كثر الحديث مؤخرا عن إمكانية التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، مما يمنح إسرائيل فرصة للاستفراد في قطاع غزة، كما كانت تأمل منذ بدء الحرب على القطاع قبل أكثر من عام.

1/ ماذا قالت المصادر الإسرائيلية؟

ذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" أن بنيامين نتنياهو سيعقد مشاورات مجددا اليوم لبحث إبرام اتفاق ينهي الحرب على الجبهة اللبنانية.

وكان موقع "والا" الإخباري الإسرائيلي قد ذكر أن آموس هوكشتاين وبريت ماكغورك مبعوثي الرئيس الأميركي جو بايدن سيزوران إسرائيل غدا الخميس، في مسعى لإبرام اتفاق لإنهاء الحرب في لبنان.

تزامنت تلك الأنباء مع ما نقله موقع أكسيوس الإخباري الأميركي عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين اعتقادهم أن حزب الله "أصبح أخيرا على استعداد للنأي بنفسه عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة".

ووفقا لأكسيوس، فإنه يمكن التوصل إلى اتفاق ينهي القتال بين إسرائيل وحزب الله في غضون أسابيع.

وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بحث مع وزراء وقادة الجيش وأجهزة المخابرات الصفقة المحتملة.

2/ ما تفاصيل الصفقة؟

وفقا لموقع أكسيوس ينص الاتفاق على:

إعلان وقف إطلاق نار تتبعه فترة انتقالية لمدة 60 يوما. الاتفاق مبني على إعادة تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701. ينقل حزب الله أسلحته الثقيلة شمال الليطاني بعيدا عن حدود إسرائيل خلال الفترة الانتقالية. ينشر الجيش اللبناني خلال الفترة الانتقالية نحو 8 آلاف جندي على طول الحدود مع إسرائيل. يسحب جيش الاحتلال قواته تدريجيا إلى الجانب الإسرائيلي من الحدود خلال الفترة الانتقالية. 3/ هل جرت لقاءات بشأن الصفقة المزعومة؟

في 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري التقى في العاصمة اللبنانية بيروت هوكشتاين ورئيس البرلمان اللبناني نبيه بري، حليف حزب الله والمكلف من قبله بالتفاوض في إطار مساعي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في المواجهة المفتوحة مع إسرائيل.

وقال هوكشتاين إن زيارته تهدف لوضع أسس لإنهاء هذا النزاع من خلال تطبيق القرار 1701 "بعدل وشفافية"، مؤكدا أن مستقبل لبنان وربطه بالنزاعات لا يمكن أن يكون في مصلحة اللبنانيين.

ومن المقرر أن يزور هوكشتاين تل أبيب غدا الخميس.

4/ ماذا قال حزب الله؟

ردّ محمود القماطي -نائب رئيس المجلس السياسي لحزب الله- على الحديث الأميركي والإسرائيلي عن الصفقة والترويج لها بأن الحزب لم يصله "أي مشروع أو مبادرة سياسية بشكل رسمي".

ووفقا للقماطي، فإن أولوية حزب الله هي الميدان الآن، مشددا على أن "حزب الله لا يقبل بأي تفاوض تحت النار" مطالبا بوقف العدوان قبل بحث أي قضية سياسية.

وقد عبر عن موقف الحزب سابقا الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم عندما أكد في أحد خطاباته أن حزب الله طالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة لوقف إطلاق النار على إسرائيل.

وأكد أن "إسرائيل ومن وراءها يقاتلون ويرتكبون المجازر، ونحن في وضع يتطلب أن نتخذ موقفا"، مشيرا إلى أنه لا يمكن فصل لبنان ولا المنطقة كلها عن فلسطين.

5/ هل يمكن فصل المسارين؟

منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي على القطاع في 7 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، اتخذ الحزب قرارا بدعم المقاومة في غزة، ولم يقبل الحزب وقف إطلاق النار قبل التوصل لاتفاق في غزة ووقف إطلاق النار فيها.

وقد دفع الحزب ثمنا باهظا لموقفه هذا، تمثل في اغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله وجزء كبير من الصف القيادي الأول في الحزب.

ونقلت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله عن مصادر أن الحزب يضع في بياناته العسكرية العبارات التي تقول إن ما تقوم به المقاومة هو إسناد للمقاومة في غزة مع إضافة عبارة "الدفاع عن لبنان" ولم يقدّم أي التزام، لأي طرف في لبنان أو خارجه، بالقبول بفك الارتباط بين جبهة لبنان وجبهة غزة.

كما تشير إلى أن الحزب لا يرى بعد كل ما حصل، ووسط استمرار الوحشية الإسرائيلية في غزة، أنه من المنطقي ترك غزة، كما أن مثل هذا الموقف يتعارض مع كل بنيته العقائدية وتفكيره السياسي، ومعرفته الوثيقة بالترابط الحقيقي بين كل الجبهات المتعلقة بالمقاومة ضد العدو.

6/ لماذا تريد إسرائيل فصل المسارين؟

وفقا للدكتور وليد عبد الحي الكاتب والباحث الأكاديمي الأردني، فإن إسرائيل لا تميل للتفاوض مع "كتلة عربية" بل مع كل طرف لوحده، فالتجزئة هي الفكرة المهيمنة في عقل المفاوض الإسرائيلي، ومن المؤكد أن التفاوض الفردي مع كل دولة يجعل تأثير ميزان القوى أكثر من نتائج التفاوض مع كتلة.

ووفقا لعبد الحي، فإن إسرائيل حاليا تسعى لأن تضع الموضوعات المهمة لها أولا وهي موضوع الرهائن، وتدمير المقاومة، وفصل مسار غزة عن المسار اللبناني أو اليمني أو حتى العراقي -فالأمن هو أولويتها الأولى- ثم ستبحث بقية الموضوعات طبقا لجدولها.

ويرى أن الاختبار الأكثر أهمية لمحور المقاومة ومدى التزامه هو في الأسابيع القادمة وبخاصة بعد الانتخابات الأميركية، وضرورة تأكيد الربط الذي لا تنفصم عراه بين جبهات المحور، فإسرائيل ستعمل على العودة لتكتيك التجزئة بالقول بوقف إطلاق النار في لبنان، ثم نبحث في موضوع غزة.

7/ لماذا كثر الحديث عن وقف الحرب الآن؟

وصفت وسائل إعلام عبرية شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري بـ"أكتوبر الأسود"، نظرا لعدد القتلى في صفوف جيش الاحتلال الإسرائيلي، واعترف الاحتلال بمقتل 80 جنديا ومستوطنا بنيران المقاومة على مختلف جبهات القتال، منذ بداية الشهر.

ووفقا لصحيفة هآرتس الإسرائيلية -التي تنقل عن مصادر وصفتها بالمطلعة- فالمستويات الأمنية والعسكرية في إسرائيل، بمن فيهم وزير الدفاع يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي، باتوا يفهمون أن الجيش أصبح منهكا، خاصة أنه خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة حقق ما يصفونه بإنجازات عسكرية واستخباراتية مذهلة، ولذلك هم يرون أن الفرصة باتت حقيقية حاليا للتوصل لصفقة يتم من خلالها إعادة الأسرى من أسر حماس وإنهاء الحرب بغزة والشمال.

كما ترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أنه إذا استمرت الحرب لفترة طويلة، فسيكون من الصعب تحقيق أكثر بكثير مما تم تحقيقه بالفعل، في حين أن البقاء لفترة مطولة داخل غزة ولبنان يزيد من خطر التشابك وزيادة الخسائر المختلفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات وقف إطلاق النار فی فی لبنان حزب الله فی غزة

إقرأ أيضاً:

خبراء إسرائيليون يحذرون الاحتلال من نعي حزب الله وإزالته من خارطة التهديدات

يجمع الإسرائيليون في الآونة الأخيرة عددا من التطورات التي تزيد من الضغط على حزب الله، أهمها اغتيال قيادته السياسية والعسكرية الأولى، وسقوط نظام الأسد، وإضعاف المحور الإيراني، وتلقيه ضربات تلو الأخرى، مما أبعده عن خريطة التهديدات التي تستهدف الاحتلال.

ويتزامن ذلك مع إعلان الرئيس اللبناني عن نيّته نزع سلاح حزب الله، فيما يتم إزالة راياته من بعض المدن، ورغم كل ذلك، تصدر أصوات إسرائيلية ترى أنه من السابق لأوانه "تأبين" الحزب، وإزالته من خارطة التهديدات الأمنية. 

مجلة "غلوبس" الإسرائيلية أجرت في تقرير مطول ترجمته "عربي21"، جولة مع عدد من الباحثين العسكريين والاستراتيجيين لاستشراف مستقبل حزب الله في الساحة اللبنانية، ومدى خطورة التهديد الذي ما زال يمثله على دولة الاحتلال. 


شموئيل ألمي الكاتب في المجلة ذكر أن "الحملة العسكرية المباشرة ضد حزب الله التي شنها جيش الاحتلال قبل أشهر سبقها تخوفات إسرائيلية كبيرة من أنها ستضرّ بالدولة أكثر من أي وقت مضى، لكن مع بدئها، وتحقيقها لعدد من أهدافها، وبسرعة كبيرة، اختفت نبوءات الغضب بسرعة كبيرة، رغم أن ذلك لا يعني طي صفحة الحزب نهائياً". 

وأضاف أن "الحرب وتداعياتها في سوريا، مع الإطاحة بالأسد، أدت لثلاث تحديات كبرى وضعت الحزب في أخطر أزمة في تاريخه: أهمها القيادة عقب تصفية معظم قادته الكبار، واحدا تلو الآخر، لكن الضربة الأكثر تدميراً تكمن، بطبيعة الحال، في اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، صحيح أن لكل زعيم بديل، لكن هذا ليس بالضرورة هو الحال بالنسبة له، وقد حرص الاحتلال على استهداف كل بدلائه المحتملين".
  
أفيرام باليش، نائب رئيس مركز القدس للشؤون الخارجية والأمنية، ذكر أن "اغتيال نصر الله ومركز القيادة شكّلا ضررا كبيرا للحزب، الحديث يدور عن مركز قيادة عمل لسنوات بتناغم تام مع نفسه ومع إيران، كما أن هؤلاء رموز مهمة وخاصة، وقد أضرّ اغتيالهم بصورة الحزب، وكشف عن اختراقها الاستخباراتي والتكنولوجي ، مما ألحق ضررًا بالغًا به، ووضع صعوبات أمام استعادة صورته". 

 ميكي أهارونسون، الرئيس السابق لقسم الشؤون الخارجية في الأمانة السياسية لمجلس الأمن القومي، والباحث الحالي في مركز الاستراتيجية الكبرى (ICGS)، أكد أن "الحزب يخشى اليوم من تفكيكه، لأنه ضعف كثيرًا بسبب ضعف إيران، رغم أن الاحتلال لم يحقق عليه نصرًا كاملاً، فالحزب لا يزال لديه فروع حول العالم، صحيح أن سقوط الأسد أضعف الحزب، لكن بروز محور سوريا-تركيا-قطر لا يصب في المصالح الإسرائيلية". 

بانينا شيكير، عضو منتدى "ديبورا"، والمحاضرة في مركز شاليم الأكاديمي والكليات العسكرية، ومعهد القدس للاستراتيجية والأمن، زعمت أن "الحزب ضعف عسكريًا بشكل ملحوظ نتيجة الهجمات الإسرائيلية على مواقعه منذ سبتمبر 2024، وأدت لإضعافه سياسيًا، لكنه لا يزال متجذرًا بعمق في الحمض النووي اللبناني، كما أن الطائفة الشيعية لن تتخلّى بسهولة عن السلطة السياسية التي حصلت عليها بفضل الحزب". 


أورينا مزراحي، نائبة رئيس مجلس الأمن القومي السابق للسياسة الخارجية، والباحثة بمعهد دراسات الأمن القومي (INSS)، أوضحت أن "ضعف الحزب منح دولة لبنان سهولة التحرك ضد النشطاء المسلحين الفلسطينيين، ولكن رغم الحديث عن ضعف قيادة الحزب، وتضرّرها، لكن هناك آلاف العسكريين الذين تنبض فيهم روح المقاومة، وتبقي علامة استفهام كبيرة تتعلق بالنشاط العسكري للحزب في بقية أنحاء لبنان، صحيح أنه قد يغيب عن الجنوب كي لا يصطدم بالدولة، لكن لا أعتقد أنه سيغيب عن أماكن أخرى". 

تال باري، رئيس قسم الأبحاث بمركز "ألما" لدراسة التحديات الأمنية في الشمال، كشف أنه "منذ الإطاحة بالأسد، تم إغلاق طرق التهريب الجوي والبحري عبر سوريا للحزب، ومع ذلك، لا تزال عمليات التهريب مستمرة عبر الحدود البرية في البقاع وشمال شرقي لبنان، كما يتم إرسال شحنات نقدية بالطرق الجوية عبر تركيا والعراق، أي أن الحزب لجأ لطرق بديلة. 

روث واسرمان لاندا، عضو الكنيست السابقة ونائبة السفير في مصر وباحثة بمعهد ميسغاف للأمن القومي، ذكرت أن "تراجع دور الحزب في لبنان عقب ضعف الدور الإيراني أفسح المجال أمام قطر لملء الفراغ الناجم، وهي تعرض الاستمرار بتمويل الجيش اللبناني لزيادة نفوذها، كما تموّل جماعة الإخوان المسلمين، وحماس والمعارضة المصرية، قطر تعمل على جميع الجبهات للحفاظ على الإسلام السياسي، وانضمامها للجيش اللبناني أمرٌ مقلق للغاية لإسرائيل، ويجب لفت الانتباه إليه". 

مقالات مشابهة

  • إسرائيل تواصل العربدة وتقصف جنوب لبنان.. والوسطاء يتحدثون عن "بعض التقدم" في مفاوضات غزة
  • لبنان على صفيح ساخن.. قتلى بانتهاكات إسرائيلية والحكومة تدين
  • حزب الله أمام ارتباك أمني.. من يراقب مناطقه؟
  • الأونروا: إسرائيل تمنع المساعدات عن غزة منذ مارس وسط تصاعد العدوان | تفاصيل
  • ماذا سيفعل نزع سلاح حزب الله؟ الإجابة في تقرير
  • بري في موقف مفاجئ : لن نسلم السلاح الآن!
  • خبراء إسرائيليون يحذرون الاحتلال من نعي حزب الله وإزالته من خارطة التهديدات
  • نبيه بري: لن نسلم السلاح قبل أن تنفذ إسرائيل شروط وقف إطلاق النار
  • الرئاسة والحزب... نحو مخرج منظّم
  • تفاصيل مسودة اتفاق وقف دائم لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس