أكتوبر 30, 2024آخر تحديث: أكتوبر 30, 2024

ابراهيم الخليفة

الصورة الذهنية عن التعليم العالي في العراق وحتى نهاية الثمانينيات بأنه يسير على الطريق الصحيح وبشهادة منظمات دولية  بحيث أستقطب العديد من الطلبة من جنسيات عربية وغير العربية  في حينها، وفي حوار نشر مؤخرا لوزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور نعيم العبودي، أجراه المؤرخ والصحفي الدكتور حميد عبدالله لحساب قناة دجلة، يستوجب الاهتمام والتمعن في مارد فيه، سيما وأنه تناول استراتيجية التعليم العالي في العراق حاليا، وفي المستقبل المنظور،الأخفاقات والإيجابيات، وعقد العزم نحو توجيه والمسار الصحيح وفق وجهة نظر الوزير العبودي، بعد ان تراجعت جودة مخرجاته  كثيرا، بشهادة القائمين عليه ،مقارنة مع الأنظمة التعليمية في الدول المجاورة نتيجة الأحداث التي عاشها البلد منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي ، لكن هناك نقطة يستوجب التوقف عندها إنصافا للتاريخ ،فالتعليم العالي كان مفتوح للعرب والأجانب قبل مبادرة أدرس في العراق، ويشهد على ذلك الطلبة الجامعيين في مرحلة السبعينيات والثمانينيات، والقائمين على شؤون الجامعات في حينها  ،وليس كما يقول….

   ” لأول مرة في تاريخ التعليم العالي العراقي سيدخل ما بين (3500) إلى (4000 ) طالبا من اوروبا واسيا وافريقيا و من الدول العربية ، في الجامعات العراقية”  ضمن  مبادرة أدرس في العراق التي انطلقت العام الماضي وبشكل واسع. هذه المبادرة لاشك في أهميتها لأنها ترفع تصنيف الجامعات العراقية في تصنيفات الجامعات العالمية إلى الواجهة، اسوة بمثيلاتها العربية والعالمية ، وتؤسس لتفاعل ثقافي وعلمي متبادل بين الطلبة العراقيين ونظرائهم من المجتمعات الأخرى كان تكون عربية ، اسلامية أو غير ذلك ،لكن تأكيده على أن دراسة الأجانب في العراق، من غير العرب، هي الاول من نوعها في هذه المبادرة، تستحق التوقف عندها ، كون الوقائع في الميدان تؤشر العكس من ذلك ، وهنا نؤكد ، هذه ليست المرة الاولى التي يسجل فيها طلبة من الجنسيات غير العربية في الجامعات العراقية، حيث كان هنالك حضور للطلبة غير العرب في تلك المراحل، ربما لأنه لم يعايش تلك الحالة، بسبب فارق العمر،وبالتأكيد أن أرشيف التعليم العالي وبالتحديد دائرة البعثات وأقسام التسجيل في الكليات الوطنية مؤرشفة هذه الوقائع ، فكاتب المقالة هذه عايش الحالة  ومعاصر لها اذ كان لديه زملاء في قسم اللغة الانكليزيه / كلية الاداب جامعة بغداد  في عقد السبعينيات من القرن الماضي ، من دولة تشاد طالب اسمه اسحق ، وطالب من  الاتحاد النايجيري اسمه وزيري ،واخر من اثيوبيا وطالبة من (الصومال) واخر من اقليم صحراء اوغادين وهو بين اثيوبيا والصومال، العمر المديد للاحياء منهم  والرحمة لمن فارق الحياة ،كذلك كان يدرس طلاب في الجامعات العراقية من دول اوروبا الشرقية، وبعد ان تأسست جامعة صدام للعلوم الاسلامية ، الملغاة ،في نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي التحق بها العديد من الطلبه  من جنوب شرق اسيا و هي دول ليست عربية لدراسة العلوم الاسلامية. ان السمعة  الجيدة التي كانت تستحوذ عليها الجامعات العراقية سواء المناهج او الكوادر التدريسية جعلت العديد من الطلبة العرب يتجهون لإكمال دراستهم الجامعية الأولية أوالعليا ، سواء من دول الخليج العربي  أو من باقي البلدان العربية ،وكان للطلبه الفلسطينيين واليمنيين والاردنيين حضور فاعل،كما أوضح العبودي ذلك بنفسه، وكذلك كان هناك طلبة من تونس ،الجزائر، المغرب ،مصر،مورتانيا..تخرج آلاف الطلبة من الجامعات العراقية وساهموا في نهوض مجتمعاتهم ،وهناك من تولى مناصب حكومية مهمة في بلادهم فاول أمراة تتولى منصب سفير في مملكة البحرين هي خريجة جامعة بغداد، ،وهناك شخصية عربية رشح لمنصب رئيس وزراء في دولته هو ايضا خريج جامعة بغداد ودراسة الطلبة الوافدين لم تقتصر على الدراسات الإنسانية بل العلمية والطبية، وكل ذلك يحسب لصالح العراق ودوره في تنمية المجتمعات العربية، والعديد من الكوادر العلمية في الإدارات المحليه في تلك الدول حصلوا على تعليمهم العالي من الجامعات العراقية ، ،إلا ان الضروف التي عاشتها البلاد بدءا بالحرب العراقية -الايرانية ، حرب الخليج الثانية وما أعقبها من حصاراقتصادي وعلمي شامل أثر على كل النشاط الإنساني،العمراني والعلمي في البلاد بما فيها الجامعات، ،واخيرا الإحتلال الأمريكي 2003، وقانون الاجتثاث الذي ابعد نخب عديدة من حملة الشهادات العلمية العليا، ثم حقبة الحرب الطائفية 2006-2007، وداعش 2014 -2017التي قُتل خلالهما العديد من الطلبة والاساتذه والتهجير وحرق المؤسسات العلمية،والتعليمية، واخيرا تسييس التعليم في البلد مع أن الوزير دافع بقوة عن أبعاد التعليم العالي عن التاثيرات السياسية والحزبيه، ثم الآلية التي تدار بها العملية التربويه في الجامعات،مثلا وجود ثلاث ادوار امام الطالب لاجتياز مرحلة ألى اخرى، فربما وجدت هذه الحالة لظرف معين ، الآن أصبحت سنة يتظاهر الطلبة امام الوزارة لتحقيق هذا لمطلب، ثم التعليم  العالي الأهلي والاستثمار فيه مما انعكس سلبا على المخرجات، كل هذه المعوقات سببت الوهن في بنية التعليم العالي من الأرتقاء نحو الأفضل، والآن يوجد توجه جديد بعد تشخيص السلبيات للمضي نحو الآحسن في هذا القطاع الحيوي والمهم .

.أن مبادرة أدرس في العراق مبادرة في الأتجاه الجاد ، تعيد ثقة الطالب العربي والاجنبي، بالبيئة العراقية المستقرة ، ومؤشر على ان جامعاته بدأ تسترد عافيتها و فاعليتها وتأثيرها ، لكن ما يثير التساؤل ماكان من المحرمات في الأمس أصبح اليوم من المسلمات به.هذه هي السياسة، ووفق المعطيات التالية، فقد طالب مجلس الحكم في السابق في قراره(75 )بقطع ارتباط الطلبة العرب بالجامعات العراقية بعد تخرجهم ، بناءا على معلومه سمعها ابن اخ موفق الربيعي من طالب فلسطيني في الجامعة التكنولوجية يطالب بمقاتلة الامريكان American Invaders كونهم محتلين  وبمقترح مقدم من الربيعي، ووفق وجهة نظره بأنهم ارهابيون، طبقا لما  ذكره د حميد عبدالله في برنامجه هذه الأيام ،ونقلا عن مذكرات عضو مجلس الحكم  الدكتور محسن عبد الحميد ، والذين قدر عددهم في حينها ب(7 ) الآف طالب عربي، واليوم تقوم وزارة التعليم العالي بتقديم منح دراسية مجانية وشبه مجانية وتسهيلات اخرى للطلبة العرب وغيرهم من الاجانب لاستقطابهم للدراسة في العراق، غير متاحة أمام الطالب العراقي ومن الميزانية العامة للدوله،كما كان يفعل ذلك النظام السابق.وكانت محل نقد من العناصر المناوئة له.  والآن تحظى  بدعم جاد  من الحكومة ،ومع هذا تبقى هذه الخطوة في الأتجاه الصحيح، مع إمكانية النظر في التقليل من تبعاتها المالية على الميزانية العامة..

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

كلمات دلالية: الجامعات العراقیة التعلیم العالی فی الجامعات العدید من فی العراق غیر العرب

إقرأ أيضاً:

التعليم العالي .. مفتاح للباب العالي !

بقلم : حسين الذكر ..

تعد ( المانيا واليابان ) اكثر الدول تضررا من الحرب العالمية الثانية 1939-45 ، فالمانيا قائدة المحور لم تستسلم حتى دخلت جميع الجيوش أراضيها لتكتم انفاس التفوق والعبقرية المتجسدة بهيئة الأركان الألمانية كاحد اهم نتاج العقل والانضباط المؤسسي الصارم .. وقد اذهلت المانيا العالم بقدرتها على استيعاب الضربة والنهوض والتخلص باكرا من ربقة الاستعمار اذ لم تمر الا سنوات معدودة حتى تمكنت من الفوز بكاس العالم 1954 كمؤشر على استرداد العافية وانبعاث التوفق الثقافي باوصال الامة برغم ما حل فيها من دمار وخراب وقتل وانتهاكات ..
اليابان التي بكتها شعوب العالم اثر تلقيها ابشع ضربة على مر العصور المتمثلة بالقنابل الذرية الغربية على ( يوروشيما ونكازاكي ) التي فتت الجسد الياباني دون روحه التي بقت حرة منبعثة لتعود اليابان بفكر الكومبيوتر الذي غزى العالم المعرفي والبس الثقافة والصناعة بل الحضارة ثوب جديد ما زال يسمى بالعهد الالكتروني ..
قطعا ان ذلك التفوق لم يكن وليد المصادفة فهناك قيم أخلاقية راسخة صارمة عززت بملف تعليم عالي لا يقبل الشك .. فلا مجال للترقي في المانيا واليابان بأي من مؤسسات الدولة وتحت أي عنوان الا عبر التفوق في البحث العلمي الذي من خلاله فقط يثبت الطالب استحقاقه وجدارته .. فلا مجال لاي من أوجه الحزبية والعشائرية والقومية والدينية والعلاقاتية فيه … ولا يسمح ان تكون سببا للترقي واستلام المسؤولية الا عبر الكفاءة والمعرفة .
في المنظومة العربية بعد ولادة الشرق الاوسطي الجديد الذي بشرت به ورعته أمريكا والغرب منذ نيسان 2003 .. شهد انحدار قيمي فضيع يمكن تلمسه في أساليب الحصول على الشهادة العلمية باعلى درجاتها ما كان منها ( مرسولا او مطروحا ) ، لم يعد ينظر الطالب فيه – الا ما رحم ربي – للتفوق العلمي والتزود المعرفي .. فالوظيفة والعنوان والجاه المجتمعي هو الأساس للدراسة وتحصل الشهادة باي وسيلة كانت ما دامها تحقق الغرض المطلوب مجتمعيا .

يقال ان المنتصرون في الحرب العالمية كانوا يدخلون دول اعدائهم فاتحين .. فيلجؤوا الى حماية علماء اعدائهم في المؤسسات وترحيلهم للإفادة من خبراتهم وقدراتهم في تطوير واقعهم الجديد .. وهذا عين ما حدث مع بعض الجيوش التي دخلت المانيا ولديها قائمة بالنخب والعلماء والعباقرة الذين تم تسفيرهم وتهيئة افضل سبل العيش لهم ليبدعوا في عالمهم الجديد .. على العكس تماما ما يحدث في ثوراتنا او تغيراتنا السياسية العربية التي تنطلق القوائم من جحورها السوداء لتغتال وتختطف وتقتل وتهجر العقول الوطنية التي يمكن الإفادة منها لاعادة بناء البلد واحياء مؤسساته .
من المفارقات الغريبة ان التلاميذ العرب اول دخولهم المدارس الابتدائية يظلون يطمحون ويحلمون لدخول الجامعات التي يشاهدونها من خلال وسائل الاعلام كانها جنة عربية للعقول والنفوس فيما يتبدد ذلك الحلم الجميل من اول مشاهدات وواقع حال جامعي عربي في الشرق الأوسط الجديد المزعوم بالحداثة والتفوق الغربي اذ اكثر ما يشد ويشذ فيه هي الحرية الموهومة والوعي المزعوم عبر علاقات وكوفيات واكلات ولباس وزي واحتفالات .. ووسائل نقل يهتم بها – اغلب الطلبة – اكثر من جميع وسائل المعرفة وتطوير الوعي . ذلك داخل الجامعة اما بعد التخرج فان نسب التفوق ومفهوم العبقرية يتلاشى تماما امام وسائل توزيع العقول لقيادة مؤسسات الدولة التي لا تتسق مع درجات التقييم العلمي وتختلف تماما في التقسيم الحزبي والولاء السلطوي ..

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • مهند خالد: زيادة أعداد المواليد سبب كاف لاستقبال العديد من الاستثمارات في التعليم العالي
  • «التعليم العالي» تعلن أسماء الجامعات الفائزة في «هاكاثون التعليم الذكي 2025»
  • «التعليم العالي»: الدولة تحركت بشكل سريع بعد توقف منح الوكالة الأمريكية
  • وزير التعليم العالي يناقش أوضاع الطلبة اليمنيين في الجامعات العراقية
  • وزير التعليم العالي يطلع على سير امتحانات الجامعات الخاصة في الشمال السوري
  • وزير التعليم العالي يعلن توفير منح دراسية بديلة لطلاب منح الجامعة الأمريكية
  • «التعليم العالي» تعلن توفير منح دراسية بديلة لطلاب الجامعة الأمريكية
  • وزير التعليم العالي: توفير منح دراسية بديلة لطلاب الجامعة الأمريكية
  • التعليم العالي .. مفتاح للباب العالي !
  • والي الخرطوم: مؤسسات التعليم العالي من أوائل المؤسسات التي بادرت باستئناف نشاطها من داخل الولاية