رشا عوض

بدأت المؤامرة ضد ولاية الجزيرة بتيسير دخول قوات الدعم السريع إليها بمساعدة غواصة الجيش كيكل!

 لماذا؟

لأن ارتكاب هذه القوات لانتهاكات كبيرة كان هو الراجح بحكم سلوكها المعتاد!

وبما أن الكتلة السكانية في الولاية كبيرة، كان يخطط الكيزان لاستخدام الانتهاكات لتعبئة واستنفار مواطني الجزيرة للانخراط في قتال الدعم السريع قتالا شرسا، خصوصا أن الكيزان لديهم وجود كثيف ومنظم في غرب الجزيرة ولديهم عناصر مسلحة،

فكانت الخطة أن تجد عناصر الكيزان المسلحة سندا قتاليا من المواطنين العاديين في منطقة كثيفة السكان، وتعتبر حاضنة اجتماعية للجيش، وبالتالي من السهل جدا أن تكبد الدعم السريع هزيمة ساحقة، وتطرده شر طردة، وتشيعه بلعنات سكان الوسط.

لماذا فشلت هذه الخطة فشلا ذريعا؟!

فشلت لأن غالبية مواطني ولاية الجزيرة “اعتزلوا فتنة الحرب” ونزحوا بأعداد كبيرة إلى ولايات أخرى، وحتى من تبقى منهم فعل ذلك لظروفه الخاصة، وليس من أجل الانخراط في القتال!

باختصار خاض الكيزان معركتهم في غرب الجزيرة دون سند شعبي بالمستوى الذي خططوا له، وكالعادة لم يستوعبوا الدرس الصحيح من ذلك!

 وهو باختصار شديد: الشعب السوداني في الغالب الأعم لا يريد الحرب، وغير مستعد للاستبسال في معركة صراع سلطة قذر وتافه، فالحرب فاقدة للبعد الوطني مهما اجتهدت الأبواق الإعلامية في الخداع والتضليل والمزايدات!

أعداد غفيرة من الشباب السوداني القادر على حمل السلاح محتشدة أمام مكاتب استخراج جوازات السفر وتوثيق الشهادات، وليس أمام معسكرات التجنيد! فضلا عن ملايين النازحين واللاجئين الذين صوتوا بأقدامهم ضد الحرب وهربوا من جحيمها إلى الدول المجاورة رغم أنف الكيزان والبلابسة!

لهذه الأسباب، قررت العصابة “العسكركيزانية” معاقبة مواطن الجزيرة بمؤامرة جديدة عبر مسرحية استسلام كيكل للجيش! التي تمت بخفة وعدم تحسب للعواقب يدل على أن هناك قصداً لفتح الولاية على موجة عنيفة من الانتهاكات لخدمة مؤامرتين في آن واحد: الأولى تعميق الكراهية العرقية وتغذية الرغبة في فصل دارفور، والثانية: إفراغ الجزيرة من سكانها لتسهيل عملية الاستيلاء على “مشروع الجزيرة” الذي يسيل له لعاب سماسرة الداخل والخارج!.

لا يمكن تفسير ما يحدث إلا في سياق وجود مؤامرة خبيثة على هذه الولاية المنكوبة: هجوم على تمبول ثم احتفالات استفزازية، ثم هزيمة للجيش ثم إعلان البرهان عن تسليح المواطنين على أساس قبلي.

وأصلاً قبل خطاب البرهان تم توزيع سلاح بكثافة على المواطنين تحت لافتة ما يسمى بالمقاومة الشعبية بواسطة كيكل، النتيجة الحتمية لهذا السناريو الخبيث هي المأساة التي تابعنا فصولها في شرق الجزيرة الأيام الماضية: مواطنون مسلحون بأسلحة خفيفة ولا خبرة قتالية لهم والجيش انسحب وكشف ظهرهم تاركا لهم في مواجهة قوات مدربة ومسلحة تسليحا ثقيلا وشهيتها مفتوحة للسلب والنهب والقتل في ظل تعبئة عرقية وجهوية، النتيجة كانت قتلا بالجملة وانتهاكات فظيعة تستخدمها الآلة الإعلامية في التعبئة لتقسيم البلاد!.

وها هي موجة نزوح جديدة تنطلق من شرق الجزيرة أسوة بالموجة الأولى من غرب الجزيرة!!

والجيش بدلا من أن يعاود الهجوم على قوات الدعم السريع في الجزيرة ليخفف وطأة الانتهاكات ذهب إلى السوكي والدندر التي انسحب منها الدعم السريع دون قتال، وانخرط الجيش بدوره في انتهاكات ضد المواطنين هناك على أسس قبلية وعرقية! فكل من ينتمي إلى دارفور أو جنوب كردفان يتم التعامل معه على أساس أنه متعاون مع الدعم السريع.!

وفي الجزيرة لم تقتصر التعبئة العرقية على الدعم السريع، بل تفرعت تعبئة أخرى ضد سكان الكنابي وصلت درجة قتل أعداد منهم بطرق بشعة على أيدي ما يسمى بالمقاومة الشعبية!

كأنهم يعملون في انسجام من أجل تقسيم البلاد! وأي تقسيم يحتاج تعبئة عنصرية مكثفة تنتج عنها مذابح جماعية كبيرة تجعل المواطنين يكفرون تماما بإمكانية العيش المشترك!

ما يفعله الدعم السريع من انتهاكات ضد المدنيين الذين لا يحملون السلاح واستباحته لمواطنين أبرياء ليسوا طرفا في الصراع مثلما فعل في الجزيرة يخدم اتجاه التقسيم، وما يفعله الجيش وما يسمى قوات العمل الخاص من انتهاكات ضد المواطنين العزل المنتمين إلى قبائل دارفور وكردفان في الشمالية ونهر النيل تحت بدعة قانون الوجوه الغريبة وما فعله في الدندر والسوكي يصب في ذات الاتجاه.

أخطر ما في مشروع التقسيم الجديد للسودان هو أنه سيكون مصحوبا بالتطهير العرقي في طول البلاد وعرضها، دخول حركتي مناوي وجبريل إلى الحرب وما صحب معارك الفاشر من شراسة ومجازر، وما حدث قبل ذلك في الجنينة مؤشر؛ لأن دارفور حال انفصالها ستكون ساحة حرب أهلية بين مكوناتها القبلية المختلفة.

ومن ينحدرون من قبائل دارفور لهم وجود كثيف في الشمال والجزيرة والخرطوم وشرق السودان، وخطاب الكراهية التحريضي الخبيث ضد سكان الكنابي وضد سكان الأحزمة الفقيرة حول المدن مؤشر لمجازر محتملة.

وبالنسبة للعصابة الكيزانية التي تظن أن التقسيم يفتح لها باب سلطة مستدامة على جزء من السودان لماذا لا تسترجع ما حدث لها بعد انفصال جنوب السودان؟ ألم تسقط بثورة ديسمبر؟ وما الضمان أن لا تسقط مجددا في دولة البحر والنهر؟

إن الوحدة الوطنية في السودان ليست مجرد نزوع عاطفي لدى البعض، بل هي قضية حياة أو موت لملايين السكان فاين هو خطابنا الفكري والسياسي لهذه القضية؟ أين اصطفاف الفنانين والشعراء والأدباء ورجال الإدارات الأهلية وشيوخ الطرق الصوفية للتصدي الصارم لخطاب الكراهية واستنهاض وشائج الوصال بين السودانيين وما أكثرها؟

أين استكشافنا العميق لما يدور في كواليس المجتمع الدولي والإقليمي حول مصيرنا وأين خططنا الواقعية لدرء كل ما يهدد وجودنا ومصالحنا في مطابخ السياسة الإقليمية والدولية؟

الوسومرشا عوض

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: رشا عوض الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

المجاعة تُهدد أكثر من «8» آلاف لاجئ جنوب سوداني في ولاية سودانية

 

يواجه أكثر من «8» ألف لاجئي جنوب سوداني بمحلية عديلة في ولاية شرق دارفور السودانية باقليم دارفور، هذه الأيام شبح المجاعة والعطش ونقص الخدمات الصحية. 

عديلة ــ التغيير

وأكد الناشط المدني بمنطقة عديلة محمد الضوء اسكولا لـ «راديو تمازج»، أن لاجئي دولة جنوب السودان بالمدينة يعيشون أوضاعا مأساوية نتيجة لانعدام الغذاء والدواء في ظل غياب تام لمنظمات الإغاثة العالمية والمحلية.

وأشار إسكولا إلى أن اللاجئين يقيمون في مخيمين رئيسين، يضم  الأول الذي يقع شمال المدينة «4800» لاجئي، بينما يضم المخيم الثاني يقع جنوب المدينة «2600» لاجئي.

قال إسكولا أن لاجئي جنوب السودان بالمخيمين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة.

من جانبه أكد السلطان تونق، إحدى القيادات الأهلية بالمخيم الرئيسي أن اللاجئين يعانون الجوع والعطش، ويعيشون وضعا صعبا للغاية.

وقال تونق إن أوضاعهم تفاقمت منذ اندلاع الحرب في السودان إلى أن وصلت هذه المرحلة الخطيرة.

وأضاف اللاجئ بالمخيم دينق وت اكود «نحن تعبانين شديداً من الجوع ونقص العلاج، ولكننا بخير من ناحية الأوضاع الأمنية».

وبعث رسالة تطمين إلى أهله في جنوب السودان إنهم عائشون وعلى قيد الحياة.

وكان قد أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف» انتشار المجاعة في مخيم زمزم للنازحين بمدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور.

ويعني إعلان المجاعة هذا، أن مستوى انعدام الأمن الغذائي وصل إلى المرحلة الخامسة وهي المرحلة الأخطر التي تصنف بالكارثية، وفقاً للمعايير التي وضعتها الأمم المتحدة.

وقد تم هذا الإعلان استناداً على تقرير “لجنة مراجعة المجاعة” التابعة للأمم المتحدة، وهي الجهة الوحيدة المخول لها بالتحقق من شروط المجاعة والإعلان عنها.

الوسومالمجاعة جنوب سودانيين شرق دارفور لاجئين

مقالات مشابهة

  • الخارجية السودانية تندد بالمساعي الكينية لاحتضان حكومة موازية بقيادة “الدعم السريع”
  • ثالث دولة عربية تعلن رفضها دعوات تشكيل حكومة موازية فى السودان للدعم السريع
  • شهادات ميدانية: الدعم السريع ترتكب أعمال قتل ونهب بالفاشر
  • المجاعة تُهدد أكثر من «8» آلاف لاجئ جنوب سوداني في ولاية سودانية
  • المجاعة تُهدد أكثر من «8» ألف لاجئ جنوب سوداني في ولاية سودانية
  • ثاني دولة عربية تعلن رفضها تشكيل حكومة سودانية موازية بقيادة الدعم السريع
  • الجيش السوداني يتقدم أكثر باتجاه العاصمة و مقتل 10 من مليشيات الدعم السريع
  • مقتل 10 من الدعم السريع والجيش يتقدم في محاور القتال شرقي الخرطوم
  • الجيش السوداني يقصف مواقع الدعم السريع في الخرطوم وشمالي الأبيّض
  • قوات الدعم السريع تسعى للحصول على الشرعية الدبلوماسية والأسلحة من خلال حكومة موازية