قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الإمام الحسين رضى الله عنه هو الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي أبو عبد الله ريحانة النبي ﷺ وشبهه من الصدر إلى ما أسفل منه ولما ولد أذن النبي صلى الله عليه و سلم في أذنه وهو سيد شباب أهل الجنة وخامس أهل الكساء .

أمه السيدة فاطمة بنت رسول الله ﷺ سيدة نساء العالمين. 

وأبوه سيف الله الغالب سيدنا عليُّ بن أبي طالب رضى الله عنه. 

ولد الإمام الحسين (أبو عبد الله) رضى الله عنه، في الثالث من شعبان سنة أربع من الهجرة، بعد نحو عام من ولادة أخيه الحسن رضى الله عنه، فعاش مع جده المصطفى ﷺ نيفًا وست سنوات.

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لما ولد الحسن سميته حربا فجاء رسول الله ﷺ فقال : " أروني ابني ما سميتموه " قلنا : حربا قال : " بل حسن " . فلما ولد الحسين سميته حربا فجاء النبي ﷺ فقال : " أروني ابني ما سميتموه " قلنا : حربا قال : " بل هو حسين " . 

وقد استشهد الحسين، وله من العمر سبعة وخمسون عامًا، واستُشْهِدَ في يوم الجمعة أو السبت الموافق العاشر من المحرَّم في موقعة كربلاء قريبًا من (نِينَوَى) بالعراق، عام إحدى وستين من الهجرة.

قتله حولي بن يزيد الأصبحي، واجتزَّ رأسه الشريفَ سنانُ بن أنس النخعي، وشمر بن ذي الجوشن، وسلب ما كان عليه إسحاق بن خويلد الخضرمي.

وقد شهد الحسين مع والده واقعة (الجمل)، و(صِفِّينَ)، وحروب الخوارج وغيرها، كما شارك بعد وفاة أبيه في فتح أفريقيا وآسيا، كما سجَّله سادة المؤرخين.

وقد دفن جسده الطاهر بكربلاء بالعراق، أمَّا الرأس الشريف فقد طيف بها إرهابًا للناس، ثم أودعه في مخبأ بخزائن السلاح، فبقي به مختفيًا إلى عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز (أي بعد 35 سنة) الذي بويع له بعد سليمان بن عبد الله في سنة 96هـ، ففي أول هذه المدة من خلافته سأل عن الرأس الكريم ومسيره وما صار إليه، فأخبر بأمره فأمر بإحضاره فجئ به من مخبئه؛ فطيب وعطر ثم أمر بوضعه في طبق في جانب من الجامع الأموي بدمشق، فبقي به إلى سنة 365هـ. وفيها ثار هفتكين الشرابي غلام معز الدولة أحمد بن بويه على دمشق، فدخلها بجيوشه قادمًا من بغداد، ثم أعلن القتال، وعسكر بالجامع الأموي ونهب ما به من تحف وآثار وانتزع كسوته الذهبية إلى غير ذلك، وقد تطاولت يده إلى رأس الإمام الحسين، فأخذها من الطبق التي كانت مودعة به بناحية في المسجد الأموي، وكان المعز لدين الله حينما بلغه قيام هفتكين حاول محاربته، فاستعان عليه بعامله إبراهيم بن جعفر على دمشق ثم بغيره، فمات المعز في سنة 366هـ؛ فأشفق العزيز بالله بن المعز الفاطمي من استفحال ملكه ، وعظم عليه أمر الرأس الكريم وما صنع هفتكين، فسير إليه في سنة 366هـ جيشًا عرمرمًا بقيادة القائد جوهر الصقلي، فسار إليه من القاهرة حتى وصل إلى دمشق، فعسكر بجيوشه خارجها، ثم أعلن القتال فقاتله وتابعه في كل منزل نزله حتى آخر مطافه بعسقلان، وفي أثناء ما كان هفتكين بعسقلان وقد أحس بالضعف والتقهقر وغلبة القائد جوهر عليه، دفن الرأس الكريم في مكان من عسقلان وستره عن جوهر ، ثم لما اشتعلت الحروب الصليبية، وخاف الخليفة الفاطمي على الرأس؛ فأذن وزيره (الصالح طلائع بن رزيك) فنقلها إلى مصر بالمشهد المعروف بها الآن.

وعندما دخلوا بالرأس الشريف دخلوا من جانب باب الفتوح بموكب حافل يتقدمه الأمراء فالأعيان فالقضاة فالعلماء فالدعاة، وكان الرأس محمولا في إناء من ذهب، وملفوفًا في ستائر المخمل والديباج والابريسم، يحمله زعيم من زعماء الدولة الفاطمية، وعن يمينه قاضي القضاة وداعي الدعاة، وعن يساره قضاة المالكية والشافعية، ووالي مدينة عسقلان ، ويتقدم الجميع الوزير الصالح طلائع بن رزيك، وأمام الموكب وخلفه كتيبة من كتائب الحرس الخليفي بموسيقاها ثم حاشية القصر، ولما وصل الموكب إلى منظرة الخليفة بباب الفتوح وقف الموكب قليلًا حتى نزل الخليفة الفائز بحاشيته تظله كوكبة من الفرسان والمشاة، فتقدم الموكب بين يديه، حتى دخل به إلى قصر الزمرد في ذلك الجمع الحاشد، وكان دخولهم إليه من الباب البحري للقصر المسمى بباب الزمرد، فضمد الرأس الكريم وعطر ووضع في لفائف المخمل والحرير والديباج على كرسي فاخر وحفر له قبر في الجانب الأيمن من القصر المذكور، وعطر القبر ونزل فيه الخليفة وقاضي القضاة وداعي الدعاة، فوضعوه في منتصف القبر ثم أحكموا غلقه.

واستقرت الرأس الشريفة بالقاهرة فنوّرتها، وباركتها، وحرستها إلى يوم الدين، فالحمد لله رب العالمين.

وقد تزوج الحسين رضى الله عنه بعدد من النساء؛ رجاء كثرة النسل، لحفظ أثر البيت النبوي، كما فعل أبوه من قبل، وقد حَقَّقَ الله هذا الرجاء، فحفظ ميراث النبوة وعصبتها في نسل الحسن والحسين وزينب أخت الحسين، وفاطمة ابنته، رضي الله عن الجميع.

أمَّا أبناؤه، فهم: عليٌّ الشهيد، أمُّه: برة بنت عروة بن مسعود الثقفي من أشرف بيوت العرب.

عليٌّ الأوسط (أو المثنى)، واشتهر بالإمام ، وعليٌّ الأصغر (أو المثلث)، واشتهر بزين العابدين السَّجَّادِ، وأمهما: الأميرة مشهر بانو بنت كسرى شاهنشاه ملك الفرس.

محمد، وعبد الله، وسكينة الكبرى، والصغرى، وأمهم: الرباب بنت امرئ القيس الكندية من ملوك العرب. 

جعفر، وأمه: القضاعية. 

فاطمة ،وزينب، وأمهما: أم إسحاق بنت طليحة بن عبد الله من كبار الصحابة.

ولكن نسل الحسين رضى الله عنه كله كان من عليٍّ الأصغر (زين العابدين السجَّاد - لأنه كان كثير السجود -) فمن بنتيه: فاطمة وزينب ، وإن كانت ذرية فاطمة قليلة ونادرة. 

وقد روى الحاكم وصححه عن الرسول ﷺ قال: «حُسَيْنٌ مِنِّي، وَأَنَا مِنْ حُسَيْنٍ، اللهمَّ أَحِبَّ مَنْ أَحَبَّ حُسَيْنًا، حُسَيْنٌ سِبْطٌ مِنَ الأَسْبَاطِ، الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ».

وروى ابن حِبَّانَ وابن سعد وأبو يعلى وابن عساكر عنه ﷺ أنه قال: «من سَرَّهُ أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة؛ فلينظر إلى الحسين بن عليٍّ رضى الله عنه».

* قال الشاعر المحب:
قيل: تشقى بحبِّ (آل النبي)  * قلتُ: هذا كلامُ غاوٍ غبي
فاز كلبٌ بحبِّ أصحاب كهف * كيف أشقى بحبِّ (آل النبيِّ) !

* وقال الإمام الشافعي :
يا راكباً قف بالمحصّب من منى * واهتف بقاعد خيفها والناهضِ
سَحَراً إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضاً كمُلتطم الفرات الفائضِ
إن كان رفضاً حبّ آل محمد * فليشهد الثقلان أنّي رافضي

* وقال الشيخ محيي الدين بن عربي :
فلا تعدل بأهل البيت خلقاً * فأهل البيت هم أهل الشهادهْ
فبغضهم من الاِنسان خسرٌ * حقيقيّ وحُبّهم عبادهْ

* وقال صفي الدين الحلي :
يا عترة المختار يامن بهم * يفوز عبدٌ يتولاهمُ
أُعرفُ في الحشر بحبّي لكم * إذ يُعرَف الناس بسيماهمُ. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: استشهاد الإمام الحسين سيدنا الحسين آل البيت الإمام الحسین رضى الله عنه عبد الله بن عبد

إقرأ أيضاً:

إذا أردت أن تمتثل لأمر الله ورسوله.. علي جمعة: عليك بهذا الأمر

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إن المسلم إذا أراد أن يمتثل لأمر الله ورسوله وأن يكون رحيمًا؛ فعليه أن يبتعد عن الغلو، وكلما سمع هذه الكلمة ، عليه أن يعلم أن النبي قد نهاه عنها، فيسِّر ولا تعسِّر، كن أنت وردةً في مجتمعك وبين ناسك.

واستشهد علي جمعة، بما ورد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي قال : « إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَىْءٍ مِنَ الدُّلْجَةِ » [البخاري].

وتابع:  عليك أن تبتعد عن كل ما فيه غلو وتشدد وتعصب ، فهذا شيء قبيح وسيء، ولا يكون أبدًا من الرحمة ؛ فإن الرحمة تكمن في التيسير.

كما قال رسول الله : «إنَّ اللهَ فرضَ فرائضَ فلا تُضيِّعوها ، وحَدَّ حدودًا فلا تعتَدوها ، وحرَّمَ أشياءَ فلا تنتهِكوها ، و سكَت عَن أشياءَ رحمةً بكم غيرَ نسيانٍ ، فلا تَبحثوا عَنها».

ونصح علي جمعة، من يريد أن يمتثل لأمر الله ورسوله، أن ييسر، ويقلل من الأسئلة، ومن التفتيش، ومن البحث، ومن التشديد على النفس.

يقول سيدنا رسول الله: « إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ ، وَلاَ تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ » [السنن الكبرى للبيهقي] 
وهذا رأيناه فيمن يشدد على نفسه حتى يملَّ العبادة « فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا» فيترك الدين لأنه ثقل عليه.

وتابع: «إِنَّ هَذَا الدِّينَ مَتِينٌ فَأَوْغِلْ فِيهِ بِرِفْقٍ ، وَلاَ تُبَغِّضْ إِلَى نَفْسِكَ عِبَادَةَ اللَّهِ » اجعلها سهله ، «فَإِنَّ الْمُنْبَتَّ لاَ أَرْضًا قَطَعَ ، وَلاَ ظَهْرًا أَبْقَى» المنبت هو ذلك الذي يسير بجمله في الصحراء، فلا يريد راحة الجمل ولا راحة نفسه ؛ فيموت الجمل، فيجلس بجواره لا يستطيع الانتقال،فتذهب الراحلة التي كان يرتحل عليها. لا تفعل هذا مع نفسك ، فإن هذا الدين متين ، فأوغل فيه برفق.

قَالَتْ عَائِشَةُ –رضى الله عنها- : "صَنَعَ النَّبِىُّ -ﷺ- شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ" -يعني أن بعض الناس لا يريدون أن يعملوا مثلما عمل النبي ﷺ- فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ  ﷺ. فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ : « مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً» [البخاري].

مقالات مشابهة

  • حديث النبي عن الزواج.. من استطاع منكم الباءة فليتزوج
  • داعية إسلامي: النبي كان في أقواله وأفعاله نموذجًا للطف والرحمة
  • ليلة النصف من شعبان وتحويل القبلة.. أسرار الرحمة وكرامة النبي
  • سرٌ عظيم في الاستغفار.. يفتح لك أبواب الرزق ويقودك إلى الجنة!
  • إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق .. علي جمعة يوضح
  • 5 كلمات حث عليها النبي أمته.. اعمل بهن وعلمهن لغيرك
  • إذا أردت أن تمتثل لأمر الله ورسوله.. علي جمعة: عليك بهذا الأمر
  • سبب يستهين به البعض لكنه يغفر ذنوبك ويدخلك الجنة.. علي جمعة يوضحه
  • لماذا أوصى النبي بذكر الله في كل وقت وحال؟.. بسبب 10 جوائز ربانية
  • ماذا أفعل إذا كانت ذنوبي كثيرة؟.. انتبه لـ10 حقائق بحديث النبي