السودان: ميليشيا جديدة تنشر قواتها في الشرق وتزيد من تعقيدات المشهد الأمني
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
أعلنت ميليشيا جديدة تُدعى “الأورطة الشرقية” نشر قواتها في شرق السودان، بالتزامن مع استمرار النزاع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». تلقت الميليشيا تدريبات في إريتريا، مما يزيد من المخاوف من تصاعد الصراع في السودان..
التغيير: الخرطوم: وكالات
أعلنت ميليشيا جديدة تُدعى “الأورطة الشرقية”، عن نشر قواتها في شرق السودان بالتنسيق مع الجيش السوداني الذي يخوض حرباً مستمرة مع «قوات الدعم السريع» منذ أكثر من عام ونصف، في أول انتشار لميليشيا مسلحة في مناطق لم تصلها الحرب سابقاً.
وقالت الميليشيا في بيانٍ لها الثلاثاء، إن “قواتكم الباسلة بقيادة الجنرال الأمين داود محمود، تنتشر وتتوسع في الإقليم الشرقي بعد مشاورات فنية وعسكرية مع القوات المسلحة”، وفقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وأكد البيان أن هذه الخطوة تأتي ضمن استراتيجية “حماية الأرض والعرض بالتنسيق مع المنظومة الأمنية في البلاد”.
ميليشيات مدربة في إريتريا
ويُعتقد أن “الأورطة الشرقية” واحدة من أربع ميليشيات تلقت تدريبات عسكرية في معسكرات بإريتريا، الأمر الذي يثير المخاوف من دخول أطراف مسلحة جديدة في النزاع المستمر، وسط غياب أي بوادر لحل يلوح في الأفق.
كما نشرت “الأورطة الشرقية” قواتها في ولاية كسلا المتاخمة لولاية الجزيرة، حيث شهدت الأخيرة هجوماً دموياً شنته قوات الدعم السريع على عدد من القرى المحاصرة، ما أدى إلى مقتل 124 شخصاً على الأقل، وفقاً لبيان أصدره وزير الصحة السوداني يوم الاثنين الماضي.
ارتفاع موجات النزوحوقد أسفرت موجة العنف التي اجتاحت ولاية الجزيرة عن نزوح عشرات الآلاف، حيث وثقت الأمم المتحدة، عبر مكتبها لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، نزوح أكثر من 47 ألف شخص باتجاه ولايتي كسلا والقضارف هرباً من أعمال العنف الأخيرة.
اندلع الصراع في السودان منتصف أبريل 2023 بين الجيش، بقيادة عبد الفتاح البرهان، القائد العام للجيش، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، مما تسبب في أزمة إنسانية كبرى، إذ خلفت الحرب عشرات الآلاف من القتلى وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص، منهم 3.1 مليون نزحوا خارج البلاد، وفق بيانات المنظمة الدولية للهجرة.
ووصفت الأمم المتحدة الأزمة المستمرة في السودان، البلد الإفريقي المهم، بأنها من أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.
ورغم عدم امتداد المعارك إلى شرق السودان الذي يضم ولايات البحر الأحمر وكسلا والقضارف، حيث أصبحت بورتسودان عاصمة مؤقتة للبلاد، فإن انتشار ميليشيات جديدة يزيد من تعقيد المشهد الأمني، ويهدد بتوسيع دائرة النزاع، ما قد يهدد استقرار المنطقة ويزيد من صعوبة جهود إحلال السلام.
الوسومالأمين داؤود محمود الأورطة الشرقية حرب الجيش والدعم السريعالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: حرب الجيش والدعم السريع قوات الدعم السریع قواتها فی
إقرأ أيضاً:
هكذا تبدو مدينة ود مدني بعد استعادتها من قوات الدعم السريع
ود مدني- تبدو مدينة ود مدني الواقعة وسط السودان مدينة شاحبة الوجه بعد أن شردت الحرب أهلها وأحالتها لمدينة أشباح، فلا يوجد بها سوى القليل من الناس الذين أجبرتهم الظروف على البقاء تحت وطاءة الحرب.
وتحولت ود مدني، التي استطاعت قوات الجيش السوداني استعادتها من سيطرة قوات الدعم السريع، من عنوان للجمال والثقافة إلى مدينة مهجورة ينتشر فيها الدواب والكلاب والجوارح التي تتغذى على جثث قتلى الحرب في شوارع المدينة.
مركبتان تابعتان للدعم السريع تم تدميرهما خلال استعادة المدينة (الجزيرة) مدينة الدم والرصاصما يبدو لافتا بمجرد الدخول إلى مدينة ود مدني هو تردد أصوات الرصاص في كل أرجاء المدينة، فثمة احتفالات من جنود القوات المسلحة السودانية بالمدينة، إذ لا توجد وسيلة يعبرون بها عن فرحتهم باستعادة المدينة إلا إطلاق زخات من الرصاص في الهواء الطلق، وبينما يبدو صوت الرصاص مرعبا للقادمين إليها، يتعايش القاطنون بالمدينة معه كونها عانت ويلات الحرب طوال عام ونصف العام.
الرصاص ليس وحده هو العنوان الأبرز في المدينة، فرائحة الدم المنبعثة من الجثث تستقبلك بمجرد الدخول إلى ود مدني، كما أن ثمة جثثا ملقاة على الأرض صارت وجبة للكلاب الضالة التي أصابتها التخمة وهي تعتاش على لحوم البشر الذين سقطوا جراء المواجهات بين الجيش والدعم السريع.
إعلانوقد تزاحمت على الجثث أيضا الجوارح (الصقور) لا سيما بالقرب من كوبري البوليس غرب مدني، حيث توجد أكثر من 30 جثة ملقاة على الأرض لعناصر سقطوا خلال مواجهات استعادة المدينة.
المشهد ذاته يتكرر بالقرب من مدخل حي عووضة حيث لاحظ مراسل الجزيرة نت قيام جنود من الجيش بحفر قبر جماعي لأكثر من 6 جثث لعناصر الدعم السريع، أما في مدخل جسر حنتوب من الناحية الغربية فتوجد أكثر من 3 جثث محترقة تماما لعناصر الدعم السريع، وبالقرب منهم سيارات مدمرة ودبابة معطلة.
مركبة محترقة بعد استهدافها من قوات الجيش (الجزيرة) أحياء مهجورةوخلال جولة في أحياء المدينة التي كانت تعج بالجمال والنشاط السكاني ومزدحمة مروريا، تحولت هذه الأحياء إلى أماكن مهجورة وتغيرت ملامحها بحيث يصعب على العائدين إليها التعرف عليها، فحي الزمالك -أعرق أحياء ود مدني- يبدو كأنه خال من السكان، التجوال في الحي يجعلك تلاحظ سكونه، حيث لا يوجد غير أصوات الطيور وبعض الباحثين عما ينهبونه.
ثمة العديد من الأحياء التي تغيرت معالمها بالكامل، في حين تبدو الأحياء المطلة على النيل أكثر حيوية مثل حي القسم الأول والدباغة والقبة، كما أن المحلات التجارية منهارة في جميع أحياء ود مدني، فلا مخابز تعمل ولا متاجر ولا أسواق صغيرة، جميعها تحولت لأطلال بفعل الحرب.
ملامح الحرب والدمار تعمّ شوارع ود مدني (الجزيرة) أسواق مدمرةود مدني كانت أحد مراكز التجارة المهمة لمعظم مدن الإقليم الأوسط في السودان، وزادت الحركة التجارية في أسواقها بعد اشتعال المعارك في الخرطوم، إذ نقل الكثير من التجار تجارتهم صوب ود مدني التي تعد الأقرب للخرطوم، غير أن جميع محلاتها توقفت بمجرد دخول قوات الدعم السريع إلى المدينة.
وعند مدخل ود مدني هتفت سيدة بشكل هستيري قائلة للجزيرة نت "تعبنا لكن صمدنا"، مشيرة إلى أنها عانت من انتهاكات الدعم السريع لكنها لم تغادر منزلها لظروف أجبرتها على البقاء. الوضع لا يختلف كثيرا عن أخريات تحدثن للجزيرة نت، تقول إحداهن إنها تعرضت للضرب من قوات الدعم السريع لمجرد أنها كانت تعمل في وقت سابق طباخة لدى الجيش.
إعلانوحول كيفية الحياة في ظل انعدام المخابز والكهرباء والماء والمحلات التجارية، يقول مواطن للجزيرة نت فضل حجب اسمه، إن المواطنين كان يشترون احتياجاتهم من أسواق تمبول شرق مدني، وذلك قبل مغادرة قائد قوات درع السودان أبوعاقلة كيكل صفوف الدعم السريع للتحالف مع الجيش.
ويشير المواطن السوداني إلى أن سوق تمبول كان مستمرا في العمل ويوفر الاحتياجات الأساسية من الدقيق والسكر والزيوت، إلا أن شراء هذه المواد الغذائية لا يتم إلا بتصديق من استخبارات الدعم السريع، ودفع ضريبة مالية محددة.
ولفت إلى تعقد الأوضاع الاقتصادية بود مدني بعد انتقال أبوعاقلة كيكل للقتال إلى جوار الجيش، حيث ضيق الدعم السريع على المواطنين وقيد حركتهم، في وقت توقفت فيه الكهرباء والماء والاتصالات عن المدينة منذ اليوم الأول لدخول قوات الدعم السريع في يناير/كانون الثاني 2024.
أحد مظاهر الدمار الكبير الذي لحق بالمدينة منذ سيطرة الدعم السريع عليها (الجزيرة) خدمات نادرةوخلال فترة سيطرة عناصر الدعم السريع على المدينة، كان المواطنون يتعاملون بالطاقة الشمسية الممملوكة لتلك العناصر لشحن الهواتف المحمولة مقابل مبلغ مالي، ويستخدمون إنترنت الأقمار الاصطناعية "ستار لينك" المملوكة لقوات الدعم السريع للتواصل مع الأهل واستقبال التحويلات البنكية، ويتم إحضار الماء بوسائل نقل تقليدية من النيل عبر العربات التي تجرها الحمير والبغال.
في اليوم الثاني لدخول الجيش السوداني إلى المدينة، حضر الفريق شمس الدين كباشي مساعد قائد الجيش السوداني إلى المدينة، ووجه السلطات بضرورة الإسراع في إعادة الخدمات، كما وجه بتنظيف المدينة وتطهيرها.
وأكد قائد العمليات العسكرية بمدينة ود مدني العقيد أركان حرب عبادي الطاهر للجزيرة نت أنهم يعملون بالتنسيق مع حكومة ولاية الجزيرة لإعادة الماء والكهرباء وإزالة الألغام تمهيدا لعودة السكان إليها، كما تفقد عدد من المهندسين محطة مياه المدينة استعدادا لصيانتها وإعادتها للخدمة، كما تسعى شركات الاتصالات لإعادة خدماتها في المدينة.
إعلان