في خطابة الأخير أمام الكنيست، أكد نتنياهو أن إسرائيل تتعرض لتحدٍ مختلف يهددها "ويهدد الشرق الأوسط والعالم أجمع"! وقال: "إذا سقطت إسرائيل سقط العالم كله، ونحن لن نخسر وسننتصر للبشرية جمعاء"! كما أكد على ما أسماه انتصار كبير في "حرب النهضة" كما في "حرب الاستقلال"، وأنه يعيد رسم خرائط الشرق الأوسط ويستعد لتوسيع اتفاقات أبراهام!
فهل انتصر نتنياهو حقا؟ أم أنه وضع إسرائيل في مأزق كبير، وجعلها في مهب الريح، بل وألقى بها في أتون تحديات لا تقوى على مجابهتها، ووضعها بحق أمام مصيرها المحتوم؟
ومن هنا تأتي أهمية القراءة المتأنية للتصريحات المضللة والصورة الزائفة التي يحاول الإعلام الصهيوني أن يرسمها، فهزيمة نتنياهو وإسرائيل ومشروعها بعد طوفان الأقصى هي هزيمة حقيقية، تتجلى مظاهرها الاستراتيجية والسياسية والعسكرية في مشاهد عديدة:
تبدأ هذه المشاهد بالفشل الاستخباراتي الكبير، فلم تتمكن إسرائيل من توقع أو منع هجوم بهذا الحجم على الرغم من التكنولوجيات المتقدمة وشبكات التجسس التي تديرها في غزة.
كما تمتد مظاهر الهزيمة لتبلغ درجة الصدمة العسكرية، حيث فاجأت العمليات العسكرية لحركة حماس الجيشَ الإسرائيلي بقدرتها على اختراق الحدود وشن هجمات نوعية، ما أدى إلى خسائر بشرية وعسكرية كبيرة، وهو ما لم يحدث بهذا الحجم منذ عقود.
تعدد جبهات المقاومة يعني أن قدرة إسرائيل على فرض سياسة الردع أصبحت أقل فاعلية، إذ لم يعد الرد على جبهة واحدة كفيلا بوقف التصعيد أو إحكام السيطرة، بل تحتاج إسرائيل للرد على جبهات متعددة، وهذا يؤدي إلى استنزاف عسكري ويضعف من قدرتها على ردع الفصائل المختلفة
وقد تسبب ذلك في التفكك السياسي الداخلي وتصاعد الانتقادات داخل إسرائيل ضد نتنياهو وحكومته، حيث اعتُبر مسؤولا عن الفشل في حماية الجبهة الداخلية وتوفير الاستعدادات الأمنية اللازمة. هذا التفكك يمكنه أن يؤدي إلى أزمة سياسية داخلية حادة.
كما أن الضغط الدولي والإعلامي غير المسبوق وتزايد الانتقادات ضد إسرائيل بعد عدوانها الوحشي على قطاع غزة، الذي أدى إلى وقوع ضحايا مدنيين وتدمير البنية التحتية، وضع إسرائيل في موقف حرج ويؤثر على صورتها التي كانت تنجح دائما في تسويقها للمجتمع الدولي.
وبالمقابل، تم تعزيز صورة المقاومة الفلسطينية التي أظهرت الأحداث قدرتها على التخطيط والتنفيذ بفعالية، مما عزز من شعبيتها داخليا وخارجيا، وأثبتت أنها لا تزال قادرة على مواجهة إسرائيل على الرغم من الظروف الصعبة والحصار.
كما أن التحديات العسكرية التي واجهتها إسرائيل على الجبهة الشمالية أدت إلى تصاعد التوترات، مما جعلها تواجه تحديين في آن واحد، وهو ما يضعف قدراتها ويشتت قواتها، مما يشكل تهديدا أمنيا أكبر، ومع تعدد جبهات المقاومة، لم تعد إسرائيل قادرة على التركيز على جبهة واحدة أو السيطرة عليها، بل أصبحت تحتاج إلى تقسيم جهودها ومواردها بين غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان، بل وحتى التهديدات الناشئة من سوريا والعراق وإيران. هذا التشتت يضعف إسرائيل ويستنزفها، ويجعلها عرضة للهجمات على عدة أصعدة.
كما أن تعدد جبهات المقاومة يعني أن قدرة إسرائيل على فرض سياسة الردع أصبحت أقل فاعلية، إذ لم يعد الرد على جبهة واحدة كفيلا بوقف التصعيد أو إحكام السيطرة، بل تحتاج إسرائيل للرد على جبهات متعددة، وهذا يؤدي إلى استنزاف عسكري ويضعف من قدرتها على ردع الفصائل المختلفة.
المجتمع الإسرائيلي بات يشعر بأن إسرائيل محاطة بجبهات متعددة من المقاومة، مما يخلق شعورا بعدم الأمان وانعدام الثقة في الحكومة. هذا الشعور قد يؤدي إلى تراجع الإقبال على الخدمة العسكرية والعيش في المستوطنات الحدودية، وبالتالي زعزعة التوازن السكاني في المناطق الحساسة.
كما أن تعدد الجبهات أدى إلى تكاليف باهظة على المستويات الاقتصادية والبشرية، فالإنفاق العسكري المتزايد لاستيعاب التهديدات المتعددة يؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي ويُرهق المجتمع، كما أن استمرار المقاومة يؤدي إلى خسائر بشرية تزعزع ثقة المجتمع الإسرائيلي في قيادته وقدرتها على توفير الأمن.
إن اعتماد إسرائيل على الحلول العسكرية كأداة أساسية في مواجهة المقاومة أصبح غير مجدٍ، فقد أثبتت طوفان الأقصى أن أي تصعيد عسكري على إحدى الجبهات لا يُخمد المقاومة بشكل نهائي، بل يُؤدي إلى انتعاش جبهات أخرى. هذا يبرز فشل المشروع الصهيوني الذي كان يستند إلى القوة العسكرية لضمان بقائه، ويظهر أن القوة لم تنجح في كبح المقاومة المتنامية.
وبفضل نجاح هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر وتداعياتها، وجدت إسرائيل نفسها مضطرة لإعادة ترتيب أولوياتها الأمنية والعسكرية، وهو ما جعلها تستدعى قوات الاحتياط وتطلب الدعم من الحلفاء، وهو ما يؤثر على استقرارها وقدرتها على الحفاظ على توازن القوى في المنطقة.
كما أن المتابع لتزايد الاحتجاجات والانتقادات من الجمهور الإسرائيلي ضد القيادة السياسية والعسكرية، يجدها تعتبر نتنياهو وحكومته مسؤولين عن الفشل في توفير الحماية الكافية للإسرائيليين وعن تقصيرهما في التعامل مع التهديدات المتزايدة. هذه الضغوط تؤدي إلى زعزعة استقرار الحكومة والمطالبات بإجراء تحقيقات أو استقالات في صفوف القيادات الأمنية والسياسية.
مع استمرار التصعيد العسكري وتزايد التهديدات الأمنية، تعرض الاقتصاد الإسرائيلي لضغوط كبيرة، بما في ذلك انخفاض الاستثمارات الأجنبية وتراجع السياحة وارتفاع الإنفاق العسكري. هذه العوامل أدت إلى ضغوط اقتصادية إضافية تزيد من الأعباء على الحكومة والمجتمع.
المظاهر تعكس حجم الأزمة التي تواجهها حكومة نتنياهو وإسرائيل بشكل عام بعد طوفان الأقصى، مما قد يكون له تبعات طويلة الأمد على سياساتها الداخلية والخارجية، كما تؤكد أن هزيمة نتنياهو وإسرائيل ليست فقط عسكرية، بل هي أيضا سياسية واجتماعية واقتصادية
كما خلق طوفان الأقصى والرد الإسرائيلي الهمجي عليه حالة من التلاحم الداخلي الفلسطيني وزيادة الدعم الشعبي للمقاومة، ليس فقط داخل فلسطين، بل أيضا في الدول العربية والإسلامية. هذا التلاحم يزيد من قوة الموقف الفلسطيني ويشكل ضغطا أكبر على إسرائيل في الساحة الإقليمية.
بعد طوفان الأقصى، أصبحت أي مبادرات سياسية أو محاولات للتهدئة أو المفاوضات أكثر تعقيدا، وبات من الصعب على نتنياهو أو أي قيادة إسرائيلية تقديم تنازلات أو التفاوض تحت ضغط الأحداث والخسائر التي تعرضوا لها. يؤدي ذلك إلى انسداد في الأفق السياسي وتعميق الأزمة لفترة طويلة، وهو ما يمثل عبئا قاسيا على الكيان الصهيوني الهش ويضيف إلى أزمته الوجودية بعدا جديدا.
كما أن الصورة التي صدرها الطوفان لإسرائيل وهي تتلقى الضربات من كل جانب وتحارب على عدة جبهات؛ ترسم بوضوح كيف أنها لم تحقق الأمن الذي جعلته على رأس أولويات مشروعها ولم تحقق الردع الذي هو من أهم مستلزماته.
تعدد جبهات المقاومة يعزز التضامن الإقليمي ضد إسرائيل ويجعل من الصعب عليها بناء تحالفات ثابتة مع الدول المحيطة. العديد من الدول العربية والإسلامية باتت تدرك أن قضية فلسطين والجبهات المقاومة أصبحت جزءا من التحدي الذي تواجهه المنطقة ككل، وهذا يضع إسرائيل في عزلة دبلوماسية ويقلل من قدرتها على التأثير في الساحة الإقليمية.
هذه المظاهر تعكس حجم الأزمة التي تواجهها حكومة نتنياهو وإسرائيل بشكل عام بعد طوفان الأقصى، مما قد يكون له تبعات طويلة الأمد على سياساتها الداخلية والخارجية، كما تؤكد أن هزيمة نتنياهو وإسرائيل ليست فقط عسكرية، بل هي أيضا سياسية واجتماعية واقتصادية، مما يفتح المجال لمزيد من التحديات التي تؤثر على مستقبل إسرائيل وعلى وجودها في المنطقة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو إسرائيل غزة الردع إسرائيل غزة نتنياهو الردع طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات صحافة رياضة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نتنیاهو وإسرائیل بعد طوفان الأقصى إسرائیل على قدرتها على إسرائیل فی یؤدی إلى وهو ما کما أن
إقرأ أيضاً:
ما علاقة سوريا الجديدة مع إسرائيل؟ ملاحظات أولية
(1) تحرك بقيادة نتنياهو؟جاء التحرك العسكري للمعارضة السورية "سابقا" بعد أيام من تصريحات لرئيس وزراء الاحتلال نتنياهو يحذر فيها نظام الأسد من "اللعب بالنار". استخدم هذا التصريح للترويج لفكرة أن التحرك تم بالتنسيق مع حكومة الاحتلال الفاشي، للاستفادة من حالة التراجع التي يمر بها "محور المقاومة"، بعد توقيع حزب الله اتفاق وقف إطلاق النار مع الاحتلال.
كثير ممن طرحوا هذه الفكرة لا يستحقون النقاش، لأنهم ينطلقون في هذا الطرح من عدائهم للثورة السورية منذ يومها الأول، ولكن البعض ممن أيدوا الثورة في بداياتها السلمية، ثم بدأت المخاوف تطغى على تأييدهم بعد عسكرة الثورة، يطرحون هذا التزامن من باب القلق على مستقبل سوريا، وهؤلاء بالطبع يستحقون النقاش بهدوء.
إن الرد الأساسي على هذا التزامن "المفتعل" هو أن السياسة لا تعمل بشكل "خطيّ"، ولذلك فإن تزامن حدث سياسي أو عسكري مع تصريح لسياسي هنا أو هناك لا يعني بالضرورة أن الحدث والتصريح مترابطان.
يضاف إلى ذلك أن الاحتلال الإسرائيلي يعلن عداءه وهجومه على نظام الأسد منذ عقود، ولم تتوقف التصريحات المناوئة له خصوصا بعد دخول القوى العسكرية التابعة لإيران إلى سوريا، وبالتالي إذا كان تحرك "المعارضة" السورية هو "تنفيذ" لتصريحات نتنياهو، فلماذا لم تتحرك سابقا؟
بات مؤكدا أن انتصار "المعارضة" السورية وهروب الأسد بعد سقوط نظامه تحقق في جزء منه بسبب خسارة ما كان يعرف بـ"محور المقاومة".ولا بد من الإشارة هنا إلى أن "المعارضة" لو أرادت أن تكون جزءا من حرب "إسرائيل" على "محور المقاومة" لتحركت أثناء العدوان "الإسرائيلي" على لبنان، ولكنها التزمت بالصمت رغم استعدادها للهجوم منذ أكثر من سنتين إلى حين انتهاء العدوان.
ولكن هذا لا يعني أن المعارضة لم تستفد من نتائج التغييرات التي حصلت في المنطقة منذ "طوفان الأقصى".
(2) هزيمة لمحور المقاومة؟
بات مؤكدا أن انتصار "المعارضة" السورية وهروب الأسد بعد سقوط نظامه تحقق في جزء منه بسبب خسارة ما كان يعرف بـ"محور المقاومة". لم تتمكن إيران من تقديم المساعدة العسكرية اللازمة للنظام كما فعلت خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية بسبب تراجع اقتصادها، وتضرر قوتها بعد الضربات التي وجهها الاحتلال لأهدافها العسكرية خلال الشهور الماضية. ولم يتمكن حزب الله أيضا من القتال في مواجهة المعارضة السورية كما فعل سابقا، بسبب تعرضه لضربة كبيرة خلال العدوان الإسرائيلي الذي بلغ ذروته بعد عملية تفجير البيجر الإرهابية وما تبعها من اغتيالات لكبار قادته وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله وشن حرب عدوانية على لبنان برا وجوا.
هذا يعني أن اختيار توقيت عملية "ردع العدوان" أخذ بعين الاعتبار هذه العوامل، ولكن هل يعني هذا أن العملية تسببت في هزيمة "لمحور المقاومة"؟
الحقيقة أن هزيمة النظام السوري لم تكن سوى إسدال للستار على نهاية "محور المقاومة" كما كنا نعرفه سابقا، ولم يكن السبب لهذه النهاية. لقد بات ثابتا الآن حسب مصادر إعلامية دولية وعربية وحتى مقربة من حزب الله أن نظام الأسد كان ينفذ خطوات متسارعة للابتعاد عن المحور بوساطة إماراتية منذ أكثر من سنتين، وقد بدا هذا واضحا في خطوات اتخذها النظام ضد النفوذ الإيراني في سوريا، ومنع حزب الله -حسب مصادر إعلامية ـ من تنشيط قواعده العسكرية أثناء العدوان الإسرائيلي على لبنان، إضافة إلى السكوت المطبق حتى عن البيانات المساندة لقوى "المحور" التي كانت تشن حرب إسناد لقطاع غزة بعد "طوفان الأقصى".
هذا يعني أن سوريا أصبحت خارج "المحور" قبل هزيمة النظام وهرب الأسد، كما أن المحور أضعف بسبب ما تعرض له من عدوان شرس من الاحتلال، بعد عملية السابع من أكتوبر 2023 وليس بسبب سقوط نظام الأسد. ولذلك فإن التباكي على المقاومة باعتبارها قد تلقت ضربة بهروب الأسد، هو قراءة في غير محلها.
(3) الأهداف "الإسرائيلية"
يمكن معرفة الأهداف "الإسرائيلية" في سوريا من خلال ما تنفذه من اعتداءات يومية على الأراضي السورية، وما تطلقه القيادات السياسية والعسكرية من تصريحات تجاه مستقبل هذا البلد العربي المهم.
خلال أيام قليلة، قصف الاحتلال سوريا بوتيرة عالية جدا، تفوق ما كان ينفذه من قصف منذ عام 2011 بنسبة كبيرة، واحتل جيش العدوان أراض سورية جديدة أهمها القنيطرة، إضافة إلى مناطق في الجنوب السوري تصل إلى درعا على حدود الأردن.
لقد بات ثابتا الآن حسب مصادر إعلامية دولية وعربية وحتى مقربة من حزب الله أن نظام الأسد كان ينفذ خطوات متسارعة للابتعاد عن المحور بوساطة إماراتية منذ أكثر من سنتين، وقد بدا هذا واضحا في خطوات اتخذها النظام ضد النفوذ الإيراني في سورياوبالتزامن مع القصف الجوي والعدوان البري، فإن الاحتلال لم يخف أهدافه السياسية والعسكرية في سوريا، إذ أكد أنه يريد إضعاف ما تبقى من مقدرات للجيش السوري، والاستمرار باحتلال القنيطرة كمنطقة عازلة لمدة عام على الأقل، وربما يطمح لإقامة منطقة عازلة في الجنوب، كما أنه يريد منع أي فرصة لمهاجمة "إسرائيل" من قبل القيادة السورية الجديدة التي أعلن بشكل واضح أنها قيادة معادية متطرفة غير جديرة بالثقة.
أما الهدف الأبعد للاحتلال فهو تقسيم سوريا من خلال دعم الأقليات "الدروز والعلويين والأكراد"، وقد ورد هذا بوضوح عبر تحليلات تنشر في الصحف العبرية على لسان خبراء استراتيجيين وجنرالات سابقين، وبشكل غير مباشر في تصريحات وزير الخارجية جدعون ساعر الذي أكد أنه "من المهم ضمان حماية الأقليات في سوريا، من الأكراد والدروز والمسيحيين، إضافة للعلويين وهي الأقلية التي كانت حجر الأساس لنظام الأسد"، حسب قوله.
(4) ما هو المطلوب سوريا؟
إزاء هذا المشهد الإقليمي، والأهداف "الإسرائيلية" العدوانية المعلنة، فإن المطلوب سوريا هو تكوين موقف وطني سوري موحد ضد العدوان. يتطلب هذا ابتداء خطاب سياسي واضح يدين العدوان ويرفض الاحتلال الإسرائيلي سواء للجولان أو للأراضي التي احتلت في الأيام الأخيرة، والابتعاد عن الخطاب "الناعم" الذي يعلن الضعف عن مواجهة الاحتلال، وهو الخطاب الذي ساد في اللقاءات الإعلامية لقائد العمليات العسكرية أحمد الشرع بعد سقوط الأسد.
وحتى تتمكن سوريا من مواجهة العدوان "الإسرائيلي" السافر، فمن الضروري أن تضع القيادة السورية الجديدة مسألة وحدة البلاد على رأس أولوياتها، لأن مواجهة العدوان ووحدة سوريا قضيتان لا تقلان أهمية عن حل المشكلات الداخلية التي تستحق هي الأخرى اهتماما كبيرا بدون شك.لا يعني هذا دعوة قيادة سوريا الجديدة لشن حرب على الاحتلال، لأن موازين القوى المختل بين الطرفين يحول دون مثل هذه الحرب، ولكن المطلوب على الأقل تهديد الاحتلال بمقاومة شعبية لعدوانه، وإدانته بلغة واضحة، والكف عن تقديم الوعود والنوايا "الحسنة" المجانية للاحتلال، ووضع الاحتلال غير القانوني للجولان والقنيطرة وغيرها من الأراضي السورية على طاولة البحث مع الوفود الأجنبية.
وحتى تتمكن سوريا من مواجهة العدوان "الإسرائيلي" السافر، فمن الضروري أن تضع القيادة السورية الجديدة مسألة وحدة البلاد على رأس أولوياتها، لأن مواجهة العدوان ووحدة سوريا قضيتان لا تقلان أهمية عن حل المشكلات الداخلية التي تستحق هي الأخرى اهتماما كبيرا بدون شك.
إن السياسة الغربية تقوم على الضغط على دول منطقتنا بالتدريج، وكلما تنازلت قيادات هذه الدول أمام الضغوط، فإنها ستتعرض لضغوط إضافية من الغرب للحصول على المزيد من التنازلات، ولذلك فإن القيادة السورية الجديدة يفترض أن تعرف متى تقبل ومتى ترفض، وتعرف أيضا كيف تناور أمام الضغوط، بدون خسارة العلاقات مع دول العالم الضرورية لبناء سوريا وحل مشكلاتها المستعصية.
لقد بني نظام الأسد جزءا من شرعيته على دعم المقاومة وفلسطين، ولكن سوريا الجديدة التي قامت بعد ثورة وصراع طويل، سوريا الحرة وشعبها الذي بدأ يتنفس حريته وكرامته بعد سوط هذا النظام، هي الأولى بهذه الشرعية، التي ستظل منقوصة، ما دام الاحتلال الإسرائيلي يسرح ويمرح في الأراضي السورية دون خطاب قوي وموقف واضح واستعداد لمقاومة احتلال أراض سورية وفق الإمكانيات المتاحة.