الثورة اليمنية و “تحرير فلسطين”
تاريخ النشر: 30th, October 2024 GMT
يمانيون – متابعات
قدمت ثورة 14 أكتوبر اليمنية المجيدة، والحركة الوطنية في جنوب اليمن المحتل تجربة مميزة في تبني القضية الفلسطينية، وذلك لأنهم كانوا في صِدام مباشر مع بريطانيا كنظام استعماري غربي متحالف مع الحركة الصهيونية ومع الاستعمار الأمريكي الصاعد حينها عقب الحرب العالمية الثانية، ولم تكن مصادفة أن أول لجنة لمقاطعة “إسرائيل” في الجزيرة العربية تأسست في عدن في العام 1956م.
جسّد ميثاق الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل -الذي صُيغ إبّان حرب التحرير الشعبية-، رؤية شاملة لمفهوم التحرر الوطني، ليس فقط على مستوى اليمن بل على مستوى العالم العربي ككل.
كان التحرر الوطني اليمني في ميثاق ثورة 14 أكتوبر، مرتبطاً بمواجهة الاستعمار والنظام الاستعماري العالمي، وكان تحرير فلسطين في قلب هذه الرؤية؛ فالثورة في جنوب اليمن لم تكن ثورة محلية فحسب، بل كانت جزءاً من حركة تحرر عربية أوسع، تهدف إلى القضاء على الاستعمار في كل أشكاله، وتوحيد الشعوب العربية تحت راية التحرر والوحدة.
في مرحلة ما بعد الاستقلال الوطني عقب عام 1967م كانت القضية الفلسطينية حاضرة بشكل قوي، وفي هذه المرحلة اكتسبت أبعاداً أكثر عالمية وترابطاً مع حركات التحرر العالمية، بالإضافة إلى كونها قضية قومية عربية.
هذا التطور عكس نضوج الوعي الثوري الذي تبنته قوى ثورة 14 أكتوبر، والذي سعى إلى تحرير ليس فقط الأرض اليمنية بل أيضاً دعم نضال الشعوب الأخرى لتحقيق تحررها.
احتجاجاً على إحراق المسجد الأقصى 21-8-1969م ألقى الرئيس سالم ربيع علي خطاباً بعد صلاة الجمعة، أعلن فيه قطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية ومنع حاملي الجنسية الأمريكية من دخول أراضي جمهورية اليمن الشعبية، وقد استمر قطع العلاقات منذ ذلك اليوم حتى إعلان الوحدة عام 1990م.
ومن العمليات التي انطلقت من عدن عملية في يونيو 1971م تمثلت بقيام مجموعة من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة وديع حداد باستهداف سفينة النفط “الإسرائيلية” “كورال سي” في مضيق باب المندب.
لقراءة التفاصيل على الرابط التالي: الثورة اليمنية وتحرير فلسطين
المصدر: مركز البحوث والمعلومات ـ وكالة (سبأ) – أنس القاضي
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
استفتاء 19 ديسمبر ..جذوة الثورة ما تزال حية
استفتاء 19 ديسمبر ..جذوة الثورة ما تزال حية
صلاح شعيب
بالأمس مرت ذكرى قيام ثورة ديسمبر المجيدة التي أنهت أسوأ فترة استبدادية في تاريخ البلاد. إنها الثورة التي قدم فيها شبابنا تضحيات عظيمة في فترة كالحة أذاقت السودانيين كل العذاب. فضلاً عن ذلك فإن ما سمي المشروع الحضاري أضاع أكثر من ثلاثة عقود من عمر الدولة، حيث شهدنا كيف أنه تم توظيف الإسلام كأداة تجارية ضد الإسلام نفسه. ولا نحتاج لتذكير الناس أن نسخة الإسلام السياسي السودانية ساهمت في فصل جنوب السودان عن شماله، وخلقت طبقة إسلاموية سيطرت وحدها على مفاتيح السياسة، والاقتصاد، ومنابر الثقافة والإعلام، والخدمة المدنية، والقطاع الخاص، وغيرها من مجالات العمل في السودان. كل هذه السيطرة الاستبدادية تعززت منذ عشريتها الأولى بقبضة أمنية أداتها تعذيب المعارضين، وإغلاق كل المنافذ أمامهم دون الحظر بحياة كريمة.
وقد أدى هذا الوضع إلى هجرة معظم العقول السودانية، وما بقيت في الداخل لُوحقت بالمضايقة المنتظمة حتى قبل لحظات من سقوط نظام الحركة الإسلامية. وأثناء هذا الوضع تفشت المحسوبية، والفساد، وشراء ذمم الناس الضعيفين حتى انهارت مهنية الخدمات، والأجهزة العسكرية، والأمنية. وكذلك أفرزت سياسة الإسلاميين الاغتيالات السياسية، والإبادة الجماعية في دارفور، وقصف الأبرياء بالبراميل الحارقة في مناطق النزاع. ولعل هذه الحرب الدائرة الآن أكبر دليل على انهيار مؤسسات الدولة، وتفريغها من فاعليتها. بل إن هذه الحرب لا تنفصل من تأثير سياسة الإسلاميين السالب على النسيج الاجتماعي في الدولة، إذ استعانت بالمليشيات وسيلة للدفاع عن فساد نخبة المؤتمر الوطني.
إن ما فعله الإسلاميون ما قبل مفاصلتهم، وبعدها، لا يمكن إجماله في هذا الحيز. ولكن المهم القول هو إن الحركة الإسلامية قدمت أسوأ نموذج للاستبداد السياسي في التاريخ الحديث. ولذلك كانت ثورة ديسمبر فرصة للسودانيين لإثبات جدارتهم في إلحاق الهزيمة بأنظمتهم الديكتاتورية التي كلها ذهبت إلى مزبلة التاريخ ليكسو العار وجوه الذين أسّسوا لذلك النظام السياسي الفاسد، والقمعي، والقبيح.
إن استهداف ثورة ديسمبر بدأ منذ نجاحها بتدبير من قيادات في المكون العسكري ربطت بينهم والإسلاميين علاقات خفية. ورغم ما أبداه البرهان، وياسر العطا، وكباشي، وحميدتي، من انحياز مرحلي للثورة إلا أن عرقلتهم لتطلعات رئيس الوزراء وطاقمه، والمؤسسات الأخرى التي شغلها كوادر تحالف الحرية والتغيير كان أمراً ظاهراً ما أدى إلى شل حركة حكومة الانتقال الديمقراطي. ذلك حتى استطاعوا إحداث الانقلاب العسكري في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 والذي أنهى المرحلة الانتقالية. ومع ذلك لم ينثن الثوار أمام الآلة القمعية للانقلابيين، وقدموا نضالات غاية في التضحية في سبيل إفشال مخطط تقويض الثورة. وهكذا عجز الانقلابيون في تنفيذ مخططهم الذي بدأ باسترداد الأموال، والأملاك، التي تحكمت فيها لجنة إزالة التمكين، وإعفاء السفراء الذين تم استرجاعهم للخدمة المدنية، وعودة الممارسات القمعية ضد الإعلاميين، وحظر نشاط الحركة الجماهيرية.
جاءت الحرب كخيار أخير للقضاء على ثورة ديسمبر بتوافق البرهان، وأركان حربه مع الإسلاميين بقيادة علي كرتي، وقد أتاح هذا المناخ الاستبدادي الجديد الفرصة للإسلامويين، ودواعشهم، للظهور علناً لدعم الجيش في حربه المقصودة أصلاً ضد الثورة. وبمرور الأيام كشفت أبواق الحرب عن مكنون مقاصدها في استهداف رموز، وأحزاب الثورة، ولجان المقاومة، عبر حملة إعلامية مسعورة تواصل النهار بالليل حتى تخلق رأياً عاماً مشوهاً في رؤيته للحرب، وسير مجرياتها.
وتواصلت أكاذيب، وتلفيقات إعلاميي النظام السابق، وبعض الانتهازيين الذين تم استخدامهم لتزوير الوقائع، وعكس صورة مخالفة للهزائم المستمرة التي مني بها الجيش وتحويلها لانتصار زائف.
ومع ذلك لم تنجح الحملات الإعلامية السافرة التي صرف لها الإسلاميون بسخاء من نزع حلم استئناف الثورة من مخيلة، وأفئدة، غالب الشعب السوداني، والذي ظل يأمل إيقاف الحرب لتنتهي المآسي الإنسانية التي خلفها المشروع الحربي لعودة الإسلاميين للحكم، ومن ثم يضطلع المدنيين بأمر الحكم المدني، ويكتمل الانتقال الديمقراطي لتحقيق شعار الثورة: حرية، سلام، وعدالة، وإعادة بناء ما دمرته الحرب.
لقد مرت الذكرى السادسة لاندلاع ثورة التاسع عشر من ديسمبر 2018، وقد شغلت كل منصات التواصل الاجتماعي، حيث سيطر النشطاء والكتاب الثوريون على منشورات هذا اليوم، مسترجعين ذكريات من النضال المشهدي ضد نظام الحركة الإسلامية، ومؤكدين إصرارهم على هزيمة مشروع إجهاض الثورة التي أتت لتقطع مع عهد التيه والضلال، ومعبرين عن رفضهم لاستمرار الحرب بوصفها وسيلة إنتحارية لقتل حلم السودانيين في عهد ديمقراطي، وإسترداد كامل النظام السابق، وتأديب الثوار. ولكن هيهات فثورة ديسمبر انبثقت لتبقى جذوتها حية مهما طال امد التآمر ضدها.
الوسوماستمرار الحرب النضال ثورة ديسمبر السودانية حلم السودانيين صلاح شعيب