وزير الدفاع الألماني يوجه بعودة سفنه الحربية عن طريق الرجاء صالح تجنبا لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
قال موقع متخصص بالأخبار البحرية إن البحر الأحمر أصبح الآن خطيرًا لدرجة أن سفن الناتو الحربية تتجنبه، جراء الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على سفن الشحن منذ نوفمبر الماضي.
وقال موقع (gCaptain) في تحليل للكاتب جون كونراد وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن البحر الأحمر، أحد أكثر الممرات المائية ازدحامًا وحيوية من الناحية الاستراتيجية في العالم، أصبح خطيرًا للغاية لدرجة أن البحرية الألمانية تتجنبه.
وأشار إلى قرار وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس بإعادة توجيه الفرقاطة بادن فورتمبيرج وسفينة الدعم فرانكفورت أم ماين حول رأس الرجاء الصالح عند عودتهما من مهمة في المحيطين الهندي والهادئ، تجنبا لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر وباب المندب.
وبحسب التحليل فإن البحر الأحمر الآن يعتبر خطيرًا للغاية، مما يؤكد مدى عدم فعالية الحماية البحرية الحالية للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في هذه المنطقة.
وقال "لأشهر، نشرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قوات لتأمين ممرات الشحن في البحر الأحمر. ومع ذلك، يواصل المتمردون الحوثيون، المجهزون والمدعومون من إيران، مضايقة ومهاجمة السفن تحت ستار "التضامن" مع القوات الفلسطينية في غزة.
وتكشف التقارير عن امتداد هجمات الحوثيين إلى المحيط الهندي وحتى البحر الأبيض المتوسط، وهو انتشار يوضح قدرتهم المتزايدة وقدرتهم على التكيف.
ووفقا للتحليل فإن قائد بعثة الاتحاد الأوروبي أسبيدس حذر من تصاعد الخطر لكنه يفتقر إلى السفن والموارد اللازمة للاستجابة بشكل مناسب.
وتابع "تواصل البحرية الأمريكية إرسال السفن الحربية عبر البحر الأحمر، لكن مهمتها لحماية السفن التجارية، مشيرا إلى أن -عملية حارس الرخاء - تعتبر فاشلة من قبل العديد من الخبراء البحريين الذين أجرينا معهم مقابلات، وقد تضاءلت بشكل كبير في نطاقها وحجمها.
وأردف "نتيجة لذلك، اختارت حتى العديد من السفن التجارية التي تحمل العلم الأمريكي - والتي تلتزم البحرية الأمريكية بحمايتها بموجب القانون - تحويل مساراتها حول إفريقيا".
يضيف "لقد كان التأثير مدمرا. حيث تقوم خطوط الشحن الرئيسية بإعادة توجيه مساراتها لتجنب البحر الأحمر بالكامل، مما يؤدي إلى تعطيل سلاسل التوريد وزيادة تكاليف النقل على مستوى العالم".
وأكد أن القرار الألماني بتجاوز البحر الأحمر - مما أدى إلى إطالة الرحلة بآلاف الأميال - يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار للأقلية من أصحاب السفن الذين ما زالوا يعبرون البحر الأحمر.
وطبقا للتحليل فإن هذا الوضع يسلط الضوء القاسي على عقود من الإنفاق غير الكافي على الدفاع البحري بين أعضاء حلف شمال الأطلسي، وخاصة في أوروبا. في مواجهة التحديات البحرية من منطقة المحيطين الهندي والهادئ إلى الشرق الأوسط، تجد الدول الأوروبية - ناهيك عن حليفتها في أمريكا الشمالية كندا، التي سمحت لبحريتها بالتقلص إلى حجم صغير بشكل مثير للقلق - نفسها متوترة، تكافح لنشر السفن الحربية حيث تشتد الحاجة إليها.
واستدرك التحليل "إن الفشل في الاستثمار في القوات البحرية القوية، والتفضيل لإنفاق ميزانيات دفاعية صغيرة على قدرات الجيش، ترك القوات البحرية الغربية بموارد غير كافية لمواجهة حتى التهديدات البسيطة مثل الحوثيين بشكل فعال".
وذكر أنه مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتحول الطرق البحرية التقليدية إلى مناطق حرب، فإن إعادة التوجيه هذه تمثل نقطة تحول. وما لم يبدأ حلفاء الناتو في معالجة هذه الفجوات من خلال الاستثمار في الأصول البحرية، والاستراتيجيات البحرية الحديثة، والأنظمة على متن السفن التجارية القادرة على الدفاع ضد الطائرات بدون طيار والصواريخ، فإن مستقبل الممرات الملاحية العالمية الآمنة يظل موضع تساؤل".
وخلص الكاتب جون كونراد في تحليله إلى السؤال الأوسع نطاقا أكثر وضوحا: إذا لم يتمكن الناتو من إرسال السفن الحربية لمواجهة الحوثيين، فكيف يمكنه البقاء في حرب ضد خصم أكبر مثل الصين؟
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن حلف الناتو البحر الأحمر الحوثي الملاحة الدولية
إقرأ أيضاً:
كيف أعاد اليمن تشكيل معادلات البحر الأحمر وأربك إسرائيل وحلفاءها دعماً لغزة؟
يمانيون/ كتابات/ ماجد حميد الكحلاني
في ظل تحولات إقليمية ودولية عميقة، فرض اليمن حضوره كقوة مؤثرة في البحر الأحمر، ليفاجئ العالم بقدرته على تغيير قواعد الأشتباك والمعركة.
مع انطلاق معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر 2023، بدأ اليمن بتنفيذ عمليات عسكرية نوعية أربكت الاحتلال الإسرائيلي وحلفاءه وأثّرت بشكل مباشر على الملاحة البحرية في المنطقة.
هذه العمليات لم تكن مجرد ردود أفعال عشوائية، بل كانت استراتيجيات مدروسة أظهرت أن اليمن، رغم العدوان والحصار، قادر على إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري في المنطقة، داعماً غزة ومحور المقاومة، وموجهاً رسائل قوية للخصوم.
حين أعلن رئيس المجلس السياسي الأعلى، المشير مهدي المشاط، أن اليمن نجح في فرض حظر كامل على السفن المرتبطة بالكيان الإسرائيلي، لم يكن ذلك مجرد خطاب بروتوكولي. فالشركات العالمية، مثل “ميرسك” و”هاباج لويد”، سارعت إلى تصديق هذا الإعلان بعد أن أصبحت الملاحة في البحر الأحمر خطراً كبيراً.
وأكدت التحذيرات الأمنية والتقارير الدولية أن السفن تواجه تهديدات حقيقية في هذا الممر الحيوي. وقال متحدث باسم “ميرسك”: “الوضع في البحر الأحمر لم يعد آمناً. اضطررنا إلى تحويل مساراتنا إلى طرق أطول وأكثر تكلفة”.
تأثير هذه العمليات تجاوز حدود البحر الأحمر، حيث عانت إسرائيل من عزلة اقتصادية غير مسبوقة. صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية وصفت الوضع بقولها: “ميناء أم الرشراش (إيلات) أصبح شبه معزول، والسياحة تراجعت بشكل كبير، فيما يخيم القلق والخوف على المدينة”.. فيما أكد البنك المركزي المصري انخفاض إيرادات قناة السويس بنسبة 61.2% بين يوليو وسبتمبر 2024، بسبب توقف السفن الإسرائيلية وحلفائها عن استخدام هذا الممر البحري.
ما يزيد الصورة وضوحاً هو تصريحات شركات الملاحة العالمية، حيث أكدت “هاباج لويد” الألمانية أن المخاطر المرتبطة بالهجمات اليمنية جعلت البحر الأحمر منطقة يصعب على السفن التحرك فيها بأمان. هذه المخاوف دفعت خطوط الشحن العالمية إلى انتظار “ضوء أخضر” من اليمن لإعادة الحركة إلى طبيعتها، مما يعكس مدى التأثير المباشر للعمليات اليمنية على الاقتصاد العالمي.
المواجهة لم تقتصر على السفن التجارية فقط، بل امتدت لتشمل حاملات الطائرات الأمريكية التي طالما اعتبرت رمزاً للهيمنة العسكرية. القوات المسلحة اليمنية، وفقاً لما ذكره السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير حول مستجدات العدوان الإسرائيلي على غزة وآخر التطورات الإقليمية والدولية مساء الخميس١٦ يناير ، نجحت في إخراج حاملات الطائرات الأمريكية “روزفلت” و”لينكولن” من المعادلة، بينما أصبحت “ترومان” مجرد سفينة هاربة في عرض البحر، تتجنب الاقتراب من السواحل اليمنية بأكثر من ألف كيلومتر. وأكد الحوثي أن “الأمريكيين الذين اعتادوا تهديد العالم، وجدوا أنفسهم يهربون من المواجهة، ويطوّرون تكتيكات للهروب بدلاً من الهجوم”.
حالة الخوف والارتباك لم تقتصر على الأمريكيين، بل امتدت إلى الأوروبيين. فرقاطة “هيدرا” اليونانية، التي شاركت في المهمة البحرية الأوروبية، وصفت مهمتها بأنها أشبه بـ”العودة من الجحيم”، حيث أطلق طاقمها النار على النجوم ظناً أنها طائرات مسيرة يمنية، في مشهد يعكس حالة الرعب التي أحدثتها العمليات اليمنية.
ورغم كل المحاولات الدولية لاحتواء الوضع، إلا أن الأثر السياسي للعمليات اليمنية كان واضحاً. حيث لم يقتصر دعم اليمن للقضية الفلسطينية على الشعارات لحسب، بل امتد إلى عمليات عسكرية غيّرت قواعد المواجهة.
وأوضح السيد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير أن “الملاحة الإسرائيلية لن تكون آمنة طالما استمر الاحتلال، وأن الشعب اليمني، رغم العدوان، لن يتخلى عن دوره في معركة الأمة”.
تداعيات هذه العمليات دفعت إسرائيل إلى الاعتراف بفشلها في حماية ممراتها البحرية. صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية قالت بوضوح: “الحوثيون هم من يقررون متى وأين تبدأ الهجمات. إسرائيل لم تعد تمتلك حرية الحركة، سواء في البحر أو الجو”.
حتى الرئيس الأمريكي المنتهيه ولايته جو بايدن، في محاولة يائسة لتهدئة الوضع، أقرّ بصعوبة حماية السفن في البحر الأحمر، قائلاً: “رغم حشدنا لأكثر من 20 دولة، إلا أننا نواجه تحدياً حقيقياً بسبب الهجمات اليمنية المستمرة”.
في نهاية المطاف، بات واضحاً أن البحر الأحمر لم يعد كما كان. اليمن، الذي اعتقد كثيرون أنه منشغل بعدوان داخلي وحصار خارجي، أثبت أنه لاعب محوري في المنطقة، قادر على إرباك أكبر القوى العالمية.
هذه العمليات حملت رسالة واضحة: لا أمان لإسرائيل في البر أو البحر، والمقاومة قادرة على قلب الموازين، مهما بلغت التحديات.
اليمن العزيز، الذي تحول إلى حجر عثرة في وجه الهيمنة الإسرائيلية والغربية، أعاد تعريف مفاهيم الصراع في البحر الأحمر. هذا البحر، الذي كان يوماً منطقة نفوذ مفتوحة للقوى الكبرى، أصبح اليوم رمزاً لصمود شعب يؤمن بعدالة قضيته. ومع استمرار العمليات، يبدو أن الهيمنة الغربية في هذا الممر الحيوي باتت على المحك، فيما يواصل اليمن كتابة فصول جديدة في معركة التحرر والنضال من أجل الأمة.