القدس المحتلة- شككت قراءات لمحللين إسرائيليين في نية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، حيال المفاوضات بشأن قطاع غزة، والتوجه الإسرائيلي نحو إنهاء الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان. وقلّلت التقديرات من احتمال التوصل قريبا إلى تسوية تفضي إلى تهدئة على جبهتي القتال مع حركة حماس وحزب الله.

وأجمعت تقديرات المحللين أن نتنياهو يسعى من خلال موافقته على استئناف المباحثات بشأن غزة، وكذلك من خلال الترويج للأخبار التي رشحت إمكانية قبول إسرائيل وقف الحرب على الجبهة الشمالية، إلى كسب الوقت والهروب إلى الأمام، لحين التيقن من نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري بالخامس من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

وإلى حين حسم الصندوق في انتخابات الرئاسة الأميركية، التي تشهد منافسة محمومة بين مرشحة الحزب الديمقراطي كامالا هاريس، ومنافسها مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب، يعتمد نتنياهو نهج المراوغة حتى في السياق الداخلي الإسرائيلي، بكل ما يتعلق في مفاوضات صفقة التبادل وإعادة المحتجزين بالأسر لدى حركة حماس.

وضمن نهج المراوغة الداخلية، يدرس نتنياهو إمكانية إحداث تغييرات في تركيبة وفد التفاوض، واستبدال اللواء نيتسان ألون، بسبب الضغوط السياسية التي تعرض لها، وسبق ذلك، استقالة نائب مفوض شؤون المفقودين والرهائن في الجيش الإسرائيلي أورين سيتر، من فريق التفاوض الإسرائيلي.

ويعتبر سيتر أحد كبار أعضاء فريق التفاوض وقد شارك في صياغة مخطط إطلاق سراح المحتجزين في الأشهر الأولى للحرب، وبحسب إجماع المحللين، فقد عكست استقالته المفاجئة التشاؤم لدى الفريق الإسرائيلي من إمكانية أن تفضي المفاوضات الجديدة إلى التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإعادة المحتجزين.

رئيس الوزراء نتنياهو (يسار) برفقة رئيس الموساد ديفيد برنيع الذي يترأس المفاوضات في الدوحة (الصحافة الإسرائيلية) نيات وقناعات

يقول المراسل السياسي للموقع الإلكتروني "واي نت" إيتمار آيخنر، إنه يمكن التقدير أن الاستقالة التي قدمها سيتر "لم تكن لتحدث لو كانت هناك إمكانية لإحراز تقدم حقيقي في المفاوضات"، معتبرا أن الحكومة الإسرائيلية غير جادة بالتوصل إلى صفقة.

ولفت المراسل السياسي أن هذه الانطباعات عبر عنها سيتر فور استقالته، حيث أوضح أن جولات المفاوضات لم تحقق أي نتائج، وأنه لا توجد أية نية حقيقية لدى الحكومة الإسرائيلية للتوصل إلى اتفاق، كما أنه أبدى إحباطه من تعامل نتنياهو مع ملف إعادة المحتجزين من غزة.

ويعتقد آيخنر أن استقالة سيتر تعكس القناعات لديه بأن استئناف المباحثات بصيغتها الحالية لن يؤدي حتى إلى "صفقة صغيرة" كما يروج نتنياهو، مشيرا إلى أن اتفاق إطلاق سراح المحتجزين من غير المتوقع أن يتحقق قريبا، علما أن سيتر دفع في مايو/أيار الماضي، نحو صفقة شاملة تضمن إعادة جميع المحتجزين، في حين أصرت حماس على أن يشمل الاتفاق إنهاء الحرب.

هروب للأمام

التوجه ذاته، تحدثت عنه مراسلة صحيفة "هآرتس" للشؤون البرلمانية نوعا شبيغل، التي أوضحت أن نتنياهو استغل افتتاح الدورة الشتوية للكنيست من أجل الاستمرار في نهجه للتهرب من الاستحقاق لعائلات المحتجزين الإسرائيليين، وتحميل حماس مسؤولية فشل التوصل إلى صفقة تبادل، حتى قبل بدء أي مفاوضات جدية بهذا الخصوص.

ومع الإعلان عن انتهاء المباحثات بشأن غزة في قطر، وفي محاولة منه للاستمرار في نهج الهروب إلى الأمام، تقول شبيغل إن نتنياهو "سارع لإلقاء الكرة في الملعب الفلسطيني، حين قال إن حماس تضع شروطا لصفقة التبادل لا يمكن لإسرائيل قبولها، وإن من يخلف يحيى السنوار، الذي كان زعيما لحركة حماس، سيتخذ موقفا أكثر صرامة من سلفه".

وأوضحت مراسلة الشؤون البرلمانية أن "تصريحات نتنياهو تعكس موقفه المراوغ في مفاوضات صفقة التبادل والرافض لإنهاء الحرب على غزة، حتى بعد مقتل رئيس حركة حماس يحيى السنوار، على الرغم من ادعائه أن مقتله سيساعد في تعزيز صفقة إطلاق سراح المحتجزين".

وبسبب نهج نتنياهو، التي تعتقد شبيغل أنه يرحّل حسم كل ما يتعلق بصفقة التبادل أو وقف إطلاق النار في غزة إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية، فإن الفجوة بين حماس وإسرائيل لا تزال كبيرة، وإنه من السابق لأوانه تقييم ما إذا كان الطرفان سيوافقان على التحلي بالمرونة بطريقة تجعل من الممكن دفع المباحثات قدما، لتجديد المفاوضات غير المباشرة بينهما.

حكومة نتنياهو لا توجد لديها نية حقيقية لصفقة تبادل ووقف إطلاق النار (الصحافة الإسرائيلية) حزب الله وإسرائيل

وفيما بدا المشهد أكثر تعقيدا على جبهة غزة، وسط تشابك الخارطة السياسية الإسرائيلية بكل ما يتعلق بإمكانية إبرام صفقة تبادل وإعادة المحتجزين، بدت حكومة نتنياهو أكثر "مرونة" في التعامل مع سيناريو وقف الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان، وذلك مع تكبيد حزب الله الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة بالجنود والضباط، إلى جانب الأضرار والخسائر المدنية بالجبهة الداخلية.

وقدر المحلل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت" نداف إيال، أنه تجري مفاوضات بين إسرائيل ومسؤولين في لبنان نحو اتفاق ينهي الحرب في الشمال، وأوضح أن الاتفاق بلغ مراحل متقدمة من الصياغة، وقد يصل مبعوث البيت الأبيض آموس هوكشتاين إلى إسرائيل ولبنان حتى قبل الانتخابات الأميركية، في محاولة للتوصل إلى تفاهمات نهائية.

ويعتقد إيال أنه إذا لم تنفجر المفاوضات، فسيبدأ الجيش الإسرائيلي بإعادة الانتشار، والانسحاب من بعض النقاط التي انتهت فيها مهمته، بحيث تغادر معظم القوات الإسرائيلية الأراضي اللبنانية، ومن المحتمل أن تبقى إسرائيل في نقاط مهمة تكتيكيا على الجانب اللبناني وعلى طول الحدود، حتى يتم التوصل إلى اتفاق نهائي خلال فترة التأقلم الممتدة على 60 يوما.

ورجّح المحلل السياسي أن الحديث عن وقف الحرب على الجبهة الشمالية مع لبنان تَعزز بعد الخسائر التي تكبدها الجيش الإسرائيلي بالقوات والعتاد في الاشتباكات الحدودية وفي جنوب لبنان. وقال إن "حزب الله شعر بالأسبوعين الأخيرين، بالقوة واستعادة قدراته بسبب ارتفاع أعداد الضحايا في صفوف القوات الإسرائيلية، وبالتالي فإن الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق مرتفعة للغاية، وإلا فقد تضيع الفرصة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجامعات الحرب على الجبهة الشمالیة الجیش الإسرائیلی صفقة التبادل التوصل إلى إلى اتفاق وقف الحرب

إقرأ أيضاً:

انتقادات تطال حكومة الاحتلال بسبب تفريطها بالأسرى بغزة لحسابات حزبية شخصية

في الوقت الذي تتعثر فيها المفاوضات الجارية حول صفقة تبادل الأسرى، تتزايد الاتهامات الموجهة إلى حكومة الاحتلال الإسرائيليين بأنها تفتقر لوجود قيادة تُمسك بزمام الأمور، بجانب الخوف المستمر من أن هناك من يسعى لعرقلة المفاوضات، وليس إلى التوصل إلى اتفاق شامل. 

آفي كالو الكاتب بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ذكر أن "أكثر من شهر مر منذ اكتمال المرحلة الأولى من خطة إعادة المختطفين، وقد تم اختصارها بسبب عدم رغبة الاحتلال وحماس والوسطاء بالالتقاء حول إطار متفق عليه لإنهاء الحرب، الذي كان ولا يزال شرط حماس الأساسي للإفراج عنهم جميعا، ومنذ انهيار المحادثات ، وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، تم إطلاق مجموعة من البالونات التجريبية، آخرها مبادرة مصرية متوازنة لصياغة مخطط جزئي يسمح بإطلاق سراح تدريجي لخمسة رهائن، مقابل وقف إطلاق النار لمدة 50 يوما".  

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21"، أن "القاهرة التي تسعى لوقف إطلاق نار دائم في ظل المخاوف المتزايدة من تداعيات الحرب على ساحتها الداخلية، وفي ظل الضغوط الأميركية المتزايدة، فإنها مهتمة بتوجيه الهدوء على الأرض لصالح تفاهمات طويلة الأمد، وفي الخلفية، أدلة على اهتمام حماس باستئناف المحادثات، والتوصل لاتفاقيات، مع نشر أولى علامات الحياة للمختطفين الأحياء". 


وأشار إلى أن "الركود المستمر والانخفاض النسبي في مستوى المشاركين بالمفاوضات من الجانب الإسرائيلي يعكسان صورة قاتمة، حيث تفتقر عملية التفاوض لشخص بالغ مسؤول يمسك بزمام الأمور، ففي الولايات المتحدة، ينشغل الرئيس ترامب بشؤونه الداخلية، وتخلى عن مبادرته لتهجير الفلسطينيين من غزة، فيما يركز مبعوثوه على إنهاء حرب روسيا وأوكرانيا، ويلعبون دوراً ثانوياً في مشاركتهم في قضية المختطفين". 

وأوضح أن "ظهور فضيحة قطر-غيت، لتصبح واحدة من أخطر القضايا الأمنية التي يتم التحقيق فيها في الدولة على الإطلاق، من شأنها أن تُضعف من تأثير قطر كوسيط، ولا تساهم بتعزيز مكانتها كلاعب عقلاني وعملي، فيما يتمتع المصريون بزخم متجدد". 

وأكد أنه "بجانب التطورات الإقليمية والدولية المُحبِطة بشأن المفاوضات، تشهد دولة الاحتلال إبعادا لرؤساء الأجهزة الأمنية والجيش عن فريق التفاوض، مما يجعل الوزير رون ديرمر المسئول الأول عنه يواجه سلسلة من التحديات في دفعها للأمام بسبب افتقاره للخبرة الكافية، والخلفية في عالم المفاوضات مع قوى المقاومة، فضلاً عن الفجوات الثقافية واللغوية مع الوسطاء العرب، وهي مسائل حاسمة لنجاحها".  

وأشار إلى أن "ما يصبّ مزيدا من الزيت على نار الشكوك المزعجة بشأن مفاوضات الصفقة، ما أثاره رئيس الشاباك رونين بار في تصريحاته الأخيرة للحكومة، بأن هناك فيها من يسعى لعدم دفع المفاوضات للأمام دون هدف التوصل لاتفاق شامل، كما أن الاستخدام المتجدد للقوة من قبل الجيش في غزة لا يحمل أخباراً طيبة من حيث جلب حماس لطاولة المفاوضات دون شروط مسبقة، مما يوضح بشكل أكبر حدود الأداة العسكرية في ترتيب الواقع السياسي".  


وأكد أن "الشعور بالإلحاح الذي أحاط بتنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة قد اختفى، وأن أجندة تقودها الحكومة تحل محلّه، وهو ما بلغ ذروته في سلسلة من التحركات التي تشكل جوهر محاولة الانقلاب عليها، مثل التحرك التشريعي المدمّر لتعيين القضاة من قبل السياسيين". 

وأوضح أنه "نظرا للصعوبة والتشاؤم المحيطين بالمفاوضات هذه الأيام، يبدو أن هذا هو الوقت المناسب للمصريين لتحريك عجلاتها، وضمان الاهتمام المتجدد من جانب المبعوث الأميركي فيتكوف بها، ودفع رئيس الوزراء نتنياهو لصياغة اتفاقيات، رغم أنه مرة أخرى متردد في المضي قدماً فيها في ضوء الخطر الذي يهدد استقرار حكومته الفاشية".  

ولفت إلى أن "الضرر البعيد المدى الناجم عن تخلي الحكومة عن المختطفين، والقيادة التي تهرب من مسؤولياتها الأخلاقية، ستُجبر الصهيونية الحديثة مع مرور الوقت على معالجة الأسئلة العميقة حول كيفية وصولنا لهذا المنحدر".

مقالات مشابهة

  • انتقادات تطال حكومة الاحتلال بسبب تفريطها بالأسرى بغزة لحسابات حزبية شخصية
  • لإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل .. هكذا تضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين على نتنياهو
  • عائلات المحتجزين الإسرائيليين ينتقدون قرار نتنياهو بإرسال المزيد من الجنود لغزة
  • لإنهاء الحرب وإبرام صفقة تبادل.. هكذا تضغط عائلات الأسرى الإسرائيليين على نتنياهو
  • مقترح لهدنة جديدة في غزة / تفاصيل
  • ترامب يوضح ما يريده من بوتين بشأن الحرب في أوكرانيا
  • الخارجية الأمريكية: إذا سلمت حماس كل المحتجزين وألقت سلاحها ينتهي الأمر
  • صحيفة (يسرائيل هيوم) تكشف الفجوة بين إسرائيل و(حماس) في المفاوضات
  • إسرائيل تقترح هدنة 50 يومًا مقابل إطلاق نصف الأسرى المحتجزين لدى حماس
  • يسرائيل هيوم: هذه هي الفجوة بين إسرائيل وحماس في المفاوضات