تُبَيِّن التَّحولات الحاصلة في النظام العالمي اليوم أن الكيان الصهيوني برغم ما يَمتلك من عناصر قوة عسكرية إنما هو في طريق التفكك التدريجي ليصل إلى مرحلة الاضمحلال فالزوال بطريقة أو بأخرى.
أولا: من بين المؤشرات القوية التي تؤكد هذا الاتجاه هو تقهقر حليفه الأول الولايات المتحدة اقتصاديا، وإن مازال على مستوى القوة العسكرية يحتل المكانة الأولى، فنِسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي لا تزيد عن 3٪ في حين تفوق ذات النسبة 6٪ في الصين، كما أن الناتج المحلي الصيني تَفوَّق على نظيره الأمريكي من حيث معادل القدرة الشرائية وسيتفوق عليه أكثر من هنا إلى سنة 2030 (64.
حسب visual capitalist. كما أن الاقتصاد الصيني أصبح ينتج اليوم نحو 30٪ من الإنتاج الصناعي العالمي في حين لا يزيد إنتاج الولايات المتحدة عن 18٪، من دون الحديث عن الدَّيْن الداخلي الأمريكي الذي أصبح يشكل 125٪ من الناتج المحلي، وديون الولايات المتحدة لدى الصين التي تبلغ أكثر من 800 مليار دولار… الخ.
بما يعني أن الكيان لم تعد تسنده أكبر قوة اقتصادية في العالم، خاصة إذا علمنا تأييد الصين لقيام دولة فلسطينية مستقلة. أما إذا أضفنا إلى هذا المؤشر ما نراه اليوم من بداية خروج النظام العالمي عن نظام “بريتن وودز” وعن هيمنة الدولار، يتأكد لنا أن سنوات الرخاء الصهيونية قد باتت في عِداد الماضي وأن القادم سيكون أسوأ لهذا الكيان المُصْطَنَع في هذا الجانب.
ثانيا: على صعيد التماسك الداخلي للكيان الصهيوني، يلاحظ منذ طوفان الأقصى مدى هشاشة التماسك الداخلي للمجتمع الصهيوني من حيث التركيبة العرقية والدينية.
الصراع الطبقي واضح وقائم بين هذه الفئات
فاليهود الأشكيناز من أصل غربي أكثر عداء للفلسطينيين من اليهود السفارديم (مغاربة وإسبان) واليهود الشرقيين من أصل شرقي واليهود الأثيوبيين، كما أن الصراع الطبقي واضح وقائم بين هذه الفئات وإن تَعمَّد المُتحكِّمون في السلطة في الكيان جعل “بن غفير” الشرقي رمزا للتشدد والعنصرية تجاه الفسطينيين وحاولوا تغطية هذه التنافضات بإعطاء الصفة اليهودية الواحدة للجميع ناهيك عن المواطنة الاسرائيلية.
إذا أضفنا إلى هذا كون عرب 1948 سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين أصبحوا الآن يشكلون كتلة ذات وزن (نحو 20٪) مقارنة ببقية السكان ولديهم تمثيل في الكنيست وهم الآن يشكلون جماعة ضاغطة ذات أثر كبير على الرأي العام داخل الكيان فإننا سنتوقع تفككا سريعا في السنوات القادمة لهذا المجتمع المُصْطَنَع وغير الطبيعي في تركيبته.
ثالثا: على صعيد ميزان القوة الإقليمي، حيث تأكد للعالم أجمع أن الكيان الصهيوني لم يعد هو القوة العسكرية الأولى في المنطقة، بل إن حتى تفوقه من ناحية انفراده بامتلاك السلاح النووي بات اليوم محل شك، مادام العدوان الأخير على إيران لم يستهدف المنشآت النووية في هذا البلد.
وفي ذلك اعتراف ضمني بأن إيران أصبحت تمتلك القدرة على إنتاج القنبلة النووية متى أرادت، يكفيها المبرر لذلك. وكان الهجوم على منشآتها النووية كاف كمبرر لتقوم بأول تفجير نووي علني لها وتُعلن نفسها قوة نووية في المنطقة، ولعل هذا ما جعل العصابة الحاكمة في تل أبيب ترتدع وتمتنع عن القيام بهذه الخطوة. ومن شأن هذا الواقع الجديد أن يُشجِّع دول المنطقة الأخرى وبخاصة مصر على كسر ميزان القوة العسكري مع الكيان بما في ذلك السعي لامتلاك قدرات نووية هي الأخرى.
هذه بعض المؤشرات الدَّالة على أن معركة طوفان الأقصى قد حققت نتائجها الاستراتيجية وعلى رأسها كشف نقاط ضعف الكيان وبداية تدهور حال حلفائه ونهاية حقبة الرخاء لديه، وإعطاء مزيد من الأمل للفلسطينيين بأن بداية نهاية الاحتلال قد اقتربت حتى وإن كان حجم التضحيات كبيرا، بل وغير مسبوق في التاريخ، مما يدل أن مجرمي الحرب الصهاينة هم بالفعل مُدركون لهذه الحقائق ويعلمون علم اليقين أن سنوات الرخاء بالنسبة لهم قد ولَّت، بل إن نهايتهم قد اقتربت…
الشروق الجزائرية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إيران الاحتلال إيران لبنان الاحتلال المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
لعرقلة الصين..بايدن يزور إفريقيا قبل نهاية ولايته
يصل الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنغولا اليوم الأحد، في رحلة للوفاء بوعده بزيارة إفريقيا خلال رئاسته، وسينصب تركيزه خلالها على مشروع سكك حديدية كبير تدعمه الولايات المتحدة لتحويل وجهة المعادن المهمة، بعيداً عن الصين.
ويربط المشروع الممول جزئياً بقرض أمريكي، الكونغو الديمقراطية الغنية بالموارد، وزامبيا بميناء لوبيتو الأنغولي على المحيط الأطلسي، ما يوفر طريقاً سريعاً وفعالاً للصادرات إلى الغرب.وما يهم في الأمر هو الإمدادات الهائلة من المعادن مثل النحاس والكوبالت، في الكونغو، وهي مكون رئيسي للبطاريات وغيرها من الأجهزة الإلكترونية. وتعد الصين اللاعب الأكبر في الكونغو، الأمر الذي أصبح مبعث قلق متزايداً لواشنطن.
ووقعت الصين اتفاقية مع تنزانيا وزامبيا في سبتمبر (أيلول) لإحياء خط سكة حديد منافس يتجه إلى الساحل الشرقي لأفريقيا.
وتأتي رحلة بايدن في الأيام الأخيرة من رئاسته، لكن يرجح أن يدعم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب المشروع ويظل شريكاً وثيقاً لأنغولا عندما يعود إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) المقبل، وفقاً لمسؤولين في إدارة ترامب السابقة.
والمشروع مدعوم من شركة ترافيغورا العالمية لتجارة السلع الأساسية، ومجموعة موتا إنجيل البرتغالية للبناء وشركة تشغيل السكك الحديدية فيكتوريس.
وقدمت مؤسسة تمويل التنمية الأمريكية قرضاً بـ550 مليون دولار لإعادة بناء شبكة السكك الحديدية التي يبلغ طولها 1300 كيلومتر اً من لوبيتو إلى الكونغو.
وتفي زيارة بايدن بتعهد واحد ضمن مجموعة واسعة من التعهدات التي قطعها لإفريقيا. ولكن هناك تعهدات أخرى لم تتحقق بعد، مثل دعم حصول إفريقيا على مقعدين دائمين في مجلس الأمن في الأمم المتحدة.
#OPINION: @POTUS Biden’s upcoming visit to #Angola seeks to highlight to his successor, #DonaldTrump, and the wider West the strategic importance of #Africa in the second half of the decade, writes Andrew Hammond. https://t.co/SXTnqAnMxd
— Arab News (@arabnews) December 1, 2024وتعكس زيارة بايدن تحولاً في العلاقات الأمريكية مع أنغولا بعد تاريخ معقد ودموي، إذ دعمت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي السابق الطرفين المتنافسين في الحرب الأهلية فيها، والتي استمرت 27 عاماً.