لكل من يسأل كيف يتم إعلان الشخص قديسًّا؟!
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
تستعرض البوابة نيوز في هذا التقرير إجراءات إعلان التطويب والقداسة في الكنيسة الكاثوليكية كثرت في الكنيسة الكاثوليكية اليوم احتفالات اعلان التطويب أو القداسة.
وقد احتفلنا قبل أيام قليلة بإعلان قداسة الراهبتين الفلسطينيتين مريم ليسوع المصلوب بواردي وماري ألفونسين غطاس.
يتم إعلان القداسة في الكنيسة اليوم أثناء الإحتفال بالذبيحة الإلهية.
هي اجراءات تأخذ سنيناً، وقد تأخذ في بعض الأحيان قرونا! وقد عَرَفت هذه الإجراءات عبر التاريخ تطوّراً كبيراً، إلى أن وصلت إلينا بشكلها الحالي. إن هذا التطوّر في الإجراءات التي تحددها الكنيسة، لأمرٌ طبيعي بحدّ ذاته، بل ضروري. فالإجراءات القانونية في الكنيسة تختلف عن العقيدة أو وديعة الإيمان التي لا يمكن تغييرها.
لأن الأولى هي من مجهود السلطة الكنسية في اطار دعوتها الإلهية كقائدة ومُعلّمة ومُقَدِّسة لشعب الله. أماّ الثانية، فهي من وحي الله نفسه في الكتاب المقدس والتقليد غير المنقطع، ولا تستطيع الكنيسة سوى الخضوع لوديعة الإيمان والتعمق بها، لنقلها من ثمّ كحقيقة أزليّة الهدف منها إنارة درب الإنسان في بحثه عن الله وخلاص نفسه. “كلمتك يارب مصباحاً لخطاي ونور لسبيلي”، يقول الكتاب.
1.اعلان المُرشح خادماً لله
هي المرحلة الأولى على درب اعلان القداسة. كان لقب “خادم الله” يُطلَق في السابق وبكل بساطة، دون أن يحمل أي معنى قانوني في الكنيسة، على كلّ إنسان مُعمَّد أظهر في حياته ملامح من التقوى والحياة الفاضلة بحسب الإنجيل. ويُستخدم هذا التعبير في الكنيسة منذ عام 2007، كلقب رسمي قانوني، يخص به أسقف الأبرشيّة الشخصَ الذي تم قبول ترشيحه للتطويب ومن ثم اعلان القداسة.
2.اعلان خادم الله مكرَّماً
بعد أن يمنح أسقف الأبرشية موافقته على فتح ملف اعلان قداسة خادم الله. يتم تشكيل لجان أبرشية مكونة من مؤرخين ولاهوتيين ومتخصصين في شؤون الفاتيكان، لدراسة كتابات وحياة “خادم الله” بطريقة نقديّة، تهدف إلى التثبّت من عيشه بصورة بطولية للفضائل (الإيمان والرجاء والمحبة…إلخ) والأخلاق المسيحية. ومتى تمّ التأكّد من ذلك، يتم تحرير وثيقة تدعى باللاتينية “بوزيتسيو” (Positio)، تتضمن مُلخصاً عن حياة وفضائل ومعجزات خادم الله، يتم ارسالها إلى مجمع دعاوى القديسين في روما، الذي متى وافق على محتواها، يقوم بإصدار “إقرار ببطولة حياة الفضيلة التي عاشها خادم الله”، جاعلاً منه بذلك “مُكَرَّماً.
3.اعلان خادم الله طوباويّاً
هو أول اعلان رسمي يصدر عن الحبر الأعظم، ويسمح فيه للشعب المسيحي بتكريم خادم الله في الليتورجية، وذلك على مستوى الأبرشية أو الجمعية الرهبانية التي انتمى إليها مَن أضحى مرشحاً لإعلان قداسته. ومنذ حبرية البابا بولس الخامس (1605 – 1621) أصبحت الكنيسة تنظر إلى التطويب على أنه مرحلة تسبق إعلان القداسة. بدأ الحبر الأعظم نفسه يحتفل برتبة اعلان التطويب منذ عام 1971، لذلك لم تعد تتميز هذه الرتبة كثيراً (من الناحية الليتورجية) عن رتبة إعلان القداسة.
تمّ التخفيف من الإجراءات المطلوبة لإعلان التطويب أثناء حبرية البابا الطوباوي بولس السادس في عام 1969، وأيضاً أثناء حبرية البابا القديس يوحنا بولس الثاني في عام 1983.
انطلاقاً من مرحلة التطويب، تتطلب الكنيسة للإستمرار في الإجراءات اثبات معجزة واحدة على الأقل حدثت بشفاعة المرشح للتطويب. يتم التحقق من المعجزات على ثلاثة مستويات مختلفة: فيعقد في البداية اجتماع للجنة الخبراء، كالأطباء مثلاً متى كانت الأعجوبة شفاءاً. ثم يجتمع اللاهوتيون لدراسة الملف، وأخيراً يجتمع الكرادلة والأساقفة الأعضاء في مجمع دعاوى القديسين
وقد تكون المعجزة أمراً آخراً غير الشفاء من مرض أو وضع صحيّ عُضال. وفي تاريخ الكنيسة ما يثبِّتُ ذلك. المهمّ في المعجزة هو أن تتضمّن وقائع حدثت ولا يوجد لها أي تفسير عقليّ أو علميّ، كنجات أحد، على سبيل المثال، بشفاعة المرشح للتطويب، من موت محتّم إثر حادث كانت النجاة منه أمراً مستحيلاً لولا تدخل أحد العوامل الفائقة للطبيعة.
4.اعلان الطوباويّ قديساً
إعلان القداسة هو العمل القانوني الرسمي الثاني والنهائي الذي يقوم به الحبر الأعظم في قضيّة خادم الله الذي قد أُعلِنَ طوباويّاً. وأهم ما يتميّز به اعلان القداسة عن اعلان التطويب، هو ادراج اسم خادم الله منذ هذه اللحظة على لائحة القديسين (أي ما يدعى في الليتورجية المقدسة بكتاب شهداء الكنيسة الرومانية “Martyrologium Romanum”)، ليتم تكريمه والإحتفال به على مستوى الكنيسة الجامعة، وليس فقط على مستوى الأبرشية أو الرهبانية اللتين كان منتمياً لهما. بهذا، يكون اعلان القداسة حقّاً اختتامٌ لقصّة طويلة.
تطلب الكنيسة في هذه المرحلة اثبات حدوث معجزة أخرى على الأقل بشفاعة الطوباويّ، حتى في حالة مَن مات شهيداً. يتم البحث في صحة حدوث المعجزة وفقاً للإجراءات نفسها التي تم اتباعها في مرحلة التحري التي سبقت اعلان التطويب. غالباً ما تكون الأعجوبة شفاءاً، إلا أن ما من شيء يمنع، كما رأينا في مرحلة التطويب، من أن تكون المعجزة أمراً آخراً.
حالة خاصّة
إلى جانب هذه الإجراءات الإعتيادية لإعلان القداسة، توجد اجراءات استثنائية تتمثل في حالة اعلان قداسة أشخاص عاشوا في زمن بعيد، وتخصّهم جماعة المؤمنين في منطقتهم أو ضمن نطاق أكثر اتساعاً، بالتكريم وطلب الشفاعة. يُعهد بدارسة هذه الحالات النادرة إلى مجمع دعاوى القديسين. وهي لا تتطلب حدوث أية معجزة، لكنها تأخذ يعين الإعتبار المعجزات التي من المحتمل أن تكون قد حدثت قبل وفاة خادم الله أو بعدها، وقد تناقلها أشخاص أهل للثقة (قديسون آخرون على سبيل المثال). في هذه الحالة، يتم الإعلان عن قداسة خادم الله بنشر براءة بابوية فقط، دون القيام بأية رتبة أو احتفال خاص، وتترتب على هذا الإعلان ذات النتائج التي تترتب على اعلان القداسة وفق الطرق الإعتيادية.
فراس عبدربه
[1] في حالة الشهداء، يُستبدل هذا الإقرار بإقرار آخر يُثبِّتَ واقعة الشهادة.
[2] يعفى مِن احراز معجزة مَن مات شهيداً في سبيل الإيمان.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أقباط ة خادم الله فی الکنیسة
إقرأ أيضاً:
قداسة البابا بالتلفزيون الروماني: الكنيسة القبطية قلب مفتوح للجميع
حل قداسة البابا تواضروس الثاني، ضيفًا على القناة الرومانية الرسمية، في حوار تلفزيوني تناول فيه رسالته الروحية والإنسانية خلال زيارته الرعوية التاريخية إلى رومانيا، التي تعد المحطة الثانية من زيارة قداسته الرعوية إلى إيبارشية وسط أوروبا.
تعزيز الروابط بين الكنيسةعبر قداسة البابا، في بداية اللقاء، عن سعادته بزيارة رومانيا للمرة الأولى، مؤكدًا أن زيارته تأتي لتعزيز الروابط بين الكنيسة الأم وأبنائها المنتشرين في الخارج، قائلاً: “زيارتي تهدف إلى ربط هذه التجمعات القبطية بكنيستهم ووطنهم مصر، فهناك مجتمعات قبطية قديمة بالمهجر، ومجتمعات حديثة النشأة، والكنيسة حريصة أن تكون حاضرة في حياتهم دومًا.”
وأشار قداسته إلى أن الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، ككنيسة شرقية عريقة يبلغ عمرها ألفي عام، تحمل ميراثًا غنيًّا من العقيدة والتقليد، وقال: “نقدم لأولادنا في كل جيل هذا الإيمان المستقيم والتاريخ الطويل”
وتحدث قداسته عن تكريم الكنيسة للقديسين، موضحًا أن الكنيسة القبطية تحتفل يوميًّا بذكرى قديسيها، إضافة إلى أعياد السيد المسيح مثل الميلاد، والغطاس، ودخوله أورشليم، والقيامة، وكذلك أعياد السيدة العذراء، مستذكرًا ظهورها التاريخي في كنيستها بالزيتون منذ ٦٥ عامًا. وقال: “القديسون رفاق لنا في الطريق، والتواصل معهم يجعلنا في شركة دائمة مع السماء. واليوم، على سبيل المثال، نحتفل بعيد الشهيد مارجرجس الذي يحمل معاني الشجاعة والإيمان حتى الموت.”
وأوضح قداسة البابا أن الكنيسة ظلت واحدة حتى مجمع خلقيدونية عام ٤٥١م، مشيرًا إلى أن الانقسام حدث لعوامل ذاتية وسياسية، وأكد: “إيمان كنيستنا هو بالطبيعة الواحدة، هذا الإيمان يعني أن طبيعة المسيح الإلهية وطبيعته البشرية اتحدتا في شخص واحد بدون انفصال، ولا اختلاط، ولا امتزاج، وظلتا بدون تغيير ولا تحول، لكن في طبيعة واحدة للكلمة المتجسد، نحن نحمل هذا الإيمان المستقيم منذ مار مرقس الرسول وحتى اليوم".
وأكد قداسته أن رسالة الكنيسة تقوم على المحبة العملية، مستشهدًا بقول بولس الرسول: “المحبة لا تسقط أبدًا” (١ كورنثوس ١٣: ٨)، وقال: “المحبة تظهر عندما نبني مدرسة فنعلن حبنا للتعليم، وعندما ننشئ مستشفى فنعلن حبنا للصحة، وعندما نخدم الفقراء فنعلن حبنا للإنسان. السيد المسيح أوصانا قائلاً: «أحبوا أعداءكم» (متى ٥: ٤٤)، والقديس بولس قال: «نُشتم فنبارك» (١ كورنثوس ٤: ١٢)، وهكذا نحيا المحبة ونعلمها لأولادنا”.
وخلال اللقاء، تطرق قداسة البابا إلى دور الكنيسة التعليمي في حفظ الإيمان عبر مدارس الأحد والمعاهد اللاهوتية، قائلًا: “مدارس الأحد هي الوسيلة التي تحفظ الإيمان، فهي تمنح أبناءنا التعليم المسيحي منذ الطفولة، تغرس فيهم محبة الله والإنجيل والكنيسة، وتجعلهم محصنين. وكذلك المعاهد اللاهوتية التي تخرج الكهنة والخدام".
بيت العائلة المصريةكما سلط قداسته الضوء على تجربة “بيت العائلة المصرية” التي تجمع بين المسلمين والمسيحيين، ومجلس كنائس مصر الذي يجمع كل الكنائس المصرية بتنوعها، مشيرًا إلى أن الكنيسة القبطية تعيش وسط مجتمعها المصري بمحبة وتعاون، وقال قداسته: “نحن ١٥ مليون قبطي في مصر نعيش مع إخوتنا المسلمين في وطن واحد، تجمعنا محبة حقيقية، ونعمل معًا من أجل سلام المجتمع، وهذه تجارب مهمة ننقلها للعالم، فالحوار هو الوسيلة الأهم لتقريب العقول والقلوب والنفوس".
واختتم قداسته اللقاء برسالة أمل ومحبة، قائلًا: “نحن في الكنيسة قلب مفتوح للجميع، ونصلي أن يمنح الله السلام لكل شعوب العالم، وأن يبارك لقاءاتنا ومحبتنا، وأن يكون لنا نصيب مع القديسين في ملكوته السماوي.”