حكم قراءة القرآن جماعة بصوت واحد.. الإفتاء تجيب
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد لها من احد المتابعين جاء مضمونه كالتالي "ما حكم قراءة القرآن جماعة بصوت واحد؟ فأنا أتقنت حفظ كتاب الله تعالى، وأملك مركزًا لتحفيظ القرآن الكريم، وممَّا سلكته من طرق التحفيظ للأطفال أن أقوم بتحديد بعض الآيات لهم بحيث يردّدونها في جماعة بصوت واحد؛ إذ هو أبعث للهمَّة وأدعى للحفظ، كما أنني أنوي تجويد هذه الطريقة على نمط قراءة مشاهير القراء، ولكن نهاني أحد أصدقائي عن ذلك بدعوى أنَّه بدعة؛ فما حكم ما أقوم به؟".
قالت الإفتاء يجوز الاجتماع على قراءة القرآن الكريم بصوتٍ واحدٍ؛ إذ استحباب الاجتماع على تلاوة القرآن الكريم ومدارسته جاء عامًّا، فيبقى على عمومه الشامل لشتى صور الاجتماع على التلاوة والمدارسة؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أخرجه مسلم.
فضل تعلم القرآن وتعليمه
وعن فضل تعلم القرآن وتعليمه، قالت الإفتاء: حثَّ الشرع الشريف على تعلم القرآن وتعليمه، وجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم متعلمَ القرآن ومعلِّمَه خيرَ الأمة، فعن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» أخرجه البخاري.
قال الإمام ابن بطال في "شرح البخاري" (10/ 265، ط. مكتبة الرشد): [حديث عثمان يدل على أن قراءة القرآن أفضل أعمال البر كلها؛ لأنه لما كان مَن تعلَّم القرآن أو علَّمه أفضلَ الناس وخيرَهم دل ذلك على ما قلناه؛ لأنه إنما وجبت له الخيريةُ والفضلُ مِن أجل القرآن، وكان له فضلُ التعليم جاريًا ما دام كلُّ مَن علَّمه تاليًا] اهـ.
مذهب الإمام مالك في حكم قراءة القرآن جماعة
روي عن الإمام مالك كراهتها؛ قال العلامة الخرشي في "شرح مختصر خليل" (1/ 352، ط. دار الفكر): [وكره مالك اجتماع القراء يقرؤون في سورة واحدة، وقال: لم يكن مَن عمل الناس، ورآها بدعة] اهـ.
وإنَّما قال الإمام مالك بالكراهة لضبط بعض الطرق غير المشروعة في القراءة؛ كأن يصاحب تلك القراءة لتحسين الأصوات محاولة زيادة بعضهم في صوته بما يُخرِج القراءة عن ضوابط التجويد، ينظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (1/ 298، ط. دار الغرب الإسلامي)، أو لتَلبُّس بعض من يمارسها بالمباراة في الحفظ والمباهاة في التقدم فيه، كما في "المنتقى" لأبي الوليد الباجي .
الأدلة على مشروعية قراءة القرآن جماعة
جاء في ذلك من فعل الصحابة رضوان الله عليهم أنَّ أبا الدرداء رضي الله عنه كان يدرس القرآن معه نفر يقرؤون جميعًا. ينظر: "التبيان" للنووي ص: 102.
قال سويد بن عبد العزيز: كان أبو الدرداء إذا صلَّى الغداة في جامع دمشق اجتمع الناس للقراءة عليه؛ فكان يجعلهم عشرة عشرة وعلى كلِّ عشرة عرِّيفًا، ويقف هو في المحراب يرمقهم ببصره، فإذا غلط أحدهم رجع إلى عريفه فإذا غلط عريفهم رجع إلى أبي الدرداء يسأله عن ذلك، وكان ابن عامر عريفًا على عشرة، كذا قال سويد، فلما مات أبو الدرداء خلفه ابن عامر.
وعن مسلم بن مِشْكَمٍ قال: قال لي أبو الدرداء: اعدد من يقرأ عندي القرآن، فعددتهم ألفًا وستمائة ونيفًا، وكان لكلِّ عشرةٍ منهم مقرئ، وكان أبو الدرداء يكون عليهم قائمًا، وإذا أحكم الرجل منهم تحوَّل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه. ينظر: "معرفة القراء الكبار" للذهبي.
وممَّا يُستدَل به على الجواز أيضًا: ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ» أخرجه مسلم.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: دار الإفتاء قراءة القرآن الكريم قراءة القرآن حكم قراءة القرآن النبی صلى الله علیه وآله وسلم قراءة القرآن رضی الله عنه م القرآن
إقرأ أيضاً:
ما حكم الانشغال بالتصوير أثناء أداء الحج والعمرة؟.. الإفتاء تجيب
قالت دار الإفتاء المصرية، إن التصوير أثناء مناسك الحج جائز شرعًا بشرط ألَّا يؤدي إلى تعطيل الحجاج الآخرين، والتصوير المبالغ فيه قد يوقعهم مع الحرج، خاصة في وجود كبار السن وأصحاب الحالات الخاصة الذين يتأخرون بسبب التقاط الكثير من الصور التذكارية.
وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما حكم كثرة الانشغال بالتصوير أثناء أداء مناسك الحج والعمرة؟ أن الواجب على المرء المحرم وغير المحرم أن يلتزم الأدبَ والوقارَ أثناء وجوده في الأماكن المقدسة كالبيت الحرام.
وتابعت دار الإفتاء: وقد أمر المولى سبحانه وتعالى بأن نعظم هذا البيت ونحترم قدسيته، كما أن اللائق بالحاج أن يكون منشغلًا بالخشوع في أداء المناسك، حتى يكافئه المولى سبحانه وتعالى بالأجر والثواب، فيكون حجُّه مبرورًا مقبولًا.
وأكدت دار الإفتاء أن المبالغة في التصوير أثناء مناسك الحج فيها نوع من الإيذاء وعدم مراعاة أحوال الآخرين، قد يوقعهم في الحرج المنهي عنه شرعًا؛ بل إنه يُعَدُّ من الأفعال المنافية للحال التي ينبغي أن يكون عليها مَن يزور بيت الله الحرام، سواء كان مُحْرِمًا بالحج أو غير محرم؛ لذا فلا يليق أن ينشغل المحرم بالحج عن أداء المناسك بأي أمر آخر من أمور الدنيا؛ كالتقاط الصور التذكارية.
وشددت على أن الأصل أن يكون حاله في هذا الوقت منقطعًا عن الملهيات والشهوات متعلقًا قلبه بربه، ومنشغلًا فكره برضا مولاه، راجيًا قبول حجه؛ لينال بذلك الأجر، فيرجع كيوم ولدته أمه، لا ذنب ولا إثم عليه، فيكون حجه مبرورًا.