ما أهمية اتفاق المراسلات المصرفية بين السلطة وإسرائيل؟
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
تنتهي، آخر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، اتفاقية المراسلات المصرفية الموقعة بين القطاع المصرفي الفلسطيني وبنوك إسرائيلية، والتي تعطي الأخيرة غطاء قانونيا أمام أي دعاوى قد ترفع في المحاكم الأميركية أو الإسرائيلية بشأن قضايا ما تسمى تمويل الإرهاب.
ومنذ حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تحول اتفاق المراسلات المصرفية إلى صداع لدى البنوك العاملة بالسوق الفلسطينية، بسبب تأخر وزارة المالية الإسرائيلية في توقيع تمديده.
وحاليا، يدير بنكا ديسكونت وهبوعليم الإسرائيليان علاقات البنوك الفلسطينية مع النظام المصرفي في إسرائيل، وهو ما يتمثل في إرسال واستقبال التحويلات النقدية، خاصة تلك المتعلقة بمدفوعات التجارة.
ولحمايتهما من الدعاوى القضائية المرفوعة ضد السلطة الفلسطينية وبنوكها في الولايات المتحدة بتهمة "تحويل أموال للجماعات الإرهابية" أصدرت إسرائيل قبل 3 سنوات قرارًا بحماية هذين البنكين من أية تهم، وهو قرار يجدد سنويًا، بتوقيع من وزير المالية.
ومن دون هذه الحماية، سيتم تجريد السلطة الفلسطينية من الحصانة، وستكون البنوك الإسرائيلية كذلك معرضة لدعاوى قضائية سواء داخل إسرائيل أو في محاكم أميركية.
وسبق أن رفع إسرائيليون يحملون الجنسية الأميركية دعاوى ضد بنوك فلسطينية أو عاملة هناك، خلال السنوات الماضية، مثل البنك العربي وبنك فلسطين وبنك القاهرة عمان وبنك الاستثمار الفلسطيني، بتهم مرتبطة بتمويل الإرهاب، قبل أن يتم إسقاط هذه الدعاوى.
ومنذ الحرب على غزة، أصبح تجديد اتفاقية المراسلات يتم كل 3 أشهر بدلًا من عام كامل، إذ كان آخر تجديد لها في يوليو/تموز الماضي، عن الفترة بين أغسطس/آب وأكتوبر/تشرين الأول 2024.
أهمية العلاقةوتعتبر العلاقة مع البنوك الإسرائيلية مصلحة مصرفية فلسطينية في المقام الأول، لأن التحويلات النقدية لأغراض التجارة بين الجانبين لن تتم من دون هذه العلاقة.
ويبلغ حجم التجارة بين الجانبين شهريا قرابة 800 مليون دولار وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بينما تتجاوز قيمة التحويلات لكافة الأغراض قرابة مليار دولار شهريًا.
وتُعد البنوك الإسرائيلية مفتاحًا رئيسًا لولوج عديد البنوك الفلسطينية إلى النظام المصرفي العالمي. ومن دون هذه العلاقة، ستفقد غالبية البنوك في القطاع المصرفي الفلسطيني معظم مهامها الأساسية باعتبارها بنوكا كاملة الصلاحيات.
ويبلغ إجمالي أصول القطاع المصرفي الفلسطيني قرابة 22 مليار دولار، بينما تتجاوز ودائع العملاء حتى نهاية أغسطس/آب الماضي 17.5 مليار دولار، وتقترب التسهيلات من 12 مليارا.
البنوك الفلسطينية لن تستطيع تحويل الأموال أو التعامل عالميا من دون تجديد اتفاق المراسلات المصرفية (شترستوك)ويعمل في السوق المصرفية الفلسطينية 13 مصرفًا محليًا ووافدًا، بواقع 7 بنوك محلية و6 وافدة، منها 5 بنوك أردنية وآخر مصري، وفق بيانات سلطة النقد الفلسطينية.
وبموجب بروتوكول باريس الاقتصادي، تشرف سلطة النقد الفلسطينية على القطاع المصرفي، وتعمل بمثابة المستشار المالي الرسمي للسلطة في رام الله بالضفة المحتلة.
وتنظم سلطة النقد جميع أنواع النشاطات البنكية بما في ذلك نشاطاتها الخارجية، وترخيص البنوك المقامة محليًا وفروعها والهيئات التابعة لها، والمشاريع المشتركة والمكاتب التي تمثل البنوك الأجنبية، والمصادقة على السيطرة على المساهمين.
وتعتبر التجارة -التي ستكون متضررة أكثر- هي تلك التي تتم بين الجانب الفلسطيني وإسرائيل ومباشرة، مثل مدفوعات الكهرباء والمياه على سبيل المثال، إذ يستورد الفلسطينيون 90% من الكهرباء من إسرائيل، وقرابة 80% من المياه.
وفي حال عدم تمديد اتفاقية المراسلات المصرفية، فإن السوق الفلسطينية ستواجه شحًا في عديد السلع الحيوية، على رأسها الوقود، إذ يستورد الفلسطينيون 100% منه من الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى سلع حيوية أخرى.
يلين و7 من نظرائها حذروا من انهيار الاقتصاد الفلسطيني من بوابة القطاع المصرفي (أسوشيتد برس) قلق دوليوحذرت دول كبرى بقيادة الولايات المتحدة، الجمعة الماضية، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، من تسبب حكومته في انهيار الاقتصاد الفلسطيني من بوابة القطاع المصرفي.
وجاء ذلك في رسالة وجهتها وزارة الخزانة الأميركية و7 من حلفائها بالعالم إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حسبما أورد موقع أكسيوس الأميركي يوم الأحد.
ونقل الموقع -عن الرسالة التي اطلع عليها- أن وزيرة الخزانة جانيت يلين و7 نظراء أجانب حذروا نتنياهو من أن وزير ماليته بتسلئيل سموتريتش قد يكون على وشك التسبب في انهيار الاقتصاد الفلسطيني.
وسموتريتش هو المخول بالموافقة على تمديد المراسلات المالية بين البنوك في إسرائيل والضفة، والتي من دونها قد ينهار النظام المصرفي الفلسطيني.
ووفق الرسالة، فإن واشنطن وحلفاءها قلقون من أن سموتريتش لن يوقع تمديد الاتفاقية، وأن انهيار النظام المصرفي قد يكون له آثار خطيرة، بما في ذلك انهيار السلطة الفلسطينية وأزمة أمنية في الضفة.
وكان سموتريتش -وهو أحد السياسيين الأكثر تطرفا بالحكومة الإسرائيلية- قدم عددا من المطالب للبنوك الفلسطينية لمنع التمويل غير المشروع "الذي يخص تمويل عائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين".
وقد أبلغت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إسرائيل -الأسبوع الماضي- أنها قررت أن البنوك الفلسطينية استوفت الشروط التي حددها سموتريتش.
ومن المرجح أن يناقش مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي هذه القضية.
والجمعة الماضية، كان وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية في دول مجموعة السبع أنهوا اجتماعاتهم في واشنطن.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات المصرفی الفلسطینی البنوک الفلسطینیة القطاع المصرفی النظام المصرفی تشرین الأول من دون
إقرأ أيضاً:
تعرف على أبرز إيرادات السلطة الفلسطينية وديونها
رام الله – يضيق الخناق شيئا فشيئا على أهم الموارد المالية للسلطة الفلسطينية، فبعد مجموعة اقتطاعات من "المقاصة" بذرائع مختلفة تجاوزت في مجموعها حاجز 7 مليارات شيكل (1.89 مليار دولار)، صدر قرار قضائي إسرائيلي باحتجاز نحو 410 ملايين شيكل (110 ملايين دولار) منها.
وفي المنافذ والموانئ التي تسيطر عليها، تجبي إسرائيل، نيابة عن السلطة الفلسطينية جمارك عن البضائع المستوردة والمتجهة إلى الضفة الغربية وغزة، ثم تحولها إلى السلطة شهريا في عملية يطلق عليها "المقاصة".
قرار التجميد الصادر هذه المرة من بوابة القضاء، يستند إلى قانون أقره الكنيست الإسرائيلي في مارس/آذار الماضي، وفي 22 أكتوبر/تشرين الثاني الجاري أمرت المحكمة المركزية الإسرائيلية بتجميد المبلغ.
وجاء القرار إثر دعوى قضائية بقيمة تزيد على ملياري شيكل (540 مليون دولار) قدمتها عائلات إسرائيلية قتل أفراد منها في هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على غلاف غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويضمن تجميد الأموال تعويض العائلات في حال قبول المحكمة بالدعوى في نهاية المطاف.
وجاء في الدعوى أن السلطة -التي لم تشارك في الهجوم واستنكرته ولا تسيطر على قطاع غزة– لم تتخذ إجراءات "لإحباط اعتداءات إرهابية، بل قامت بتمويل الإرهاب ودفع أموال لأفراد عائلات مخربين".
وتواصل إسرائيل منذ سنوات اقتطاع أموال من مستحقات السلطة الفلسطينية بقرارات سياسية، وخاصة من قبل وزير المالية في الحكومة الحالية بتسلئيل سموتريتش، وزادت بشكل لافت منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، بمتوسط يبلغ 400 مليون شيكل شهريا (نحو 108 ملايين دولار).
إيرادات الحكومةوتنقسم إيرادات الحكومة الفلسطينية إلى 3 مصادر:
إيرادات محلية. إيرادات المقاصة. المنح والتمويل الخارجي.ووفق معطيات وزارة المالية بالحكومة الفلسطينية على موقعها الإلكتروني، بلغ صافي إيرادات الحكومة الفلسطينية على أساس نقدي خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري نحو 7 مليارات و520 مليون شيكل (نحو ملياري دولار).
إيرادات السلطة الفلسطينية المحلية بلغت 891 مليون دولار (الفرنسية)ووفق البيانات المالية بلغت الإيرادات المحلية من مجموع الإيرادات نحو 3 مليارات و300 مليون شيكل (891 مليون دولار)؛ منها نحو مليارين و170 مليون شيكل (586 مليون دولار) إيرادات ضريبية، في حين قدرت إيرادات الرسوم المحلية غير الضريبية بنحو 898 مليون شكل (236 مليون دولار).
وتشمل الإيرادات غير الضريبية الرسوم والطوابع في المعاملات والخدمات لمختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية، بما فيها رسوم التأمين الصحي الذي أدخل لموازنة الحكومة نحو 170 مليون شيكل (45 مليون دولار)، في الشهور الثمانية الأولى من العام الجاري.
أما صافي إيرادات المقاصّة فبلغ نحو 4 مليارات و220 مليون شيكل (1.13 مليار دولار).
في حين بلغ إجمالي الإيرادات من المنح الخارجية مليارا و425 مليون شيكل (655 مليون دولار)، منها 390 مليون شيكل (105 ملايين دولار) من الجزائر، ونحو 490 مليون شيكل (132 مليون دولار) ضمن آلية فلسطينية أوروبية لدعم وإدارة المساعدات الاجتماعية والاقتصادية.
ووفق موقع "الاقتصادي" الفلسطيني تشكل الإيرادات الضريبية ورسوم المعاملات الحكومية وأموال المقاصة، ما نسبته 85% من إجمالي الموازنة الفلسطينية، وما نسبته 10% تكون منحا خارجية والباقي قروض.
ووفق تحليل موقع "الاقتصادي" غير الحكومي للبيانات المالية فإن قيمة المنح والمساعدات الخارجية صعدت بنسبة 86% في أول 8 أشهر من العام الجاري، مقارنة مع الفترة المقابلة من العام الماضي والتي بلغت فيها المنح الخارجية 767 مليون شيكل (207 ملايين دولار).
أما إجمالي نفقات الحكومة خلال نفس الفترة فبلغت 11 مليارا و27 مليون شيكل (ملياران و978 مليون دولار)، منها نحو مليارين و600 مليون شيكل (702 مليون دولار) لوزارة الداخلية والأمن الوطني، وقرابة مليارين و500 مليون شيكل (675 مليون دولار) لوزارة التربية والتعليم.
الأموال المحتجزةووفق تصريحات صحفية لمدير مكتب الاتصال الحكومي محمد أبو الرُّب نهاية الأسبوع الماضي، فإن حوالي 7 مليارات شيكل (1.89 مليار دولار) من أموال المقاصة محتجزة لدى الجانب الإسرائيلي، منها قرابة 3 مليارات (810 ملايين دولار) تحت ذريعة أن السلطة تدفع مبلغا يساويها لعائلات الأسرى والشهداء.
سموتريتش يواصل إصدار قرارات لاحتجاز أموال المقاصة واقتطاع مبالغ منها بحجج كثيرة (الأناضول)وأشار إلى أن الأزمة المالية ليست وليدة الحكومة الحالية، إنما حكومات سابقة، وأن التزامات الحكومة الشهرية لا تقل عن مليار شيكل (270 مليون دولار)، ومع ذلك تستطيع اليوم دفع رواتب كاملة لنحو 70% من موظفي القطاع العام.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2021 يتلقى الموظفون العموميون في فلسطين وعددهم قرابة 146 ألف موظف، أجورا منقوصة، لعدم قدرة الحكومة على توفير كامل فاتورة أجورهم الشهرية.
وعن القضايا المرفوعة أمام المحاكم الإسرائيلية ضد السلطة الفلسطينية قال أبو الرّب إن مجموع قيمتها يتجاوز 3.5 مليارات شيكل (950 مليون دولار).
دين كبيرمن جهته يقول الخبير والباحث الاقتصادي مؤيد عفانة للجزيرة نت إن الدين العام للسلطة الفلسطينية وهو الرصيد القائم للالتزامات المالية الحكومية غير المسدد والمترتب عليها دفعه تسديدا لالتزاماتها سواء لبنوك محلية أو خارجية أو مؤسسات إقراض، بلغ نهاية أغسطس/آب الماضي نحو 14.5 مليار شيكل (نحو 3.54 مليارات دولار).
أما الأخطر -وفق الباحث الاقتصادي- فهو التزاماتها تجاه الموظفين والموردين والصناديق المختلفة حيث تبلغ متأخرات القطاع الخاص 1.5 مليار دولار، و1.5 مليار دولار متأخرات للموظفين.
وقال إن السلطة تقترض من صندوق التقاعد وحده -وهو صندوق سيادي الأصل أن يكون مستقلا عن السلطة- نحو 11 مليار شيكل (2.97 مليار دولار).
وتابع أن إجمالي التزامات السلطة الفلسطينية ما بين دين عام ومستحقات موردين ومتأخرات مختلفة للقطاع الخاص والموظفين والصناديق تصل إلى 11 مليار دولار.
توسيع الإيراداتوفق الباحث الفلسطيني فإنه من الممكن توسيع إيرادات السلطة الضريبية وتحديدا ضريبتي الدخل والقيمة المضافة.
وهنا يشير إلى أن قطاع العمل غير المنظم يشكل أكثر من نصف قطاع العمل في فلسطين وهو غير خاضع للضريبة، فضلا عن التهريب والتهرب الجمركي نتيجة سيطرة إسرائيل على نحو 61% من أراضي الضفة.
ويقول -استنادا إلى تقديرات مختصين- إن عمليات التهريب والتهرب الضريبي تصل إلى 40% من الإيرادات الضريبية.
وتابع أنه بإمكان السلطة أيضا توسيع دائرة الإيرادات عموديا بتوسيع شرائح ضريبة الدخل بما يشمل أصحاب الثروة ولا يمس الشرائح المهمشة.
وأشار إلى توجه لتعديل قانون ضريبة القيمة المضافة وقانون ضريبة الدخل بما يحسن الإيرادات الضريبية، ويقلل التهرب والتهريب الضريبي.