30 أكتوبر، 2024

بغداد/المسلة: أزمة السكن في العراق تشكلت نتيجة تراكم سنوات من العشوائية والتخطيط الضعيف وارتفاع عدد السكان، ما أدى إلى نشوء أحياء تتوسع بلا حدود، وتفاقمت حتى أصبح نحو أربعة ملايين عراقي يعيشون في أحياء تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الأساسية، بعيداً عن أي تنظيم بلدي.

وبينما تشهد بغداد وحدها 1073 تجمعاً عشوائياً، تتوزع على باقي المحافظات أحياء تجاوز لم تشملها الحدود البلدية.

يشير أحد المواطنين، “العيش هنا صعب؛ إنني أضطر للانتظار لشهور لإصلاح طريق أو توصيل مياه نظيفة، ولا أستطيع الوصول لأي دعم حكومي حقيقي.”

الأزمة حثت الحكومة العراقية على إطلاق سلسلة من المشاريع لتلبية احتياجات السكان المتزايدة، كان أبرزها مشروع “المطور العقاري” الذي أعلنه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، والذي يهدف إلى توفير أراضٍ سكنية بأسعار رمزية وبشراكة مع القطاع الخاص، وهو ما يعكس تحولاً ملموساً نحو حل شامل لأزمة الإسكان.

ووفقاً لتحليلات السوق العقارية، فإن هذه الخطوة ستؤدي لنشوء صناعة محلية تدعم قطاع البناء، إذ من شأن المدن السكنية الجديدة تلبية الحاجة إلى المواد الإنشائية، وتقليص فجوة السكن بنسبة تصل إلى 50% خلال الأعوام الخمسة القادمة.

أحد المهتمين بالقضية يرى في حديثه أن “توجه الحكومة قد يبدو إيجابياً، لكن العبرة في التنفيذ والمتابعة، لأن تجارب سابقة في العراق بدأت قوية وانتهت دون أثر واضح على أرض الواقع.”

بينما يؤكد مسؤول في وزارة التخطيط أن الهدف من بناء هذه المدن ليس فقط معالجة أزمة السكن الحالية، بل تأسيس بنية تحتية تلائم التزايد السكاني المتوقع في العقد المقبل.

وتدرك الحكومة أن استمرار المشاريع السكنية لفترة تمتد إلى 15 عاماً قد يمثل حلاً طويل الأمد، لكنها تحتاج إلى ضمان عدم تحوّلها لمجمعات استثمارية باهظة التكلفة، بعيداً عن متناول الفقراء وأصحاب الدخل المحدود. فالوحدات السكنية في المجمعات الاستثمارية القائمة تُعد حالياً باهظة الثمن، بحيث لا يمكن للطبقات الثلاث – الفقيرة، المتوسطة، وذات الدخل المرتفع – تحمل كلفة امتلاكها، مما يكرّس الفجوة السكنية القائمة.

ووسط هذا الزخم من المشاريع والخطط الحكومية، تتباين آراء المواطنين حول مدى جدوى هذه الخطوات ومدى إمكانية تحقيقها للأهداف المعلنة.

أحد المواطنين، أحمد الجبوري، علق قائلاً: “المشروع يبدو كخطوة جيدة ، لكن للأسف اعتدنا على إطلاق مشاريع مماثلة في الحقب السابقة دون أن نرى تغييراً حقيقياً. المناطق العشوائية مثل منطقتنا في أطراف بغداد تتراكم فيها المشكلات؛ الطرق غير معبّدة، والخدمات الأساسية شبه معدومة. لا يكفي أن تُطلق الحكومة مشاريع جديدة، بل يجب أن تتابع التنفيذ وتحرص على وصول الدعم إلى المناطق الأكثر تضرراً، واعتقد ان حكومة السوداني جادة في الموضوع.”

من جانب آخر، ترى سعاد حسين، إحدى الساكنات في مجمعات سكنية مؤقتة، أن “توفير الأراضي بأسعار رمزية أمر مرحب به، لكن تسهيل حصول المواطنين على الوحدات السكنية هو الأهم. الشراكات مع القطاع الخاص عادة ما تؤدي إلى تضخيم أسعار العقارات حتى تصبح غير ميسّرة، وأخشى أن تصبح هذه المدن الجديدة أيضاً بعيدة عن متناول الفئات المتوسطة والفقيرة. حلم امتلاك منزل يظل بعيداً إذا لم تراعي الحكومة الإمكانيات المحدودة للكثير من المواطنين.”

هذه المخاوف تتوافق مع آراء محللين يرون أن مشاريع الإسكان تحتاج إلى سياسة واضحة تضمن وصول هذه الوحدات لمن هم في أمسّ الحاجة إليها، وأن الشراكات مع القطاع الخاص ينبغي أن تراعي القدرة الشرائية للمواطنين، حتى لا تتحول هذه المدن إلى تجمعات مغلقة لا تخدم سوى الطبقات الميسورة، تاركة أزمة العشوائيات بلا حلول جذرية.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

مصدر مطلع:المشاريع التي تفتح هي أصلاً مشاريع قديمة والفساد هو القرار السياسي

آخر تحديث: 16 فبراير 2025 - 10:14 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشف مصدر من داخل مجلس محافظة بغداد، اليوم الأحد، الفساد هو القرار السياسي الذي تعمل به المؤسسات الحكومية بما فيها مجلس بغداد ،وأضاف المصدر، إن “الصراع الدائر اليوم لا يتعلق بالخدمة العامة بقدر ما هو تنافس سياسي بين الكتل على المناصب”، مضيفا أن “بغداد تعيش حالة من الشلل الإداري، حيث لا تعقد الجلسات بصورة طبيعية، والمشاريع الحيوية متوقفة تماما”.ولفت إلى أنه “منذ انتخاب مجلس المحافظة الجديد لم تتم إحالة أي مشروع جديد، وكل المشاريع التي تُفتتح اليوم هي في الأصل مشاريع أُحيلت في الدورة السابقة، لكن يتم الترويج لها على أنها إنجازات جديدة”.وتابع قائلًا: “هناك خلافات عميقة بين أعضاء المجلس، وكل طرف يسعى لتعطيل عمل الآخر بدلا من التركيز على تقديم الخدمات. وهذا الأمر قد يدفع الحكومة المركزية إلى التدخل العاجل، لأن العاصمة لا يمكن أن تبقى في هذا الوضع لفترة أطول”.واكد المصدر ان عمار الحمداني الذي انتخب مؤخرا لرئاسة مجلس بغداد هو أصلا مقاول وعليه مبالغ ضريبية مترتبة على عمله ولم يدفها للدولة تبلغ أكثر من سبعة مليارات دينارا والقضاء الاداري اعاد رئيس مجلس بغداد السابق لمنصبه عمار القيسي والخلاف السياسي المبني على الفساد ما زال قائماً.

مقالات مشابهة

  • من يحدد معايير “المحتوى الهابط” في العراق؟
  • مصدر مطلع:المشاريع التي تفتح هي أصلاً مشاريع قديمة والفساد هو القرار السياسي
  • هل خضعت بغداد لضغوط خارجية لاستقبال الشيباني؟
  • الإعمار والإسكان تستعد لافتتاح مشاريع مرورية وجسرية في بغداد 2025
  • اعتداء على الكادر الطبي في مستشفى الكندي
  • العثور على جثة شابة غربي بغداد
  • العراق بشأن دعوة الشرع إلى قمة بغداد: ليس لدينا شروط
  • الأسواق تحت الرقابة.. بغداد تطمئن المواطنين قبل أيام من رمضان
  • تأجيل محاكمة منعش عقاري بمراكش إستولى على مليارات المواطنين ورفض تسليمهم شققهم السكنية
  • هزاع بن زايد يؤكد أهمية تطوير مشاريع سكنية تعزز رفاه المواطنين