حكم الصلاة في القطار المتحرك.. أجابت دار الإفتاء المصرية على سؤال يقول السائل فيه: ما هو الحكم الشرعي في شأن الصلاة في القطار المتحرك (غير المتوقف) في المذاهب الأربعة؟

وقال دار الإفتاء عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: إنه يجوز شرعًا الصلاة في القطار عند المذاهب الفقهية الأربعة على أن يصلي المسلم قائمًا متجهًا إلى القبلة، وذلك قياسًا على جواز الصلاة على السفينة، حيث ورد أنَّ سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم سُئِل عن الصلاة في السفينة فقال: «صَلِّ فِيهَا قَائِمًا إِلَّا أَنْ تَخَافَ الْغَرَقَ» رواه البيهقي في "السنن الكبرى".

وسئل أنس بن مالك، رضي الله عنه، عن الصلاة في السفينة فقال عبد الله بن أبي عتبة مولى أنس رضى الله عنهما: "سافرت مع أبي سعيد الخدري وأبي الدرداء وجابر بن عبد الله رضى الله عنهم جميعًا، فَكَانَ إِمَامُنَا يُصَلِّي بِنَا فِي السَّفِينَةِ قَائِمًا، وَنَحْنُ نُصَلِّي خَلْفَهُ قِيَامًا، وَلَوْ شِئْنَا لَأَرْفَأنَا وَخَرَجْنَا" رواه ابن أبي شيبة.

فعند السَّادة الأحناف:

قال العلَّامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (1/ 109، ط. دار الكتب العلمية): [وتجوز الصلاة على أي دابة كانت، سواء كانت مأكولة اللحم أو غير مأكولة اللحم] اهـ. ثم قال في سياق كلامه عن جواز الصلاة على السفينة واستشكال السير في أثناء الصلاة: [ولأنَّ السفينة بمنزلة الأرض، لأن سيرها غير مضاف إليه فلا يكون منافيًا للصلاة، بخلاف الدابة فإن سيرها مضاف إليه] اهـ.

وقال العلَّامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (1/ 155، ط. المكتبة العصرية) في كلامه عن الصلاة في السفينة: [صلاة الفرض فيها وهي جارية قاعدًا بلا عذر صحيحة عند أبي حنيفة بالركوع والسجود، وقالا: لا تصح إلا من عذر، وهو الأظهر. والعذر: كدوران الرأس وعدم القدرة على الخروج] اهـ.

دار الإفتاء المصرية

وعند السَّادة المالكية:

قال الشيخ عليش المالكي في "منح الجليل" (1/ 235، ط. دار الفكر): [وإذا ابتدأ الصلاة في السفينة لجهة الكعبة فدارت السفينة إلى غير جهتها (فيدور) المصلي (معها) أي القبلة أو السفينة، أي: يدور للقبلة مع دوران السفينة لغيرها (إن أمكن) دورانُه، وإلا فيصلي حيثما توجهت به، ولا فرق في هذا بين الفرض والنفل] اهـ.

وعند السَّادة الشافعية:

قال الإمام النووي في "الروضة" (1/ 210، ط. المكتب الإسلامي): [وتصح الفريضة في السفينة الجارية والزورق المشدود على الساحل قطعًا] اهـ.

وقال العلامة الحسيني الحصني الشافعي في "كفاية الأخيار" (1/ 95، ط. دار الخير): [نعم، تصح في السفينة السائرة بخلاف الدابة، والفرق أن الخروج من السفينة في أوقات الصلاة إلى البر متعذر أو متعسر، بخلاف الدابة، ولو خاف من النزول عن الدابة انقطاعًا عن رفقته أو كان يخاف على نفسه أو ماله صلى عليها] اهـ.

وقال العلَّامة العمراني الشَّافعي في "البيان" (2/ 440، ط. دار المنهاج): [يجوز أن يصلي الفرض والنفل في السفينة، سواء كانت واقفة أو سائرة، وأما وجوب القيام في الفريضة إذا كان في السفينة: فإن كان لا يخاف الغرق ولا دوران رأسه عند القيام لزمه ذلك، وإن كان يخاف الغرق، أو كان رأسه يدور عند القيام، لم يلزمه القيام. دليلنا: ما روى ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، قال له جعفر لما بعثه إلى الحبشة: يا رسول الله، كيف أصلي في السفينة؟ فقال له: «صلِّ فيها قائمًا، إلا أن تخاف الغرق»] اهـ.

وعند السَّادة الحنابلة:

قال العلَّامة ابن قُدامة المقدسي الحنبلي في "الكافي" (1/ 315، ط. دار الكتب العلمية): [هل تجوز الصلاة على الدابة لأجل مرض؟ فيه روايتان: إحداهما: تجوز، اختارها أبو بكر، لأن مشقة النزول في المرض أكثر من المشقة بالمطر] اهـ.

وقال العلَّامة الحجاوي المقدسي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 101، ط. دار الكتب العلمية): [وكذا إن أمكنه ركوع وسجود واستقبال عليها كمن هو في سفينة أو محفة ونحوها] ثمَّ قال: [ويدور في السفينة والمحفة ونحوها إلى القبلة في كل صلاة فرض لا نفل والمراد غير الملاح لحاجته] اهـ.

والقطار كالسفينة في كل ما سبق بيانه.

اقرأ أيضاًأمين الفتوى يوضح حكم نقل الميت من قبر إلى آخر

ما حكم الزكاة على الرصيد المالي بفيزا المشتريات (Credit Card)؟.. «الإفتاء» توضح

تجاوز يستوجب العقوبة.. الفتوى توضح حكم أكل ميراث المرأة «فيديو»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الصلاة القطار الصلاة في السيارة دار الإفتاء الصلاة على

إقرأ أيضاً:

حكم صلاة المرأة في عملها بحضرة الرجال من غير المحارم

قالت دار الإفتاء المصرية إنه يجوز للمرأة أن تصلي بحضرة الرجال الأجانب، ولا إثم عليها، ولا يجوز لها تأخير الصلاة عن وقتها، ولا يجزئها الجلوس مع القدرة على القيام، وإذا صلت بحضرة الرجال الأجانب فإنها تُسِرُّ في الصلاة مطلقا، سواء كانت الصلاة سرية أو جهرية.

ويجدر التنبيه على أنه يتحتَّم على الجميع -رجالا ونساء- رعاية ما تنظمه الجهات الإدارية في تنظيم أماكن الصلاة وتقسيم أدائها خلال أوقاتها؛ دفعًا للإخلال بنظام العمل مع الحفاظ على حق أداء الصلاة.

الصلاة ركن من أركان الإسلام الخمسة
وأوضحت الإفتاء أن الصلاة عماد الدين، وهي ركنٌ من أركان الإسلام الخمسة؛ قال الله تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ﴾ [البقرة: 43]، وعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ» متفق عليه.

شروط وجوب الصلاة
وقد افترض الله على عباده خمس صلوات في اليوم والليلة؛ فيجب على كل مسلم بالغ عاقل ذكرًا كان أو أنثى أداء هذه الصلوات في أوقاتها ما لم يكن هناك مانع يمنع من وجوب الصلاة، كغياب العقل أو حيض المرأة أو نفاسها.

قال الإمام النووي في "منهاج الطالبين وعمدة المفتين" (ص: 22، ط. دار الفكر): [إنما تجب الصلاة على كل مسلم بالغ عاقل طاهر، ولا قضاء على كافر إلا المرتد، ولا الصبي، ويُؤمَر بها لسبعٍ، ويُضرَب عليها لعشر، ولا ذي حيض أو جنون أو إغماء] اهـ.

حكم صلاة المرأة بحضرة الرجال
وأضافت الإفتاء أن الصلاة تكون صحيحة إذا استوفت أركانها وشروطها، وقد حصر الفقهاء أركان الصلاة وشروطها على تفصيل بين الفقهاء في ذلك، ولم يَعُدّ أحد منهم استتار المرأة عن أعين الرجال ركنًا ولا شرطًا لصحة الصلاة.

الأدلة على جواز اجتماع الرجال والنساء للصلاة في مكان واحد
قد دلت الأدلة الشرعية على جواز اجتماع الرجال والنساء للصلاة في مكان واحد، منها:
ما ورد عن أَنس بن مالك رضي الله عنه أنه قالَ: «صَلَّيْتُ أَنَا وَيَتِيمٌ فِي بَيْتِنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَأُمِّي أُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا» رواه البخاري في "صحيحه"؛ قال الكشميري في "فيض الباري على صحيح البخاري" (2/ 412، ط. دار الكتب العلمية): [ويستفاد من الأحاديث: أنَّ النساء كُنَّ يحضرن الجماعات في المكتوبات والعيدين مطلقًا] اهـ.

وما ورد عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه: أَنَّه لما كانت وقعة أهل الفتح، بادر كل قوم بإسلامهم، وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم حقًّا، فقال: «صَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا». فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنًا مني؛ لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصًا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص. أخرجه البخاري في "صحيحه".

وقد كانت النساء يصلين في مسجد سيدنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ ليس بينهن وبين الرجال ساتر ولا حجاب؛ فعن أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنِّي لَأَقُومُ فِي الصَّلَاةِ أُرِيدُ أَنْ أُطَوِّلَ فِيهَا، فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأَتَجَوَّزُ فِي صَلَاتِي؛ كَرَاهِيَةَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمِّهِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".

ووجه الدلالة من الحديث أن سماع النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبكاء الصبي يدل على قرب مكانه ومكان أمه، وعدم وجود حجاب يمنع صوته، أو يبعد أمه عن صفوف الرجال.

وقد كانت النساء في عهد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله سَلَّمَ يشهدن صلاة العيد؛ فأما غير الحائض فتصلي، وأما الحائض فتشهد من غير صلاة؛ فعن أمِّ عطيَّة رضي الله عنْها: أنها سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَخْرُجُ الْعَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الْخُدُورِ، أَوِ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ وَالْحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ، وَدَعْوَةَ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى» رواه البخاري في "صحيحه".

ومن المعلوم أن صلاة العيد كانت تؤدَّى في عهْد النَّبيِّ صلَّى الله عليْهِ وآله سلَّم في المصلَّى، وهو مكان عام خارجَ المدينة، ولكن كانت النساء تصلي خلف الرجال بعيدًا عنهم، غير مختلطين بهم، ولم يمنعهن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ من الصلاة بحضرة الرجال، ولا أمرهن بإعادة الصلاة.

 

مقالات مشابهة

  • أشعر بثقل في قلبي عند التوجه للصلاة.. أمين الإفتاء يوضح
  • حكم الصيام في شهر رجب.. دار الإفتاء توضح
  • هل يجوز إخراج الكفارة عن الصيام والصلوات الفائتة للمتوفى؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم سماع الموسيقى والغناء.. الإفتاء توضح
  • الإفتاء توضح حكم استخدام السبحة في الذكر
  • تكرار صلاة الجنازة على نفيسة الصريطى مرتين.. ودار الإفتاء تحسم الجدل الفقهي
  • الإفتاء توضح حكم قراءة الفاتحة لقضاء الحوائج وشفاء المرضى
  • بدعة محرمة.. دار الإفتاء تحذر من إقامة هذه الصلاة في شهر رجب
  • هل يحتاج النبي ﷺ إلى الصلاة عليه؟.. الإفتاء توضح
  • حكم صلاة المرأة في عملها بحضرة الرجال من غير المحارم