مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أفضل الأنبياء والمرسلين والخلق أجمعين منذ آدم عليه السلام، ودرعه مرهونة عند يهودي. أي أنه لا يملك أي شيء. الشيء الثمين الذي كان يملكه وملك العالم فيه، هو: أنه كان يوصف بأن خلقه القرآن. لذا هوّن عليك عزيزي القارئ، ولا تطمح أو تحلم، بأن تكون لك الأموال الطائلة، التي ستؤخّر دخولك للجنة، بالقدر الذي تزيد فيه ثروتك، هذا على افتراض أنك نفذت بجلدك في آخرتك، ونجوت في دنياك من اقتراف أي ذنوب تتعلق بتعاملك مع الله، أولاً: في عبادته، ثم في تعاملك مع الناس ثانياً، وعدم ظلمهم، أو التقصير في أداء زكاة أموالك الافتراضية الضخمة تجاه الفقراء منهم.
لم يكن الغِنى والثروة الطائلة، معيار النجاح والسؤدد، وإلا لكان قارون أفضل الناس، وهو الذي أتاه الله من الكنوز إلى الدرجة التي يجد فيها مجموعة من الناس صعوبة في حمل مفاتيحها، فما بالك بالخزائن والصناديق؟ لا أحد يشكِّك في أن حجم التأثير الظاهر للغني في الدنيا كبير، والدليل هو رأي القوم الذين كانوا يتابعون قارون، وهو يخرج عليهم بزينته، عندما قالوا إنه لذو حظ عظيم. وخير مثال على ذلك في عصرنا الحاضر: ما نراه عند أغنى رجل في العالم إيلون ماسك، الذي يملك التأثير القوي إلى الدرجة التي يمكن القول فيها أنه لو فاز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة، فإن الفضل في ترّجيح كفته، يعود إلى إيلون ماسك.
هذا الرجل، يتربّع على عرش أغنى الأغنياء في العالم بثروة تتجاوز 240 مليار دولار، ويتحكّم بمستقبل السيارات الكهربائية من خلال شركة تيسلا، ويملك شركة الفضاء SpaceX التي تبحث إمكانية العيش في المريخ، وشركة ستارلنك التي أرسلت عشرات الآلاف من الأقمار الصناعية الصغيرة إلى الفضاء للتحكّم بالاتصالات. كلنا نتذكّر المطالبات التي قدّمها العالم لهذا المليونير في توفير شبكة اتصال لأهل غزة، بعد أن تقطّعت السبل بهم في بداية الحرب عليها، دون أن تجد هذه المطالبات، أذناً صاغية منه.
ماسك يملك شبكة تويتر، التي سمّاها إكس، والمؤثرة في القرار السياسي، والدعاية المجانية لترامب، وترّويج القصص التي تتناسب مع وجهة النظر التي يتبنّاها، والتي تصبّ في مصلحة شركاته وأمواله في نهاية الأمر.
تخيّل، في حالة وصول ترامب إلى البيت الأبيض، كيف يمكن ترجمة هذا الدعم الكبير الذي يقدمه ماسك إلى قوانين وتشريعات تصبّ في مصلحة شركات ماسك ضد منافسيه الكبار في العالم بما فيها الصين. التاجر يتبع عادة وجهة النظر التي تصب في مصلحة تجارته. وهي نفس الفلسفة البراغماتية التي يطبقها من يعيش في أمريكا، سواء كان ذلك عند ترامب الذي كان يقاوم تيار السيارات الكهربائية، ويقف ضدَّه، لكن عندما يتعلّق الأمر بمصلحة فوزه في الانتخابات، فلا ضير من تبنّي موقف جديد، والتحالف مع ماسك، أو عند تيار هاريس، الذي خرّب العلاقة بينه وبين ماسك. العرب والمسلمون في أمريكا، في حيرة شديدة بين خيارين أحلاهما مرّ: هل سينجح المال في التأثير على السياسة، أم أن السياسة ستتحكّم بالمال؟
تحالف فرعون وقارون يرجّح الأولى.
khaledalawadh @
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
حج النافلة أم الصدقة.. أمين الفتوى: العبادة التي يصل نفعها للغير أولى
أكد الشيخ هشام ربيع، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن تكرار الحج جائز، لكن في بعض الحالات التصدق بنفقاته أولى.
وقال أمين الفتوى في بيان حكم الصدقة أم تكرار الحج أي حج النافلة، إن كل نَفْسٍ تشتاق لتكرار الحَجِّ والعمرة لري ظمأ النَّفْس بمشاهد الإيمان في الأماكن المقدسة -البيت العتيق والمقام الشريف-، ومع ذلك فالعلماء يُقرِّرون: أَنَّ "العبادة المتعدية أفضل مِن العبادة القاصرة".
وتابع: وهذا معناه: أنَّ عبادتَكَ المتعدية نفعها للغير أفضل من عبادة تكرار الحج أو العمرة التي تعود نفعها عليكَ فقط.
وأشار إلى أن أفضل العبادات المتعدية الآن لـمَنْ هم في هذه الحالة "التَّبرُّع لأهلنا في فلسطين"، فلنجعلها شعارًا لنا قائمًا على الود والتراحم والترابط.
حكم تكرار الحجوورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (أيهما أفضل تكرار الحج والعمرة أم التصدق على الفقراء والمحتاجين؟
استشهدت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، بقول الله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا﴾ [البقرة: 125]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْحَجُّ مَرَّةً، فَمَنْ زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ» رواه أحمد، وقال صلوات الله وسلامه عليه وآله: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا، وَالْحَجُّ الْمَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الْجَنَّةُ» متفق عليه.
ذكرت دار الإفتاء، أن معنى الآية الكريمة السابقة: أن الله تعالى جعل البيت الحرام مثابة للناس يعودون إليه شوقًا بعد الذهاب عنه أي أن الله جعله محلًّا تشتاق إليه الأرواح وتحن إليه ولا تقضي منه وطرًا ولو ترددت إليه كل عام؛ استجابة من الله تعالى لدعاء إبراهيم عليه السلام في قوله: ﴿فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ﴾ [إبراهيم: 37]، إلى أن قال: ﴿رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾ [إبراهيم: 40]. فهناك تطمئن الأفئدة وترتاح النفوس وتزول الهموم وتتنزل الرحمات وتغفر الزلات.
أوضحت، أن معنى الحديث الأول: أن الحج فرض على القادر المستطيع مرة واحدة في العمر، فمن زاد فتطوع ونافلة في التقرب إلى الله، وكذلك العمرة مطلوبة في العمر مرة وتسمى الحج الأصغر وهي في رمضان أفضل لمن أرادها دون حج، ولا يكره تكرارها بل يندب ويستحب تكرارها للحديث الثاني: «الْعُمْرَةُ إِلَى الْعُمْرَةِ.. إلخ» متفق عليه. لأنها كما ورد تمحو الذنوب والخطايا. وقد أداها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أربع مرات.
أما بشأن التصدق على الفقراء والبائسين: فقد روى مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه مسلم.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» متفق عليه.