التبعية الإعلامية والهوية الإيمانية
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
أثبتت الأحداث الجارية أن مقولة الإعلام الحر والحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، ليست سوى شعارات كاذبة ومخادعة لتسويق السياسات الإجرامية وإلباسها مسوح القبول لدى الشعوب، فما هي سوى كمائن لاصطياد الرأي العام وتخدير الشعوب وهي لا تقل شأنا عن أساليب الحرب الإجرامية بصورها العسكرية والسياسية والاقتصادية، بل إنها قد تتفوق عليها في بعض الأحيان وأكثرها نظرا لقلة الخسائر التي تترتب عليها وكثرة المكاسب منها وقبل ذلك لأنها أفتك الأساليب التي يجيدها الغرب والاستعمار لقتل إرادة الشعوب وتسخيرها لخدمة مصالحة ولتحقيق الضربات الاستباقية وإحداث الهزيمة في نفوس الخصوم قبل بداية المعارك وفق ما يطلق عليها الحرب الناعمة، وإحدى أهم صورها خاصة في تعامل القوى الاستعمارية مع منظومة الدول التي يطلق عليها تسمية “الدول النامية” أو “العالم الثالث” مع أن سياسات الغرب الاستعماري هي التي حطمت تلك الدول وجعلتها عالة في كل شيء حتى يسهل له التصرف في شؤونها والاستيلاء على ثرواتها واستعبادها بواسطة العملاء الذين نصّبهم حكّاما على تلك البلدان بعد قيام حركات التحرر التي طردت الاستعمار بصورته وبذلته العسكرية، لكنها استبدلت زياً واستسلمت له ليدير شؤونها بعقول أهلها.
استعمرت الإمبراطورية الفرنسية أرض الكنانة مصر ودخلت بجيوشها العسكرية والعلمية –(أكثر من مائتين وخمسين عالما في مختلف التخصصات)، الذين أوكل إليهم الإمبراطور نابليون دراسة الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وكل الشؤون، حتى يتم تكريس الاحتلال والسيطرة لمئات السنين، وفعلا تمت صياغة توجهات ترسخ التخلف والتبعية للغرب وتكريس الانحطاط والهزيمة الداخلية لدى المجتمعات العربية، بدءاً من أرض الكنانة لأنها رائدة المجتمعات العربية والأمة الإسلامية.
رحل الاستعمار وتم اسبدال وصياغة كل شؤون المجتمع (سياسة وتعليماً واقتصاداً)، وفي كل شؤونه وفق المنهج التغريبي لا الغربي، وفرق كبير بين الاثنين، التغريبي يعمل على إلغاء خصوصيات المجتمعات ويلحقها بالغرب تتلقف ما يأتيها منه أما المنهج الغربي فهو الاستفادة من منتجات الحضارة مع المحافظة على الهوية والخصوصية، فالشعوب التي استفادت من التطور حافظت على خصوصيتها، أما الشعوب التي انسلخت من هويتها مازالت ترزح تحت وطأة التخلف والتبعية.
استفاد الاستعمار من الذين جندهم للعمل معه بعد رحيله ومغادرته في إثارة النعرات الوطنية والجهوية والشعبوية وغيرها، وواصل إكمال المهمة الاستعمار الإنجليزي الذي خلفه ولم يكن الاستقلال في جوهره سوى الرحيل العسكري باهظ التكاليف الذي استُبدل بالسيطرة على القرار الوطني بواسطة الجنود الأوفياء الذين مكنهم من الحكم والسلطة نيابة عنه بموجب خطط الاستثمار للتبعية، حتى لو لم يكن له جنود يحرسون مصالحه على الأرض بخلاف السيطرة الأمريكية التي تعتمد على القواعد العسكرية وأكبرها القاعدة الإسرائيلية التي يتحكم فيها الاحتلال الصهيوني وتخدم وترعى كل مصالح الدول الاستعمارية شرقا وغربا.
تمددت عدوى التغريب من أرض الكنانة إلى بقية الدول العربية والإسلامية، وتكاتفت جهود الاستعمار الذي سيطر على الدول العربية من المحيط إلى الخليج وأثمرت الحرب الناعمة في تحطيم إرادة النهوض والتطور والتعويل على الغرب والشرق والشمال والجنوب من أجل مواجهة الأخطار التي يتعرضون لها دون الاعتماد على النفس للنهوض بالواقع المتردي رغم الإمكانيات الرهيبة التي تمتلكها الأمة العربية والإسلامية فرادى ومجموعات.
لقد تحولت السياسات القُطرية لتحقيق ما عجز عنه الاستعمار، من الذي رسم خرائط التجزئة وترك التنفيذ للخونة والعملاء؟ فأصبح التوجه نحو التجزئة والفرقة هو الأساس الذي تدار به السياسات والأنظمة القائمة على شؤون الحكم وأصبحت المشاريع القُطرية هي الأساس بدلا عن المشروع الرسالي العظيم الذي اختاره الله منهجا لخير أمم الأرض وخير رسول وخاتمة الرسالات السماوية .
فقد سعت الأنظمة جاهدة للعودة إلى العصور الجاهلية بأبشع صورها وأمقتها في جاهلية تدعي العلم وتنشر الجهل وتحارب التوحد والتآلف وتكرس الفرقة وفق المناهج التي وضعها الغرب وألزم الخونة بالسير في تنفيذها بالقوة والغلبة والإكراه لمن لا ينصاعون لتوجيهاته، أما من يخدمونه فلا يحتاجون سوى التوجيه فقط.
وهنا تساؤل يفرض نفسه: لماذا يحاول الاستعمار تكريس هويته وسلخ المجتمعات عن هويتها ؟، الجواب واضح وهو أن احتفاظ المجتمعات بهويتها يحميها من الاستعباد والسيطرة عليها وهو ما يجاهد الغرب لتحقيقه في محاربته للهوية العربية والإسلامية، فحينما بسط الاستعمار سيطرته على أقطار الأمة، حارب الهوية الإسلامية واستبدلها بالهويات الجاهلية، في أحط وأردأ صورها، وكنتيجة لذلك وجدت الحدود والجيوش والأنظمة والاثنيات العرقية والجهوية التي هي أهم الأسلحة التي يستخدمها الاستعمار بكل أشكاله وصوره لمحاربة المشروع الإلهي الذي وجدت به الأمة ذاتها وقيمتها وقادت به الحضارة الإنسانية وتحقق للعالم به النهوض الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي وفي كل المجالات وما يزال عطاؤه مستمرا حتى وإن انحدرت الأمة التي أوكل اليها القيام به أو أصابها الضعف والوهن.
إن التبعية الاستعمارية تعد أكبر الاشكاليات التي تواجه الأمة في سبيل تحقيق نهضتها واستعادة أمجادها وقيادة مسيرة العطاء الحضاري من جديد، ولذلك تعمل القوى الاستعمارية مجتمعة على توجيه حملاتها الإجرامية لتحطيم الهوية الإسلامية في كل المجالات، ابتداءً من تدمير الأخلاق بنشر الإباحية والرذيلة وفرض النماذج الشاذة على الحكومات والدول كأمر واقع لا مفر منه، إما بواسطة الأمم المتحدة أو بواسطة الإلزام للحكومات المطيعة لها أو بالإكراه للدول التي لا تتبع توجيهاتها، وفعلا وجدنا الأنظمة المطبعة والعميلة تفرض قوانين المثلية وتحريم الحلال لصالح تحليل المحرمات، من فسق وفجور وإباحة الربا والقمار والخمور، وفي مقابل ذلك محاربة الفضيلة والعفاف والطهارة، وأبرز مثال على ذلك ما اعتمدته الأنظمة في السعودية والإمارات والبحرين وتونس والمغرب ومصر وغيرها من الأنظمة العربية التي تسارع دائما لتلبية توجيهات الغرب، فتم تحليل الربا والمتاجرة بالخمور ولعب القمار وهو ما ستكون له تأثيرات خطيرة على تلك المجتمعات وسيشكل عقبة أمام أي محاولة للنهوض في المستقبل.
لقد كشف العدوان الصهيوني على غزة ولبنان واليمن وقبل ذلك العراق وأفغانستان وغيرها، عمق الترابط بين القوى الاستعمارية والأنظمة التي صنعها وأوجدها لخدمته، حتى أنها تفوقت عليه في كثير من الطروحات الإجرامية التي يروج لها ويبرر من خلالها عدوانه وإجرامه، وهو ما يعني انه قد كسب ما راهن عليه وحقق من خلال الخونة والعملاء ما عجزت عن تحقيقه آلته العسكرية في تدمير المجتمعات العربية والإسلامية، لكن صمود المقاومة (محور المقاومة) وتمسكها بهويتها الإسلامية هو الأساس الذي سيحطم الإجرام والاستكبار والاستعباد، حتى لو اجتمعت كل جيوش الإجرام واستعملت كل إمكانياتها المادية وأسلحتها الفتاكة، فهي لن تغير شيئا في مقابل الإيمان بالله والاعتماد عليه، ويكفي إعصار واحد لتدمير رأس الحلف الصليبي الصهيوني الذي تمرغت قواته في وحل الهزيمة في فيتنام، وتكفي بعوضة على انف نمرود ليهلك، وهو ما يفعله المجاهدون الأبطال في أرض غزة وفلسطين حتى وإن تكالب عليهم كل مجرمي الشرق والغرب، وصدق الله العظيم القائل((يريدون ان يطفئوا نورالله بأفواههم ويابي الله الا ان يتم نوره ولوكره الكافرون))التوبه-32-.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
على الخريطة.. تعرف على الدول التي سجلت ظهور السلالة الجديدة من جدري القرود
مع تفشي مرض جدري القرود، ظهرت سلالة جديدة اسمها "كليد 1 بي"، ونعرفك في هذا التقرير على الدول التي سجلتها.
تقول منظمة الصحة العالمية إنه تم تحديد هذه السلالة الجديدة في بوروندي وكينيا ورواندا وأوغندا، وهي دول لم تبلغ عن حالات جدري القرود قط.
وكان يعرف المرض سابقا باسم جدري القرود، وحاليا أعيدت تسميه إلى "إمبوكس" (Mpox)، وكانت العدوى في ارتفاع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تمثل 96% من جميع الحالات في أفريقيا، وفقا لتقرير في إندبندنت.
تم تأكيد أكثر من 17 ألف حالة الآن في جميع أنحاء القارة، إذ قالت منظمة الصحة العالمية إن تفشي المرض "مثير للقلق الدولي".
وأطلقت منظمة الصحة العالمية الآن "خطة استعداد واستجابة إستراتيجية عالمية" تهدف إلى منع انتشار السلالة الجديدة.
وقال مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن "تفشي الإمبوكس في جمهورية الكونغو الديمقراطية والدول المجاورة تمكن السيطرة عليه ووقفه، ويتطلب القيام بذلك خطة عمل شاملة ومنسقة".
وأفادت أحدث تحديثات المركز الأوروبي للوقاية من الأمراض والسيطرة عليها بأنه تم تحديد أكثر من 100 ألف حالة مؤكدة من سلالة "إمبوكس 1" والسلالة "2" في أكثر من 120 دولة، مما أدى إلى أكثر من 200 حالة وفاة.
من جهتها، أكدت وكالة الصحة العامة في السويد أنه في أغسطس/آب الماضي تم اكتشاف حالة واحدة من سلالة "إمبوكس 1بي"، وهي الأكثر إثارة للقلق، وأفادت بأن الشخص الذي تم عزله أصيب بالعدوى في أثناء إقامته في دولة أفريقية، حيث تم الإبلاغ عن حالات أخرى.
كما تم تأكيد حالات الإصابة بالسلالة في الهند وتايلند، على الرغم من أنه لا يعتقد أنها تنتشر في أي من البلدين.
وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول، أكدت وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة اكتشاف حالة واحدة في لندن، وكانت لشخص قضى إجازة في أفريقيا وسافر عائدا إلى المملكة المتحدة في رحلة ليلية قبل 9 أيام.
وظهرت عليه أعراض تشبه أعراض الإنفلونزا بعد أكثر من 24 ساعة، وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول، بدأ ظهور طفح جلدي تفاقم في الأيام التالية. ويوم 27 أكتوبر/تشرين الأول، حضر إلى قسم الطوارئ في لندن، حيث أُخذت مسحة منه وتم اختبارها ومن ثم طلب أُرسل إلى المنزل للعزل في انتظار النتائج.
هذه خريطة بجميع الأماكن التي تأكد فيها وجود إصابات بالسلالة "كليد 1 بي" حتى الآن:وقال غيبريسوس إن "ظهور سلالة جديدة من إمبوكس وانتشارها السريع في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية والإبلاغ عن حالات في عديد من البلدان المجاورة أمر مقلق للغاية".
وقال "بالإضافة إلى تفشي سلالات أخرى من الفيروس في جمهورية الكونغو الديمقراطية ودول أخرى في أفريقيا، من الواضح أن هناك حاجة إلى استجابة دولية منسقة لوقف هذه الأوبئة وإنقاذ الأرواح".
ما سلالات جدري القرود؟جدري القرود هو مرض فيروسي شديد العدوى يشبه الجدري الذي تم القضاء عليه الآن، ولكنه أقل حدة. إنه عدوى حيوانية المنشأ، مما يعني أنه يمكن أن ينتشر من الحيوانات إلى البشر. ويمكن أن ينتشر أيضا من شخص لآخر.
هناك نوعان رئيسيان من الجدري: المجموعة 1 والفئة 2. المجموعة هي مجموعة واسعة من الفيروسات التي تطورت على مدى عقود من الزمان ولديها اختلافات وراثية وسريرية مميزة.
السلالة "كليد 1" (1 Clade)تسبب مرضا ووفيات أكثر عددا. قتلت بعض الفاشيات ما يصل إلى 10% من الأشخاص الذين يمرضون، على الرغم من أن الفاشيات الأحدث كانت معدلات الوفيات أقل. المجموعة 1 متوطنة في وسط أفريقيا.
سلالة "كليد 1 بي" (Clade 1b)هذه السلالة أكثر إثارة للقلق من إمبوكس، وهي مثيرة للقلق بشكل خاص بسبب قدرتها العالية على الانتقال والنتائج السريرية الأكثر شدة.
السلالة "كليد 2" (Clade 2)كانت مسؤولة عن تفشي المرض العالمي عام 2022. العدوى بها أقل حدة. أكثر من 99.9% من الناس الذين يصابون بها يبقون على قيد الحياة. وهي متوطنة في غرب أفريقيا.
ما مدى خطورة السلالة "كليد 1 بي"؟أثار انتشار السلالة الجديدة "كليد 1 بي" ومعدل الوفيات المرتفع في أجزاء من أفريقيا، القلق بين العلماء، ودفع منظمة الصحة العالمية إلى إعلانه حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقا دوليا. يعتقد أن هذه السلالة الجديدة أكثر فتكا من السلالات السابقة، إذ تؤدي 4 حالات من كل 100 حالة إلى الوفاة.
يمكن أن يكون جدري القرود شديدا عند الأطفال أو النساء الحوامل أو الأشخاص الذين يعانون ضعفا في جهاز المناعة بسبب المرض أو العلاجات المحددة.
ما أعراض جدري القرود؟تتشابه أعراض جدري القرود مع أعراض الجدري ولكنها أخف منها، مع وجود اختلاف رئيسي يتمثل في أنه يتسبب في تضخم الغدد الليمفاوية، بينما لا يتسبب الجدري في ذلك.
الأعراض المميزة لجدري القرود هي طفح جلدي مميز وحكة ثم يتحول لاحقا إلى بثور. يتغير الطفح الجلدي، الذي يمكن أن يكون حاكا أو مؤلما للغاية، ويمر بعدد من المراحل المختلفة قبل أن يشكل أخيرا قشرة، والتي تسقط لاحقا. يمكن أن تسبب الآفات ندبات.
يبدأ الطفح الجلدي غالبا على الوجه، ثم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، خاصة راحة اليدين وباطن القدمين. وعادة ما يظهر بعد يومين إلى 4 أيام من الأعراض الأخرى.
تشمل العلامات المبكرة لمرض جدري القرود أعراضا تشبه أعراض الإنفلونزا مثل:
الحمى القشعريرة الصداع آلام الظهر آلام العضلات التعب تضخم الغدد الليمفاويةعادة ما تكون فترة الحضانة (الوقت من الإصابة إلى ظهور الأعراض) لجدري القرود من 7 إلى 14 يوما، ولكن يمكن أن تتراوح من 5 إلى 21 يوما.
كيف ينتشر جدري القرود؟
وفقا لمنظمة الصحة العالمية، كان تفشي مرض جدري القرود بشكل كبير بين الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال. ومع ذلك، أكد الخبراء أن أي شخص يمكن أن يصاب به، لأنه ينتشر عادة من خلال الاتصال الوثيق بشخص أو حيوان مصاب عن طريق قطرات الجهاز التنفسي الكبيرة أو عن طريق ملامسة الجلد للجلد. كما يمكن أن ينتشر بشكل غير مباشر من خلال ملامسة الملابس الملوثة أو الفراش الذي يستخدمه شخص مصاب بالطفح الجلدي.
هل يوجد علاج لجدري القرود؟تختفي الأعراض عادة من تلقاء نفسها دون الحاجة إلى علاج ويتعافى معظم الأشخاص تماما في غضون أسبوعين إلى 4 أسابيع. إذا لزم الأمر، يمكن استخدام الأدوية المسكنة للألم والحمى لتخفيف بعض الأعراض. من المهم لأي شخص مصاب بجدري القرود أن يظل رطبا ويأكل جيدا ويحصل على قسط كاف من النوم.
يمكن استخدام الأدوية المضادة للفيروسات المستخدمة لعلاج الجدري لعلاج أي شخص يصاب بمرض شديد بسبب جدري القرود. يجب على الأشخاص الذين يشتبهون في إصابتهم بجدري القرود عزل أنفسهم وطلب الرعاية الطبية.