رافق «أدب المقاومة» نضال الشعوب ضد الاستعمار والقمع والعنصرية، وكان سلاحًا قويًا في أيدي الشعوب المضطهدة والمهمشة والمقهورة تجاوز على الدوام حدود الزمان والمكان. ولم يكن أدب المقاومة في يوم من الأيام أقل من المقاومة بالسيوف والدبابات والحجارة، بل كان في الكثير من الأحيان أكثر حدة ومضاء من الصواريخ نفسها من حيث إنه كان يوقد الأمل ويلهم الأجيال للنضال من أجل الحرية والعدالة.
استطاع أدب المقاومة عبر تاريخ الشعوب أن يضيء أظلم زوايا الوجود البشري وأصعب اللحظات حينما يصل المقاوم إلى ما يمكن أن يكون لحظة اليأس القاتلة فتأتي الأعمال الأدبية مؤكدة حتمية النصر. نستطيع أن نتذكر كيف كانت القصائد تلهم الشعوب وتستثيرها وتستنهضها إلى حد أن بعض القصائد اعتبرت هي أداة النصر الأولى كما كان في قصيدة الشاعر الجزائري مفدي زكريا «من أجل القمر»، و«قسما» التي صارت لاحقا النشيد الوطني للجزائر، وقصيدة «إرادة الحياة» لأبي القاسم الشابي، وقصيدة «النونية» لأبي مسلم البهلاني، و«لا تصالح» لأمل دنقل.. وأدب محمود درويش وغسان كنفاني الذي استطاع أن يجسد المقاومة وأحوال اللاجئين بشكل استثنائي.. إلخ.
ونستذكر أيضا أعمالًا روائية خالدة مثل رواية «الأم» لمكسيم غوركي التي صورت بشكل مروع الصراع الطبقي، ورواية «كوخ العم توم» لهارييت بيتشر ستو التي أدانت العبودية، ورواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للكاتب السوداني الطيب صالح التي رسمت بشكل بديع التعقيدات النفسية والثقافية للقوة الاستعمارية، وكشفت الرواية عن جراح الهيمنة الإمبريالية التي تمتد إلى ما هو أبعد من الحدود. وصورت رواية «الأرض» لعبد الرحمن الشرقاوي تحدي الفلاح المصري لطغيان ملاك الأراضي الاستعماريين، مجسدة بذلك روح المقاومة التي لا تقهر.
لقد لعب أدب المقاومة دورًا بارزًا، أيضًا، في تشكيل الوعي، الوعي بالقضايا التي يناضل من أجلها وإخراجها من سرديات المحتل والمضطهِد «بكسر الهاء» إلى سرديات ترسم الصورة الحقيقية. وتحول أدب المقاومة إلى مستودع للذاكرة الجماعية وحافظ على قصص أولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل كرامة شعوبهم وتحرير أوطانهم. وبهذا المعنى فإن أدب المقاومة لم يعكس آلام المجتمع فقط ويوثق نضالهم بل قام بدور تشكيل المجتمع ليكون مجتمعًا مناضلًا ومستعدًا للتضحية وتحمل الخسائر البشرية من أجل حقيقة الوطن وجوهره.. وكان يقول لنا على الدوام أن الكلمات عندما تستخدم بشجاعة وإقناع فإنها تصبح سيوفًا قادرة على صناعة النصر وإلهام الثورات وإيقاد شعلة المقاومة التي تحترق في قلب كل شعب مضطهد وباحث عن حريته وعن وطنه طاهرًا من رجس أي محتل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: أدب المقاومة من أجل
إقرأ أيضاً:
سعود بن صقر: فهم ثقافة الشعوب واحترام تراثها ركيزة شراكات راسخة
زار صاحب السموّ الشيخ سعود بن صقر القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم رأس الخيمة، في إطار زيارته إلى مقاطعة قوانغدونغ في الصين، المنطقة الثقافية في قوانغتشو، وشارع «يونغ تشينغ فانغ» التاريخي.
كما شهد عرضاً للأوبرا «الكانتونية» التقليدية التي تشتهر بها المقاطعة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في الصين.
وقال سموّه: إن فهم ثقافة الشعوب وتقاليدها، واحترام تراثها الإنساني، ركيزة لبناء شراكات راسخة ومستدامة؛ فالشراكات الناجحة لا تقتصر على قوة العلاقات الاقتصادية والتجارية فقط، بل تنبع من عمق الروابط الإنسانية القائمة على الاحترام المتبادل، والتقدير العميق لتراث كل أمة، ولذلك نؤمن أنه خلال احتضان التنوع الثقافي، نُعزّز التعاون، ونُلهِم الابتكار، ونرسم ملامح مستقبل أكثر ازدهاراً للجميع.
وتتميز المباني والحدائق في شارع «يونغ تشينغ فانغ» التاريخي، الواقع في منطقة ليوان بمدينة قوانغتشو، بفنون عمارة «لينغنان» التي ترتبط بمقاطعات جنوب الصين.
ويحتضن الشارع الكثير من المباني ذات الأهمية التاريخية، ويعدّ مركزاً لكثير من المكتبات، ومحال الشاي.
وتضمن عرض الأوبرا «الكانتونية» تقديم لمحة عن الثقافة والموسيقا التقليدية لقوانغتشو، وسط المشهد الفني النابض بالحياة في المدينة الصينية.
يذكر أن قوانغدونغ، تحتضن نحو 126 مليوناً، وتمتلك أكبر اقتصاد بين مقاطعات الصين، حيث بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 1.9 تريليون دولار (نحو 6.98 تريليون درهم) في العام 2023.
وتعد المقاطعة مركزاً رئيساً للتصنيع، وصناعة الإلكترونيات، والسيارات، والمنسوجات، والأدوية، والتقنيات المتقدمة، والتمويل، والعقارات، من ضمن قطاعاتها الرئيسة. (وام)