لجريدة عمان:
2024-12-23@15:29:21 GMT

افتتاحية: قوة أدب المقاومة

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

افتتاحية: قوة أدب المقاومة

رافق «أدب المقاومة» نضال الشعوب ضد الاستعمار والقمع والعنصرية، وكان سلاحًا قويًا في أيدي الشعوب المضطهدة والمهمشة والمقهورة تجاوز على الدوام حدود الزمان والمكان. ولم يكن أدب المقاومة في يوم من الأيام أقل من المقاومة بالسيوف والدبابات والحجارة، بل كان في الكثير من الأحيان أكثر حدة ومضاء من الصواريخ نفسها من حيث إنه كان يوقد الأمل ويلهم الأجيال للنضال من أجل الحرية والعدالة.

استطاع أدب المقاومة عبر تاريخ الشعوب أن يضيء أظلم زوايا الوجود البشري وأصعب اللحظات حينما يصل المقاوم إلى ما يمكن أن يكون لحظة اليأس القاتلة فتأتي الأعمال الأدبية مؤكدة حتمية النصر. نستطيع أن نتذكر كيف كانت القصائد تلهم الشعوب وتستثيرها وتستنهضها إلى حد أن بعض القصائد اعتبرت هي أداة النصر الأولى كما كان في قصيدة الشاعر الجزائري مفدي زكريا «من أجل القمر»، و«قسما» التي صارت لاحقا النشيد الوطني للجزائر، وقصيدة «إرادة الحياة» لأبي القاسم الشابي، وقصيدة «النونية» لأبي مسلم البهلاني، و«لا تصالح» لأمل دنقل.. وأدب محمود درويش وغسان كنفاني الذي استطاع أن يجسد المقاومة وأحوال اللاجئين بشكل استثنائي.. إلخ.

ونستذكر أيضا أعمالًا روائية خالدة مثل رواية «الأم» لمكسيم غوركي التي صورت بشكل مروع الصراع الطبقي، ورواية «كوخ العم توم» لهارييت بيتشر ستو التي أدانت العبودية، ورواية «موسم الهجرة إلى الشمال» للكاتب السوداني الطيب صالح التي رسمت بشكل بديع التعقيدات النفسية والثقافية للقوة الاستعمارية، وكشفت الرواية عن جراح الهيمنة الإمبريالية التي تمتد إلى ما هو أبعد من الحدود. وصورت رواية «الأرض» لعبد الرحمن الشرقاوي تحدي الفلاح المصري لطغيان ملاك الأراضي الاستعماريين، مجسدة بذلك روح المقاومة التي لا تقهر.

لقد لعب أدب المقاومة دورًا بارزًا، أيضًا، في تشكيل الوعي، الوعي بالقضايا التي يناضل من أجلها وإخراجها من سرديات المحتل والمضطهِد «بكسر الهاء» إلى سرديات ترسم الصورة الحقيقية. وتحول أدب المقاومة إلى مستودع للذاكرة الجماعية وحافظ على قصص أولئك الذين ضحوا بحياتهم من أجل كرامة شعوبهم وتحرير أوطانهم. وبهذا المعنى فإن أدب المقاومة لم يعكس آلام المجتمع فقط ويوثق نضالهم بل قام بدور تشكيل المجتمع ليكون مجتمعًا مناضلًا ومستعدًا للتضحية وتحمل الخسائر البشرية من أجل حقيقة الوطن وجوهره.. وكان يقول لنا على الدوام أن الكلمات عندما تستخدم بشجاعة وإقناع فإنها تصبح سيوفًا قادرة على صناعة النصر وإلهام الثورات وإيقاد شعلة المقاومة التي تحترق في قلب كل شعب مضطهد وباحث عن حريته وعن وطنه طاهرًا من رجس أي محتل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: أدب المقاومة من أجل

إقرأ أيضاً:

رأي يمثلني: أوهام القوة والنصر

23 ديسمبر، 2024

بغداد/المسلة: كتب ابراهيم العبادي:
في عام 1991 كتب الراحل محمد حسنين هيكل كتابه ،اوهام القوة والنصر ،عن ازمة الخليج الثانية (احتلال صدام للكويت )،في هذا الكتاب الذي تعرض -كسائر كتب هيكل الاخرى -لنقد واتهامات للكاتب ،حاول هيكل ان يفند فكرة صناعة التاريخ وتغيير الخرائط الجيوسياسية عبر القوة وادواتها وترسيخ النصر العسكري كحقيقة تصنع واقعا جديدا .
أوهام القوة مرض عالمي ،عمره عمر الدول والامبراطوريات والقوى التي تحاربت ورسمت باسلحتها وعقول قادتها ، ملامح وحدود الدول والنظم السياسية والوحدات الجغرافية .
منطقة الشرق الاوسط اخذت حيزا كبيرا من صفحات ديوان الحروب والصراعات والفتن الداخلية والحروب الاهلية ،فلا يكاد تمر بضعة سنوات دونما حرب كبيرة أو نزاع دام أو صراع مزمن لدواعي مختلفة،يكون ضحاياه الالاف من البشر بل الملايين ،وخسائر لاتحصى من الفرص الضائعة والامكانات المهدورة .

قديما قيل ان الامم تتحارب بسبب البحث عن المكانة والشرف والرغبة في التوسع وشهوة المجد والرغبة في توكيد الشرعية ،حديثا صارت الحروب تنطلق بسبب المخاوف من الاخضاع والهيمنة والتضييق على المجال الحيوي والبحث عن الموارد والامدادات ، والمنافسة على الزعامة الدولية او الاقليمية .
ما من حرب اندلعت الا وكان اختلال ميزان القوى الواقعي او الافتراضي احد اهم الاسباب المحركة لتلك الحرب، في اذهان القادة وصناع السياسات وواضعي الستراتيجيات . كان الشرق الاوسط ومايزال المثال النموذجي للنطاق الجغرافي الذي يعج بسياسات الحرب التي يشنها حكام وقادة جماعات بناء على معطيات ومعلومات وخطط ناقصة واوهام قوة لايعززها الواقع ويفندها الميدان غالبا .

في اوائل القرن العشرين دخلت الدولة العثمانية الحرب الى جانب المانيا ضد دول الحلفاء ،دونما حسابات واقعية لميزان القوى ،فكانت النتيجة سقوط التاج العثماني واقتسام التركة بين المنتصرين ،عام 1967 توهم جمال عبدالناصر ان قوة مصر كافية لردع الكيان الاسرائيلي وانه قادر على انتزاع نصر تكتيكي بالتلويح بالضغط العسكري
وسحب قوة السلام الدولية من سيناء ،فتفاجأ بضربة اسرائيلية حطمت الكبرياء القومي وانزلت صدمة وخسارة فادحة بالعرب لم يستعيدوا بعدها توازنهم واراضيهم حتى اليوم .
عام 1980 توهم صدام حسين ان قوته العسكرية المتعاظمة وتراجع قوة ايران العسكرية -بسبب الثورة ومضاعفاتها الداخلية ، وارتداداتها على موقع ايران الجيوسياسي – سيتوجانه بطلا قوميا وزعيما اقليميا قادرا على ان يقود المنطقة وفقا لطموحاته ،كان سوء التخطيط والتقدير وعدم المعرفة الكافية بقوة الخصم المادية والبشرية سببا كافيا لتشكل الحرب كابوسا مدمرا قاد الى سلسلة اخطاء وكوارث متلاحقة بما فيها غزو الكويت ،كان صدام يتوهم عدم قدرة الغرب ودول الاقليم على اخراجه من الكويت او الحاق اذى كبير بالعراق ،بل ذهب بعيدا في منطق القوة المتوهمة عندما ادعى في مؤتمر صحافي انه قادر على حرق نصف اسرائيل بصواريخه !!!؟، بعد اندلاع الحرب وهزيمة العراق ،لم تجر محاسبة او مراجعة للاوهام والخطط والسياسات الغبية لان صاحب القرار هو رأس النظام نفسه ،وذهب النظام الى البحث عن اكباش فداء من بين قادة الجيش يحملهم مسؤولية الهزيمة والفشل !!!؟.

لم يتعلم احد في المنطقة من دروس الهزائم والانتصارات وظلت مقولة النصر الحتمي تداعب مخيلة الزعامات الصغيرة والكبيرة ،اضاف اليها البعض امتيازا اخرا هو شرعية الموقف والنهج الاسلامي والثقة المفرطة بحقانية السياسات والستراتيجيات والتعويل على عوامل غير محسوبة ومعلومات ناقصة او مضخمة عن الذات والعدو .
من اكبر المشكلات التي تساهم في صناعة الوهم هو الانفصال عن الواقع ،بالمغالاة في قوة الذات وضعف الخصم ،وذلك ناشيء من وجود حلقات من الذين يقدمون معلومات غير واقعية ويتجاوزون الواقع الموضوعي ويزيفون الصورة الواقعية واستبدالها بصور متخيلة في غياب مناقشات جادة ونقد موضوعي وحسابات صارمة ،لايمكن الدخول في حرب وانت لم تحسب قوة الخصم حسابا موضوعيا ثم تعوض الضعف بعوامل الايمان والتوكل على الله ،قد تكون معذورا في الحرب المباغتة التي يهاجمك فيها العدو وانت في موقع الدفاع ،لكن النصر الالهي ليس حتميا في كل الاحوال ،فذلك خاضع لسنن الباري تعالى وتحقق شروط النصر من عدمها .
العامل الثاني في توهم القوة والثقة بالنصر ،هو الاعلام الموجه والدعاية المركزة التي تصنع وعيا زائفا بحتمية النصر وامتلاك القوة ،بما يساهم في الترويج لصور مثالية وثقة مفرطة غير واقعية (لمن يعجبه مقايسات التاريخ ،ليتذكر هزيمة المسلمين في معركة حنين رغم الكثرة الكاثرة ،((ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم ….)).
يساهم التفكير الرغبوي والتنبؤات والاحلام في صناعة الاوهام فيقع القادة ضحية التفاؤل المفرط والاعتقاد بان الامور ستسير كما يتمنون ،بغض النظر عن الحقائق على الارض ،
ان الشعور الزائف بالقوة والتقليل من امكانات وقدرات العدو وتفوقه ياتي بسبب الضغط السياسي والشعبي الناتج بدوره من الرغبة في اتخاذ قرارات جريئة لاثبات الجدارة والاهلية ،وتجنب الظهور بمظهر الضعيف ،ان اوهام القوة والنصر نتاج عوامل نفسية -اجتماعية -سياسية تعززها معطيات مادية قد يكون بينها انصاف خبراء وثوار متحمسون ،ونزعات متطرفة ،ومستشارون تنقصهم الامانة والشجاعة في قول الحقيقة ،وقد يكون الجميع اتباع ايديولوجية ليس في حساباتها مقاربة الواقع واشتراطاته

 

 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author Admin

See author's posts

مقالات مشابهة

  • رأي يمثلني: أوهام القوة والنصر
  • نحو منظور جديد للديمقراطية التمثيلية
  • القراءة والمطالعة ونهضة الشعوب
  • وزير المجاهدين يجدد عرفان الجزائر لمن ساندوها إبان الثورة التحريرية المجيدة
  • العلمانيون العرب: يقفون على رؤوسهم لرؤية الواقع بالمقلوب!
  • أهداف مباراة الكويت وعمان.. التعادل يحسم افتتاحية خليجي 26 «فيديو»
  • موعد مباراة الكويت وعمان في افتتاحية خليجي 26
  • هل من نهاية لنفق الطغيان الطويل؟
  • فنربخشة يستعير تاليسكا من النصر
  • رشيد جابر: تنتظرنا مباراة افتتاحية صعبة .. والفرص متشابهة