في السلم والحرب... معاناة اللبنانيات لا تنتهي
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
تواجه النساء في لبنان اليوم معركة لا تنتهي. ومن بينهن خديجة، التي نزحت من جنوب لبنان مع ابنتها وزوجها المريض، تاركة وراءها منزلها وكل ما يعينها على رعاية ابنتها التي تعاني مشاكل رئوية.
تجد خديجة نفسها الآن في مركز إيواء مكتظّ بالنازحين، وتعاني من نقص في الأدوية الأساسية. "نسينا كل شيء، حتى الأدوية. لا أستطيع شراء أي شيء الآن"، تقول بحسرة، وهي تعيش تحت وطأة الخوف الدائم على ابنتها وزوجها العاجز.
ناديا، بدورها، تعيش تجربة أخرى مع الخوف، وهي تنتظر مولودها الأول وسط القصف. "أخاف على طفلي في كل مرة أسمع صوت الانفجارات. أشعر أن هذه قد تكون لحظاتنا الأخيرة". ناديا، كغيرها من الحوامل في مراكز الإيواء، تعاني من غياب الرعاية الصحيّة المناسبة، وهي تعيش في قلق دائم على صحّة جنينها.
وفي إحدى الروايات المؤلمة من واقع الحال، وضعت سيدة نازحة مولودها في مدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء في برجا في جبل لبنان. كان الطفل ثمرة لحظة ولادة مؤلمة وسط عائلات نازحة، بعيدا من الأجواء التي حلمت بها والدته. وفي محاولة منهم لبث الأمل والفرح، وزّع العاملون في المركز حلوى "المغلي" على العائلات النازحة احتفاءً بهذا الحدث.
في حديثها لموقع "الحرة"، تُسلط حياة مرشاد، مديرة جمعية "Fe-Mal، الضوء على هذه التحديات، مؤكّدة أن النساء يتحملن أعباء مضاعفة داخل مراكز الإيواء. وتضيف:" النساء يضطلعن بدور الرعاية الأساسي في ظل غياب الرجال، مما يضع عليهن ضغوطًا هائلة تتعلق برعاية الأطفال وتأمين الحماية". وتقول: "المراكز غير آمنة، حيث تشترك العائلات في استخدام الحمامات دون خصوصية، مما يزيد من احتمالات التحرّش".
تتضاعف التحديات بالنسبة إلى النساء الحوامل في هذه الظروف. وتوضح مرشاد "هنّ بحاجة ماسّة إلى الرعاية الصحيّة والغذائيّة، التي لا تتوافر بسهولة بخاصة في المناطق البعيدة من العاصمة". وتضيف أن غياب الفيتامينات والرعاية الأساسية يعرّض حياة الأمهات وأطفالهن للخطر.
أما كلودين عون، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، فتشير في حديث لموقع "الحرة" إلى التحديات المعيشيّة اليوميّة التي تواجه النساء خلال الحرب، فتقول : "يواجه النساء صعوبات يومية تتعلّق بتأمين الإقامة الآمنة، الغذاء، والنظافة، وسط حالة من الخوف وعدم الاستقرار النفسي".
وتعمل الهيئة على دعم النساء المتضرّرات من خلال حملات توعية لمكافحة العنف والتحرّش في مراكز الإيواء، إلى جانب توفير الدعم النفسي والاجتماعي. وفي هذا الصدد، تشير عون إلى أنّ "هيئة الأمم المتحدة للمرأة أحصت لغاية 30/9/2024 من بين مجمل النازحين، 530,000 امرأة نزحت بسبب الحرب، منهن 62,000 امرأة تعيل أسرها". وتأتي جهود الهيئة ضمن خطة العمل الوطنية الثانية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، والتي سوف تتضمّن من ضمن أولويّاتها، تدخّلات تندرج ضمن محور الإغاثة والإنعاش.
كذلك يندرج هذا الدعم ضمن خطة العمل الوطنية لتطبيق الاستراتيجيّة الوطنيّة للمرأة في لبنان والتي تتضمّن أنشطة متعدّدة ترمي بنوع خاص إلى توفير سبل حماية النساء والفتيات من العنف، ومكافحة الفقر، وتوفير الخدمات الصحيّة لهنّ، وتنمية قدراتهنّ في المجال الاقتصادي، والمشاركة في صنع القرار.
في ظل هذا الواقع القاسي، تجد النساء في لبنان أنفسهن في معركة يوميّة من أجل البقاء. وعلى رغم النقص في الأمان والخدمات وحتى الغذاء، يواصلن القتال بلا أمل قريب بنهاية لهذه الأزمة.
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
حزب الجيل: موافقة البرلمان على قانون الحكومة للإيجار القديم قنبلة موقوتة تهدد السلم المجتمعي
أعرب ناجى الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، عن بالغ استيائه من موافقة مجلس النواب على قانون الإيجار القديم كما ورد من الحكومة، وخاصة المادة الثانية منه التي تقضي بطرد المستأجرين بعد 7 سنوات في العقود السكنية، وبعد 5 سنوات في العقود غير السكنية، مؤكدًا أن هذا القانون يفتقد إلى العدالة الاجتماعية ويهدد السلم المجتمعي تهديدًا مباشرًا.
وأشار الشهابي، إلى أن هذا القانون لا يراعي الظروف الاقتصادية والمعيشية للملايين من المواطنين الذين يعيشون في تلك الوحدات منذ عشرات السنين، ويمثل انحيازًا صارخًا لفئة قليلة من الأثرياء الذين استولوا على عمارات بأبخس الأثمان ويطمحون الآن إلى طرد ساكنيها وتعظيم مكاسبهم العقارية.
وأكد رئيس حزب الجيل، أن ما أقره البرلمان اليوم يخالف مضمون حكم المحكمة الدستورية العليا، التي لم تتحدث عن إنهاء العلاقة الإيجارية أو طرد المستأجرين، وإنما قررت فقط عدم دستورية تثبيت القيمة الإيجارية وطالبت بتحرير الأجرة، دون المساس بالأمان الاجتماعي للأسرة المصرية.
وتساءل الشهابي، كيف يوافق البرلمان اليوم على قانون قيل في جلسة الأمس فقط إنه لا يمكن مناقشته لعدم جاهزية الحكومة؟، فقد أعلن المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، في جلسة الأمس، أنه سيرفع الجلسة بسبب غياب الرؤية الحكومية الكاملة تجاه هذا الملف شديد الحساسية.
وأضاف الشهابي، اليوم نتساءل ما الذي تغير؟ وهل أصبحت الحكومة فجأة جاهزة؟ وإن كانت كذلك، فما هي ملامح هذه الجاهزية؟ وأين التعديلات أو الرؤى الجديدة التي طُلب تأجيل القانون من أجلها بالأمس؟
واختتم الشهابي تصريحه بالتحذير من التداعيات المجتمعية الخطيرة لهذا القانون، مطالبًا بإرجاء تنفيذ مواده المتعلقة بإنهاء العلاقة الإيجارية، والالتزام فقط بتنفيذ ما ورد بحكم المحكمة الدستورية بشأن تحرير القيمة الإيجارية، مع فتح حوار مجتمعي حقيقي حول حلول عادلة ومتدرجة تضمن الحقوق المشروعة لكل من المالك والمستأجر.
اقرأ أيضاًما هي المادة 2 التي رفضت الحكومة حذفها من قانون الإيجار القديم؟
مصطفى بكري يناشد الرئيس السيسي بالتدخل وعدم التصديق على قانون الإيجار القديم
مصطفى بكري: قدمت البديل الدستوري لقانون الإيجار القديم.. ومجلس النواب انحاز للحكومة