تستمر حرب الإبادة الإسرائيلية لأكثر من عام على قطاع غزة، مخلفة العديد من الأبعاد والأزمات الإنسانية التي تتجاوز القتل المتعمد للمدنيين واستهداف المستشفيات، إلى تدمير بنية المجتمع الأساسية وتشتيت العائلات دون أمل واضح قرب بلم شملها.

وجاء في تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" أن المواطن الفلسطيني محمد الوحيدي لم يلتق بطفله الصغير قط، فالرجل البالغ من العمر 40 عاما محاصر في جنوب غزة، وزوجته، رؤى السقا، 32 عاما، عالقة في الشمال المحاصر.

 

وكان يوم 13 تشرين الأول/ أكتوبر يمثل مرور عام على انفصال الزوجين القسري، وكان يوم 18 تشرين الأول/ أكتوبر ليوافق عيد الميلاد الأول لابنهما نوح الذي استشهد في آب/ أغسطس بسبب مشكلة في القلب، كما قال والداه.

كتب الوحيدي في رسالة أخيرة إلى نوح، والتي شاركها مع الصحيفة الأمريكية: "لم أشهد ولادتك ولم أتمكن من حضور وداعك الأخير، فكل لحظة معك كانت حلما لم يتحقق".

وقالت الصحيفة إنه "بعد مرور أكثر من عام على الحرب التي تشنها إسرائيل لطرد حماس، لا تزال العديد من الأسر الفلسطينية منقسمة بسبب ممر نتساريم الإستراتيجي العسكري، والذي يقطع قطاع غزة إلى نصفين. في الأيام الأولى من الصراع، اتخذ الآباء والأزواج والزوجات قرارات سريعة حول المكان الذي يفرون إليه، ولم يتوقعوا قط أن يستمر القتال لفترة طويلة، والآن يخشى البعض أن يصبح الانفصال بينهم دائما".


وأضافت أن "القوات الإسرائيلية تسيطر على كل حركة الدخول والخروج من غزة، وكذلك داخل الجيب، وفي العام الماضي، أجبر الجيش أكثر من مليون فلسطيني يعيشون في الشمال على الانتقال جنوبا، حيث احتشدوا في مدن الخيام على طول الحدود المصرية".

وذكرت أنه "عندما اقتحمت القوات مدينة رفح، فرت الأسر مرة أخرى، وكثير منهم إلى منطقة ساحلية مهجورة تسمى المواصي، أو إلى مناطق أكثر مركزية، لكن إسرائيل منعتهم من العودة إلى الشمال".
وبينت أنه "بالنسبة لأولئك الذين لم يغادروا قط، أصبح الوضع أكثر يأسا، وتقدر الأمم المتحدة أن 400 ألف شخص ما زالوا يعيشون في المدن والمخيمات التي تعرضت للقصف في الشمال. ويعتقد أن حوالي نصفهم من الأطفال".

وتعد عودة الأسر الفلسطينية إلى هذه المجتمعات هي مطلب أساسي لحركة حماس في مفاوضات وقف إطلاق النار المتوقفة والمتعثرة منذ شهور.

ويبدو هذا الاحتمال الآن بعيدا بشكل متزايد، وخاصة بعد أن شنت قوات الاحتلال هجوما آخر في المنطقة هذا الشهر، والذي تقول إنه يهدف إلى "منع مقاتلي حماس من إعادة تجميع صفوفهم".

ويزعم جيش الاحتلال إن "200 مسلح تم القبض عليهم منذ بدء العملية وتم إجلاء عدد كبير من الفلسطينيين إلى مناطق أكثر أمانا"، على الرغم من أن شهود العيان وعمال الإنقاذ يقولون إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على الأشخاص الذين حاولوا الفرار.

وقد أدى الهجوم إلى زيادة المخاوف بشأن التنفيذ المحتمل للاقتراح الإسرائيلي المثير للجدل - المعروف باسم "خطة الجنرالات" - لإفراغ الشمال من المدنيين وتجويع أو إطلاق النار على أولئك الذين لا يغادرون. 

والثلاثاء، قال جورجيوس بيتروبولوس المسؤول في الأمم المتحدة إن الظروف هناك "أكثر من كارثية".

 وتنفي "إسرائيل" رسميا أنها تنفذ خطة الحصار، التي يدفع بها بعض أعضاء حكومتها اليمينية المتطرفة، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفض طلبات الولايات المتحدة بالتنصل منها علنا.

قالت السقا عبر الهاتف: "أخشى أن يكرر التاريخ نفسه، كما حدث مع أسلافنا في عام 1948"،  في إشارة إلى الطرد الجماعي للفلسطينيين من منازلهم أثناء قيام دولة الاحتلال، لكنها لا تزال متمسكة بالأمل، كما قالت، "بأن يتم إزالة هذه الحواجز وأن يتمكن الجميع من العودة".

وكانت السقا في أواخر أيام حملها بحيث لم يكن بإمكانها الانتقال بعيدا عن مدينة غزة عندما بدأت الحرب في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وفي عجلة من أمرها لإيصالها إلى بر الأمان، انفصلت عن زوجها الذي وصل إلى رفح، وذهبت هي مع أختها إلى منطقة الزوايدة في وسط القطاع، وفي أقل من أسبوع عادت إلى مدينة غزة بعد وفاة والدها هناك بالسرطان، وهناك ولد نوح في 18 تشرين الأول/ أكتوبر.

وأرادت السقا أن يكون زوجها معها، لكن الانتقال شمالا كان خطيرا للغاية بالنسبة له، بعدما حذر جيش الاحتلال سكان غزة من ذلك، ومن ثم أقام حاجز عسكري في نتساريم لفحص العائلات المتجهة جنوبا ومنع الناس من الذهاب شمالا.

ولكن هناك من حاول رغم ذلك: فقد تطلبت الرحلة ساعات من المشي، بينما أكد شهود عيان أن الجثث كانت موجودة على طول الطريق، ولم يسمع أحد عن بعضهم مرة أخرى، أو اعتقلتهم القوات الإسرائيلية أو قُتلوا على الطريق.

وقضت السقا الأشهر القليلة الأولى من الحرب مع نوح هربا من القصف والقوات البرية الإسرائيلية، بينما وُلد الطفل بمشكلة صحية في الحاجز البطيني، أو ثقب كبير في قلبه، وقال الأطباء إنه بحاجة إلى إجراء عملية جراحية في الخارج، وفقا لوثيقة تمت مشاركتها مع صحيفة واشنطن بوست، توفي قبل أن يتمكنوا من إيجاد طريقة لإخراجه من أجل العلاج.

يعزّي الزوجان الحزينان بعضهما البعض بالقول إنهما سيجتمعان مرة أخرى ذات يوم، لكن حلم  محمد الوحيدي في لم شمله مع زوجته قد خفت، وهو يعيش الآن في خيمة مشتركة في مخيم شاطئي مؤقت في منطقة المواصي الغربية.

وفي قصة أخرى، كانت ماجدة صباح، 32 عاما، في بداية حملها عندما بدأت الحرب، ومع تكثيف القصف، غادرت جباليا مع ابنتها البالغة من العمر 5 سنوات، شام، وبقي زوجها محمد المنيراوي، وهو صحفي محلي، للعمل وحماية منزل العائلة.


ولم يحضر المنيراوي، 35 عاما، ولادة ابنته ليلى، التي تبلغ من العمر الآن 4 أشهر، وقال إنه سرعان ما أصبح حتى التواصل مع زوجته وابنته الصغيرة عبر الهاتف "يتطلب معجزة". فقد ألحق القصف الإسرائيلي أضرارا جسيمة بشبكات الهاتف الخلوي والرقمي، وهو يمشي مسافات طويلة للعثور على الكهرباء والإشارة.

قال إن شام تسأله عندما يتمكنان من الاتصال: "متى تنتهي الحرب يا أبي؟ . متى ستأتي إلينا؟ متى سنعود إلى جباليا؟".. منيراوي لا يعرف.

ويتذكر المنيراوي أنه كان شغوفا بصباح عندما كانت حاملا بابنتهما الأولى، بينما أمضت حملها الثاني هاربة، في سلسلة من الخيام، غالبا جائعة وبدون رعاية طبية، وخلالها أرسلت إلى زوجها صورا لبطنها المتضخم.

 قال الزوج: "لقد جعلتني الصور أشعر بالضعف والعجز لدرجة أنني لم أستطع حتى أن أشاركها هذا".

وتحملت صباح جولات عديدة من النزوح. فهربت أولا إلى مدينة غزة، ثم إلى وسط النصيرات، حيث تعيش أختها، واستجابت للأوامر الإسرائيلية بالتحرك جنوبا، إلى خان يونس ثم إلى رفح. عندما غزت القوات الإسرائيلية بلدة الحدود، عادت هي وشام، منهكتين، إلى النصيرات.

قال المنيراوي: "لدينا العديد من المخاوف، أولها وأهمها هو أننا لن نلتقي مرة أخرى".

أما نور الهدى، 31 عاما، أم لطفلين من مدينة غزة، قضت الأشهر العشرة الأولى من الحرب وهي يائسة  من رؤية ابنتيها اللتين تقطعت بهما السبل في الشمال.

هدى مطلقة، وكانت سعاد، 12 عاما، وسوار صالح، 10 أعوام، تقيمان مع والدهما عندما اندلعت الحرب. وفي الاضطرابات الأولية، فرت هدى إلى الزوايدة، في وسط القطاع. وعندما انقطعت خطوط الهاتف، فقدت الاتصال بطفلتيها.

شعرت وكأنها "جسد بلا روح"، كما قالت هدى لصحيفة واشنطن بوست عبر الهاتف.

وفي أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، خلال فترة توقف إنسانية استمرت أسبوعا، حاولت العودة إلى مدينة غزة. وقالت إن الإسرائيليين "منعوا أي شخص من الذهاب، وقالوا [لمن يحاول] إنك ستقتل". ورفض زوجها السابق مغادرة منزله.

ولأربعة أيام مظلمة في أوائل كانون الأول/ ديسمبر، اعتقدت أن سعاد وسوار قد ماتتا. وقالت إن ضربة أصابت منزل والدهما في الخامس من كانون الأول/ ديسمبر، مما أدى إلى استشهاده مع تسعة بالغين آخرين وثلاثة أطفال.

ولقد شعرت بفرحة غامرة عندما اتصل بها أحد أقاربها أخيرا ليقول إن الفتاتين تم انتشالهن من تحت الأنقاض، على الرغم من أن سعاد أصيبت بجروح وكانت تتلقى العلاج في المستشفى الأهلي. 

وقالت إنها فقدت الاتصال بالفتيات مرة أخرى عندما حاصرت القوات الإسرائيلية المستشفى في وقت لاحق من ذلك الشهر، ومرة أخرى في كانون الثاني/ يناير عندما ضربت غارة المدرسة التي كانتا تحتميان بها.

وقالت عن الوقت الذي قضته بعيدا: "كان قلبي وعقلي وأفكاري ومشاعري هناك في شمال قطاع غزة. في كل مرة كنت أتناول فيها شيئا، كنت أتذكر أن فتياتي تعيشان في مجاعة هناك، لذلك توقفت عن الأكل، وواصلت المحاولة كل يوم للوصول إليهن".

في السادس من آب/ أغسطس، بعد أشهر من الحزن، كانت فتياتها ضمن مجموعة من القاصرات غير المصحوبات بذويهن في الشمال الذين اجتمعوا مع عائلاتهم في الجنوب. 

وقال سليم عويس، مسؤول الاتصالات في اليونيسف، وكالة الأمم المتحدة للطفولة، إن المنظمة ساعدت في تسهيل لم شمل 33 طفلا على الأقل، وتعمل على حوالي 200 حالة مماثلة، لكن الجهود متوقفة الآن.


وقال في رسالة على واتس آب: "بسبب التصعيد المستمر في الشمال، فإن اليونيسف للأسف غير قادرة على إجراء مهام لم شمل الأسر ولا تتم الموافقة على طلبات المهام".

وفي مقاطع فيديو تمت مشاركتها مع واشنطن بوست من ذلك اليوم في آب/ أغسطس، تلتقي هدى بفرح مع ابنتيها. يبكين بينما تعانقهن بقوة.

وقالت: "ما زلت لا أستطيع أن أفهم أنني واجهت كل هذا، وأننا نعيش كغرباء في بلدنا".
"نريد العودة، حتى لو كان ذلك إلى أنقاض منازلنا. هذا كل ما نتمناه".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات سياسة دولية سياسة عربية غزة الفلسطيني الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال أزمة إنسانية المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة القوات الإسرائیلیة واشنطن بوست تشرین الأول مدینة غزة فی الشمال مرة أخرى أکثر من

إقرأ أيضاً:

NYT: لماذا تخشى مصر من انتشار عدوى الثورة السورية؟

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تقريرا، أعدّته مراسلتها في القاهرة، فيفيان يي، قالت فيه إنّ: "مصر تخشى من انتشار عدوى الثورة السورية". 

وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21" أنه: "بعد فترة وجيزة من إطاحة المعارضة السورية ببشار الأسد، اكتسب وسم "جاك الدور يا دكتاتور" زخما كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي المصرية".

وتابع: "كانت الرسالة الموجّهة لرئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، واضحة لا لبس فيها، لكنه لم يكن بحاجة للتحذير. فمنذ الإطاحة بالأسد الذي حكمت عائلته سوريا لفترة طويلة في 8 كانون الأول/ ديسمبر، راقب القادة المصريون الأحداث بالعاصمة السورية، دمشق، بحذر شديد، مع إدراك جيد أن نيران الثورة قد تنتشر".

وأضاف: "عاش البلدان فترات مضطربة منذ الربيع العربي الذي اندلع من تونس نهاية عام 2010، وانتشر منها إلى كل أنحاء العالم العربي. وانتهت الثورة السورية بسقوط نظام الأسد، بعد 14 عاما، أما الثورة المصرية فقد أطاحت بالذي حكم مصر لثلاثة عقود وأدّت لانتخاب أول رئيس ديمقراطيا وهو محمد مرسي". 

وأردف: "لكن السيسي قاد انقلابا عسكريا، وأنهى مع قادة دول الخليج الذين يشاركونه في التفكير أي فرصة أمام الجماعات الإسلامية للوصول إلى السلطة في المنطقة، كما فعلوا في سوريا"، مشيرا إلى أنه بعد أيام من سقوط الأسد وفراره إلى روسيا، اعتقلت قوات الأمن المصرية 30 لاجئا سوريا يعيشون في القاهرة، لأنهم احتفلوا بسقوط النظام، وذلك حسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية.

"أصبح من الصعب على السوريين السفر إلى مصر في مرحلة ما بعد سقوط الأسد، وطلب من كل شخص الحصول على تصريح أمني أولا" أكد التقرير مردفا: "السيسي ألقى سلسلة من الخطابات التي دافع فيها عن سجلّه. وبعد أسبوع من سقوط الأسد قال في واحد منها إن يديه لم تتلطخا أبدا بدم أحد ولم: أخذ شيئا ليس ملكا لي". 


واسترسل التقرير: "بمقارنته هذه كان يحاول رسم تباين بينه وبين الأسد، وتجاهل سجلّه في قمع الحريات وحقوق الإنسان، بما فيها "واقعة رابعة" التي قتلت فيها قوات الأمن والجيش 817 شخصا على الأقل، كانوا يحتجون على استيلاء السيسي على السلطة في عام 2013". 

ومضى بالقول: "منذ استيلاء المعارضة على السلطة في سوريا، اعتقلت مصر أو بدأت بمحاكمة العديد من الأشخاص الذين اعتبرتهم معارضين سياسيين، بمن فيهم مدير منظمة حقوقية بارزة وزوجة رسام كاريكاتير سياسي معتقل، ومستخدم تيك توك كان ينشر مقاطع فيديو تنتقد  السيسي".  

وأضاف: "مع أن السلطات المصرية تحتجز وتعتقل عشرات الآلاف من السجناء السياسيين، كثير منهم من الإسلاميين". تقول الخبيرة بمصر في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، ميريت مبروك: "2011 لا يبعد عنا سوى 14 عاما"، في إشارة للثورة المصرية، وأعرف أن الأمور تتدحرج مثل كرة الثلج". 

وبعد سنين من البؤس الاقتصادي المتفاقم في مختلف أنحاء مصر، أصبح السيسي بالفعل في موقف يوصف بـ"الضعيف". وأي تلميح إلى أن المصريين قد يصابون بحماس الثورة السورية يُنذر بالمتاعب، ليس لأن المصريين يريدون ثورة مسلحة، كما تقول مبروك، ولكن لأن الأمر قد لا يحتاج إلا القليل كي يفجر استياءهم على شكل احتجاج. 

وبحسب التقرير: "كانت المحاولة الأوضح للإستفادة من الثورة السوريةـ هو أحمد منصور، وهو مصري غادر البلد للمشاركة مع السوريين قبل عدة سنوات. ومع سقوط الأسد، كرّر منصور تعليقاته التي هاجم فيها السيسي عبر الإنترنت".

وفي مقطع فيديو نشر على موقع التواصل الاجتماعي "إكس" وحظي بمشاهدات واسعة وصلت إلى 1.5 مليون مرة: "أنت تساوي رصاصة واحدة". فيما أدّى التهديد إلى فورة غضب وهيجان من المعلقين التلفزيونيين الذين عادة ما يضخمون مواقف الحكومة. ودعا المعلّق أحمد موسى، الدولة السورية الجديدة، للتحرك، محذّرا السلطات السورية بأنه يجب أن تخبرهم إن كانوا مع هذه التعليقات أم لا. 


وبعد حملة الهجوم المصري في منتصف كانون الثاني/ يناير، اعتقلت السلطة السورية الجديدة منصور وعددا من زملائه. واعتقل وهو في طريقه لمقابلة وزير الدفاع السوري الجديد، وذلك حسب الحركة المعادية للسيسي والتي أنشأها منصور. فيما لا يعرف إن كانت السلطات السورية قد دفعت من أجل اعتقاله.

وأبرز التقرير: "حثّت حركة منصور، السلطات السورية للإفراج عنه، وقالت إن الشعب المصري يمارس حقوقه في معارضة نظام السيسي، تماما كما فعل السوريون ضد الأسد. ولا يعرف مكان وجوده، ولكن إسكات منصور الآن، لا يعني نهاية شكاوى المصريين. فقد زادت كراهيتهم للسيسي نتيجة سنوات من الأزمات الإقتصادية، وآخرها التي اشتعلت بسبب صدمة الحرب في غزة وأوكرانيا".

"مع غرق مصر في الديون وخسارة الإيرادات، انهارت العملة المصرية، وأصبح من الصعب العثور على بعض السلع وارتفع التضخم. وخنقت هذه المصاعب بلدا يبلغ عدد سكانه حوالي 111 مليون نسمة حيث يعيش ما يقرب من واحد من كل ثلاثة  في مستوى الفقر، حسب الإحصائيات الرسمية" أشار التقرير ذاته.

وأضاف: "حاول السيسي حماية نفسه من النقد، بالقول في خطاب ألقاه قبل فترة إن البلد كان يعاني من أزمة مالية عندما استولى على السلطة عام 2013، مضيفا أن الزيادة المطردة في عدد سكان مصر جعل من الأمور صعبة وعقد مهمة توفير احتياجاتهم الأساسية".

وتقول مبروك من معهد الشرق الأوسط: "الناس ساخطون جدا، ولهذا فهو يحاول تخفيف الأمور". فيما تقول الصحيفة إنّ: "الكثيرين رأوا في السيسي بطلا لأنه أطاح بحكم جماعة الإخوان المسلمين في أعقاب فوزها بالحكم بعد ثورة عام 2011، إلا أنه استمر في تنفير الناس منه. وأمضى السنوات التالية في القضاء على جماعة الإخوان المسلمين في مصر، حيث اعتبرها تهديدا لحكمه". 

وأشار التقرير إلى أنّ "السلطات المصرية قامت بملاحقة الآلاف من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين والمتعاطفين المشتبه بهم، ووصفتهم بالإرهابيين، في حين فر آخرون من البلاد. وحتى بعد إضعافهم، يظل الإسلام السياسي هدفا محببا للسيسي وأنصاره، الذين يحذرون دائما من مخاطر الإسلاميين". 


ووفق المصدر نفسه: "لهذا لم يكن من المستغرب أن تظهر السلطات المصرية حذرا من الحملة العسكرية السريعة التي قادتها المعارضة السورية بقيادة هيئة تحرير الشام وأطاحت بالأسد. وكانت الهيئة في الماضي جزءا من تنظيم القاعدة قبل أن تتبرأ من علاقاتها معها"، مردفا: "ربما لم تكن مصر على علاقة قوية مع نظام الأسد أو تحبه، لكنها دعمت الإستقرار الهش الذي يمثله على الفوضى والصراع الذي يحيط بمصر في ليبيا والسودان وغزة". 

واختتم التقرير بالقول: "تعاملت مصر مع سوريا الجديدة بحذر شديد. وخلافا لبقية الدول العربية الأخرى، لم تعقد مصر حتى الآن اجتماعات رفيعة المستوى مع مسؤولين سوريين. ويقول دبلوماسيون في القاهرة إن المسؤولين المصريين حثوا الحكومات الأخرى سرّا على توخي الحذر من القيادة السورية الجديدة وعدم رفع العقوبات المفروضة على البلاد بسرعة كبيرة". 

واستطرد: "تحدث هؤلاء الدبلوماسيون بشرط عدم الكشف عن هوياتهم. ودعا وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الشركاء الإقليميين والدوليين، إلى: ضمان عدم تحول سوريا إلى مصدر لعدم الاستقرار الإقليمي أو ملاذ للجماعات الإرهابية".

مقالات مشابهة

  • بعد تصريحات «ترامب» عن ترحيل أهل غزة.. 5 دول عربية تجتمع في مصر
  • يديعوت تكشف تكلفة الحرب الإسرائيلية على غزة
  • NYT: لماذا تخشى مصر من انتشار عدوى الثورة السورية؟
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • عودة إلى الرماد.. مأساة النازحين في شمال غزة بعد أكثر من عام من الحرب
  • ماذا حدث للنفط بسبب الحرب الروسية الأوكرانية؟
  • فتح ممر نتساريم.. عودة سكان غزة إلى الشمال بين الزيارة المؤقتة ونهاية الحرب
  • المصري البورسعيدي يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة زد في الدوري
  • “هآرتس”: الحشود التي تعبر نِتساريم حطّمت وهم النصر المطلق‎
  • الفاو: الحرب الإسرائيلية على غزة تدمر 75% من الزراعة ومياه الري