عربي21:
2025-03-01@19:22:14 GMT

مبادرة بهتشلي المفاجئة

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

فجَّر رئيس حزب الحركة القومية في تركيا، دولت بهتشلي، مفاجأة من العيار الثقيل في 22 تشرين الأول/ أكتوبر، حين دعا في كلمته أمام نواب حزبه إلى إطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون في جزيرة إمرالي، عبد الله أوجلان، والسماح له بإلقاء كلمة في البرلمان التركي أمام نواب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، ليعلن فيها حل المنظمة الإرهابية الانفصالية التي أسسها قبل 45 عاما في قرية فيس التابعة لقضاء ليجه بمحافظة ديار بكر.



بهتشلي ليس زعيما سياسيا عاديا، بل هو رئيس حزب يمثل القوميين الأتراك، ويدعم الحكومة التركية، كما أنه من أبعد الناس عن التساهل في محاربة الإرهاب الانفصالي، ولا يمكن الطعن في وطنيته ومدى حبه لبلاده. ولذلك، يرى كثير من المحللين أن المبادرة التي أطلقها ليست اقتراحا شخصيا للاستهلاك الإعلامي، بل إنها خطوة إستراتيجية للدولة التركية مبنية على قراءة عميقة للتطورات الإقليمية الأخيرة، واستشراف لمستقبل المنطقة، وتخطيط لحماية أمن تركيا القومي ومصالحها العليا.

من الصعب لكثير من القوميين الأتراك تقبل فكرة إطلاق سراح مؤسس المنظمة الإرهابية الانفصالية ليلقي كلمة في البرلمان التركي، حتى وإن أعلن في تلك الكلمة إلغاء حزب العمال الكردستاني. كما أن هناك سؤالا كبيرا يطرح نفسه وهو: "هل يملك أوجلان قدرة على حل حزب العمال الكردستاني وإنهاء أنشطته المسلحة؟"
الرأي العام التركي يناقش الآن مبادرة بهتشلي التي يصفها البعض بـ"التاريخية". ومن الصعب لكثير من القوميين الأتراك تقبل فكرة إطلاق سراح مؤسس المنظمة الإرهابية الانفصالية ليلقي كلمة في البرلمان التركي، حتى وإن أعلن في تلك الكلمة إلغاء حزب العمال الكردستاني. كما أن هناك سؤالا كبيرا يطرح نفسه وهو: "هل يملك أوجلان قدرة على حل حزب العمال الكردستاني وإنهاء أنشطته المسلحة؟".

أوجلان تم اعتقاله في مطار نيروبي وتسليمه إلى تركيا في شباط/ فبراير 1999، بعد أن طرده حافظ الأسد من سوريا خوفا من تهديد أنقرة. وفي طريقه من كينيا إلى تركيا، قال لرجال الاستخبارات التركية إنه مستعد لخدمة تركيا. ومنذ ذاك التاريخ يقود حزب العمال الكردستاني آخرون، على رأسهم مراد قارايلان. كما أن الولايات المتحدة، الداعم الأكبر للمنظمة الإرهابية، تملك نفوذا كبيرا في قراراتها. وبالتالي، يكاد يستحيل القول بأن أوجلان يمكن أن ينهي أنشطة حزب العمال الكردستاني من خلال الإعلان عن حل المنظمة.

مبادرة بهتشلي في حقيقتها دعوة للأكراد الموالين لحزب العمال الكردستاني إلى التخلي عن حلم الانفصال، والانخراط في العمل السياسي بدلا من أن يكونوا معاول هدم بيد الولايات المتحدة وإسرائيل لتفتيت دول المنطقة. ولا تهدف على الإطلاق إلى تخلي القوات التركية عن مكافحة الإرهاب أو جلوس الحكومة التركية على طاولة المفاوضات مع المنظمة الإرهابية.

رئيس حزب الحركة القومية واصل تصريحاته لشرح المفاجأة التي فجرها حتى لا يساء فهمها، وذكر أن "التركي الذي لا يحب الأكراد ليس تركيا، وأن الكردي الذي لا يحب الأتراك ليس كرديا"، في إشارة إلى روابط الأخوة التي تجمع الأتراك والأكراد. كما لفت الأنظار إلى ضرورة استخدام أساليب جديدة في مكافحة الإرهاب أكثر حزما من الاستراتيجية ذات النمط القديم، لضرب الرافضين لإلقاء السلاح. وفي ظل هذه التصريحات، تبدو مبادرته كـ"إنذار أخير قبل الضربة القاسية".

قادة حزب العمال الكردستاني الذين يقودون المنظمة الإرهابية منذ اعتقال أوجلان مستاؤون من مبادرة بهتشلي، ومن المؤكد أن هذه المبادرة أربكت أيضا حسابات الداعمين لحزب العمال الكردستاني ومشغِّليه، ودفعهم إلى الإسراع في الرد عليها من خلال الهجوم الإرهابي الذي استهدف مقر شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية "توساش" في العاصمة أنقرة، بهدف إفشالها.

الجيش التركي قام بتضييق الخناق على تحركات عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، من خلال عملياته العسكرية. وبالتالي، لا يأتي الخطر الأكبر لأمن تركيا واستقرارها من داخل أراضيها ولا من شمال العراق، بل من الأراضي السورية
كانت الحكومة التركية أجرت مفاوضات مع حزب العمال الكردستاني ما بين عامي 2013 و2015، من أجل إنهاء القتال بين المنظمة الإرهابية والقوات التركية، إلا أن تلك المفاوضات التي أطلق عليها "عملية السلام" انتهت بالفشل، واستغلها حزب العمال الكردستاني لتعزيز تواجده المسلح في المدن التركية. ومن المؤكد أن مبادرة بهتشلي ليست نسخة أخرى لتلك العملية التي دفعت تركيا ثمنها غاليا، إلا أن قادة حزب العمال الكردستاني والموالين للمنظمة الإرهابية يعتبرون هذه المبادرة فرصة جديدة للتفاوض مع الحكومة التركية والمطالبة بتخلي القوات التركية عن مكافحة الإرهاب، دون أن يتخلى حزب العمال الكردستاني عن سلاحه ولا أهدافه الانفصالية.

تركيا تسعى حاليا إلى تعزيز جبهتها الداخلية من أجل التفرغ لمواجهة التحديات الخارجية، وطي صفحة الإرهاب الانفصالي في أراضيها. ولم يبق داخل تركيا إلا عدد قليل من عناصر المنظمة الإرهابية، كما أن الجيش التركي قام بتضييق الخناق على تحركات عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، من خلال عملياته العسكرية. وبالتالي، لا يأتي الخطر الأكبر لأمن تركيا واستقرارها من داخل أراضيها ولا من شمال العراق، بل من الأراضي السورية. ولذلك، لا يمكن لتركيا إنهاء الإرهاب الانفصالي دون القضاء على أوكاره التي تحميها القوات الأمريكية والروسية، وإنهاء احتلال المنظمة الإرهابية على المدن والبلدات والقرى العربية في شمال سوريا وشرقها.

x.com/ismail_yasa

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه تركيا بهتشلي العمال الكردستاني الإرهابية المبادرة تركيا اكراد الإرهاب مبادرة العمال الكردستاني مقالات مقالات سياسة صحافة رياضة سياسة مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب العمال الکردستانی المنظمة الإرهابیة الحکومة الترکیة شمال العراق من خلال کما أن

إقرأ أيضاً:

بيان تاريخي وتطور غير مسبوق في تركيا .. أوجلان يدعو من السجن إلى حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح

 

في تطور سياسي قد يكون الأبرز منذ سنوات في المشهد التركي، أصدر عبد الله أوجلان، الزعيم التاريخي لحزب العمال الكردستاني بيانًا يدعو فيه إلى إلقاء السلاح وإنهاء الصراع المسلح الذي استمر لأكثر من أربعة عقود مع الدولة التركية.

وبحسب بيان من محبسه دعا أوجلان الحزب إلى حل نفسه وإلقاء السلاح، في خطوة قد تُعيد تشكيل خارطة القضية الكردية داخل تركيا.

بيان من داخل السجن وجاءت التصريحات عبر وفد من حزب المساواة والديمقراطية للشعوب (DEM) الذي زار أوجلان في سجنه بجزيرة إمرالي، حيث يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة منذ اعتقاله في عملية استخباراتية تركية عام 1999، في زيارة هي الثالثة من نوعها منذ كانون الأول / ديسمبر الماضي.

وأبلغ أوجلان الوفد بضرورة إنهاء العمل المسلح تمامًا، معتبرًا أن حزب العمال الكردستاني قد استنفد دوره كحركة مسلحة، وأن المرحلة القادمة يجب أن تكون مرحلة سياسية بامتياز، تُبنى على الحوار والمفاوضات بدلًا من السلاح والصراع.

ويعد الصراع المسلح بين حزب العمال الكردستاني والدولة التركية واحدًا من أطول النزاعات في المنطقة، إذ بدأ الحزب عملياته عام 1984 مطالبًا بدولة كردية مستقلة، قبل أن يتحول لاحقًا إلى المطالبة بالحكم الذاتي وحقوق سياسية وثقافية للأكراد داخل تركيا.

وعلى مدار العقود الماضية، شهدت تركيا فترات متفاوتة من التوتر والحوار، كان أبرزها اتفاق وقف إطلاق النار بين عامي 2013 و2015، قبل أن ينهار عقب تفجيرات دامية وهجمات عسكرية متبادلة.

وكان من المقرر أن يوجه زعيم حزب العمال، أوجلان، دعوة لأنصار حزبه في 15 فبراير الجاري، إلا أن هذه الخطوة لم تتم.

مقالات مشابهة

  • حزب العمال الكردستاني يستجيب لدعوة زعيمه وينهي 40 عاما من القتال ضد مع تركيا
  • بعد دعوة أوجلان..العمال الكردستاني يعلن وقف إطلاق النار مع تركيا
  • بعد دعوة أوجلان… «العمال الكردستاني» يعلن وقف إطلاق النار مع تركيا
  • بيان تاريخي وتطور غير مسبوق في تركيا .. أوجلان يدعو من السجن إلى حل حزب العمال الكردستاني وإلقاء السلاح
  • كيف تفاعلت المعارضة التركية مع دعوة أوجلان لإلقاء السلاح وحل العمال الكردستاني؟
  • تسلسل زمني.. محطات الصراع بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني
  • محطات رئيسية في الصراع بين تركيا و"العمال الكردستاني"
  • تركيا.. أوجلان يحث "العمال الكردستاني" على إلقاء السلاح
  • أوجلان يدعو حزب العمال الكردستاني لـ "حل نفسه" لإنهاء الصراع مع تركيا
  • تركيا.. «أوجلان» يدعو حزب العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحل نفسه