عقد مركز بحوث الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية بجامعة عين شمس اليوم الثلاثاء الموافق 29 أكتوبر ندوة بعنوان "السادات.. كما لم نعرفه من قبل"، وذلك تحت رعاية الدكتور محمد ضياء زين العابدين، رئيس جامعة عين شمس، والدكتورة غادة فاروق، نائب رئيس الجامعة لشؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، والدكتورة حنان كامل، عميد كلية الآداب، ود.

حاتم العبد، مدير مركز بحوث الشرق الأوسط.

حاضر في الندوة كل من السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق، ود. زين السادات، المدير التنفيذي لمركز شاف للدراسات.

استهلت الندوة الدكتورة حنان كامل، مرحبة بالحضور الكرام، حيث أكدت أن الرئيس الراحل أنور السادات ما زال وسوف يظل دومًا حيًا في ذاكرة ووجدان الشعب المصري لما حققه من انتصارات عظيمة يشيد بها العالم حتى الآن، لذا يتوجب علينا تسليط الضوء على هذا الرمز السياسي المشرف واستعراض بطولاته وإنجازاته لتتعرف عليها أجيال الشباب الصاعدة، وليزدادوا فخرًا واعتزازًا بتاريخ مصر العريق.

تناول الكلمة عقب ذلك د. حاتم العبد، الذي أكد على  عظمة الإنجازات التي حققها الرئيس السادات، سواء على الصعيد العسكري أو السلمي، فقد استعاد أرض مصر وكرامة شعب مصر، فهو قد حقق وبجدارة معجزة بكل المقاييس، حتى إن حرب أكتوبر ما زالت تدرس في الكليات والمعاهد العسكرية حتى يومنا هذا، ومن هنا جاء اختيار المحاضرين ؛ فسعادة السفير العرابي هو أحد أبرز الرموز السياسية والدبلوماسية المصرية، وقد كان شاهدًا على الكثير من الأحداث والمجريات التي سبقت الحرب وتلتها، أما الدكتور زين السادات، فهو ابن شقيق الرئيس الراحل السادات، وعاش معه في عقر داره، فهو خير من يقدم لنا صورة مقربة عن السادات الإنسان

وأشار الدكتور العبد، ضمن كلمته إلى الدور البارز الذي لعبه مركز بحوث الشرق الأوسط إبان الحرب، حيث قام الرئيس السادات بمطالبة الدكتور فوزي منصور، مدير المركز في تلك الفترة  لوضع خطة الخداع الاستراتيجي التي استعان بها السادات خلال الحرب.

أعقب ذلك كلمة السفير محمد العرابي، حيث ألقى الضوء على حنكة السادات السياسية ودهائه العسكري، حيث استعان بخطة خداع استراتيجية سابقة لعصره لتمويه تحركات الجيش مما أسهم في تحقيق انتصارات أكتوبر، كما استعرض في حديثه جانبه الإنساني حيث أتاح الفرصة للشباب للتعبير عن رأيهم بحرية تامة، كما تحلى بالشجاعة والثقة في اتخاذه لقرار الحرب بكل ما يحمله من مخاطر وتحديات ليسترجع الأرض ويصون العرض وتنعم مصر بالعزة والكرامة.

تناول الكلمة عقب ذلك الدكتور زين السادات، والذي أكد أن الرئيس الراحل كان يتميز بالبساطة الشديدة والتواضع، وكان سيادته بارًا بوالديه، حنونًا على جميع أفراد أسرته، شديد الانتماء لأصوله الريفية، حتى إنه دعا جميع زعماء العالم إلى الاجتماع بمنزله في بلدته ميت الكوم اعتزازًا منه ببيئته وجذوره المصرية العريقة، كما أشار د. زين السادات، في حديثه إلى أن الرئيس الراحل السادات كان حريصًا كل الحرص على رد المعروف ومساعدة كل من ساند مصر يومًا، مثل شاة إيران والرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

كما كان خطيبًا مفوهًا ومتحدثًا يتسم بالحنكة والدبلوماسية، حتى إنه تمكن من السيطرة على عقول وقلوب الشعب الإسرائيلي وهو يلقي خطابه التاريخي أمام الكنيست الإسرائيلي ؛ فنجح في اكتساب حبهم وثقتهم واحترامهم في نفس الوقت مؤكدا ان  الرئيس الراحل محمد أنور السادات، إنسانًا استثنائيًا بكل المقاييس، ورجل دولة بمعنى الكلمة، رجلًا قلما يجود التاريخ بأمثاله، إنه وبحق رجل الحرب والسلام.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بحوث الشرق الأوسط الرئیس الراحل

إقرأ أيضاً:

مشروع تقسيم “سوريا”

يمانيون../
شكل الانتداب الفرنسي نموذجاً تاريخياً لتقسيم سوريا على أسس طائفية وإثنية بكونه أول تطبيق فعلي لمشروع “الشرق الأوسط الجديد” في نسخته القديمة “اتفاقية سايكس بيكو”. التحديات الحالية التي تمر بها سوريا تعيد إلى الأذهان هذا النموذج، وإمكانية العودة له مع تعديلات معينة في سياق المشروع الأمريكي الإسرائيلي الجديد للتقسيم.

عاد الحديث مجدداً عن “الشرق الأوسط الجديد” منذ بداية طوفان الأقصى على لسان نتنياهو، إذ وجد الكيان الصهيوني في حدث طوفان الأقصى مبرراً لإطلاق العنان لهذا المشروع التدميري، وحشد الدعم الأمريكي والغربي الأوربي له.

سوريا بتعددها العرقي والديني والطائفي هي بيئة ملائمة لإعادة إطلاق هذا المشروع، ومن ثم توسيعه ليشمل دولاً أُخرى بما يتناسب مع الواقع المحلي لكل دولة؛ فمع إنهيار نظام بشار الأسد في سوريا، هناك مساع جدية لإعادة تشكيل “الشرق الأوسط”.

التقسيم الفرنسي لسوريا إبان الانتداب

شهدت سوريا عقب إعلان قيام المملكة العربية السورية عام 1920م تطورات سياسية وعسكرية أفضت إلى تقويض السيادة السورية لصالح الانتداب الفرنسي. بعد معركة ميسلون واستشهاد وزير الحربية يوسف العظمة، فرضت فرنسا سيطرتها على سوريا وأقرت سلسلة من المراسيم لتقسيمها إلى كيانات طائفية وإثنية مستقلة، كان أبرزها:

دولة دمشق (1920-1925): تضم دمشق وحمص وحماة وأجزاء من وادي العاصي، لكنها فقدت أقضيتها الساحلية (بيروت وطرابلس وصيدا والبقاع) لصالح دولة لبنان الكبير.
دولة حلب (1920-1925): شملت مناطق الشمال السوري وشرق الفرات، واحتوت على تنوع إثني من عرب وأرمن وكرد ومسيحيين.
دولة العلويين (1920-1936): مركزها اللاذقية، وضمّت مناطق العلويين والإسماعيليين.
دولة جبل الدروز (1921-1936): شملت السويداء ذات الأغلبية الدرزية.
دولة لبنان الكبير (1920-1926): تأسست كياناً مستقلاً يضم المناطق ذات الأغلبية المسيحية وبعض المناطق السنية.
لواء الإسكندرون: أُُعلِن أنه منطقة مستقلة لاحقاً، وأُلحق بتركيا في 1939م وهو أرض تاريخية سورية.
اعتمدت فرنسا في هذا التقسيم على مبدأ “فرِّق تسد” الذي طبقه الانجليز، مبررة بأن سوريا غير قابلة للحكم الموحد بسبب تنوعها الطائفي والإثني، ما أسهم في تعميق الانقسامات الداخلية وتهيئة الأرضية لصراعات مستقبلية، ورغم أن لبنان جزء صغير من سوريا فقد قامت فرنسا بتشكيل نظام سياسي لبناني على أسس طائفية ودينية.

احتمالات تقسيم سوريا في سياق مشروع
“الشرق الأوسط الجديد”

في ظل الحرب الدائرة في سوريا عقب الاحتجاجات الشعبية المستمرة عام 2011م حتى دخول الجماعات المسلحة دمشق وسقوط النظام السوري ديسمبر 2024م بِيَدِ الجمعات المسلحة المتطرفة، ظهرت مخاوف جدية بشأن احتمالات تقسيم سوريا ليكون ذلك جزءاً من مشروع “الشرق الأوسط الجديد” الذي يهدف إلى إعادة رسم الحدود وفقاً لتوازنات طائفية وإثنية تخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني قبل أي دولة أخرى.

التقسيم الفعلي لسوريا إلى دول مستقلة سيؤدي إلى مزيد من الصراعات والتوترات في المنطقة، خاصة مع وجود مصالح دولية وإقليمية متضاربة، بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيبة السكانية المتنوعة في سوريا تجعل من الصعب رسم حدود واضحة بين الطوائف والعرقيات المختلفة، وبينما يمكن تصور تقسيم سوريا نظرياً، فإن تطبيقه على أرض الواقع يواجه تحديات كبيرة، لكنه يظل ممكناً.

العوامل الداعمة لاحتمال التقسيم في الوقت الراهن هي السيطرة التركية على الشمال السوري، والتوسع الصهيوني نحو القنيطرة، ومساعي الصهاينة إقامةَ دولة درزية، ووجود القوات الأمريكية وحلفائها شرق الفرات، الذي يدعم الإدارة الذاتية الكردية، وبقاء القاعدة العسكرية الروسية في الساحل السوري. كما أن من شأن ممارسات الجماعات المتطرفة -بنزعتها الإرهابية- أن تخلق أزمة طائفية وتعزز العصبيات الدينية والعرقية والمذهبية، فقد ظهرت في الأيام الأخيرة مضايقات للمسيحيين واعتداء على قبورهم، ومحاولة اقتحام مقام السيدة زينب، ومداهمات منازل العلويين والمسيحين. وإن كانت هذه الممارسات حتى الآن ليست على نطاق واسع إلا أن الاستمرار فيها سوف يدفع مشروع التقسيم قُدماً.

فإذا ما اختفت الدولة الوطنية المركزية -التي تضمن مصالح الجميع- سوف تعود المجتمعات المحلية إلى الهويات الخاصة تتعصب حولها لحماية نفسها.

قد يتم التوصل إلى حدود الدويلات عبر المفاوضات بين الفصائل المختلفة الممثلة للعرقيات والطوائف والمذاهب لتحديد الحدود وتقاسم الموارد، ومن المحتمل أن تستمر الصراعات لفترة طويلة حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي.

وسيترتب على تقسيمٍ كهذا صراعاتٌ جديدة بين هذه الكيانات على الحدود والموارد، وستظل القوى الإقليمية والدولية حاضرة في الساحة السورية لضمان مصالحها. التقسيم هذا سيعني نسف الهوية الوطنية السورية والدولة السورية المستقلة، التي برزت إلى الوجود عقب رحيل المستعمر الفرنسي في العام 1947م.

خارطة سوريا الجديدة

افتراض وقوع حرب أهلية طويلة الأمد في سوريا مدعومة بتدخلات خارجية قد يؤدي في نهاية المطاف إلى إعادة رسم الخريطة الجيوسياسية والديمغرافية، حيث يمكن أن تظهر عدة كيانات أو دول جديدة تستند إلى التوازنات الطائفية، والعرقية، والسياسية. بناءً على الوضع الحالي والتوترات المعروفة. يمكن تخيل سيناريوهات التقسيم على النحو الآتي:

دولة علوية في الساحل:
تشمل مناطق الساحل السوري (اللاذقية وطرطوس) وتمتد إلى أجزاء من حمص وحماة، غالبية سكانها علويون، وقد تستفيد من الدعم الروسي أو الإيراني لحمايتها بكونها كياناً منفصلاً.

دولة كردية شمال شرق سوريا:
تمتد على المناطق ذات الغالبية الكردية، مثل الحسكة والقامشلي، وصولاً إلى الحدود العراقية والتركية. تتمتع بدعم غربي، خاصة من الولايات المتحدة، على غرار إقليم كردستان العراق.

دولة سنّية في الشمال والوسط:
تشمل المناطق ذات الأغلبية السنية مثل حلب وإدلب وجزء من دير الزور والرقة، وقد تكون مدعومة من تركيا وبعض الدول الخليجية، مع نفوذ قوي للفصائل الإسلامية المتطرفة.

دولة درزية جنوب سوريا:
تتركز في السويداء وجزء من ريف درعا، تتمتع بتوازن عرقي وديني معتمد على حماية خارجية من “إسرائيل”.

دمشق وريفها قد تكون منطقة حكم خاص أو عاصمة رمزية، تخضع لسيطرة جهة دولية أو قوة محلية متعددة الأطراف للحفاظ على أهميتها الدينية والتاريخية.

موقع أنصار الله – أنس القاضي

مقالات مشابهة

  • مشروع تقسيم “سوريا”
  • 5 مليون جنيه مكافأة من محمد رمضان لـ"نمبر وان".. ما القصة؟
  • فرضيات انهيار دول الشرق الأوسط
  • الشرع: أعدنا المشروع الإيراني 40 سنة إلى الوراء
  • WP: نظام جديد بدأ بالتشكل في الشرق الأوسط.. هؤلاء الرابحون
  • خبير استراتيجي: مصر "شايلة طين" الشرق الأوسط منذ 1948
  • جمال شقرة: مخطط إسرائيل في الشرق الأوسط بدأ بعد الحرب العالمية الثانية
  • مخطط تقسيم الشرق الأوسط
  • الرئيس السيسي: التحديات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تتطلب تضافر الجهود وتعزيز التعاون
  • إسرائيل وخطة الهيمنة على الشرق الأوسط