تحذيرات أممية من تداعيات الصراع في البحر الحمر وأثر ذلك على الانتعاش الاقتصادي
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
حذرت عدة وكالة أممية من أن المخاطر الكبيرة لا تزال قائمة مع اتساع الصراعات التي تؤدي إلى تفاقم التوترات في مختلف أنحاء المنطقة، مع تداعيات سلبية على الشحن الدولي في البحر الأحمر.
وقالت وكالة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة -في تقريرها السنوي عن التجارة والتنمية- إن تداعيات اتساع الصراع في الشرق الأوسط والهجمات على الشحن في البحر الأحمر التي تشكل "خطرا كبيرا" على احتمالات انتعاش الاقتصاد في المنطقة.
وذكرت أن منطقة غرب آسيا بما في ذلك الشرق الأوسط وتركيا في طريقها إلى تحقيق نمو بنسبة 2.4% هذا العام، ارتفاعاً من 2.0% العام الماضي. وقالت إن النمو قد يتسارع إلى 3.9% العام المقبل ولكن فقط "في حالة غياب المزيد من التصعيد للتوترات، فيما تركز المخاطر بشكل خاص في إسرائيل ولبنان واليمن والأراضي الفلسطينية.
وبحسب البيان فإن المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن شنت هجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر تضامنا مع حركة حماس في غزة، مما أجبر البحارة على اتخاذ طرق بديلة طويلة المدى. وأعلن المتمردون مسؤوليتهم عن ثلاث هجمات جديدة في الأيام الأخيرة، على الرغم من أن وتيرة الهجمات تبدو أبطأ.
وذكرت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، أن الرحلات البحرية الأطول زادت من الإيرادات في صناعة النقل البحري، لكنها جاءت مع "جانب مظلم" بسبب التداعيات البيئية الأعلى. وقالت إن التهديدات الأمنية في البحر الأحمر أدت إلى زيادة كل من تكاليف الشحن وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
وتأخذ توقعات عامي 2024 و2025 في الاعتبار أيضاً احتمالات تقلب أسعار السلع الأساسية نتيجة للصراع في الشرق الأوسط والاضطرابات في البحر الأحمر. ويستند النمو المتوقع في غرب آسيا إلى استقرار أسعار النفط وانتعاش الاقتصادات الرئيسية المصدرة للنفط.
كما حذر مسؤولون في الأمم المتحدة من أن التوترات الجيوسياسية وعدم اليقين بشأن كيفية تصرف الحكومات "من المرجح أن تحد من التعافي" على مستوى العالم.
وقالت الأمينة العامة للوكالة، ريبيكا جرينسبان، إن النمو "الطبيعي الجديد" البطيء الذي شهدناه منذ عام 2008 يُظهر علامات على التدهور بشكل أكبر.
وأضافت أن "التحولات المهمة في الجغرافيا السياسية والتفكير الاقتصادي ــ بما في ذلك عودة السياسة الصناعية وأنماط التجارة المتعددة الأقطاب والابتكارات التكنولوجية الجديدة ــ تشير إلى أن العولمة نفسها وصلت إلى نقطة تحول".
ويتوقع التقرير نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.7% في عامي 2024 و2025، وهو ما يمثل ثلاث سنوات متتالية أقل من اتجاه النمو قبل الجائحة الذي بلغ ثلاثة في المائة. ويعتقد المسؤولون أن الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي كلها تسير في "مسارات نمو متباطئة أو ضعيفة".
يشير إلى أن سياسات التجارة الليبرالية التي تم تطبيقها منذ تسعينيات القرن العشرين تتحول نحو سياسات حمائية وتدخلية أكثر جوهرية"، في حين أصبحت قواعد الهجرة وسوق العمل "أكثر تقييدا".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اقتصاد البحر الأحمر الأمم المتحدة الحوثي الملاحة الدولية فی البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
أين وصل التعاون الاقتصادي بين أنقرة ودمشق؟
أنقرة- في خطوة وُصفت بأنها تمهد لمرحلة جديدة من الانفتاح الاقتصادي بين أنقرة ودمشق، أجرى وزير التجارة التركي عمر بولات زيارة رسمية إلى العاصمة السورية يومي 16 و17 أبريل/نيسان الجاري على رأس وفد رفيع ضم ممثلين عن كبرى الاتحادات والمؤسسات التجارية التركية.
وتُعد الزيارة أول تحرك اقتصادي بهذا المستوى منذ اندلاع الأزمة السورية، وقد حظيت بترحيب رسمي سوري عبّر عنه وزير الاقتصاد والصناعة محمد نضال الشعار، واصفًا المباحثات مع بولات بأنها "مثمرة وتعكس الروابط الأخوية بين البلدين"، مشيرًا إلى أنها "ستشكل بداية لشراكة اقتصادية متينة تخدم مصلحة الشعبين".
من جانبه، أكد الوزير بولات التزام أنقرة بدعم جهود التعافي الاقتصادي في سوريا، معتبرا أن "استقرار سوريا ووحدتها يصبّ في مصلحة تركيا أيضا"، مشددًا على أن إعادة بناء الاقتصاد السوري تمثل ركيزة أساسية لمواجهة التحديات المشتركة، وعلى رأسها الإرهاب وأزمة اللجوء.
اتفاقيات قيد النقاشوأثمرت مباحثات الوفد التركي في دمشق توافقا مبدئيا بين الجانبين على الشروع في مفاوضات تهدف إلى إبرام اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، تشمل تخفيض الرسوم الجمركية تدريجيًا، وتشجيع الاستثمارات المشتركة، وإعادة تأهيل المناطق الصناعية والبنى التحتية المتضررة، وفق ما صرح به وزير التجارة التركي عمر بولات.
ويأتي هذا التوجه بالتوازي مع استئناف النقاش حول اتفاقية التجارة الحرة الموقعة عام 2007، التي جُمدت مع اندلاع النزاع السوري في 2011. وأكدت مصادر رسمية للطرفين وجود تفاهم أولي لتوسيع نطاق الاتفاقية وتكييفها مع المتغيرات الاقتصادية الراهنة.
إعلانكما اتفق الجانبان على مراجعة شاملة لاتفاقيات حماية الاستثمار ومنع الازدواج الضريبي، بما يمهّد لإلغاء العمل باتفاقية عام 2004 واستبدالها بإطار قانوني جديد أكثر شمولًا وحداثة.
وشملت المحادثات ملفات تنفيذية على الأرض، في مقدمتها تسهيل الإجراءات الجمركية، وإنشاء مناطق حرة ومدن صناعية مشتركة، وتطوير قطاع النقل والخدمات اللوجستية بين البلدين. كما تم التوافق على تكثيف الزيارات المتبادلة بين مسؤولي الوزارات ودوائر الأعمال خلال المرحلة المقبلة، وتفعيل قنوات التواصل بين غرف التجارة واتحادات المستثمرين بهدف تسريع خطوات التنسيق وتنفيذ المشاريع.
وفي إطار هذه التفاهمات، أعلنت الحكومة السورية اعتماد نظام جمركي جديد دخل حيز التنفيذ يوم 11 يناير/كانون الثاني الماضي، وشمل تعديل 6302 تعرفة جمركية تتصل بالحدود البرية مع تركيا ودول الجوار.
كما قررت خفض الرسوم الجمركية على 269 سلعة تركية أساسية في مجالات الغذاء ومواد البناء، وذلك استجابة لمقترح تركي طالب بتيسير دخول المواد الحيوية للأسواق السورية لتجنب ارتفاع الأسعار والتضخم.
انتعاش التبادل التجاري
وواصل التبادل التجاري بين تركيا وسوريا مساره التصاعدي مدفوعًا ببوادر الانفراج السياسي والتنسيق الاقتصادي المتزايد بين البلدين. فقد بلغت الصادرات التركية إلى سوريا خلال عام 2024 نحو 2.2 مليار دولار، في حين لم تتجاوز الواردات السورية إلى السوق التركية 450 مليون دولار، وفق بيانات وزارة التجارة التركية.
ومطلع عام 2025، شهدت الحركة التجارية تسارعًا ملحوظا، إذ سجلت صادرات أنقرة إلى شمالي سوريا خلال الفترة بين 1 و25 يناير/كانون الثاني الماضي ما قيمته 219 مليون دولار، بزيادة نسبتها 35.5% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي والتي بلغت آنذاك 161 مليون دولار.
ويعكس هذا النمو المتواصل تطلعات الجانبين إلى رفع سقف التبادل التجاري الثنائي إلى 10 مليارات دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، بالتزامن مع انطلاق مشاريع إعادة الإعمار بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب.
وتُظهر المقارنة التاريخية أن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ ذروته في عام 2010 بنحو 2.3 مليار دولار، قبل أن ينهار إلى 565 مليون دولار فقط في عام 2012 بسبب تداعيات الحرب وقطع العلاقات الرسمية.
وفي مؤشر جديد على تحول العلاقة الاقتصادية بين أنقرة ودمشق من التنسيق النظري إلى التطبيق العملي، شرعت تركيا في اتخاذ إجراءات ملموسة لتيسير حركة التجارة والتنقل مع سوريا.
وأعلنت وزارة التجارة التركية، في منتصف أبريل/نيسان الجاري، رفع القيود المفروضة على التبادل الحدودي، لتُعامل السلع المتجهة إلى سوريا بالشروط المطبقة نفسها في تجارة الترانزيت مع بقية دول الجوار، في خطوة اعتُبرت تمهيدا لعودة انسيابية لحركة البضائع.
وفي 21 أبريل/نيسان الجاري، أصدرت الوزارة تعميمًا جديدا يسمح للمرة الأولى منذ عام 2011 بعبور السيارات السورية، الخاصة والتجارية، إلى الأراضي التركية عبر المعابر البرية الرسمية.
وجاء هذا التطور عقب اجتماع جمع وزير التجارة التركي عمر بولات مع وزير النقل السوري يعرب بدر، حيث تم الاتفاق على تسريع الإجراءات الجمركية والفنية في المعابر، ووضع خطة مشتركة لتفعيل النقل الترانزيتي عبر الأراضي السورية، بما يربط تركيا مباشرة بأسواق الخليج العربي والشرق الأوسط، ويوفر مسارات بديلة للطرق الدولية التقليدية.
وتزامنًا مع هذه الخطوات البرية، أعلنت الخطوط الجوية التركية مطلع العام الجاري استئناف رحلاتها إلى مطار دمشق الدولي بعد انقطاع دام 13 عامًا، في حين تجري مباحثات لربط الموانئ السورية، خصوصًا في اللاذقية وطرطوس، بالموانئ التركية على البحر المتوسط، إلى جانب بحث إعادة تشغيل خطوط السكك الحديدية المتوقفة.
تحالف جديد
ويرى المحلل الاقتصادي مصطفى أكوتش أن التحالف الاقتصادي بين أنقرة ودمشق يُعاد تأسيسه من الصفر، لا على قاعدة ترميم الماضي، بل عبر شراكة إستراتيجية ترتكز على التكامل في الإعمار والطاقة والنقل، وتستند إلى توافق سياسي بين حليفين.
إعلانويؤكد أكوتش، في حديث للجزيرة نت، أن التحول السياسي في سوريا أتاح فرصة نادرة لإرساء بنية اقتصادية مشتركة، مشيرا إلى أن تركيا تمتلك أدوات فاعلة لدفع الإعمار، لكنها تواجه تحديات أبرزها ضعف البنية التحتية، والاعتماد على التمويل الخارجي، والفجوة المؤسساتية بين الاقتصادين.
وفي السياق ذاته، تؤكد الباحثة الاقتصادية مريم أويانيك أن القطاع الخاص التركي مرشح للعب دور محوري في إنعاش الاقتصاد السوري، لما يتمتع به من خبرة في بيئات ما بعد النزاع، لكنها تشدد -في حديثها للجزيرة نت- على أهمية توفير بيئة قانونية مستقرة وآمنة للاستثمار، تضمن الشفافية وتحفّز رأس المال على الدخول بثقة واستدامة.