رغم أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) أعطت الأولوية للحوار بحثا عن حل في النيجر، فإنها منحت في المقابل ضوءا أخضر لتدخل عسكري ضد الانقلابيين، الذين استولوا على السلطة في نيامي، من خلال تفعيلها مادة "قوة الاحتياط".

غير أن الخبراء يشككون في إمكانية شن عملية عسكرية يصفونها بأنها عالية المخاطر ويصعب تنفيذها، رغم التهديدات المتتالية من مجموعة إيكواس.

صعوبة تعبئة قوة تدخل

تكلف إيكواس "قوة الاحتياط" بمهمات لها ارتباط بحفظ السلام، وسبق أن نشرتها في 4 دول هي سيراليون وليبيريا وغينيا بيساو وغامبيا.

لكن مارك أندريه بوافير، الباحث والمستشار حول منطقة الساحل في مركز "فرانكوبيه" في مونتريال، أوضح أن المنظمة الإقليمية "لم تتوافق يوما على نوع المهام المحددة التي ينبغي أن تضطلع بها هذه القوات".

وقال إن تشكيل مثل هذه القوة "يتوقف على إرادة المساهمين" فيها، الأمر الذي "يتطلب الكثير من المفاوضات بين الدول"، لافتا إلى أن "هناك الكثير من الريبة بين بلدان" إيكواس.

وأبدت السنغال وبنين ونيجيريا وساحل العاج استعدادها لإرسال قوات، لكنها تواجه انتقادات داخلية، كما تصطدم بتردد دول أخرى من غرب أفريقيا.

ورأى إيلي تيننباوم من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن "قوة الاحتياط الأفريقية في جوهرها لم تصمم لإعادة الانتظام الدستوري في بلد شهد انقلابا.. الدول الأفريقية هي في غالب الأحيان شديدة الحرص على سيادتها ولا سيما في مسائل الأمن والدفاع".

كما أنه "من الصعب فصل قوات من هذه الجيوش التي تعدّ هشّة وتفتقر إلى الوسائل"، على حد اعتباره.


توازن قوى لصالح نيامي

وحدها دولة ساحل العاج أوضحت حتى الآن عديد القوات التي يمكنها إرسالها لمثل هذا التدخل، وهو ألف عسكري.

واعتبر الجنرال السنغالي منصور سيك أنه "يجب تعبئة 3 إلى 4 آلاف جندي لمثل هذه العملية".

وبحسب ما أعلن الرئيس النيجري المخلوع محمد بازوم عام 2022، فإن عديد الجيش في بلاده يقارب 30 ألف عنصر، بينهم حوالي 11 ألفا منتشرين في ساحة القتال.

من جهة أخرى، حذرت مالي وبوركينا فاسو مجموعة إيكواس من أن أيّ تدخل في النيجر سيكون بمثابة "إعلان حرب". لكن قدرة قواتهما على مساندة العسكريين الانقلابيين في نيامي تبقى موضع شك، في وقت يواجه فيه جيشا البلدين داخليا مجموعات إسلامية مسلحة.

في هذه الأثناء نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن قيادي عسكري كبير في إحدى دول مجموعة إيكواس توقعه أن أي تدخل عسكري لإنهاء الانقلاب في النيجر يحتاج إلى تحضير يستغرق 6 أشهر.

وأوضح القيادي العسكري أن قوة الاحتياط التابعة لإيكواس عبارة عن "قشرة فارغة"، حسب تعبيره، تحتاج إلى التعبئة بالجنود والعتاد.

ونقلت "وول ستريت جورنال" عن مسؤول دفاعي أميركي رفيع قوله إن التهديدات المضادة من مالي وبوركينا فاسو وغينيا والقوات التي استولت على السلطة في النيجر قد تردع إيكواس عن اتخاذ إجراءات عسكرية.

عملية عسكرية محفوف بالمخاطر

يتفق جميع الخبراء على صعوبة تنفيذ مثل هذه العملية العسكرية في النيجر أو في عاصمتها.

ففي حال شنّ هجوم بري، ستضطر قوات دول غرب أفريقيا إلى عبور مئات الكيلومترات من الأراضي المعادية. كما تحيط شكوك مماثلة بإمكانية شن عملية جوية على القصر الرئاسي حيث يحتجز الرئيس المخلوع.

وفي حال شن هجوم على القصر الرئاسي، يشير المحللون إلى أن مطار نيامي ستكون له أهمية إستراتيجية لنشر قوات محمولة جويا.

وأكد المحلل والعسكري النيجري السابق أمادو باونتي ديالو أن رؤساء أركان دول إيكواس "يريدون السيطرة على مطار نيامي وقصف القصر الرئاسي، لكنْ لدينا دفاع جوي حديث قادر على إسقاط طائراتهم".

ولفت الجنرال سيك إلى أنه "من السهل على الانقلابيين السيطرة على مدرج الهبوط، يكفي أن يحشدوا عليه آلاف الشبان" ولن يتمكن الطيارون من إطلاق النار عليهم من أجل تحريره. وأضاف "لن تكون هذه عملية عسكرية بسيطة.. ومن المخاطر المطروحة أن يطول أمد النزاع، وهذا يتوقف أيضا على تصميم الناس محليا".

وسيشكل الحرس الجمهوري، الذي تصدر الانقلاب وعديده 700 عنصر، محور أي مقاومة، غير أن استعداد الوحدات الأخرى في الجيش النيجري للقتال في حال حصول تدخل تبقى موضع جدل.

ورأى مستشار للرئيس المخلوع أن هذه الوحدات انضمت إلى الانقلاب "لتفادي حمام دم، هي لا تريد الوصول إلى حالة حرب. وما إن تتحقق (هذه الفرضية) حتى ترون وحدات كثيرة تنأى بنفسها".

في المقابل، يؤكد مصدر أمني نيجري أن "الجنود النيجريين لن يهربوا.. التدخل سوف يوحد صفوفهم".


عواقب غير محسوبة

ورغم عدم وضوح خطة إيكواس للتدخل عسكريا في النيجر، فإنه في المجمل لا يمكن التكهن بعواقب تدخل في نيامي قد يتسبب في وقوع ضحايا مدنيين.

ويبدي العديد من أنصار الانقلابيين الذين يتظاهرون بانتظام في العاصمة استعدادهم لمساندة جيشهم.

وقال إيلي تيننباوم "كل هذا من أجل تحرير رئيس يقول الانقلابيون إنهم سيعدمونه إذا شنت إيكواس عملية".

وبالإضافة إلى كل ذلك، فمن غير المحتمل أن تتدخل الولايات المتحدة وفرنسا مباشرة على أرض النيجر، إذ قد تؤدي مثل هذه المشاركة إلى دعم أكبر لقادة الانقلاب في النيجر بسبب تفاقم المشاعر المعادية للفرنسيين في جميع أنحاء المنطقة.

كما أن الدعم الفرنسي لتدخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في النيجر يمكن أن يجعل قادة غرب أفريقيا أكثر حذرا من دعم الإجراء، بسبب القلق من الأعمال الانتقامية في الداخل نكاية في باريس.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: النيجر قوة الاحتیاط غرب أفریقیا فی النیجر

إقرأ أيضاً:

عراقجي: على المجتمع الدولي التدخل لوقف جرائم إسرائيل المتواصلة في لبنان وغزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم السبت، إن إسرائيل تواصل ارتكاب الأعمال العدائية والجرائم في لبنان وغزة، داعيًا المجتمع الدولي للتدخل لوقفها، وفقًا لما أفادت به قناة "القاهرة الإخبارية".

وأضاف "عراقجي" من العاصمة السورية دمشق، أن زيارته إلى سوريا تهدف إلى استمرار المشاورات حول التطورات في المنطقة، موضحًا أنه تم إجراء مشاورات مهمة للغاية مع مسؤولين في الحكومة اللبنانية في بيروت، حيث جرت مناقشات جيدة، وسنواصلها لمزيد من الحوار في دمشق.

وأشار إلى أنه لطالما كنا على تواصل وثيق مع أصدقائنا في الحكومة السورية بشأن التطورات الإقليمية والنقاش الأهم اليوم هو حول وقف إطلاق النار في لبنان وغزة، وهناك مبادرات قيد التنفيذ، وقد أجرينا مشاورات نأمل أن تحقق نتائج إيجابية.

وأوضح أنه من المؤسف أن الأعمال العدائية والجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني لا تزال مستمرة، مشيرًا إلى أن الكيان الصهيوني لا يفهم سوى لغة القوة والحرب ويواصل جرائمه يوميًا في بيروت وغزة، مما يستدعي جهدًا جماعيًا من المجتمع الدولي لوقف هذه الانتهاكات.

وكان وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، زار لبنان أمس، حيث التقى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، لمناقشة المستجدات في الساحة اللبنانية، مؤكدًا دعم بلاده لحق لبنان في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتوجه عراقجي اليوم إلى دمشق على رأس وفد في زيارة رسمية، لمناقشة العلاقات الثنائية والتطورات الإقليمية مع المسؤولين السوريين رفيعي المستوى، وفقًا لبيان صادر عن وزارة الخارجية الإيرانية.

مقالات مشابهة

  • الشح: الأزمة الليبية وصلت إلى مستوى يصعب معه حلها
  • مفتى الهند: قلق على ما يحدث في فلسطين.. وعلى العالم التدخل
  • برشان: لا أحب حكومة الدبيبة لكن استبدالها سريعاً محفوف بالمخاطر
  • لجنة التنسيق اللبنانية – الفرنسيّة: التدخل الإسرائيلي البري انتهاك جديد وخطير
  • عراقجي: على المجتمع الدولي التدخل لوقف جرائم إسرائيل المتواصلة في لبنان وغزة
  • بايدن: بوجود الحوثيين وحزب الله يصعب التنبؤ بمستقبل الشرق الأوسط
  • أهداف الاحتلال المحتملة في إيران .. قائمة خيارات محفوفة بالمخاطر
  • "الإسكان" تناقش موقف مشروعات مياه الشرب والصرف الصحي وإدارة الحمأة المخطط تنفيذها مع القطاع الخاص
  • قادة الاحتلال: التوغل في لبنان محفوف بالمخاطر و”الوحل اللبناني عميق ومغرق” وسيكلفنا الكثير
  • صحافة عالمية: حزب الله قادر على جعل العملية البرية محفوفة بالمخاطر