في مايو/أيار الماضي، صرحت وزير الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون أن الديمقراطيين لم يأخذوا التهديد الذي تشكله حركة مناهضة الإجهاض بجدية، واعتبرت أنهم كانوا غافلين عن العواقب المحتملة عندما كان دونالد ترامب في السلطة.

وبعد أن قامت المحكمة العليا بإلغاء قرار "رو ضد وايد" عام 2022، أكدت كلينتون أن التحذيرات التي أطلقتها خلال حملتها الانتخابية لم تُؤخذ بعين الاعتبار، وحذرت من أن استمرار سياسة مناهضة الإجهاض يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية في البلاد.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ترامب يغازل “القوميين المسيحيين” ليعود للبيت الأبيضlist 2 of 2نكاية في ترامب.. هاريس تختار هذا الموقع لمرافعتها الأخيرةend of list

"رو ضد وايد" هو قرار تاريخي صادر عن المحكمة العليا الأميركية في عام 1973، الذي أقر حق المرأة في الإجهاض وألغى قوانين الولايات التي كانت تحظر هذه العملية. قررت المحكمة أن حق المرأة في اختيار الإجهاض ينتمي إلى حقوق الخصوصية المحمية بموجب التعديل الرابع عشر. هذا الحكم أصبح نقطة جدل كبيرة في السياسة الأميركية، وتأثر بشكل كبير بالأحداث الأخيرة، حيث ألغت المحكمة العليا هذا القرار في عام 2022، مما أدى إلى إعادة السلطة للولايات لتحديد قوانين الإجهاض.

بواسطة قضية "رو ضد وايد" واحدة من أكثر القضايا القانونية تأثيرًا في تاريخ الولايات المتحدة

واعتبرت كلينتون أن النساء خذلنها في الانتخابات الرئاسية لعام 2016. وأوضحت أن بعض النساء، خصوصا من الفئة البيضاء، لم يدعمنها كما كان متوقعا.

هيلاري كلينتون اعتبرت النساء خذلنها بالانتخابات الرئاسية لعام 2016 (الجزيرة)

ويبدو أن حق المرأة في الإجهاض بات إحدى القضايا الأساسية التي قد تحدد مصير الانتخابات الأميركية، ففي المناظرة الأخيرة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية كمالا هاريس كان موضوع الإجهاض محورا رئيسيا للنقاش.

ودافع ترامب عن تعيينه 3 قضاة في المحكمة العليا، مشيرا إلى أنهم كانوا حاسمين في قرار إلغاء "رو ضد وايد". كما اتهم الديمقراطيين بدعم الإجهاض في مراحل متأخرة من الحمل.

وفي سياق النقاش حول الإجهاض المتأخر، أشار ترامب إلى أن النساء والأطباء يقررون "تنفيذ حكم الإعدام" على الأطفال بعد ولادتهم.

ومن جانبها، أكدت هاريس أهمية الحفاظ على حقوق الإجهاض، محذرة من أن انتخاب ترامب مجددا قد يؤدي إلى فرض حظر وطني على الإجهاض، واعتبرت أن قرار الإجهاض يخص المرأة وحدها وليس للحكومة شأن في ذلك.

ووصفت الإجهاض كحق أساسي من حقوق المرأة، مشددة على أن هذا الموضوع يجب أن يُترك للنساء ولأطبائهن فقط.

كما أشارت إلى أن سياسات ترامب قد تتسبب في تقييد الوصول إلى وسائل منع الحمل وعلاجات التلقيح الصناعي.

تعتقد 75% من الناخبات أن ترامب من المحتمل أن يوقع قانونا اتحاديا يمنع الإجهاض بعد 15 أسبوعا إذا تم تمرير مثل هذا القانون من قبل الكونغرس.

بواسطة استطلاع رأي

هل تنتخب الأميركيات هاريس؟

اعتبرت نائبة الرئيس الإجهاض قضية وطنية تستقطب بها أصوات النساء، مما قد يشير إلى أنها نجحت في جذب تأييد كبير من الناخبات تحت سن الثلاثين. ووفقا لاستطلاع حديث، فإن 70% من النساء بهذه الفئة العمرية يفضلن هاريس، مقارنة بـ23% يؤيدن ترامب​.

كذلك دفعت تصريحات ترامب بشأن الإجهاض إلى الاستجابة العاطفية ضده على مستويات عدة، إذ تضمنت تعليقاته عقوبات محتملة على النساء أدت إلى ردود فعل قوية بين الأميركيات.

وأظهر استطلاع أجرته شبكة "إيه بي سي" فجوة كبيرة بين الجنسين، حيث تقدمت هاريس على ترامب بـ14 نقطة (56% مقابل 42%) بين النساء، بينما تقدم ترامب مع الرجال بفارق 6 نقاط (51% مقابل 45%). وكانت نائبة الرئيس أيضا مدعومة بفارق 19 نقطة (59% مقابل 40%) مع نساء الضواحي.

الأصوات النسائية من أصول عربية ومسلمة

لا تشعر دكتورة فاطمة بالارتياح تجاه برنامج هاريس الانتخابي، ولا تولي اهتماما كبيرا ببرنامجها الداعم لقرار الحق في الإجهاض. إذ تقول للجزيرة نت "هذا الأمر لا يخصنا بصورة مباشرة ولن يؤثر على الأسر العربية أو المسلمة".

وتابعت المواطنة التي عملت في مجال التعليم 15 عاما "ربما يؤثر ذلك على التعليم والمدارس، إلا أن الأساس يرجع إلى دور الأسرة، والمدارس الدينية سواء كانت إسلامية أو مسيحية أو غيرها، التي أصبحت ضرورة في الوقت الحالي، وسوف تساهم في حماية الأجيال الصغيرة".

وأوضحت فاطمة الحاصلة على الدكتوراة في استخدام التكنولوجيا بتعليم اللغات الأجنبية أنها دعمت الرئيس السابق باراك أوباما وجو بايدن بالانتخابات السابقة، إلا أن السياسات الأميركية بالشرق الأوسط والحرب على غزة باتت العامل الرئيسي في تقييمها للمرشحين في الانتخابات الحالية.

وأضافت "البرنامج الاقتصادي للمرشحين يعد محورا أساسيا في التقييم، إذ يربط كثير من الأميركيين بين الجمهوريين وتحسن الاقتصاد، إضافة إلى توافق القيم المحافظة للجمهوريين مع قيمنا العربية والإسلامية، إلا أن سياسات ترامب تجاه العرب والمسلمين واضحة ومتوقعة".

وبنظرة أكثر واقعية ترى أن المواطن وقع في فخ الاختيار بين السيئ والأكثر سوءا. وبينما لا تحظى هاريس بقبول لدى الناخبين، حتى وإن كان البعض يدعم فكرة ترشيح أول سيدة للرئاسة، إلا أنها لم تفز بهذه المكانة لدى الكثيرين. لذلك -حسب قول فاطمة فإن وجود مرشح ثالث قد يكون الحل المثالي الوقت الحالي، وربما يحصل على 5% من الأصوات ويفوز بدعم أكبر بالانتخابات المقبلة.

استطلاع رأي: تقدمت هاريس على ترامب بـ14 نقطة (56% مقابل 42%) بين النساء (رويترز)

أما المواطنة أمل مقدادي (أردنية الأصل) فتؤكد أنها لم تشارك بالانتخابات خلال السنوات الماضية لأنها غير مقتنعة بسياسات الحزبين، فهما "لا يعملان لصالح الشرق الأوسط، ونحن دائمًا مع القضية الفلسطينية، بل هي محرك رئيسي في أصوات الكثيرين. ومن المؤسف أن كلاً من ترامب وهاريس سيستمران في طريق الحرب. وأنا، كما أخاف على أبنائي، أخاف أيضًا على أطفال فلسطين الذين يتعرضون للموت يوميًا." وتضيف "في المقابل، الإعلام لا يتحدث عن (المرشحة) جيل ستاين التي لها موقف إيجابي مما يحدث في غزة، لذلك سأنتخبها".

وحول أسباب رفضها لهاريس، تقول أمل "إذا كان ترامب ضد المهاجرين، فهاريس أيضًا لها تاريخ طويل في ترحيلهم. وبرنامجها الاقتصادي سيكمل ما أفسده بايدن خلال الأعوام الماضية. وبينما تهتم المرشحة الديمقراطية بجذب النساء تحت سن الثلاثين لموقفها من الإجهاض، تقول المواطنة "هناك تحديات أخلاقية يواجهها المسلمون والعرب في كثير من الولايات، الأمر أصبح مخيفًا، وسيدفعوننا للعودة إلى بلادنا لتربية أطفالنا".

وقد دفع الغضب من سياسات بايدن بالشرق الأوسط وتجاه الحرب في غزة الكثيرين لاتخاذ مواقف ضد انتخاب مرشحة الحزب الديمقراطي، هكذا ترى حنان مجدلاوي التي تقول للجزيرة نت "لن أنتخب هاريس، فهي لم تتخذ أي موقف إنساني تجاه ما يحدث في غزة. وهذا موقفي، أنا أكثر من كونه تصويتًا في بطاقة انتخابية. أجندة هاريس وترامب لصالح إسرائيل على مدى عقود".

وتتابع "هناك من ينتخب هاريس فقط لإزاحة ترامب من المشهد، ولكن الحقيقة أن هذا الخيار غير صحيح" مؤكدة "لسنا قطيعًا حتى نضطر إلى التصويت لترامب أو هاريس".

بينما تُوصف مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية بأنها "شخصية مستفزة لا تحظى بقبول لدى الكثيرين" من قِبل منة الله ذهني المولودة في الولايات المتحدة لأبوين مصريين.

وتقول منة الله، التي درست العلوم السياسية وحصلت على ماجستير اللغة والتخاطب، إنها حريصة على المشاركة بجميع الانتخابات منذ أن أتمت عامها الـ18 "ندمت على ترشيحي لبايدن وسأنتخب هذه المرة جيل ستاين، حتى يدرك الديمقراطيون أن أصواتنا لها قيمة، وهدفنا أن يحصل حزب الخضر على 5% من الأصوات ليحصل على التمويل الحكومي بالانتخابات اللاحقة".

وتتابع "هاريس منحت المنصة للحديث لليهود بأحد مؤتمراتها، وفي الوقت نفسه تجاهلت المسلمين تمامًا. هي لا ترانا، لذلك سنعلم الحزب درسًا هذه المرة أن أصواتنا كعرب ومسلمين مهمة، وحينما ستخسر هاريس ميشيغان سوف تدرك ما فعلته معنا."

الترشيح المر

على العكس، تقف هبة عطية معلمة التاريخ بإحدى المدارس الإسلامية التي قضت 24 عامًا من حياتها بالولايات المتحدة، وتدعم الديمقراطيين في معظم الانتخابات. وهي تعتبر أن سياسات الحزب الديمقراطي غير معادية للمهاجرين العرب والمسلمين، ولذلك فهي تؤيد ترشيح هاريس. وفي المقابل، ترى أن سياسات ترامب عنصرية ويمتلك تاريخًا من التلاعب غير الأخلاقي -حسب وصفها- مما لا يجعلها تشعر بالأمان خلال فترة حكمه.

وتؤكد هبة أن المقارنة بين الوضع الاقتصادي خلال فترة حكم بايدن وترامب غير عادلة، ذلك لأن ما جناه الأخير كان إرث إنجازات أوباما الاقتصادية. وربما يسيطر الجمهوريون على الاقتصاد لصالح مرشحهم، ومن ثم قد يحاولون إفشال هاريس اقتصاديا بشتى الطرق.

وأوضحت المواطنة ذات الأصول الفلسطينية أن ترشيحها لهاريس ليس لكونها أول امرأة تصل هذا المنصب، ولا يعني لها دعمها للإجهاض والمثلية شيئًا. فهي -حسب حديثها للجزيرة نت- تقول "هذه قضايا فرعية لا تعنينا، وهي تخص أصحابها فقط ولن تُفرض علي كأميركية من أصول عربية." وتابعت "نحن نواجه تحديات أكبر من الإجهاض، وهم فقط يشغلوننا بهذه القضايا التي تم نقاشها لسنوات بل وتنظيمها داخليًا وفق قوانين كل ولاية".

وأردفت "سياسات الحزبين الخارجية واحدة، وإن اختلفت التصريحات، والواقع يؤكد أن هاريس وترامب يدعمان إسرائيل" لذلك ترى هبة أن تشتيت الأصوات لصالح مرشح ثالث قرار غير صائب لأن أحدًا لم يلتفت لهذه الأصوات.

بينما ترفض إيمان مسلم (ربة منزل) ترشيح ترامب لأي سبب، وتفضل هاريس فقط لاستبعاد المرشح الجمهوري من الساحة لأنه يقود العالم إلى الجنون، حسب وصفها.

وقد تنوعت المواقف ومبرراتها لدى الناخبات، لكن الغضب كان سائدا في محاولة لإثبات أن أصوات العرب والمسلمين ليست مجرد رقم بسيط في معادلة هاريس ترامب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المحکمة العلیا أن سیاسات إلا أن إلى أن

إقرأ أيضاً:

رغم حبسه.. عمدة إسطنبول يواصل التفوق على أردوغان باستطلاعات الرأي

أنقرة (زمان التركية) – كشف استطلاع أجراه مركز أبحاث التأثير الاجتماعي (TEAM) عن الحزب الذي اختار الأغلبية التصويت له حال انعقاد انتخابات برلمانية.

وقبيل توزيع أصوات المترددين، بلغت نسبة أصوات حزب الشعب الجمهوري 30.7 في المئة وحزب العدالة والتنمية 27.6 في المئة.

وبلغت نسبة أصوات حزب الحركة القومية 4.9 في المئة وحزب الديمقراطية والمساواة للشعوب 6 في المئة وحزب النصر 2.8 في المئة وحزب الجيد 2.5 في المئة وحزب الرفاه من جديد 1.7 في المئة وحزب المفتاح 1.4 في المئة وحزب العمال التركي 0.8 في المئة والأحزاب الأخرى 1.6 في المئة. وتجاوزت نسبة المترددين 20 في المئة.

وبعد توزيع أصوات المترددين، بلغت أصوات تحالف الجمهوري 40.6 في المئة. وتفوق حزب الشعب الجمهوري على حزب العدالة والتنمية ب3.9 في المئة.

وسجل حزب الشعب الجمهوري الزيادة الأكبر من بين الأحزاب مقارنة بانتخابات عام 2023 بنسبة زيادة بلغت 13 نقطة ليسجل 38.4 في المئة وهى النسبة الأعلى التي يسجلها الحزب حتى الآن.

وبلغت نسبة أصوات حزب العدالة والتنمية 34.5 في المئة، بينما حصل حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب على 7.5 في المئة وحزب الحركة القومية على 6.1 في المئة وحزب النصر على 3.5 في المئة وحزب الجيد على 3.1 في المئة وحزب الرفاه من جديد على 2.1 في المئة و حزب المفتاح على 1.7 في المئة وحزب العمال التركي على 1 في المئة والأحزاب الأخرى على 2.1 في المئة.

وتطرق استطلاع الرأي إلى الانتخابات الرئاسية، فبعد توزيع أصوات المترددين بالجولة الأولى، بلغت نسبة دعم عمدة إسطنبول، المحتفل حاليا أكرم إمام أوغلو، نحو 49.4 في المئة مقابل 38.6 في المئة لصالح الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

واختار 4.7 في المئة من المشاركين رئيس حزب الرفاه من جديد، فاتح أربكان، بينما اختار 3.5 في المئة مرشح حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الكردي واختار 1.6 في المئة رئيس حزب الديمقراطية والتقدم، علي باباجان، واختار 2.2 في المئة من المشاركين مرشحين آخرين.
وخلال الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، حصد إمام أوغلو 46.4 في المئة من الأصوات، بينما تراجعت أصوات أردوغان إلى 36.5 في المئة.

وبلغت نسبة المترددين بالجولة الثانية 17.1 في المئة. وبعد توزيع هذه النسبة، بلغت أصوات إمام أوغلو 56 في المئة مقابل 44 في المئة لصالح أردوغان.

Tags: أكرم إمام أوغلواستطلاع رأيالانتخابات البرلمانية التركيةالانتخابات الرئاسية التركيةرجب طيب أردوعانعمدة إسطنبول

مقالات مشابهة

  • رغم حبسه.. عمدة إسطنبول يواصل التفوق على أردوغان باستطلاعات الرأي
  • لمحة عن سياسات ترامب الجمركية المطبقة وتلك التي قد تدخل حيز التنفيذ
  • غوغل تطور نموذجًا ذكياً للتواصل مع الدلافين وفهم لغتها
  • رسالة لنائبة فرنسية من أصول مغربية: ملامحك عربية ولا مكان لك هنا.. تضامن سياسي
  • ميغان ماركل تفتح جراح الإجهاض وتكشف آلام الأمومة
  • بسبب أزياء تشابه ملابس النساء.. علاء مبارك ينتقد فنانين مصريين: إحنا رايحين فين؟
  • الولايات المتحدة قد تخسر مليارات الدولارات بسبب تراجع السياحة والرسوم الجمركية
  • نيويورك تايمز: خبايا الحملة التي يشنها ترامب ضد الجامعات الأميركية
  • زوكربيرغ في ورطة.. ميتا قد تخسر إنستغرام وواتساب
  • كارني: نسعى لبناء جيش قادر على التصدي للتهديدات التي تواجهها كندا