الضربة الإسرائيلية لإيران تعكس دينامية جديدة في الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
قال المحلل السياسي باولو أغويار إن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة للمنشآت العسكرية الإيرانية تمثل لحظة محورية في ديناميكيات القوة الإقليمية بين إسرائيل وإيران.
امتناع إسرائيل عن ضرب أهداف شديدة الحساسية مثل المواقع النووية أو المنشآت النفطية الكبرى يشير إلى الرغبة في توجيه رسالة قوية إلى طهران.
وأضاف الكاتب في مقاله بموقع "جيوبوليتيكال مونيتور" الكندي المتخصص في الشؤون الاستخباراتية والسياسية، إن هذه الضربات تشكّل تصعيداً كبيراً في الأعمال العدائية وتتحدى استراتيجية "الدفاع الأمامي" التي تتبناها إيران منذ فترة طويلة، حيث تعتمد على وكلاء مثل حزب الله، وحماس لفرض نفوذها مع إبعاد الصراعات عن حدودها للبقاء بعيداً عن المواجهات المباشرة من خلال فرض تهديد متعدد الجبهات على إسرائيل.
وتابع الكاتب "تدور استراتيجية إيران حول إنشاء منطقة عازلة من خلال تحالفاتها مع مجموعات بالوكالة في لبنان وغزة وأجزاء أخرى من المنطقة. وسعت إيران، من خلال تسليح هذه الجماعات بشكل مكثف ودعمها مالياً، إلى جعل أي صراع مكلفاً بالنسبة لإسرائيل، وبالتالي ثني إسرائيل عن استهداف الأراضي الإيرانية بشكل مباشر. على سبيل المثال، كان حزب الله، بشبكته المتطورة في جنوب لبنان وترسانة الصواريخ الواسعة النطاق، بمنزلة رادع رئيسي ضد التوغلات الإسرائيلية".
ومع ذلك، فإن الضربات الجوية الإسرائيلية الأخيرة في عمق الأراضي الإيرانية تقوض هذه الحسابات الاستراتيجية، حيث تبرز قدرة إسرائيل على ضرب البنية التحتية العسكرية الإيرانية بشكل مباشر، متجاوزة خطوط الدفاع التقليدية لإيران. ويفرض هذا المستوى الجديد من المشاركة تحديات كبيرة على إيران، التي تواجه الآن مهمة تعزيز دفاعاتها بالوكالة أو تعديل استراتيجياتها لمعالجة هذا التهديد الجديد.
ومضى الكاتب يقول إن قرار إسرائيل باستهداف مواقع عسكرية محددة، مثل منشآت الرادار ومرافق الصواريخ، بدل البنية التحتية المدنية الحيوية، يوضح نهجاً محسوباً بعناية.
*The chariots returning from deep behind enemy lines.*
Israel’s capacity via F35i to attain immediate Battle Damage Assessments gives it a clear QME versus Iran.
This was not a one strike stop, rather a strategically driven step, inching Israel a couple of steps closer to… pic.twitter.com/gTgvMHIM4K
وأوضح الكاتب أن امتناع إسرائيل عن ضرب أهداف شديدة الحساسية مثل المواقع النووية أو المنشآت النفطية الكبرى يشير إلى الرغبة في توجيه رسالة قوية إلى طهران، دون إثارة صراع شامل أو استفزاز انتقام إيراني واسع النطاق.
وأوضح الكاتب أن هذه الاستراتيجية تشبه انخراط إسرائيل التاريخي مع حزب الله في لبنان، حيث سعت إلى تنفيذ سلسلة من الضربات المحدودة لتقويض القدرات العسكرية لخصمها بمرور الوقت. ومن خلال تبني نهج مدروس، تهدف إسرائيل إلى تآكل الموقف الدفاعي الإيراني دون التصعيد إلى حرب واسعة النطاق.
وقال الكاتب إنه لا يمكن تجاهل دور الولايات المتحدة في تصرفات إسرائيل، حيث نصحتها على الأرجح بتجنب الضربات الاستفزازية للغاية. إلى ذلك، نشرت الولايات المتحدة أصولاً عسكرية مثل طائرات إف-16 في المنطقة، ما يشير إلى نيتها ردع أي تحركات انتقامية من إيران.
وسلط الكاتب الضوء على أربعة مسارات استراتيجية متاحة لإيران رداً على إسرائيل:
1. مضاعفة دعم الوكلاء: يمكن لإيران تعزيز استراتيجيتها الدفاعية الأمامية التقليدية من خلال إعادة تسليح حزب الله وحماس من أجل استعادة قوة الردع الموثوقة ضد إسرائيل، نظراً لخبرة حزب الله القتالية وترسانة الصواريخ الواسعة النطاق. ومع ذلك، فإن التحديات هنا تشمل اليقظة الإسرائيلية المتزايدة والجهات الفاعلة الإقليمية التي تعارض بشدة النفوذ الإيراني في لبنان وغزة.
Iran’s air defenses crumbled. Israel’s unprecedented strike deep in Iranian territory, though limited by Biden/Harris pressure - marks history as the first direct engagement with Iran since the Iran-Iraq War. Israel dominated Iranian airspace for over an hour - a major shift in… pic.twitter.com/266DxllfIH
— Aaron Cohen Official (@aacohenofficial) October 26, 2024
2. تعزيز القدرات العسكرية التقليدية: قد تسعى إيران إلى تحسين قدراتها العسكرية التقليدية من خلال الحصول على أنظمة متقدمة من دول مثل روسيا والصين. ورغم التكاليف العالية والتحديات اللوجستية لتحقيق ذلك، قد تهدف طهران إلى الحصول على دفاعات جوية أكثر تطوراً وتكنولوجيا الصواريخ الباليستية لصد الضربات الإسرائيلية المستقبلية.
3. تسريع الطموحات النووية: قد تفكر إيران في تسريع برنامجها النووي نظراً لاستعداد إسرائيل المتزايد لضرب أراضيها. فالردع النووي سيرفع المخاطر بشكل كبير بالنسبة لإسرائيل، مما يجعل أي ضربات أخرى أكثر خطورة. ومع ذلك، فإن هذا النهج يخاطر بردود فعل دولية عنيفة وضربات وقائية محتملة من قبل كل من إسرائيل والولايات المتحدة.
4. إعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل: الخيار الأقل احتمالاً هو أن تعيد إيران النظر في موقفها العدائي تجاه إسرائيل. فتخفيف حدة التوترات قد يساعد في الحد من الضغوط العسكرية وتمكين إيران من التركيز على التعافي الاقتصادي. ومع ذلك، يبدو أن مثل هذا التحول الجذري في السياسة غير مرجح في ظل النظام السياسي الحالي في إيران.
ولفت الكاتب النظر إلى الطبيعة الهشة للصراع الإسرائيلي الإيراني، حيث يمكن أن يؤدي سوء التقدير إلى مواجهة إقليمية أوسع نطاقاً، مشيراً إلى أن الضربات الإسرائيلية الاخيرة تعكس تحولاً كبيراً في دينامية القوة بين إسرائيل وإيران، ما يجبر البلدين على إعادة النظر في استراتيجياتيهما في مشهد إقليمي محفوف بالمخاطر على نحو متزايد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله إيران وإسرائيل حزب الله ومع ذلک من خلال
إقرأ أيضاً:
قمة الدفاع عن الوجود
كان لا بد من قمة عربية تبحث وتناقش وتخرج بحلول، لأنه لا وقت للانتظار، فالخطر داهم يطرق الأبواب، والتحديات كبيرة وخطيرة، والمنطقة دخلت مرحلة العواصف والزلازل المتتالية، ولا مناص بالتالي أمام العرب من أن تكون لهم كلمة تحدد مصيرهم ومستقبلهم في عالم يتغير سريعاً بعنف وبلا أقنعة ومن دون دبلوماسية وبلا ضوابط أو مجاملات وقفازات حريرية.
المنطقة مستهدفة بناسها وجغرافيتها وتاريخها وتراثها، والهجمة عليها باتت سافرة ومكتملة الأركان، والهدف شرق أوسط جديد، تختفي فيه معالم الأمة العربية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، لتحل محلها مكونات هجينة لا تمت للأمة العربية بصلة، ولا يربطها بأرضها أي رابط، ويتحول العرب فيها من أصحاب أرض وتاريخ وثقافة ودين وحضارة ممتدة آلاف السنين إلى «هنود حمر» القرن الحادي والعشرين.وإذا كانت القضية الفلسطينية، ومؤامرة تهجير الفلسطينيين من أرضهم، وتغيير الجغرافيا والديمغرافيا وتصفية وجودهم تأخذ العنوان الأبرز لهذه التحديات والمخاطر، إلا أن ما يجري على امتداد الجغرافيا العربية، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط من حروب واعتداءات وتوسع وأحاديث عن كانتونات و«فيدراليلات» وتسويق شعارات لحماية أقليات، وإعلانات فجة صادرة عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «الشرق الأوسط الذي نغيره» يؤكد أن المبضع بدأ عمله وأن الجسد العربي برمته بات على المشرحة.
نحن على مفترق طرق بين أن نكون أو لا نكون، لأننا أمام مشروع يتماهى بالمطلق مع اليمين الإسرائيلي المتطرف في استهداف العرب وحسم الصراع لمصلحة إسرائيل من خلال استخدام كل الوسائل الناعمة والخشنة لفرض حلول لن تكون في مصلحة العرب والفلسطينيين بأي حال، ولعل خطة تهجير فلسطينيي قطاع غزة إلى مصر والأردن والاستيلاء عليه مجرد بداية لمشاريع أخطر قد يكون من بينها الاعتراف بضم إسرائيل للضفة الغربية، والقضاء على فكرة حل الدولتين.
إن التئام القمة العربية الطارئة في القاهرة للرد على دعوات التهجير وإقرار الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة مع بقاء أهلها في أرضهم، هي قمة للدفاع عن الوجود والنفس والهوية العربية، وهي تأكيد على أن العرب بمقدورهم أن يأخذوا أمورهم بأيديهم ويحددوا الطريق التي يمكنهم سلوكها، وأن لديهم إمكانات وقدرات يمكن استثمارها لتحقيق أهدافهم.
أشارت الخطة إلى أن تكلفة إعادة إعمار غزة تبلغ 53 مليار دولار، وأن مرحلة التعافي المبكر تستمر ستة أشهر، وتكلف 3 مليارات دولار للمرافق والمساكن، وأن المرحلة الأولى من أعادة الإعمار تستمر عامين ونصف العام بتكلفة 30 مليار دولار، ويمكن إنشاء صندوق ائتماني دولي كآلية ويتم توجيه التعهدات المالية إليه، كما دعت إلى تنظيم مؤتمر دولي في القاهرة بأقرب وقت، من أجل حشد الدعم اللازم لإعمار غزة.
وأكد المقترح المصري الذي صار عربياً التمسك بحل الدولتين باعتباره يزيل سبب عدم الاستقرار والنزاعات في الشرق الأوسط، ويمهد لعلاقات طبيعية بين دول المنطقة وإسرائيل، وتضمن المقترح التعامل مع مسألة السلاح الفلسطيني عبر أفق واضح وعملية سياسية ذات مصداقية، وتشكيل لجنة دولية تتولى إدارة شؤون القطاع في مرحلة انتقالية لمدة ستة أشهر بقرار فلسطيني، مكونة من شخصيات تكنوقراط مستقلين تحت مظلة الحكومة الفلسطينية، كما أشارت الخطة المصرية إلى تدريب مصر والأردن لعناصر من الشرطة الفلسطينية لحفظ الأمن في القطاع، ما يمهد لاحقاً إلى عودة السلطة الفلسطينية من أجل إدارة غزة.
القمة لم ترفض فقط خطة التهجير بل قدمت بديلاً عربياً لها تأكيداً لقدرة العرب على مواجهة المؤامرات التي تستهدفهم.