الطهي؟

الإجابة ليست مرتبطة بعمر معين. الأمر يعتمد على استعداد الطفل واهتمامه، وكذلك على صبر الأهل واستعدادهم لتحمل الفوضى التي ترافق هذا التعلم. المهم هو توفير بيئة آمنة وداعمة تشجع الطفل على الاستكشاف من دون خوف من الأخطاء. هذه الأخطاء، مهما كانت بسيطة، هي جزء أساسي من العملية التعليمية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2منصة ألعاب الأطفال "روبلكس" تُحدّث أدوات الرقابة الأبويةlist 2 of 2فوائد اللعب بالمرايا للأطفالend of list المهارات المناسبة لكل مرحلة عمرية الأطفال الصغار (1-3 سنوات):

منذ سنواتهم الأولى، يمكن للأطفال أن يبدؤوا رحلتهم في المطبخ كمتفرجين فضوليين يراقبون والديهم أثناء إعداد الطعام. شيئا فشيئا، هذه المشاركة الأولية ليست مجرد تسلية؛ إنها لحظة تعليمية يكتسب فيها الأطفال مهارات كاتباع التعليمات، التعرف على المكونات، وحتى تعلم أساسيات النظافة والسلامة، فيمكنهم غسل الفواكه والخضروات، وإضافة المكونات البسيطة، وتزيين الأطباق.

الأطفال الأكبر سنا (4-8 سنوات):

مع تقدم الأطفال في العمر، تزداد قدرتهم على التعامل مع مهام أكثر تعقيدا. يمكنهم تعلم استخدام الأدوات بأمان، مثل السكاكين البلاستيكية للأطفال أو أدوات المطبخ الأخرى، كما يمكنهم تعلم مهارات أكثر تعقيدا مثل استخدام المنخل، بشر وتقطيع الجبن، وخلط المكونات.

المراهقون:

يمكنهم إعداد وجبات كاملة بأنفسهم، واستخدام السكاكين بحذر، والالتزام بقواعد سلامة الغذاء.

فوائد الطهي لا تقتصر على المهارات المتعلقة بالمطبخ فقط. بل يتجاوز تأثيره إلى بناء شخصية الطفل (غيتي) تجربة الطهي مع الأطفال ليست دائما سلسة

يمكن أن تكون تجربة الطهي مع الأطفال مليئة بالتحديات، خاصة مع الأطفال الصغار الذين يفتقرون للصبر أو التركيز. هنا يأتي دور الأهل في تحويل هذه التحديات إلى فرص للتعلم والمتعة. وقد ينسكب العصير، أو يضاف الملح بدلا من السكر، لكن كل هذه المواقف تحمل دروسا قيمة. المهم أن يتقبل الأهل هذه الأخطاء كجزء طبيعي من رحلة التعلم.

ولا تقتصر فوائد الطهي على المهارات المتعلقة بالمطبخ فقط. بل يتجاوز تأثيره إلى بناء شخصية الطفل. فالطهي يعلمهم الصبر، الإبداع، وحل المشكلات. كما يعزز الروابط الأسرية، حيث يجمع أفراد العائلة حول نشاط مشترك، خاصة في زمن أصبحت فيه الأجهزة الإلكترونية تسيطر على حياتنا اليومية. وبالنسبة للمراهقين، قد يكون الطهي وسيلة لتحسين صحتهم النفسية، حيث يمنحهم شعورا بالاستقلالية والمسؤولية.

في النهاية، تعليم الطهي للأطفال ليس مجرد نشاط منزلي، بل هو استثمار في مستقبلهم. من غسل الفواكه في طفولتهم إلى إعداد وجبات متكاملة في شبابهم، يبني الطهي فيهم الثقة بالنفس، والمسؤولية، والعادات الصحية. إنه أكثر من مجرد إعداد طعام؛ إنه تجربة تعلم شاملة تعزز من قيم التعاون، والإبداع، والاهتمام بالصحة، لتكون ذكرى عائلية جميلة تدوم مدى الحياة.

مقالات مشابهة

  • كلمة السر.. زايد وراشد
  • أين يجد اليمانيون احتفالاتهم وترفيههم؟
  • حبيبة الراحل ليام باين غاضبة بعد تسريب صورة أخيرة له وتعلق:.كان يمكن انقاذه
  • ١٠ ديسمبر افتتاح "صن رايز رمال بيتش ريزورت"
  • مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإيران بالمكان؟
  • حرقة المعدة: هل هي مجرد إزعاج أم علامة تحذيرية خطيرة؟
  • متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
  • الطلاق العاطفي.. عزلة داخل إطار اجتماعي
  • محامي عمرو دياب: الشاب يعمل في الفندق وأتصور 3 مرات مع الفنان
  • أعضاء وحدة الحرس البلدي بسوق الفندق البلدي بنغازي يواصلون حملات التفتيش اليومية