هل تخسر هاريس أصوات المهاجرات من أصول عربية بسبب غزة؟
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
في مايو/أيار الماضي، صرحت وزير الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون أن الديمقراطيين لم يأخذوا التهديد الذي تشكله حركة مناهضة الإجهاض بجدية، واعتبرت أنهم كانوا غافلين عن العواقب المحتملة عندما كان دونالد ترامب في السلطة.
وبعد أن قامت المحكمة العليا بإلغاء قرار "رو ضد وايد" عام 2022، أكدت كلينتون أن التحذيرات التي أطلقتها خلال حملتها الانتخابية لم تُؤخذ بعين الاعتبار، وحذرت من أن استمرار سياسة مناهضة الإجهاض يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية في البلاد.
"رو ضد وايد" هو قرار تاريخي صادر عن المحكمة العليا الأميركية في عام 1973، الذي أقر حق المرأة في الإجهاض وألغى قوانين الولايات التي كانت تحظر هذه العملية. قررت المحكمة أن حق المرأة في اختيار الإجهاض ينتمي إلى حقوق الخصوصية المحمية بموجب التعديل الرابع عشر. هذا الحكم أصبح نقطة جدل كبيرة في السياسة الأميركية، وتأثر بشكل كبير بالأحداث الأخيرة، حيث ألغت المحكمة العليا هذا القرار في عام 2022، مما أدى إلى إعادة السلطة للولايات لتحديد قوانين الإجهاض.
بواسطة قضية "رو ضد وايد" واحدة من أكثر القضايا القانونية تأثيرًا في تاريخ الولايات المتحدة
واعتبرت كلينتون أن النساء خذلنها في الانتخابات الرئاسية لعام 2016. وأوضحت أن بعض النساء، خصوصا من الفئة البيضاء، لم يدعمنها كما كان متوقعا.
هيلاري كلينتون اعتبرت النساء خذلنها بالانتخابات الرئاسية لعام 2016 (الجزيرة)ويبدو أن حق المرأة في الإجهاض بات إحدى القضايا الأساسية التي قد تحدد مصير الانتخابات الأميركية، ففي المناظرة الأخيرة بين المرشح الجمهوري دونالد ترامب ومنافسته الديمقراطية كمالا هاريس كان موضوع الإجهاض محورا رئيسيا للنقاش.
ودافع ترامب عن تعيينه 3 قضاة في المحكمة العليا، مشيرا إلى أنهم كانوا حاسمين في قرار إلغاء "رو ضد وايد". كما اتهم الديمقراطيين بدعم الإجهاض في مراحل متأخرة من الحمل.
وفي سياق النقاش حول الإجهاض المتأخر، أشار ترامب إلى أن النساء والأطباء يقررون "تنفيذ حكم الإعدام" على الأطفال بعد ولادتهم.
ومن جانبها، أكدت هاريس أهمية الحفاظ على حقوق الإجهاض، محذرة من أن انتخاب ترامب مجددا قد يؤدي إلى فرض حظر وطني على الإجهاض، واعتبرت أن قرار الإجهاض يخص المرأة وحدها وليس للحكومة شأن في ذلك.
ووصفت الإجهاض كحق أساسي من حقوق المرأة، مشددة على أن هذا الموضوع يجب أن يُترك للنساء ولأطبائهن فقط.
كما أشارت إلى أن سياسات ترامب قد تتسبب في تقييد الوصول إلى وسائل منع الحمل وعلاجات التلقيح الصناعي.
تعتقد 75% من الناخبات أن ترامب من المحتمل أن يوقع قانونا اتحاديا يمنع الإجهاض بعد 15 أسبوعا إذا تم تمرير مثل هذا القانون من قبل الكونغرس.
بواسطة استطلاع رأي
هل تنتخب الأميركيات هاريس؟اعتبرت نائبة الرئيس الإجهاض قضية وطنية تستقطب بها أصوات النساء، مما قد يشير إلى أنها نجحت في جذب تأييد كبير من الناخبات تحت سن الثلاثين. ووفقا لاستطلاع حديث، فإن 70% من النساء بهذه الفئة العمرية يفضلن هاريس، مقارنة بـ23% يؤيدن ترامب.
كذلك دفعت تصريحات ترامب بشأن الإجهاض إلى الاستجابة العاطفية ضده على مستويات عدة، إذ تضمنت تعليقاته عقوبات محتملة على النساء أدت إلى ردود فعل قوية بين الأميركيات.
وأظهر استطلاع أجرته شبكة "إيه بي سي" فجوة كبيرة بين الجنسين، حيث تقدمت هاريس على ترامب بـ14 نقطة (56% مقابل 42%) بين النساء، بينما تقدم ترامب مع الرجال بفارق 6 نقاط (51% مقابل 45%). وكانت نائبة الرئيس أيضا مدعومة بفارق 19 نقطة (59% مقابل 40%) مع نساء الضواحي.
الأصوات النسائية من أصول عربية ومسلمةلا تشعر دكتورة فاطمة بالارتياح تجاه برنامج هاريس الانتخابي، ولا تولي اهتماما كبيرا ببرنامجها الداعم لقرار الحق في الإجهاض. إذ تقول للجزيرة نت "هذا الأمر لا يخصنا بصورة مباشرة ولن يؤثر على الأسر العربية أو المسلمة".
وتابعت المواطنة التي عملت في مجال التعليم 15 عاما "ربما يؤثر ذلك على التعليم والمدارس، إلا أن الأساس يرجع إلى دور الأسرة، والمدارس الدينية سواء كانت إسلامية أو مسيحية أو غيرها، التي أصبحت ضرورة في الوقت الحالي، وسوف تساهم في حماية الأجيال الصغيرة".
وأوضحت فاطمة الحاصلة على الدكتوراة في استخدام التكنولوجيا بتعليم اللغات الأجنبية أنها دعمت الرئيس السابق باراك أوباما وجو بايدن بالانتخابات السابقة، إلا أن السياسات الأميركية بالشرق الأوسط والحرب على غزة باتت العامل الرئيسي في تقييمها للمرشحين في الانتخابات الحالية.
وأضافت "البرنامج الاقتصادي للمرشحين يعد محورا أساسيا في التقييم، إذ يربط كثير من الأميركيين بين الجمهوريين وتحسن الاقتصاد، إضافة إلى توافق القيم المحافظة للجمهوريين مع قيمنا العربية والإسلامية، إلا أن سياسات ترامب تجاه العرب والمسلمين واضحة ومتوقعة".
وبنظرة أكثر واقعية ترى أن المواطن وقع في فخ الاختيار بين السيئ والأكثر سوءا. وبينما لا تحظى هاريس بقبول لدى الناخبين، حتى وإن كان البعض يدعم فكرة ترشيح أول سيدة للرئاسة، إلا أنها لم تفز بهذه المكانة لدى الكثيرين. لذلك -حسب قول فاطمة فإن وجود مرشح ثالث قد يكون الحل المثالي الوقت الحالي، وربما يحصل على 5% من الأصوات ويفوز بدعم أكبر بالانتخابات المقبلة.
استطلاع رأي: تقدمت هاريس على ترامب بـ14 نقطة (56% مقابل 42%) بين النساء (رويترز)أما المواطنة أمل مقدادي (أردنية الأصل) فتؤكد أنها لم تشارك بالانتخابات خلال السنوات الماضية لأنها غير مقتنعة بسياسات الحزبين، فهما "لا يعملان لصالح الشرق الأوسط، ونحن دائمًا مع القضية الفلسطينية، بل هي محرك رئيسي في أصوات الكثيرين. ومن المؤسف أن كلاً من ترامب وهاريس سيستمران في طريق الحرب. وأنا، كما أخاف على أبنائي، أخاف أيضًا على أطفال فلسطين الذين يتعرضون للموت يوميًا." وتضيف "في المقابل، الإعلام لا يتحدث عن (المرشحة) جيل ستاين التي لها موقف إيجابي مما يحدث في غزة، لذلك سأنتخبها".
وحول أسباب رفضها لهاريس، تقول أمل "إذا كان ترامب ضد المهاجرين، فهاريس أيضًا لها تاريخ طويل في ترحيلهم. وبرنامجها الاقتصادي سيكمل ما أفسده بايدن خلال الأعوام الماضية. وبينما تهتم المرشحة الديمقراطية بجذب النساء تحت سن الثلاثين لموقفها من الإجهاض، تقول المواطنة "هناك تحديات أخلاقية يواجهها المسلمون والعرب في كثير من الولايات، الأمر أصبح مخيفًا، وسيدفعوننا للعودة إلى بلادنا لتربية أطفالنا".
وقد دفع الغضب من سياسات بايدن بالشرق الأوسط وتجاه الحرب في غزة الكثيرين لاتخاذ مواقف ضد انتخاب مرشحة الحزب الديمقراطي، هكذا ترى حنان مجدلاوي التي تقول للجزيرة نت "لن أنتخب هاريس، فهي لم تتخذ أي موقف إنساني تجاه ما يحدث في غزة. وهذا موقفي، أنا أكثر من كونه تصويتًا في بطاقة انتخابية. أجندة هاريس وترامب لصالح إسرائيل على مدى عقود".
وتتابع "هناك من ينتخب هاريس فقط لإزاحة ترامب من المشهد، ولكن الحقيقة أن هذا الخيار غير صحيح" مؤكدة "لسنا قطيعًا حتى نضطر إلى التصويت لترامب أو هاريس".
بينما تُوصف مرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية بأنها "شخصية مستفزة لا تحظى بقبول لدى الكثيرين" من قِبل منة الله ذهني المولودة في الولايات المتحدة لأبوين مصريين.
وتقول منة الله، التي درست العلوم السياسية وحصلت على ماجستير اللغة والتخاطب، إنها حريصة على المشاركة بجميع الانتخابات منذ أن أتمت عامها الـ18 "ندمت على ترشيحي لبايدن وسأنتخب هذه المرة جيل ستاين، حتى يدرك الديمقراطيون أن أصواتنا لها قيمة، وهدفنا أن يحصل حزب الخضر على 5% من الأصوات ليحصل على التمويل الحكومي بالانتخابات اللاحقة".
وتتابع "هاريس منحت المنصة للحديث لليهود بأحد مؤتمراتها، وفي الوقت نفسه تجاهلت المسلمين تمامًا. هي لا ترانا، لذلك سنعلم الحزب درسًا هذه المرة أن أصواتنا كعرب ومسلمين مهمة، وحينما ستخسر هاريس ميشيغان سوف تدرك ما فعلته معنا."
الترشيح المرعلى العكس، تقف هبة عطية معلمة التاريخ بإحدى المدارس الإسلامية التي قضت 24 عامًا من حياتها بالولايات المتحدة، وتدعم الديمقراطيين في معظم الانتخابات. وهي تعتبر أن سياسات الحزب الديمقراطي غير معادية للمهاجرين العرب والمسلمين، ولذلك فهي تؤيد ترشيح هاريس. وفي المقابل، ترى أن سياسات ترامب عنصرية ويمتلك تاريخًا من التلاعب غير الأخلاقي -حسب وصفها- مما لا يجعلها تشعر بالأمان خلال فترة حكمه.
وتؤكد هبة أن المقارنة بين الوضع الاقتصادي خلال فترة حكم بايدن وترامب غير عادلة، ذلك لأن ما جناه الأخير كان إرث إنجازات أوباما الاقتصادية. وربما يسيطر الجمهوريون على الاقتصاد لصالح مرشحهم، ومن ثم قد يحاولون إفشال هاريس اقتصاديا بشتى الطرق.
وأوضحت المواطنة ذات الأصول الفلسطينية أن ترشيحها لهاريس ليس لكونها أول امرأة تصل هذا المنصب، ولا يعني لها دعمها للإجهاض والمثلية شيئًا. فهي -حسب حديثها للجزيرة نت- تقول "هذه قضايا فرعية لا تعنينا، وهي تخص أصحابها فقط ولن تُفرض علي كأميركية من أصول عربية." وتابعت "نحن نواجه تحديات أكبر من الإجهاض، وهم فقط يشغلوننا بهذه القضايا التي تم نقاشها لسنوات بل وتنظيمها داخليًا وفق قوانين كل ولاية".
وأردفت "سياسات الحزبين الخارجية واحدة، وإن اختلفت التصريحات، والواقع يؤكد أن هاريس وترامب يدعمان إسرائيل" لذلك ترى هبة أن تشتيت الأصوات لصالح مرشح ثالث قرار غير صائب لأن أحدًا لم يلتفت لهذه الأصوات.
بينما ترفض إيمان مسلم (ربة منزل) ترشيح ترامب لأي سبب، وتفضل هاريس فقط لاستبعاد المرشح الجمهوري من الساحة لأنه يقود العالم إلى الجنون، حسب وصفها.
وقد تنوعت المواقف ومبرراتها لدى الناخبات، لكن الغضب كان سائدا في محاولة لإثبات أن أصوات العرب والمسلمين ليست مجرد رقم بسيط في معادلة هاريس ترامب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المحکمة العلیا أن سیاسات إلا أن إلى أن
إقرأ أيضاً:
ترامب يوجه رسالة للناخبين الأمريكيين من أصول لبنانية.. هذا ما تعهد به
وجه الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب رسالة إلى الناخبين من أصول لبنانية في الولايات المتحدة بهدف دفعهم للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية، متعهدا بـ"وقف المعاناة والدمار" في لبنان.
وقال ترامب في تدوينة عبر حسابه على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، الأربعاء، "خلال فترة إدارتي، كان لدينا سلام في الشرق الأوسط، وسوف ننعم بالسلام مرة أخرى قريبا جدا!".
During my Administration, we had peace in the Middle East, and we will have peace again very soon! I will fix the problems caused by Kamala Harris and Joe Biden and stop the suffering and destruction in Lebanon. I want to see the Middle East return to real peace, a lasting peace,… — Donald J. Trump (@realDonaldTrump) October 30, 2024
وأضاف "سأصلح المشاكل التي تسبب فيها كامالا هاريس وجو بايدن وأوقف المعاناة والدمار في لبنان"، مشيرا إلى أنه "يريد أن يرى الشرق الأوسط يعود إلى السلام الحقيقي والدائم".
وتعهد بأنه "سينجز ذلك بشكل صحيح حتى لا يتكرر كل 5 أو 10 سنوات"، مشددا على عزمه "المحافظة على الشراكة المتساوية بين جميع المجتمعات اللبنانية".
وأردف مخاطب الناخبين الأمريكيين من أصول لبنانية "يستحق أصدقاؤكم وعائلاتكم في لبنان العيش في سلام ورخاء ووئام مع جيرانهم، وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بالسلام والاستقرار في الشرق الأوسط".
وتابع ترامب بالقول "أتطلع إلى العمل مع المجتمع اللبناني الذي يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية لضمان سلامة وأمن شعب لبنان العظيم"، داعيا الناخبين للتصويت لصاله في الانتخابات المقررة في الخامس من تشرين الثاني /نوفمبر المقبل "من أجل السلام".
يأتي حديث ترامب في ظل احتدام السباق الانتخابي مع منافسته الديمقراطية كامالا هاريس على وقع اقتراب موعد الاقتراع، في ظل مساعي متواصلة من كلا الطرفين لجذب أصوات العرب والمسلمين تحت وعود تحقيق السلام في الشرق الأوسط الذي يشهد توترات متصاعدة بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان والهجمات المتبادلة بين الاحتلال وإيران.
ومنذ 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة وغير مسبوقة على مواقع متفرقة من لبنان، ما أسفر عن سقوط الآلاف بين شهيد وجريح، فضلا عن نزوح ما يزيد على الـ1.2 مليون، وفقا للبيانات الرسمية.
في المقابل، يواصل حزب الله عملياته ضد الاحتلال الإسرائيلي موسّعا نطاق استهدافاته؛ ردا على الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في لبنان، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي الكبير ضد الأراضي اللبنانية.