كيف تأثر الإقتصاد السوداني بعد 120 يوماً من الحرب ؟
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
يرزح الاقتصاد السوداني تحت وطأة ضغوطات واسعة زادتها الحرب المستعرة منذ 120 يوماً اشتعالاً، بينما يدفع الناس هناك فاتورة باهظة لتلك الحرب، انعكست على الأوضاع الإنسانية والمعيشية بالبلاد بشكل لافت، وفي خطٍ متوازٍ مع الضرر الهائل الذي لحق بعديد من المؤسسات والبنى التحتية في مناطق الاشتباكات.
التغيير _ وكالات
تشير التقديرات “غير الرسمية” إلى خسارة السودان ما يزيد على 100 مليار دولار جراء التداعيات الناجمة عن الحرب، بما في ذلك الخسائر المرتبطة بعمليات النهب التي تعرضت لها المؤسسات والدمار الذي لحق بعددٍ منها، علاوة على كلفة النزوح داخل البلاد واللجوء إلى الدول المجاورة.
ترك الصراع في السودان 24 مليون شخص، أي نحو نصف سكان البلاد، في حاجة إلى الغذاء ومساعدات أخرى، بينما 2.5 مليون فقط تلقوا مساعدات بسبب القتال الضاري ونقص التمويل، حسبما قال مسؤولان بالأمم المتحدة الشهر الجاري.
وبحسب ما قاله مسؤولو الأمم المتحدة فإن الحرب أوقعت السودان في كارثة إنسانية، هذا إلى جانب وجود ما يقرب من 4 ملايين شخص فروا من القتال، وهم يواجهون حرارة شديدة تصل إلى 48 درجة مئوية، وتهديدات بشن هجمات وعنف وموت.
وخلفت الحرب -وفق تقديرات متحفظة للصليب الأحمر الدولي- قرابة الثلاثة آلاف قتيل. كما تشير تقديرات حكومية صادرة في يونيو الماضي إلى إصابة أكثر من ستة آلاف آخرين.
آثار مُدمرة للحربيقول الخبير الاقتصادي السوداني، هيثم فتحي، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن الحرب الدائرة بالخرطوم، وبخلاف التداعيات الإنسانية المباشرة والفادحة، فإنها ستؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي ورفع معدلات التضخم، وذلك بعد أن شهد الاقتصاد السوداني ارتفاعاً حاداً في مستويات المخاطر عموماً، وازدادت صعوبة المفاضلة بين السياسات الاقتصادية.
ويشير إلى أن الحرب في الخرطوم -والتي تدخل شهرها الخامس- أحدثت مجموعة من الآثار التي وصفها بـ “المُدمرة” على الاقتصاد والسكان؛ على وقع عوامل الصراع المتفاقمة، وبما تضمن:
– انهيار الأنشطة الاقتصادية بالبلاد.
– تضرر الأصول والممتلكات الاستراتيجية للدولة.
– كذلك ما شهدته الممتلكات الشخصية للمواطنين من عمليات سلب ونهب بواسط التمرد.
– نزوح عدد كبير من مواطني العاصمة وغيرها من الولايات.
– انهيار المستوى المعيشي للأسر منذ بداية الحرب بالبلاد.
– ارتفاع معدلات الفقر “المدقع” على أثر تلك التطورات.
تلك التداعيات وأكثر تعد من أبرز الآثار الاقتصادية المدمرة للحرب على الخرطوم، بحسب فتحي الذي يلفت في الوقت نفسه إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية مع انخفاض قيمة الجنيه السوداني وتفاقم أزمة الكهرباء، وكذلك المياه “شبه المعدومة” في بعض المناطق، وجميعها عوامل أدت إلى “شلل تام في مؤسسات الدولة والحياة العامة بالخرطوم” كما أدت إلى إغلاقات للمدارس والجامعات.
كما ينبه إلى تداعيات هجرة عدد من التجار من القطاعين الصناعي والحرفي من الخرطوم لمدن السودان الكبرى وإلى مصر ودول الجوار من مشغلي اليد العاملة، مشيراً أيضاً إلى أن ضعف آلية تشغيل البنى التحتية كالقطاعات الصحية والخدماتية، أفضى إلى تعطل عملية الدوران الاقتصادي وتهالك سوق الإنتاج، مترافقاً بضعف بالقدرة الشرائية لشريحة واسعة من المجتمع العاصمي.
ويعتقد بأن الاقتصاد السوداني يسير من سيء إلى أسوأ، بسبب غياب الحل السياسي، واستمرار العقوبات الأميركية والأوروبية المعلنة وغير المعلنة، موضحاً أن أي تحسن في الاقتصاد السوداني بعد الحرب في الخرطوم مرتبط بمدى الانفتاح الخارجي إقليمياً ودولياً.
سودانيون يلجؤون إلى مصادر دخل بديلة بعد انقطاع مورد رزقهم.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي السوداني، محمد الناير، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” إن السودان بالتأكيد يعاني من أوضاع اقتصادية صعبة جداً، لا سيما وأنه من المعلوم أن الاقتصاد كان يعاني أساساً من إشكاليات كثيرة قبل بداية الاشتباكات في 15 أبريل الماضي، ولكن الآن الوضع يزداد صعوبة.
لكنه يشير في الوقت نفسه إلى وجود ما لا يقل عن 14 ولاية من أصل 18 ولاية تتمتع بالأمن والاستقرار بصورة كبيرة وتُمارس فيها الحياة بصورة طبيعية ومتكاملة، بينما الاشتباكات والحروب فقط تنحصر في الخرطوم وبعض الولايات الأخرى “وهذا خفف كثيراً من أن يصل الوضع الاقتصاد لمرحلة اقتصاد الحرب”.
وأضاف: “نحن لا نستطيع أن نصف الاقتصاد السوداني الآن بأنه دخل مرحلة اقتصاد الحرب حتى هذه اللحظة، باعتبار أن الاشتباكات في رقعة جغرافية محدودة، كما أن معظم الولايات السودانية التي تشكل نسبة كبيرة من الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني هي خارج دائرة النزاعات والاشتباكات بصورة كبيرة”.
ويعتقد بأن الأمر يتطلب توفير التمويل اللازم (لدعم تلك الأنشطة)، مشيراً إلى أن هناك جهوداً مبذولة في هذا الاتجاه ولجهة توفير البذور والسماد والمبيدات وغير ذلك، علاوة على توفير المياه الكافية للزراعة.
ويرى أن التقارير الأممية التي تتحدث عن أن نصف سكان السودان سيعانون من الجوع أو غير ذلك “هي تقارير غير دقيقة” على حد تعبيره، ذلك على اعتبار أن السودان بلد زراعي ولو استثمر فقط 25 بالمئة من مساحته الزراعية المستثمرة حالياً لن يجوع.
“صحيح هناك صعوبات معيشية مع عدم قدرة المواطن على شراء الغذاء بسبب ارتفاع الأسعار وسياسات صندوق النقد الدول الذي طبقت في الاقتصاد السوداني خلال الفترة الماضية، لكن لا يعاني السودان من نقص في المواد الغذائية أو يجوع من خلال هذه المعطيات”، على حد قوله.
ويرى الناير أن هناك قصوراً في أداء الحكومة المدنية، باعتبار أنها لم تطور آلياتها بما يتوافق مع الظروف الاستثنائية الحالية ولم تُجر الإجراءات اللازمة لهذا الأمر، فعلى سبيل المثال فإن العاملين في الخدمة المدنية، لا يقل عددهم عن 700 ألف موظف وعامل، لم يتقاضوا مرتباتهم لأربعة أشهر (..) هذا يزيد الأمر تعقيداً بصورة كبيرة.
ويشير إلى توقف القطاع الصناعي، باعتبار أن الخرطوم تعتبر من أكبر الولايات في القاعدة الصناعية، وهناك مجهودات كبيرة لنقل عدد من المصانع من الخرطوم إلى ولايات أخرى، وهو أمر من شأنه أن يلقي بظلاله بعد انتهاء الحرب، لجهة “تحريك النشاط الاقتصادي في الولايات أكثر مما كان عليه قبل الحرب، باعتبار أن عدداً كبيراً من الصناعات سوف تنتقل من التمركز في العاصمة إلى الولايات الأخرى”.
تحديات اقتصاديةويستعرض الناير مجموعة من الصعوبات والآثار الاقتصادية للحرب على المواطنين السودانيين، من بينها (نقص الدواء، ونقص بعض الخدمات الضرورية مثل الكهرباء والمياه في المناطق التي تشهد اشتباكات، علاوة على تعطل الأنظمة البنكية وأنظمة الدفع الإلكتروني، وبالتالي يواجه المواطن صعوبات كبيرة في تلبية احتياجاته أو الحصول على الأساسيات الضرورية)، لكنه يشير إلى الجهود والمبادرات التكافلية التي انعكست على عدد ضخم من السكان، لا سيما ممن نزحوا من ولاية الخرطوم إلى ولايات أخرى.
ويختتم الخبير الاقتصادي حديثه مع موقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بالإشارة إلى أن “ما جعل اقتصاد السودان لا يتعرض للانهيار هو كثرة الموارد الطبيعية الضخمة التي يمتلكها البلد، لا سيما وأن البلد لديه حوالي 85 مليون هكتار صالح للزراعة، والمستغل منه حتى الآن حوالي 25 بالمئة فقط، كما أن السودان يمتلك 110 مليون رأس من الماشية، علاوة على أن السودان يتمتع بتنوع المصادر المائية، علاوة على تنوع المحاصيل وتنوع المناخ والثروات الباطنية لجهة وجودة أكثر من 30 معدناً على رأسها الذهب ومعادن ثمينة أخرى وكميات من النفط لم تكتشف حتى الآن، فضلاً عن موقع السودان الاستراتيجي”.
تدمير البنية التحتيةالباحثة السودانية في جامعة الخرطوم، أسمهان إسماعيل، تشير في تصريحات لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إلى أن محاولة بعض الأطراف فرض حلول أحادية لحل أزمة الحكم في السودان في إقصاء واضح لبعض المجموعات السودانية وترجيح كفة أخرى كانت نتيجتها حرب ضروس قضت على الأخضر واليابس في البلد ومازالت تدور رحاها منذ أربعة شهور وحتى الآن.
وتوضح أن “تلك الحرب أدت إلى تدمير البنية التحتية الصناعية والغذائية، حيث تدمرت معظم المصانع وتعطل الإنتاج خاصة في مصانع المواد الغذائية والدقيق وغير ذلك، ما أدى إلى شح في الإمداد الغذائي وتأثر سكان السودان تأثراً واضحاً بشح السلع الغذائية وارتفاع أسعارها لمستويات غير مسبوقة، مع توقف دفع المرتبات ومشاكل التطبيقات المصرفية نتيجة للتعدي على البنوك ونهبها، فواجهت المواطن بالإضافة لما سبق مشكلة ضعف السيولة.
وتلفت إسماعيل إلى أنه “بسبب العمليات الحربية وإغلاق الممرات بين المدن في فترة المواجهات تضرر أصحاب الأعمال الصغيرة والهامشية بسبب عدم مرونة الحركة، بالإضافة لذلك حرق أسواق أساسية مثل السوق المركزية بالخرطوم وسوق أم درمان، ما كان له أثر سلبي جداً على المواطن، لا سيما وأن تلك الأسواق تعد الرافد الأساسي للمنتجات الغذائية.
حرب السودان كذلك ألقت بظلالها على القطاع الزراعي، وفق الباحثة السودانية، والتي تشير إلى شح التمويل وصعوبة توفير مدخلات الإنتاج الزراعي، الأمر الذي سيكون له أثر على اقتصاد الدولة والوضع المعيشي للمواطن، خاصة في الولايات التي تعتمد بصورة أساسية على الزراعة كإعاشة ومصدر دخل، لافتة إلى أن عدم الاستقرار الأمني في ولايات غرب دارفور وجنوب كردفان أيضاً سيضاعف معاناة سكان تلك المناطق وعدم مرونة الحركة من الخرطوم إلى الولايات تسبب في مشكلة توصيل المواد التموينية والأدوية إلى سكان تلك المناطق.
تداعيات اقتصادية كارثية لــ 100 يوم من الحرب في السودان.
أما على مستوي الخدمات، فلقد تأثرت المرافق الصحية وخرج معظمها من الخدمة، وأصبحت الرعاية الصحية مشكلة حقيقية تواجه سكان الخرطوم والولايات الأخرى، وهو ما تشير إليه إسماعيل، والتي تنبه في الوقت نفسه إلى فقدان البعض من أصحاب الأمراض المزمنة كالفشل الكلوي والسرطانات حياتهم بسبب توقف وندرة العلاج.
ذلك جنباً إلى جنب وتوقف خدمات استخراج الأوراق الثبوتية، الأمر الذي حال دون مغادرة عديد من المواطنين لمناطق الحرب، وبالأخص من لا يملكون هويات.
وتختتم الباحثة حديثها لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية” بالإشارة إلى أن “وضع الحرب الكارثي في السودان أثر على الوضع المعيشي للمواطن، وقد أفاد برنامج الغذاء العالمي بتأثر ما لا يقل عن 40 بالمئة من الشعب السوداني بتراجع الأمن الغذائي، وطالما الحرب مستمرة فالوضع الاقتصادي والمعيشي معرض للمزيد من التدهور خاصة إذا اقترب المخزون الاستراتيجي للنفاد”.
نقلاً عن سكاي نيوز عربية
الوسومالاقتصاد الجيش الحرب الدعم السريع المنطقة الصناعيةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الاقتصاد الجيش الحرب الدعم السريع المنطقة الصناعية
إقرأ أيضاً:
كيف صمدت مقار الجيش السوداني أمام حصار 21 شهرا؟
الخرطوم- في الحرب المستمرة في السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023، فرضت قوات الدعم السريع طوقا حربيا على عدد من مقرات الجيش بالعاصمة الخرطوم، لا سيما المواقع الإستراتيجية التي تمثل رمزية خاصة للجيش وجنوده.
ومن بين تلك المقار التي حوصرت على مدى 21 شهرا، يبرز مقر قيادة الجيش وسط العاصمة، ومقر سلاح الإشارة بمدينة الخرطوم بحري، ومقر سلاح المدرعات جنوبي الخرطوم، قبل أن يتمكن الجيش من كسر هذا الحصار قبل أسابيع قليلة.
وتضم القيادة العامة للجيش السوداني أركان القيادة البرية والبحرية والجوية، ومقرا للقائد العام للجيش، وآخر لهيئة الأركان يحيط بها -جنوبا- المطار الدولي، وجنوب شرق المطار الحربي، وشمالا مقر الفرقة السابعة، وغربا السوق العربي وجامعة الخرطوم.
وشهدت القيادة العامة شرارة الحرب الأولى حيث هاجمتها قوات الدعم السريع من كل الاتجاهات، لدرجة جعلت قائد هذه القوات محمد حمدان دقلو "حميدتي" يصرح لوسائل الإعلام بأن جنوده داخلها "يحاصرون قائد الجيش عبد الفتاح البرهان المختبئ تحت الأرض".
ويقول مصدر عسكري للجزيرة نت إن الدعم السريع نجح -خلال الأيام الثلاثة الأولى للحرب- في التوغل داخل القيادة العامة والسيطرة الجزئية على مقرها البري ونشر قناصين بداخله، قبل أن يتمكن الجيش -وبضربات خاطفة- من إخراج هذه القوات وتكبيدها خسائر فادحة.
وكاد حصار الدعم السريع للقيادة العامة للجيش يكون من المسافة صفر، وكان ثمة انتشار للقناصة في أماكن لا تبعد أكثر من 500 متر عن محيطها خاصة من الناحية الجنوبية والشرقية. وظل هذا الوضع قائما على مدى 21 شهرا وأدى إلى قطع الإمداد بالسلاح والعتاد والعنصر البشري والمواد الغذائية بالطرق البرية، مما اضطر قيادة الجيش إلى استخدام الطيران لإسقاط المؤن والمواد الطبية للجنود والقادة المحاصرين.
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول ضابط برتبة رفيعة في الجيش كان من المحاصرين داخل القيادة العامة إن "مليشيا الدعم السريع نفذت أكثر من 20 هجمة على القيادة العامة استخدمت فيها المدرعات والدبابات، وجميعها باءت بالفشل". وأضاف أن معظمها كانت من الاتجاه الشمالي الشرقي والجنوبي لعدم وجود موانع تحد من اقتحام قواتها للقيادة العامة.
إعلانووفق الضابط الذي كان يشرف على إحدى المواجهات بمقر القيادة العامة، فإن قوات الدعم السريع لم تهاجم عبر الاتجاه الغربي نظرا لوجود السور الخرساني الذي يحد من عمليات الاقتحام، ويُرجع "فشلها" في إسقاط القيادة إلى عدة أسباب من بينها:
تدخل المدفعية والطيران بفعالية كبيرة منذ لحظة تجمع قوات الدعم السريع ومباغتتها قبل الهجوم. الخطة الدفاعية الجيدة التي انتهجها الجيش في الدفاع عن قيادته العامة. تماسك القوات المدافعة وإصرارها على القتال لرمزية هذه القيادة.واستمر وضع الجيش مدافعا عن القيادة العامة 21 شهرا قبل أن يتمكن من كسر الحصار عبر عمليات برية مكثفة من محور مدينة الخرطوم بحري، وصولا للقيادة من الناحية الشمالية، ومن ثم إنهاء الحصار كليا.
سلاح المدرعاتيُعتبر سلاح المدرعات من أبرز أسلحة الجيش السوداني ويعتمد عليه بشكل كبير في جميع مواجهاته، ويوجد جنوبي الخرطوم وسط عدة أحياء من بينها أحياء الشجرة واللاماب وجبرة.
وتمكنت قوات الدعم السريع من حصار هذا السلاح وعزله عن حاميات الجيش في الخرطوم وقطع خطط إمداده ثم مهاجمته. وحسب مصادر متعددة تحدثت للجزيرة نت تمكنت القوات، في أغسطس/آب 2023، من التوغل إلى عمق سلاح المدرعات وكادت أن تسيطر عليه كليا قبل أن يتمكن الجيش -وبإسناد من الطيران الحربي- من إخراجها من أسواره.
ويقول مالك يحي البروف أحد المقاتلين في سلاح المدرعات -للجزيرة نت- إن "مليشيا الدعم السريع عملت على حصار هذا السلاح منذ الوهلة الأولى للحرب، وإنهم مع بداية الحصار طوروا أسلوب استنزافها من خلال قنص أفرادها وآلياتها عبر بنادق القنص الكبيرة مع إصابة الأهداف بدقة عالية، مما أفقدها المناورة في الطرق الرئيسية والتفوق بالكثافة النيرانية من المدافع المحمولة في العربات القتالية".
ووفقا له، وطيلة 21 شهرا، شن الدعم السريع 180 هجوما على سلاح المدرعات بغرض السيطرة عليه، إلا أن كل محاولاته انتهت بالفشل وتكبيدها خسائر كبيرة، وأضاف "قتلنا عددا من قيادتهم الميدانية وكسرنا قوتهم الصلبة، تعرضنا في المدرعات للقصف بالمدافع والراجمات والهاون، وكانت المليشيا تطلق في اليوم الواحد أكثر من 500 قذيفة داخل صندوقنا القتالي".
ومؤخرا، نجح سلاح المدرعات في كسر الحصار والتقدم إلى وسط الخرطوم والسيطرة على كل مواقع الدعم السريع التي كانت تحاصرهم فيها، لا سيما من شماله وشرقه، حيث واصلت قوات المدرعات تقدمها إلى محيط السوق العربي وسط الخرطوم وباتت على مقربة من الالتحام مع قوات الجيش بالقيادة العامة وسط الخرطوم.
يُعتبر سلاح الإشارة من أسلحة الجيش الفنية ومقره مدينة الخرطوم بحري، ويربط بينه وقيادة الجيش جسر حديدي بمسافة كيلومترين اثنين. وقد تعرض لحصار دام 21 شهرا وكان متنفسه الوحيد الناحية الجنوبية حيث قيادة الجيش التي كانت تعاني الحصار نفسه.
إعلانوكان قناصة الدعم السريع ينتشرون على بعد أمتار من معسكر سلاح الإشارة خاصة المجمع السكني لضباط الشرطة الذي كان يبعد 500 متر عن السلاح، واستخدمت القوات مكانا فيه للقنص.
ويقول عباس مصطفى وهو ضابط بسلاح الإشارة -للجزيرة نت- إن هذا السلاح تمكن من حماية دفاعاته طوال 21 شهرا رغم أن ما وصفهم بمليشيا الدعم السريع تمكنوا من الانتشار في 3 اتجاهات منه شرقا وغربا وجنوبا.
وأضاف أن السلاح صمد في وجه الحصار "بل تمكنا من هزيمة المليشيا المتمردة وكبدناها خسائر في الأرواح فضلا عن سيطرتنا على أسلحة منهم بينها سيارات قتالية وأخرى ثقيلة مثل المدافع والرشاشات التي ساهمت في تقوية دفاعات سلاح الإشارة".
وحسب مصطفى، فإن الدعم السريع وبعد هزيمته في المواجهات المباشرة، لجأ إلى خيار القصف المكثف على سلاح الإشارة حيث كان يطلق في اليوم الواحد بين 800 و900 قذيفة على مقره بكثافة غير معهودة، وأوضح أن معظم القصف كان من الناحية الشرقية والشمالية الشرقية لاسيما بمدافع الهاون.
وقال إن القصف ألحق خسائر بسلاح الإشارة عكس المواجهات المباشرة وإن هذا السلاح تعرض لـ37 هجمة منظمة بغرض إسقاطه والسيطرة عليه "ولكن جميعها باءت بالفشل كما أن وتيرة الهجمات تراجعت مؤخرا بفضل صمودهم".
ووفقا له، فإن الطيران المسيّر التابع للجيش لعب عاملا حاسما في "دك هجمات الدعم السريع وتشتيتها ". وأشار إلى أن قوات الأمن والمخابرات الوطنية لعبت دورا مهما في إسناد سلاح الإشارة لوجود مكاتب لها تتبع دفاعه، فضلا عن امتلاكها أسلحة في مخازن -خاصة بداية الحرب- ساهمت في إجهاض محاولات إسقاط سلاح الإشارة.
ومؤخرا نجح الجيش في فك الحصار عن سلاح الإشارة بالتزامن مع فك الحصار عن مقر قيادته بعد عملية برية انطلقت من أقصى مدينة الخرطوم بحري.