CNN Arabic:
2025-03-18@06:36:29 GMT

كيف تحولت أبرد منطقة على الأرض إلى وجهة ساخنة للسياح؟

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- في يومٍ مشمس خلال موسم الصيف في القارة القطبية الجنوبية، اصطدمت سفينة الرحلات البحرية " Seabourn Pursuit" بطبقة من الجليد البحري في خليج "هانوس". واندفعت السفينة إلى الأمام، وتفتت الجليد أسفل مقدمتها.

وخرج الركاب البالغ عددهم 250 شخصًا على متن السفينة إلى الشرفات لمعرفة ما يحدث.

ولكنهم لم يسرعوا باتجاه قوارب النجاة كما حدث على متن سفينة "تايتانيك"، بل غادروا المركبة ليتمكنوا من التجول على الجليد. 

تُعد الجبال الجليدية المهيبة من عوامل الجذب الرئيسية في القارة القطبية الجنوبية. Credit: Jason Evans

ولم تكن هذه صدفة، بل كانت تجربة مخططة، مع توفّر مائدة مزينة بكؤوس الشمبانيا للاحتفال بوصول المجموعة إلى القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا).

وشمل الركاب جريج وسوزانا مكوردي، وهما ضابطان متقاعدان من شرطة لاس فيغاس بأمريكا.

وتعمل سوزانا الآن كوكيلة سفر بدوام جزئي، ويقضي الثنائي فترة تقاعدهما بزيارة أكبر عدد ممكن من الأماكن الغريبة.

وبعد حمل كوبي الشمبانيا، رفع الثنائي لافتة صغيرة كُتِب عليها "القارة السابعة أنتاركتيكا 2024"، ووقفا لالتقاط صورة. 

صورة لسوزانا وجريج مكوردي خلال الرحلة.Credit: Jason Evans

وبفضل هذه الرحلة، انضم الثنائي إلى مجموعة صغيرة ولكن متنامية من الأشخاص الذين زاروا كل قارة على هذا الكوكب.

وقالت سوزانا إنّها لاحظت تغييرًا بين عملائها مؤخرًا، مشيرةً إلى أنّهم يرغبون بالمزيد من التجارب الأصيلة "خاصةً بعد كورونا".

وجهة مرغوبة يمكنك رؤية صغار البطاريق عند زيارة القطب الجنوبي في أواخر الصيف.Credit: Jason Evans

بدأ ارتفاع مستوى السفر إلى القارة القطبية الجنوبية قبل فترةٍ طويلة من إنتعاش السفر بعد جائحة كورونا.

وسجلت الرابطة الدولية لمنظمي الرحلات السياحية إلى القارة القطبية الجنوبية (IAATO) عدد السياح الذين يزورون القارة البيضاء منذ أوائل التسعينيات. 

وزار حوالي 7 آلاف شخص القارة كل عام في الماضي، وانفجرت الأرقام حقًا في نصف العقد الماضي. 

صورة من سفينة "Seabourn Pursuit" بين الجليد.Credit: Jason Evans

وفي شتاء عام 2017، زار نحو 44 ألف سائح القارة القطبية الجنوبية.

وهذا العام، تجاوز هذا العدد 122 ألف زائر، وهم يأتون بأعداد كبيرة لأن السفر إلى أبرد قارة على وجه الأرض أصبح أسهل وأكثر فخامة.

وقبل عقدين من الزمن، كان السفر إلى القارة يعني ركوب سفن أصغر حجمًا، وكانت هذه المركبات بمثابة "كاسحات جليد" سابقة من روسيا، وكندا، ودول قطبية أخرى. 

هذه الصورة تُظهر فقمة تأخذ قيلولة فوق الجليد.Credit: Jason Evans

ولم تكن التجربة على متنها فاخرة على الإطلاق، ولكن تبدو زيارة القارة اليوم مختلفة تمامًا.

وترى رئيسة تحرير مجلة "Cruise Critic"، كولين مكدانييل، أنّ الفضل في فتح أبواب السفر إلى القارة أمام المزيد من الزوار يعود إلى خطي " Lindblad" و"ناشيونال جيوغرافيك" للرحلات البحرية.

وأوضحت أن تلك الشركات "كانت رائدة حقًا في جلب تجربة القارة القطبية الجنوبية إلى المسافرين التقليديين. لكن تلك الرحلات البحرية الأولية كانت أقل فخامة مما نراه اليوم".

المخاوف البيئية تشكل الحياة البحرية جانبًا جاذبًا للسياح. Credit: Jason Evans

أثارت أرقام السياحة المتضخمة قلق بعض الخبراء بشأن التأثيرات البيئية لارتفاع عدد الزوار.

ووجدت دراسة أُجريت في عام 2022 ونُشرت في مجلة "Nature" أنّ الثلوج في القارة القطبية الجنوبية تذوب بشكلٍ أسرع بسبب زيارات السياح للقارة. 

ويستقر السخام الأسود، الذي يخرج من مداخن السفن السياحية، على الجليد ويجذب أشعة الشمس، ما يتسبب في ذوبان أطنان من الثلوج قبل أوانها. 

ووجد علماء البيئة أيضًا أنّ الوجود البشري المتزايد في القارة يؤدي لارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون بمنطقة ليست معتادة على ذلك.

وقال مشغلو السفن السياحية إنّهم يدركون التأثير البيئي. 

ويتلقى الركاب تعليمات مفصّلة بشأن عدم إحضار أي طعام خارجي أو ملوِّثات أخرى معهم إلى القارة. 

ويتم توجيههم بعدم الاستلقاء على الثلج أبدًا والحفاظ على مسافة بينهم وبين الحيوانات لمنع البكتيريا والفيروسات التي يحملها الإنسان من إصابة الحياة البرية.

المزيد من الطرق للوصول إلى القارة

في الأعوام الأخيرة، استثمرت شركات الرحلات البحرية مليارات الدولارات على سفن استكشافية فاخرة مبنية خصيصًا لهذه المهمة.

وتتميز سفينة "Seabourn Pursuit" وشقيقتها "Venture" بمنتجع فاخر، و9 مطاعم، و8 صالات وحانات لحوالي 250 راكبًا. 

وتحتوي كل من المقصورات البالغ عددها 132 مقصورة على أبواب زجاجية كبيرة وشرفة، ما يسمح للمسافرين بالوقوف في الخارج بسهولة ورؤية الجبال الجليدية.

وظهرت فئة جديدة من السفر إلى القارة القطبية الجنوبية مؤخرًا، حيث تقدم شركات مثل "Celebrity"، و"Norwegian"، و"Princess" زيارات تقتصر على "الرحلات البحرية فقط"، والتي تسمح للركاب برؤية القارة القطبية الجنوبية من دون ملامسة بيئتها الهشة.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: القارة القطبية رحلات سفن إلى القارة القطبیة الجنوبیة الرحلات البحریة فی القارة

إقرأ أيضاً:

الشمس والظلام وبينهما أفريقيا

تأخذ رواية “اللقالق لا تموت” للكاتب الكونجولي ألان مابانكو القارئ في رحلة عبر التاريخ الإفريقي المثقل بالمآسي والمؤامرات، حيث تتشابك الأحداث السياسية والقصص الشخصية لتعكس واقع القارة الذي لا يزال يعاني من إرث الاستعمار والاستغلال. منذ البداية، تهيمن رمزية الطيور البيضاء المحلقة، المستوحاة من قصيدة “اللقالق المحلقة” لرسول حمزاتوف، التي كتبها أثناء زيارته لساحة السلام في هيروشيما، أمام تمثال الطفلة ساداكو ساساكي، التي صنعت طيور الكركي الورقية قبل وفاتها بسبب آثار القنبلة النووية. تتحول هذه الصورة إلى استعارة تمتد على صفحات الرواية، حيث يعتقد الكاتب أن أرواح القادة المغتالين والمجاهدين الذين سقطوا دفاعًا عن أوطانهم لا تفنى، بل تظل تحلق في سماء إفريقيا كما تحلق اللقالق فوق روسيا تخليدًا لجنودها.

لكن الرواية لا تكتفي بهذه الرمزية، بل تغوص في عمق التاريخ الإفريقي، مستعرضة سلسلة طويلة من الاغتيالات السياسية التي نفذها الاستعمار الغربي أو دُبرت بأيادٍ إفريقية مأجورة، بدايةً من عام 1947 حين أطلق المجاهد عبد الكريم الخطابي عبارته الشهيرة “ليس في قضية الحرية حل وسط”. في هذا السياق، يظهر القائد الكونجولي ماتسوا الذي خدم في الجيش الفرنسي وتم تكريمه بالسجن والأشغال الشاقة حتى وفاته، في مفارقة تعكس كيف تعامل المستعمر مع من خدمه. عام 1958، اغتيل روبين أم نيوبي في قريته بواسطة جندي أسود يدعى بول أبدولاي، الذي كافأته فرنسا بوسام، ليكون ذلك نموذجًا للأسلوب الذي اعتمدته القوى الاستعمارية في تصفية خصومها. وفي عام 1960، اغتيل فليكس موممبي مسمومًا في سويسرا على يد المخابرات الفرنسية، بينما كان من أبرز دعاة التحرر والاستقلال. في العام نفسه، وقعت واحدة من أكثر الاغتيالات شهرة ووحشية، حين قُتل باتريس لومومبا بأيدٍ إفريقية وبإشراف مباشر من الاستخبارات الأمريكية والبلجيكية، حيث أطلق عليه الرصاص بغزارة حتى لم تُترك منه جثة يمكن التعرف عليها. أما في 1963، فقد شهدت توجو اغتيال أول رئيس منتخب للبلاد، سيلفانوس أولمبيو، ليكون ذلك بمثابة بداية لسلسلة من الاضطرابات التي لم تتوقف. عام 1965، اغتيل المناضل المغربي المهدي بن بركة في عملية تعاونت فيها أجهزة المخابرات الفرنسية والإسرائيلية والمغربية، ولم يُعثر على جثته حتى اليوم، فيما كان أحد المتهمين في قضيته، الجنرال أوفقير، يحاول لاحقًا تبرئة نفسه عبر انقلاب فاشل. ثم في 1973، تم اغتيال أميلكار كابرال، الأب الروحي لاستقلال غينيا بيساو والرأس الأخضر، على يد أعضاء من حزبه بتواطؤ من البرتغال وغينيا كوناكري، حيث أخفى الرئيس أحمد سيكو توري آثار الجريمة. في العام نفسه، اغتيل المعارض التشادي آوتل بونو في باريس، وفي 1977، اغتيل الرئيس الكونجولي ماريان نجوابي، وهو الحدث الذي تشكل حوله الرواية محورًا رئيسيًا لاستكشاف العنف السياسي في القارة.

وسط هذا المشهد الدموي، تأخذ الرواية بُعدًا إنسانيًا عبر شخصية ميشيل، الصبي ذو الثلاثة عشر عامًا، الذي يعيش مع والديه في قرية فونجو، حيث يرصد تفاصيل الحياة اليومية لأبناء القرى الإفريقية البسيطة، بين مسكنهم الفقير، ومأكلهم المتواضع، والعلاقات الاجتماعية التي تعكس تكافلًا يمتزج بالمعاناة. لكن حياة القرية هنا ليست مجرد خلفية للأحداث، بل إسقاط على واقع الكونجو، التي بدورها تصبح مرآة لما تعانيه إفريقيا بأسرها من فقر، وجوع، ومرض، وأمية، وكلها ظواهر لم تأتِ من فراغ، بل كانت نتيجة مباشرة للسياسات الاستعمارية التي استنزفت القارة لعقود طويلة.

على امتداد الرواية، تبرز إشكالية العلاقة بين المستعمر والمستَعمَر، حيث لم يكن الاحتلال مجرد نهب للثروات، بل كان أيضًا غرسًا عميقًا للمهانة والعبودية في نفوس الشعوب الإفريقية، كما زرعوا أشجار التوليب الإفريقي في أرضهم. يتجلى هذا بوضوح في اقتباس من الشاعر فيليس ويتلي، الذي يصور كيف ادعى المستعمرون أنهم أخذوا الأفارقة من الظلام إلى النور، مدعين أنهم علموهم الرحمة والمسيحية، بينما في الحقيقة لم يكن ذلك سوى غطاء لاستعبادهم ونهب خيراتهم. هذه الجدلية بين الظاهر والمضمر، بين ادعاء التحضر وممارسة القمع، تتكرر في أكثر من موضع بالرواية، وكأن الكاتب يؤكد أن تاريخ إفريقيا لم يكن سوى سلسلة من الخيانات، ليس فقط من القوى الاستعمارية، ولكن أيضًا من بعض أبناء القارة الذين تعاونوا معهم ضد بني جلدتهم.

الرواية، رغم أنها تغوص في التاريخ، لا تقدم سردًا تأريخيًا جافًا، بل تطرح رؤية نقدية بأسلوب روائي مشحون بالرمزية والعاطفة، يعكس براعة ألان مابانكو في تحويل الأحداث السياسية إلى مادة أدبية آسرة. بأسلوبه الساخر واللاذع، يعيد طرح الأسئلة الكبرى حول المصير الإفريقي، والتدخلات الخارجية، ودور الأفارقة أنفسهم في واقعهم المؤلم، حيث لم يكن المستعمر دائمًا هو من يطلق الرصاصة، بل كثيرًا ما كانت الأيادي الإفريقية هي التي ضغطت على الزناد. الرواية، بهذا الشكل، لا تكتفي بتقديم مأساة تاريخية، بل تحرض القارئ على التفكير في الحاضر، وربما في المستقبل، حيث لا تزال إفريقيا تئن تحت وطأة ماضٍ لم يُطوَ بعد.

الكاتب ألان مابانكو، المولود عام 1966 في جمهورية الكونجو، يعد من أبرز الأسماء الأدبية الإفريقية المعاصرة، إذ تمكن من تقديم صورة عميقة لإفريقيا، ليس فقط من خلال التاريخ، بل عبر تصوير الواقع الاجتماعي والسياسي بأبعاده المختلفة. بعد أن درس الحقوق في فرنسا، اتجه إلى الأدب ليصبح من أكثر الأصوات الروائية تأثيرًا، حيث تتميز أعماله بأسلوب يجمع بين السخرية اللاذعة والنقد العميق للمجتمعات الإفريقية، سواء في ظل الاستعمار أو بعد الاستقلال. حصل على العديد من الجوائز الأدبية، منها جائزة رينودو المرموقة عن روايته “ذكريات تمساح سيئ الحظ”. ومن أبرز أعماله الأخرى “الأزرق والأبيض والأحمر” و“الليل لا يُفضي إلى النهار”، حيث يتناول في معظم كتاباته قضايا الهوية، والصراعات السياسية، والإرث الاستعماري، مستعينًا بلغة أدبية تمزج بين الواقعية والرمزية، ليعكس من خلالها تجربة القارة الإفريقية بعيون أبنائها.

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم الأرض عن زلزال شرم الشيخ: ليس الأول ولا يستدعي القلق
  • أسياد الجليد في خطر.. معركة الدب القطبي مع تغير المناخ
  • أستاذ علوم الأرض: زلزال شرم الشيخ أمر طبيعي ولبس هناك خطر كبير
  • المسيحية الصهيونية.. كيف تحولت إلى أداة سياسية؟
  • صحيفة إسرائيلية: كيف تحولت المظلة الشراعية إلى سلاح سري لحماس؟
  • حققت رقمًا قياسيًا بعام 2024..أفضل 10 مواقع تابعة لخدمة المتنزهات الوطنية الأمريكية
  • الشمس والظلام وبينهما أفريقيا
  • اعتقال مستخدمين وصاحب مطعم بمراكش يقدمون وجبات متعفنة للسياح والزوار
  • كوريا الجنوبية تنشر مقاتلات قرب مجالها الجوي
  • طائرات عسكرية روسية تدخل منطقة الدفاع الجوي الكورية الجنوبية