الثورة نت:
2025-01-21@08:40:58 GMT

“لقاء الاربعاء”

تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT

 

عزمي بشارة لا يمثل شخصًا، بقدر ما يعبر عن توجه، ويروج لخطاب، ويقوم بمهمةٍ غايةٍ في الدقة، في الخسة، وفي السُّميّة أيضًا.
وبالطبع، وكالعادة، فقد تم الترويج لشخصه من الجزيرة ابتداءً، باعتباره مفكراً عروبياً! وعلى نحوٍ غير بعيد من تبنيها لافيخاي أذرعي، ولأصوات صهيونية، أو متصهينة!
الاتجاه المعاكس، مثلا، لم يكن إلا نافذة للترويج للأسماء العربية المعتلة، أراذلها وسفلة القوم!
أما أهم ما ينبغي عليك معرفته عن عزمي بشارة، أنه كان عضوًا في الكنيست الصهيوني، ثم أنه قد تم- وكما أسلفنا- تسويقه كمفكر عربي، وقبيل طوفان الأقصى فقد كان يعمل حثيثًا على الترويج لعصر السلام الصهيوني، أو: لماهية الفكر العربي المطلوب في عصر «صفقة القرن»!
لا تنس هذا، ولهذا فإنك سوف تتفهم أقاويله، فقط، فيما لو نظرت إليه من هذه الزاوية! وهنا ينبغي التنويه إلى أهم ما فعله الطوفان بالفعل.

أي: إلى أنه تجاوز السقوف المرسومة، والمسموحة، للظروف التي أنشأتها صفقة القرن!
ولهذا فقد قام طوفان الأقصى، ومن أهم زواياه، بتدشين ثورة إحياءٍ للمفاهيم المنسيّة!
وكما يكشف عن المثقف العربيّ المُخصى، والمُباع، والمُشترى، والمنافق، والمتصهين، والجبان!
فإنه يكشف أيضًا عن المثقف العربيّ المهزوم في داخله، والمُحتلّ فكريًّا بالفعل، والمستسلم لهذا الاحتلال!
المتعصّب لانهزاميّته أيضًا، والمسكون بعقدة الجيش الذي لا يقهر، المنظّر لمقاومةٍ منزوعة السلاح، ومنزوعة الروح، ومنزوعة الكرامة!.
وعبر عقودٍ تمت قولبة الفكر العربي، وتم احتلال العقل العربي، وتم إدخال المثقف العربي أيضًا إلى الصندوق!
تم تحويل الصراع مع العدو، من صراعٍ على الوجود.. إلى صراعٍ على الحدود!
وعلى الصعيد السياسي فقد كانت المبادرة السعودية المقدمة لاجتماع القمة العربية ٢٠٠٢م، والتي تحولت بضغطٍ من دول الاعتلال العربي إلى.. مبادرةٍ باسم جامعة العرب!
كانت صكّ هزيمةٍ دونما معركة، وشيكًا للكيان المأزوم «على بياض»، وبدون مناسبة، ومن طرفٍ واحد: يقدّم توقيت الصراع إلى ما بعد النكسة!
كانت مبادرةً ممن لا يملك الحق في التنازل، إلى من لا يملك الحقّ في البقاء!
وعلى حساب فلسطين فقد كان يراد دفع تكاليف السهرة، فقط لأن الوطن العربي محكومٌ من أشباه الرجال!
لهذا فقد كان طوفان الأقصى- وبالفعل- لحظةً خارج الصندوق، وانفجارًا على كل السقوف، وبالتأكيد فقد كان خارج استيعاب المرذولين أيضًا؛
ولهذا فقد استعداه كلّ نُخب العقود الخانعة، والمهزومة:
من السياسي إلى الطبال، ومن شيخ السلطان إلى مثقف السلطان! وإذا كان لكلّ من يعادي الطوفان، أو لا يفهمه، أسبابه!
فقد كان طوفانًا هائلًا على عصرٍ كاملٍ بكلّ رموزه؛
ولهذا فطبيعيٌّ كلّ ما تشاهدونه من سقوطٍ لأسماءٍ كانت محسوبةً على الثقافة العربية!
وأمام كلّ سقوطٍ جديد،
فثمّة مبرهنةٌ أخرى إذن.. على انتصار الطوفان.
وفي سياق الحديث عن انتصارات الطوفان، وعلى صعيد انتصارات السرديّة: فقد أزاحت صورة استشهاد السنوار عن العالم صورة العربي الجبان، والمسلم الخوّار!
التي حاولت الدعاية «الاستكبارية» تكريسها في الأذهان لقرن! وعلى الأخص بعد نكسة ٦٧م!
أخلاق حماس أثناء تبادل الأسرى أزاحت عن العالم صورة المسلم المشوهة، التي وصلت إليه عبر حقبة داعش! كما كشفت- من الناحية المقابلة- صورة الكيان المسخ الحقيقية، وطبيعة أخلاقه المنحطة!
جرائم الإبادة التي يرتكبها العدو على مرأى – وهو الخسيس الجبان المذعور أمام الرجال! – بينت للعالم أيضًا مدى زيف ادعاءاته بشأن الهولوكوست! وكيف أنه الخنزير والضبع والخسيس بالفعل، لا المظلوم المضطهد.. وفق السردية التي كان محظورًا حتى إخضاعها للنقاش!
صورة الجيش الذي لا يقهر تكسرت أمام الطوفان، والقبة الحديدية انهارت، وأسطورة الموساد تبدت محض فارغة، وتبدى للعالم كيف أن الكيان محض جيبٍ استعماري وضيع، وأن اليهودي شايلوك هو اليهودي شايلوك!
أن اليهود هم الأعداء الفعليون لكل البشر!
بالطوفان أيضًا.. تبدى لدافع الضرائب الأمريكي أن صوته صفري القيمة، وأن أمريكا محض راعٍ للقتل، وللإبادة، وللإجرام!
أنه مُجبرٌ على دفع قيمة القنابل التي تسقط يوميًّا فوق رؤوس الأبرياء والودعاء الطيبين!
أن أبعد الناس عن الحضارة.. هم بالضبط من يتشدقون بها، وأبعدهم عن الحرية من يبتزون العالم باسمها كل يوم!
أن أبشع نظام ديكتاتوري في الدنيا هو النظام الأمريكي، لا غيره!
وأذلّ مواطنٍ مسلوب الصوت والقيمة؛ هو المواطن الأمريكيّ أيضًا، ولا سواه!
وفي صبيحة الأربعاء القادم، في الزاوية ذاتها بإذن الله.
يبقى لنا حديث.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

وأخيرا.. الطوفان وقوة الفعل التاريخي

من أكثر من مائة سنة، وتحديدا من بدء الحرب العالمية الأولى 1914م، وهناك صراع ميداني كبير قائم على أرض الواقع بيننا وبين الغرب، يمثل الغرب فيه الطرف الأقوى عسكريا وعلميا، وهو صراع اكتسب موضوعه أولا وثانيا وثالثا من التاريخ؛ تاريخ خروج هذا الغرب من مصر والشام (634م)، وتاريخ الحروب الصليبية (1095م)، وتاريخ الدولة العثمانية (1453م) بكل ما مثلته من قوة وعنفوان وجبروت تجاه شرق أوروبا، وتاريخ دولة الأندلس (1492م) في غرب أوروبا.

الصراع كان فيه بُعد هام ومؤثر يتصل بالمجال الفكري (الإنسان والكون)، وهو المجال الدائم التي تُبتعث منه حركة التاريخ في كل وقت.

وسوف يمتلك الشرق رؤية شاملة وصلبة وموضوعية وواضحة عن ذلك، مصدرها "الوحي الإلهي"، ولسوف تزداد صلابة وقوة كل يوم، بإزاء الإنسان، في تكوينه العقلي والروحي والجماعي، في حين أن الغرب، وعلى لسان الكثير من فلاسفته ومفكريه، قد أعلن انتهاء الفكر الديني، وحضوره في المجال العام!

* * *
رأينا "الحركات الإصلاحية" تخوض معاركها الكبرى على طول وعرض عالم الإسلام، إصلاحا للإنسان في الواقع الصعب، ثم تطور الى جهاد للمحتل الأجنبي، وستكون هذه الحركات عبر كل مراحل التاريخ هي الأب الشرعي لكل حركات النهوض، ولكل حركات المقاومة بلا منازع
وذلك ليس فقط بسبب هذا الصراع الطويل القاسي البليد الذي احتدم طويلا مع الكنيسة عندهم من القرن السادس عشر، وليس فقط للثورة الصناعية التي اكتسحت أوروبا من قلب إنجلترا، وليس فقط للاكتشافات البحرية وبداية عهد الاستعمار واحتلال أوطان الغير ونهبها بدعوى "عبء الرجل الأبيض"، ولكن لكل ذلك أجمعه.

ويضاف إليه ظهور اتجاه سياسي اجتماعي ليبرالي واسع رافضا للدين بشدة، متشككا في مصداقيته كما سبق، موهوما بالاكتشافات العلمية الحديثة: كما قال لنا د. برهان غليون (79 عاما) أستاذ علم الاجتماع السياسي في السوربون، في كتابه "اغتيال العقل"، أن هذه الاكتشافات أثرت على نظرة الإنسان لبدايات وجوده على الأرض! واحتل مفهوم الصراع من أجل البقاء، والحياة للأصلح، محل مفاهيم الرحمة والحب، التي كان يقوم عليها المجتمع الإنساني.

كل هذه الأفكار أثرت على فكرة "الأخلاق والإنسان"، فالذي يخاف الله، تختلف تصرفاته بالطبع عن الذي يرى أن البقاء للأصلح.

* * *

حين احتدم الصراع وبلغ أوج شراسته، وبدأ الغزو الغربي لديار الشرق، كان طبيعيا أن تكون "الحركات الإسلامية الإصلاحية" في مقدمة المواجهة، وهي التي كانت موجودة أصلا في التنظيمات الصوفية والمجالس العلمية والأوقاف، وحتى تنظيمات الحرفيين، كما يخبرنا الراحل الكبير الأستاذ طارق البشري (ت: 2021م). وهي التي كانت قد انتبهت إلى أن هناك ابتعادا كبيرا عن منهج الوحي الذي قامت عليه الأمة وتاريخها وحضارتها.

وسوف تبدأ طريقها الإصلاحي الطويل بفكرة "الإنسان الصالح" في "البلد الصالح"، وكان طبيعيا أن يكون "الوحي الإلهي" هو "نبع الينابيع" في فكر الإصلاح، ليس فقط تسليما وإيمانا، ولكن إدراكا ووعيا بحقائق الأشياء وجوهرها الكامل.

ورأينا "الحركات الإصلاحية" تخوض معاركها الكبرى على طول وعرض عالم الإسلام، إصلاحا للإنسان في الواقع الصعب، ثم تطور الى جهاد للمحتل الأجنبي، وستكون هذه الحركات عبر كل مراحل التاريخ هي الأب الشرعي لكل حركات النهوض، ولكل حركات المقاومة بلا منازع.

* * *

ولسوف تدور دورة الزمان؛ بسنن التاريخ ستدور، بعوامل التدافع الطبيعي ستدور، بموت القديم وميلاد الجديد ستدور، وسنجدنا في منتصف القرن العشرين.

سنكون جزء من خريطة جديدة للمشرق العربي، مقسمة إلى بلدان تحمل في داخلها بذور أزماتها وألآمها، يحكمها ثوار جدد "أغلبهم عسكريون" لم يكونوا بعيدين في الحقيقة عن المحتل القديم (بريطانيا وفرنسا)، وسوف يقتربون أكثر من المحتل الجديد (أمريكا: الدولة القارية الأولى في العالم، بجيوش هائلة وثروات هائلة وسرداب سياسي عميق وهائل).

* * *

سيكون هذا هو الجزء الأقل أهمية في الموضوع! ماذا عن الجزء الأكثر أهمية؟

إنها "دولة صهيونية" تم الإعداد الهادئ الطويل لها لتكون في قلب هذه الخريطة، لتحقق للغرب أغراضا جمة (تاريخية ودينية واستراتيجية) وأهم جزء في هذا الجزء، هو أنه تم التفاهم مع الخريطة الجديدة في الشرق على وجود هذه الدولة! عروشا كانت أم جيوشا. كما قال لنا الأستاذ هيكل رحمه الله، والذي قال لنا يوما إن "تلك الدولة الصهيونية لا تحتمل هزيمة واحدة في وجودها كله، وإلا فبداية الانهيار"، وها هي الدولة الصهيونية، وها هي الهزيمة، وها هو وجودها، وها هي بداية النهاية.

* * *

الأستاذ هيكل (ت: 2016م) وبالرغم من علمانيته الشاملة! كان يطلق على الحركات الإصلاحية وصف "ملوك المقاومة"، وسواء كان هذا إقرارا بحقائق التاريخ وبديهياته، أو تأثرا بأقرب أصدقائه، والذين هم للمفارقة من كبار "الإسلاميين الإصلاحيين"، فكرا وتاريخا: الأستاذ طارق البشري والدكتور عبد الوهاب المسيري رحمهما الله، والمفكر الكبير الأستاذ فهمي هويدي حفظه الله.

أيا ما كان، فقد كان للرجل رحمه الله (ت: 2016م)، خاصة بعد ابتعاده التام عن "الدولة"، اجتهادات استراتيجية بالغة الرقي والفهم والاستشراف، نختلف ونتفق معه فيها، لكنها موصولة في الحقيقة بالتاريخ والدنيا والناس.

* * *

الحاصل أن "ملوك المقاومة" قرروا أن يتدخلوا، ويدخلوا، ويبادروا، في وقت بالغ الحرج، كان لا بد فيه من أن يقوم "أحد ما" بالتدخل، سواء كان ذلك باعتبارات استراتيجية تتصل بالواقع الدولي، أو اعتبارات إقليمية في الواقع العربي، أو باعتبارات تتعلق بالدولة الصهيونية ذاتها (نظاما ومجتمعا).

وأروع شيء في التاريخ، كما رأينا مرارا، هو هذا التوافق البديع بين كل "عناصر اللحظة". سواء في الواقع القائم (القديم) والواقع القادم (الجديد)، بل وتتوافر فيها ولها وبها، كل مكونات "الفعل التاريخي".

وبالفعل قاموا وقرروا أن يقوموا بتعديل وتصحيح جوهري في "الفعل التاريخي"، ذلك الفعل الذي يتصل في حقيقته بطبيعة هذا الصراع التاريخي الطويل القديم بين أمتنا والغرب، والذي تم فيه، وبخبث شديد، استبعاد أهم أدواته وقواه الفاعلة: الإسلام بمكوناته "الكبرى العميقة" الممتدة في الوجود، بين الحياة الصحيحة، والموت الكريم والبعث الحق.

* * *
كانت "الفكرة الدينية" هي سيدة الأفكار، في هذا الصراع الذي طال 15 شهرا، لحكمة لا يعلمها إلا الخالق العلى الأعلى، وها هي قد حضرت حضورا قويا شاملا، الآن في قلب هذا الصراع التاريخي الكبير بين الشرق والغرب، وقد كان هذا ضروريا للغاية في تشكيل مستقبل المنطقة كلها، فكرا وبشرا وحجرا وشجرا
وعلى الفور تم استحضار كل ذلك، وبـ"إخلاص" أطهر وأشف من الماء الزلال، ليس هذا فقط، بل ووصل كل المقطوع التاريخي منه وفيه بهذه "القوة الفاعلة". فوجدت الأمة نفسها أمام مشهد كانت تتوق إليه، وتنشده، ولا تعرف الطريق إليه! وإن عرفت، فلا تعرف الوسيلة! وإن عرفت الوسيلة، فلا تعرف كيف تستمر وتدوم، وتتواصل فيما بينها وتتصل، لتصل إلى أهدافها وغاياتها، والتي هي لعظمتها وجلالها، ترتبط فيها الحياة بالموت على أعظم وأجل واصدق ما يكون الارتباط. وما أعظمه وما أجله وسموه من رباط.

* * *

لقد كانت "الفكرة الدينية" هي سيدة الأفكار، في هذا الصراع الذي طال 15 شهرا، لحكمة لا يعلمها إلا الخالق العلى الأعلى، وها هي قد حضرت حضورا قويا شاملا، الآن في قلب هذا الصراع التاريخي الكبير بين الشرق والغرب، وقد كان هذا ضروريا للغاية في تشكيل مستقبل المنطقة كلها، فكرا وبشرا وحجرا وشجرا، إنها "قوة الروح" التي جاءت بها "طوفان الأقصى".

لم تكن حرب غزة حلقة مستقلة من حلقات التاريخ، ولم يكن "الطوفان" إلا "أيقونة" احتوت على "كل شيء" يتعلق ويتصل بهذا الصراع، كل شيء حرفيا.

وما "المكابرة" هنا وهناك، على إخفاء وإغماء ذلك، إلا مكابرة "الإنكار" المشهورة، عند من يكرهون شيئا ولا يطيقون وجوده، ولا حتى التفكير فيه، وهي حالة علمية معروفة.

انتهت الحرب في غزة، لكن الطوفان لم ينته.. لقد جاء ليكتسح كل قديم، في الفكر والحركة والواقع والدنيا والناس.. جاء ليعدل مسار التاريخ.

x.com/helhamamy

مقالات مشابهة

  • تحيا المقاومة الفلسطينية
  • قائد الثورة: بالرغم من التخاذل العربي الرسمي والموقف السلبي لبعض الأنظمة وعلى رأسها السلطة الفلسطينية فقد وفق الله المجاهدين وأعانهم وثبتهم
  • هل انتصرنا ولماذا كان الطوفان؟
  • موعد عرض الفيلم الكوري "My Lovely angel" بمركز الثقافة السينمائية
  • برلمان “البرلاتينو” يهنئ بوغالي على استمراره في رئاسة الاتحاد البرلماني العربي
  • مقدمة لدراسة صورة الشيخ العربي في السينما الأمريكية «12»
  • وأخيرا.. الطوفان وقوة الفعل التاريخي
  • مجمع الملك سلمان العالمي للُّغة العربيَّة ومنظَّمة “الألكسو” ينظِّمان ندوة تقرير السِّياسات اللُّغويَّة في الدُّول العربيَّة بتونس
  • الطائرة الحربية التي تحلم بها الجيوش: “بيرقدار قزل إلما” التركية
  • لقاء علمائي موسع بمسجد الإمام الهادي بصعدة يبارك الانتصار الإلهي لأبناء غزة