تدريس العلوم الشرعيّة بين التّلقين وضعف النّقد والمحاكمة
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
الإلقاء والتلقين واعتبار أسلوب المحاضرة الإلقائيّة هو الأسلوب الأمثل لتلقّي العلوم؛ يعدّ من أكبر المشكلات التي يعاني منها تدريس العلوم الإنسانيّة في الجامعات عموما وفي الجامعات العربيّة على وجه الخصوص.
إنّ هيمنة التلقين وأسلوب المحاضرة الإلقائيّة يقتل في الطّالب الدّافعيّة للتّعلم ويجعله كماكينة التّسجيل التي يُلقى إليها وفيها ما يراد حفظه صمّا، كما أنّه يقتل فيه روح الإبداع والابتكار والتّجديد.
ثمّ إنّ الاعتماد بشكلٍ رئيسٍ على المحاضرة الإلقائيّة وغياب ورشات العمل التفاعليّة يقتل في الطلّاب روح التّعاون لتحقيق الإنجازات المشتركة والإجابة عن الأسئلة الضاغطة والقضايا المستجدة، وهذا التّعاون هو ما يحتاجه خريجو الكليّات الشرعيّة حين ينخرطون في العمل المجتمعيّ.
الاعتماد بشكلٍ رئيسٍ على المحاضرة الإلقائيّة وغياب ورشات العمل التفاعليّة يقتل في الطلّاب روح التّعاون لتحقيق الإنجازات المشتركة والإجابة عن الأسئلة الضاغطة والقضايا المستجدة
إنّ التلقين والمحاضرة الإلقائيّة أسلوبٌ يجعل من المدرّس محورا في عمليّة التّعليم والتّعلّم، بينما ينبغي أن يكون الطّالب هو المحور في هذه العمليّة عموما، لا سيما في كليّات الشّريعة إذا أردنا للمتخرّجين أن ينخرطوا في المجتمع ليكونوا أدوات تغيير وتأثير حقيقيّ، ويكونوا قادرين على التّعامل مع شرائح المجتمع المختلفة وقضاياهم الشائكة.
إنَّ الانتقال من أسلوب التّلقين والمحاضرة إلى أسلوب المشاركة مع الطلاب في الحوار التفاعليّ، أو المشاركة بين الطلاب في ورشات عمل، وتمليكهم مهارات الإنجاز المشترك في العمليّة التعليميّة؛ بحيث يشترك أطرافها كلّهم في تحضير المُدخلات وإنجاز المُخرجات وتقييمها وتقويمها؛ يغدو مطلبا مُلحّا للخروج من حالة التّكديس المعرفي التي يعانيها طلّاب العلوم الشرعيّة.
إنَّ الانتقال إلى أسلوب المشاركة بين الطّالب وأستاذه ابتداء من التحضير إلى التفاعل الحواريّ وصولا إلى التّقويم هو الذي يجعل خريج كلّية الشريعة قادرا على التّعامل الأمثل مع النّص الشرعي والعلوم والمعارف الشرعيّة في مواقف مجتمعيّة خارج أسوار الجامعة.
مع يقيننا أنّه لا يمكن لطالب العلوم الشرعيّة أن يستغني عن الحفظ على الإطلاق، بل لا يجوز له ذلك على الإطلاق، بل الحفظ ركيزة أساسيّة في التعليم الشرعيّ، إذ إنّ التمكّن من الحفظ والبراعة في الاستذكار والاستحضار هو البوّابة التي يلج منها طالب العلوم الشرعيّة إلى ميادين الإبداع.
غير أنّ الكارثة تكمن عند تخيّل أن الحفظ هو غاية ما على الطّالب الجامعيّ فعله؛ فيبقى الخرّيج عالقا عند قنطرة حفظ المتون والشّروح والمنظومات والكتب والمؤلّفات لا يجاوزها إلى غيرها لأنّه لا يملك أدوات المحاكمة والنّقد.
وهذا ما عبّر عنه الشّيخ محمّد عبده حين قيل له: إنّ فلانا حفظ صحيح البخاريّ؛ فقال: زادت نسخة من صحيح البخاري في البلد.
وكذلك نُقل مثل ذلك عن الشّيخ علي الطّنطاوي حين قيل له: إنّ فلانا حفظ القاموس المحيط؛ فقال: زادت نسخ القاموس المحيط نسخة.
بناء ملكة النقد والمحاكة المنهجيّة في رحاب الجامعة خيرٌ من التّخرّج بقدراتٍ نقديّة لا تؤهّل صاحبها للتعامل مع وقائع المجتمع. كما أنّه خير من ترك الخرّيج للشطط في المحاكمات غير المنضبطة بقواعد البحث العلمي عند اضطراره لفعل ذلك تحت ضغوط حاجة المجتمع
فليسَ في هذه الأقوال ذمّ لعمليّة الحفظ، بل هو ذمٌّ للتمحور حول الحفظ الذي يجعل طالب العلوم الشّرعيّة نسخة مصوّرة من الكتاب الذي يحفظه ليس أكثر.
فالمهمّ هو امتلاك أدوات النقد ومهارات الفهم والتّحليل والاستنباط في التعامل مع كتب التراث أو الكتب المعاصرة في التخصصات الشرعيّة المختلفة.
وقد تكون المبالغة في مطالبة الطلّاب بالحفظ "الفوتوكوبي" بهذا الشّكل مفهومة في أزمنةٍ سالفة حيث ندرة الكتب وقلّة النّسخ، لكنه لم يعد من المقبول أن تستمرّ المبالغة بالتمحور حول هذا الأسلوب إلى اليوم في عصر الإنترنت والاتصالات والتفجّر المعلوماتي؛ الذي يتطلّب الانتقال إلى تمليك الطلّاب مهارات التّعامل مع تدفق المعلومات التي ترتكز على أدوات البحث والمحاكمة النّقديّة، ومهارات التّحليل والاستنباط والاستدلال، والتّنزيل على الواقع تنزيلا لا تكلّف ولا شطط فيه.
إنّ وضع الأسوار حول التّراث العلميّ من جهة، ورسم الهالة حول الشّخصيّات العلميّة القديمة والمعاصرة حدّ القداسة؛ يحول دون امتلاك الطلّاب جرأة خوض غمار البحث الحقيقيّ القائم على القراءة النقديّة وإعمال العقل البحثي النقديّ في رحاب الجامعة.
إنّ بناء ملكة النقد والمحاكة المنهجيّة في رحاب الجامعة خيرٌ من التّخرّج بقدراتٍ نقديّة لا تؤهّل صاحبها للتعامل مع وقائع المجتمع. كما أنّه خير من ترك الخرّيج للشطط في المحاكمات غير المنضبطة بقواعد البحث العلمي عند اضطراره لفعل ذلك تحت ضغوط حاجة المجتمع في مرحلة ما بعد الجامعة.
x.com/muhammadkhm
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الجامعات التلقين الحفظ التعليم جامعات التعليم الحفظ العلوم الشرعية التلقين صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العلوم الشرعی ة العلوم الش یقتل فی
إقرأ أيضاً:
إنعقاد امتحان تأهيلي الدكتوراه للطلاب المتقدمين للقيد بكلية العلوم جامعة قناة السويس
انعقد امتحان تأهيلي الدكتوراه للطلاب المتقدمين للقيد بمرحلة الدكتوراة بكلية العلوم الرياضية بجامعة قناة السويس 2024-2025، وذلك تحت رعاية الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة والدكتور ناصر مندور رئيس الجامعة .
قال الدكتور ناصر مندور رئيس جامعة قناة السويس، أننا نسعى إلى الاستفادة من المشاريع البحثية لشباب الباحثين التي تقدم لتطوير منظومة العلوم الرياضية من خلال مشاريع تطبيقية يتم التسويق لها.
جاء ذلك خلال استقبال الدكتور ناصر مندور رئيس جامعة قناة السويس لأعضاء لجان امتحانات التأهيلي للدكتورة لكلية العلوم الرياضية.
وأضاف "مندور" أن اختبارات تأهيلي الدكتوراه تتميز بتنوع التخصصات الرياضية والتي تضيف و ترتقي بالمجالات الرياضية المختلفة.
وأكد الدكتور محمد سعد زغلول نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، أن طالب الدراسات العليا يحصل على دعم واهتمام الجامعة، لبناء كوادر تواكب احتياجات سوق العمل محليا وإقليميًا ودوليًا، مضيفا أننا نسعى إلى إتاحة التعليم للجميع دون تمييز وتحسين جودة نظم التعليم بما يتوافق مع النظم العالمية وتحسين تنافسية نظم ومخرجات التعليم وربط الخريج بسوق العمل عن طريق تطوير المناهج.
شهد اللقاء الدكتور محمد عبد النعيم نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، والدكتور ماجد العزازي عميد كلية العلوم الرياضية، والدكتورة هناء شبيب وكيل الكلية لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمود شعيب منسق عام الأنشطة الطلابية.
وأشار الدكتور ماجد العزازى عميد كلية العلوم الرياضية، إلى أن الكلية تقدم أسلوب دراسى أكاديمي متميز يعمل على تنمية المهارات والمواهب وشخصية متكاملة للطالب، مشيراً أن امتحان تأهيلى الدكتورة عقد لـ 28 طالبا قام بإختبارهم كوكبة من أعلام كليات العلوم الرياضية على مستوى الجامعات المصرية تضم كل من: الدكتور كمال درويش رئيس نادي الزمالك الأسبق ورئيس اللجنة العلمية بوزارة الشباب والرياضة، والدكتور حسين السمري رئيس قطاع علوم الرياضة، والدكتور محمد صبحي حسانين نائب رئيس جامعة حلوان الأسبق ومستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي للانشطة الطلابية، والدكتور فتحي ندا نقيب المهن الرياضية وأستاذ علوم الصحة جامعة طنطا، وعمداء كليات علوم الرياضة وأساتذة علوم الرياضة.
وبعد اللقاء توجه الأساتذة لمباشرة اللجان التي أقيمت داخل أربع لجان بمقر مبنى رئاسة الجامعة، وقاعات ال VIP بقاعة المؤتمرات الكبرى بالجامعة.