لبنان يخشى "حزب الله"… بل يخشى إيران!
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
توجد حلقات عدة مفقودة في الخطاب الرسمي اللبناني الذي يصدر حالياً عن نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال الذي مثّل البلد في مؤتمر باريس قبل لقاء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في لندن، أو عن رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي يوفّر لميقاتي الغطاء السياسي الذي يحتاج إليه شيعياً، حتى لا نقول من "حزب الله".
أبرز الحلقات المفقودة إضاعة المسؤولية عن فتح جبهة الجنوب التي تسببت بالحرب الإسرائيلية على لبنان، يصدر عن رئيس الحكومة، وكذلك عن رئيس مجلس النواب، كلام مبهم عن استعداد لبنان لتنفيذ القرار 1701 كما لو أنّ شيئاً لم يتغيّر نتيجة الحرب الدائرة التي تبدو جزءاً لا يتجزّأ من الحرب الإيرانية – الإسرائيلية التي بات لبنان مسرحاً لها.
يعرف العالم، كلّ العالم أنّ على لبنان تحمّل مسؤولياته أخيراً والاعتراف بأنّ الحزب ومن خلفه "الجمهوريّة الإسلاميّة" في إيران وراء الكارثة التي حلّت بلبنان، وهي كارثة يعبّر عنها تحوّل مليون ونصف مليون نازح، تقريباً، إلى قنبلة موقوتة لا بدّ أن تنفجر في أيّ لحظة مّا مستقبلاً، لماذا لا يتوقف لبنان عن التهرب من مسؤوليته والإعلان صراحة أنّ "حزب الله" وراء الحرب وأنّ إسرائيل استغلت فتح جبهة الجنوب يوم الثامن من أكتوبر (تشرين الأوّل) 2023، بحجة "إسناد غزّة" كي تسعى إلى جعل لبنان مكاناً خالياً من "حزب الله" وصواريخه؟ لا يزال لبنان – الرسمي يخشى "حزب الله"، بل خشيته الحقيقية من "الجمهوريّة الإسلاميّة" التي تخشى فقدان ورقة لبنان.
من المفيد أخذ العلم بتغيّر أمور كثيرة على الأرض، بما في ذلك أنّ "حزب الله" الذي تحكّم بلبنان منذ اغتياله لرفيق الحريري في العام 2005 ومنذ خروج الجيش السوري منه، لم يعد هو نفسه، يمكن قول هذا الكلام، خصوصاً بعد تصفية إسرائيل لأمينه العام حسن نصرالله وكبار القيادات، بمن في ذلك هاشم صفي الدين ومن كان معه.. وآخرين لجأوا إلى سوريا. لا يمكن الاستهانة بالتغيير الكبير الذي أحدثته جريمة ربط مصير لبنان بحرب غزّة. ثمّة كارثة حصلت. لا تقتصر الكارثة على تدمير جزئي أو كامل لقرى وبلدات جنوبية وصولاً إلى النبطية وبنت جبيل وصور. هناك أيضاً، تركيز على الضاحية الجنوبيّة لبيروت التي تتعرّض لضربات إسرائيلية مدروسة إلى أبعد حدود. تبدو هذه الضربات جزءاً من جهد دولي لجعل لبنان خالياً من "أوكار الإرهاب" حسب التعبير الغربي. هناك تركيز أيضاً على وجود "حزب الله" في البقاع وعلى طرق إيصال السلاح إليه عبر الأراضي السورية. ليس صدفة اعتماد النظام السوري وضع الغائب عن الأحداث بعد تلقيه إنذارات مباشرة من إسرائيل.
في حال كان لبنان يريد الخروج من الحرب، يستحيل تجاهل النتائج الكارثية المترتبة على ما ارتكبه "حزب الله" وما لا يزال يرتكبه تحت شعار "المقاومة". آن أوان فكّ أيّ ارتباط بين خطاب "حزب الله" والخطاب الرسمي اللبناني. إنّه فكّ ارتباط يهرب منه الحزب والحكومة ورئيس مجلس النواب. يوجد إصرار على رفض احترام ذكاء اللبنانيين من جهة ورفض تحمّل المسؤوليات تجاه المواطنين من كلّ الطوائف والمذاهب والمناطق، بما في ذلك أبناء الطائفة الشيعية الكريمة من جهة أخرى.
يجد لبنان نفسه أمام وضع لا يُحسد عليه بعدما تبيّن للمرّة الألف أنّ "حزب الله" لا يستطيع أن يكون أكثر من أداة إيرانية. فلو كان الحزب صادقاً مع نفسه ومع اللبنانيين لكان اعتذر عن كلّ ما قام به في الفترة الماضية، ذلك أن كلّ تصرّفاته صبّت في خدمة مشروع إفقار لبنان ونشر البؤس فيه وتهجير أهله وإثارة الغرائز المذهبية.
ما الهدف من جريمة اغتيال رفيق الحريري المدان الحزب بها؟ ما الهدف من افتعال حرب صيف العام 2006؟ ما الهدف من الاعتصام وسط بيروت؟ ما الهدف من دعم النظام السوري، الذي افتعل حرب مخيّم نهر البارد في شمال لبنان وراهن عليها، بواسطة فصيل "داعشي" اسمه "فتح الإسلام"؟ ما الهدف من غزوة "حزب الله" لبيروت والجبل التي ولّدت جرحاً مذهبياً قد لا يندمل؟ ما الهدف من إسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة سعد الحريري في 2011 وتشكيل حكومة تابعة لإيران برئاسة نجيب ميقاتي؟ ما الهدف من التدخل في سوريا إلى جانب نظام يذبح شعبه يومياً؟ ما الهدف من منع انتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان؟ ما الهدف من الوصول إلى حرب 2024 التي تضع لبنان عند مفترق طرق؟
هذا غيض من فيض ارتكابات "حزب الله" الذي وافق على كلّ كلمة في القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي أوقف العمليات العسكرية صيف العام 2006 وما لبث أن تنكّر للقرار بالتفاهم الضمني مع إسرائيل.
يبدأ البحث اللبناني عن مخرج من الأزمة المصيريّة التي تهدّد وجود لبنان عبر تفادي انفجار قنبلة النازحين، مثل هذا البحث غير ممكن من دون التخلي عن اللغة الخشبية التي تتفادى الإشارة إلى مسؤولية "حزب الله" ومن خلفه إيران عن اندلاع الحرب. خطا الرئيسان ميقاتي وبرّي خطوة لا أسّ بها إلى الأمام عندما بدأ الاثنان الحديث عن ضرورة تنفيذ القرار 1701. هذا ليس كافياً في غياب اعتراف بمسؤولية الحزب عن الحرب من جهة وضرورة وقفه إطلاق الصواريخ والمسيّرات من جهة ثانية والسعي إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة من جهة أخرى. كانت دعوة الرئيس أمين الجميّل والرئيس ميشال سليمان والرئيس فؤاد السنيورة في محلها. اتفق الثلاثة على وقف إطلاق النار وانتخاب رئيس للجمهوريّة لبلد عليه التقاط أنفاسه قبل أي شيء آخر، لبلد عليه أن يعرف أن ما قبل حرب "إسناد غزة" ليس كما بعد تلك الحرب التي أطاحت بالقرار 1701 بالمفهوم الذي كان متعارفاً عليه بين "حزب الله" وإسرائيل.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله السنوار الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله ما الهدف من حزب الله ة التی من جهة
إقرأ أيضاً:
عصام خليل: نشر صورة السيسي مع رئيس إيران تصرف رخيص.. ومصر لا تهدد
أعرب عصام خليل، رئيس حزب المصريين الأحرار، عن استنكاره الشديد للتلاعب الإعلامي المريب الذي تمارسه بعض الجهات، مشيرًا إلى أن نشر صحيفة جيروزاليم بوست صورة تجمع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي، في مقال لا علاقة له بإيران، هو محاولة خبيثة لإرسال رسائل غير مباشرة تستهدف الدولة المصرية.
وأكد في حديثه لـ«الوطن» أن هذه المحاولات الرخيصة لا تستغرب من جهات اعتادت الكذب والتضليل، فهي بلا أخلاق ولا أمان، وتسعى دوما لضرب المواقف الوطنية الثابتة لمصر، خصوصا بعد تصريحات الرئيس السيسي الحاسمة التي رفض فيها بشكل قاطع تهجير الفلسطينيين أو تصفية قضيتهم.
وأضاف رئيس حزب المصريين الأحرار: "مصر لا تُهدد، ولا تخضع للابتزاز، وكل مصري هو عبد الفتاح السيسي، فنحن 107 ملايين مقاتل مستعدون للتضحية بأرواحنا من أجل هذا الوطن، ومن يظن أن بإمكانه ليّ ذراع مصر أو التأثير على قرارها فهو واهم"
وشدد خليل على أن موقف مصر واضح وثابت، فهي لا تقبل الضغوط ولن تحيد عن دعم الحقوق الفلسطينية، ومثل هذه الألاعيب الإعلامية لن تغير من المعادلة شيئًا، قائلا:" نقول لكل من يحاول المساس بإرادة مصر: هذه الدولة محصنة بشعبها وجيشها وقيادتها، ولن تهتز أمام المؤامرات الإعلامية أو التهديدات، فنحن جميعًا مقاتلون، ولن نسمح لأحد بفرض أجندته علينا".