عادل بن رمضان مستهيل
adel.ramadan@outlook.com
لاحظنا في الآونة الأخيرة تزايدًا من قبل بعض مواطني هذه الأرض الطيبة، بالتأثر والتفاعل في النقاشات عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة وخاصة في المنشورات المناهضة للكراهية أو الانتقادات الموجهة لبعض المذاهب الدينية أو الطوائف، متأثرين بما يدور من أحداث في المنطقة العربية، وخاصة بما تتمخض عنه أحداث "طوفان الأقصى" بغزة.
وهذه الظاهرة الجديدة لم تكن مألوفة في مجتمعنا العُماني المتماسك، الذي طالما عُرف بتسامحه واحترامه للتنوع الثقافي والديني. إن المجتمع العُماني الأصيل نشأ على قيم المحبة والتعايش، وهي القيم التي تشكّل ركيزة أساسية في نهجه الحضاري.
وفي هذا السياق يأتي خطاب جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ليكون مرشدًا لنا في التمسك بهذه القيم، حيث أكد جلالته- حفظه الله ورعاه- على ضرورة الحفاظ على مبادئ التسامح والاعتدال التي تربى عليها هذا المجتمع. وجاء في خطاب السامي لجلالته في الثالث والعشرين من شهر فبراير 2020: ".. ومصدر إلهام للأجيال القادمة يستلهمون منها الإخلاص والتفاني في خدمة الوطن والحفاظ على قِيَمه ومكتسباته وصون أمنه واستقراره والإسهام في نمائه وازدهاره".
ولقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: "دعوها فإنها منتنة"؛ حيث إن الفتن التي قد تزرع الفرقة بين الناس لا تجلب إلا الفساد، فهي مثل النبتة السامة التي تدمر كل ما حولها. فاختلاف المذاهب أو الرؤى الدينية لا يجب أن يكون مبررًا لتفتيت النسيج الاجتماعي أو تمزيق الوحدة بين أبناء الأرض الواحدة.
وسلطنة عُمان الأرض الطيبة التي لطالما كانت منارة للتسامح والتعايش السلمي، شهدت تاريخًا طويلًا من التنوع الثقافي والديني والعرقي. وأبناء عُمان، مسلمون بكافة مذاهبهم وتوجهاتهم، يتشاركون بالإيمان بالله الواحد، ويجمعهم نداء الحق: "لا إله إلا الله محمد رسول الله". وهذا التوحيد في العقيدة هو الأساس المتين الذي ينبغي أن نقف عليه جميعًا، محافظين على الوئام والاحترام.
لا شك أن لكل منا اجتهاده في فهم الدين، ومذهبه الذي ينهل منه، وشيخه الذي يعلمه، ولكن هذا التنوع ليس ضعفًا. بل على العكس، هو مصدر قوة وغنى.
وإذا ما تم استثماره في حوار بناء، فإنه يمكن أن يكون رافدًا للوحدة الوطنية ولتطور المجتمع. يجب أن نتعلم كيف نرتقي بهذا التنوع إلى مستوى يحترم الآخر، ويبحث عن القواسم المشتركة بدلًا من الاختلافات؛ ففي قانون الجزاء العُماني (الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 7/2018)، توجد عدة مواد تعاقب على العنصرية والكراهية وجرائم الإنترنت؛ حيث ذكر في المادة 118: "يُجرّم نشر أو ترويج الأفكار التي تهدف إلى بث الكراهية أو العنصرية أو التمييز أو التحريض ضد فئة معينة بسبب العرق أو الدين أو المذهب أو الجنس. تشمل العقوبات السجن والغرامات".
أما المادة 19 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات (الصادر بالمرسوم السلطاني رقم 12/2011) تتعلق بتجريم استخدام وسائل تقنية المعلومات لنشر الكراهية أو التمييز أو العنصرية أو التحريض على أعمال العنف أو الجرائم ضد فئات معينة. تنص المادة على عقوبات تشمل السجن والغرامات.
وبالتالي، يتم التعامل مع هذه الجرائم بموجب قوانين محددة تغطي العنصرية والكراهية بشكل عام وجرائم الإنترنت المتعلقة بها بشكل خاص.
والعقوبات المنصوص عليها قد تشمل السجن والغرامات، ويختلف حجم العقوبة حسب جسامة الجريمة وظروفها.
إن عُماننا الحبيبة تحتاج منا اليوم أكثر من أي وقت مضى أن نكون يدًا واحدة، متعاونين في نشر الخير والرحمة، متجاوزين كل الفتن والأحقاد. لأن قوتنا تكمن في وحدتنا، ولأن المستقبل المشرق لعُمان يعتمد على هذا التماسك.
فلندع الفتن، ولنزرع في أرضنا الطيبة بذور المحبة والسلام، سائلين الله أن يوفقنا جميعًا لما فيه خير الأمة، وأن يحفظ عُمان وسلطانها وشعبها.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
صحيفة تركية: بسبب العنصرية والتعامل السيئ خسرنا السياح العرب
وكالات
كشفت صحيفة تركيا جازيت، أن العنصرية والتعامل السيئ من بعض الأتراك تجاه العرب أدت إلى امتناعهم عن الذهاب إلى تركيا للسياحة.
وقالت الصحيفة: “بسبب العنصرية والانتهازية والتعامل السيء ضدهم والتهديد بالأسلحة خسرنا السياح العرب الأثرياء خاصة من الخليج مما تسبب في انخفاض بيع العقارات بنسبة كبيرة وصلت إلى 32% وانخفضت المبيعات في المتاجر ومراكز التسوق بنسبة 40%، أما المحلات على طول الشارع الذي نُطلق عليه (الطريق العربي) فأصبح من شبه المستحيل رؤية سائح عربي فيه وهي المنطقة الممتدة من مركز جواهر للتسوق إلى شارع روميلي”.
وأضافت الصحيفة: “سوء معاملتنا تجاه الخليجيين وقيام أصحاب المحلات بتخصيص رفع الأسعار عليهم ضرب تجارتنا في مقتل مما جعل سكان الخليج يذهبون لوجهات أخرى لا تستغلهم، كثير من المطاعم والمتاجر ترفع الأسعار عليهم، فمثلاً قطعة كعك في مخبز عادي في تركيا تصبح أغلى على السائح الخليجي من ثمنها لو طلبها من مطعم فاخر في دبي”.
ومن جانبها، صرحت نائبة رئيس مجلس قطاع النسيج ورئيسة مجلس إدارة Mimya Textile: “السياح العرب توقفوا عن القدوم إلى تركيا، كان الخليجيون يفضلون بلدنا لأنها تشعرهم بالقرب منهم، وكانوا يأتون إلى تركيا لأجل كل شيء، مثل السياحة والعلاج والتسوق والتجارة، لكن بسبب الاستفزازات التي يواجهونها أصبح انطباع عدم الأمان هو السائد مما جعلهم يمتنعون عن القدوم لبلدنا حفظاً لسلامتهم وكرامتهم وأصبحوا يتوجهون لدول أخرى، لقد خسرناهم وبعضهم ربما لن يعود مهما قمنا بتحسين صورتنا أمامهم، هناك انفتاح على المملكة العربية السعودية حالياً وعلينا العمل على تحسين صورتنا السلبية أمامهم”.