رؤية ترامب القومية المسيحية لأميركا.. هل تعيده للبيت الأبيض؟
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
واشنطن – نص الدستور الأميركي على مبدأ الحرية الدينية بوصفه أحد الحقوق الأساسية للمواطن الأميركي، وإحدى أهم القيم التي تقوم عليها العلمانية الأميركية الفاصلة بين الكنيسة والدولة. ورغم عدم الإشارة إلى مسمى أو طبيعة أي من الديانات، فإن الجدل والاختلاف كان ملاحظا حول قيمة الحرية الدينية على مدى التاريخ الأميركي.
وخلال السنوات الأخيرة، نبعت الصراعات حول الهوية الدينية في الولايات المتحدة من خلال بروز أيديولوجية "القومية المسيحية" المنادية بأن أميركا في جوهرها أمة من المسيحيين، ومن أجلهم وحدهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نكاية في ترامب.. هاريس تختار هذا الموقع لمرافعتها الأخيرةlist 2 of 2نيويورك تايمز: انتخابات 2024 نهاية نظام اللجوء لأميركاend of listوتقوض هذه الفكرة التعديل الأول، كما أنها تؤدي إلى التمييز، وفي بعض الأحيان تقود إلى العنف ضد الأقليات الدينية وغير المتدينين. ويستغل اليمين الديني فكر القومية المسيحية للإساءة إلى الأقليات الدينية والنساء والشواذ جنسيا.
وتعتقد خبيرة الأديان الأميركية أماندا تايلر أن "المسيحية عند القوميين المسيحيين الأميركيين تتعلق بالهوية أكثر من تعلقها بالدين، وهذا يحمل معه افتراضات حول معاداة المهاجرين، وتفوق الجنس الأبيض، والسيطرة على المجتمع، واللجوء للعنف عند الضرورة".
ويكرر الرئيس السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب لهؤلاء المتدينين القوميين أنه يعلم أنهم "تحت الحصار"، وتعهد في أحد خطاباته الانتخابية بأن أحد أعماله الأولى في ولايته الثانية سيكون إنشاء فريق عمل لاجتثاث "التحيز ضد المسيحيين"، وتعهد بحماية "السياق والمحتوى المؤيد لله".
وطبقا لوكالة أسوشيتد برس، فقد ذهبت أصوات 81% من الناخبين البروتستانت الإنجيليين البيض لصالح ترامب في انتخابات 2020، مقارنة بـ18% صوتوا لصالح جو بايدن.
أرقام خطيرةوأظهر استطلاع أجراه معهد أبحاث الدين العام "بي آر آر آي" (PRRI) بالتعاون مع معهد بروكينغز، والذي شارك فيه أكثر من 5452 ناخبا أميركيا خلال الفترة من 16 أغسطس/آب إلى 4 سبتمبر/أيلول الماضيين، دعم المزيد من الأميركيين المتدينين استخدام العنف السياسي.
وطور المعهد مقياسا متميزا لقياس نسب دعم القومية المسيحية بين الأميركيين من خلال طرح 5 أسئلة أو عبارات تتطلب الإجابة عليها بنعم أم لا، وهي:
هل دعا الله المسيحيين لممارسة السيادة على جميع مجالات المجتمع الأميركي؟ هل يجب على حكومة الولايات المتحدة أن تعلن أميركا أمة مسيحية؟ أن تكون مسيحيا هو جزء مهم من كونك أميركيا إذا ابتعدت الولايات المتحدة عن الأسس المسيحية، فلن يكون لدينا بلد بعد الآن هل يجب أن تستند قوانين الولايات المتحدة إلى القيم المسيحية؟وجد الاستطلاع، وهو الأكبر على الإطلاق الذي تم إجراؤه حول هذا الموضوع، أن نحو 30% من كل الأميركيين يمكن تصنيفهم على أنهم أتباع أو متعاطفون مع القومية المسيحية، وهم أولئك الذين يتفقون تماما أو في الغالب مع هذه العبارات الخمسة السابقة، في حين يعارض ما يقرب من ثلثي الأميركيين هذه النظرة المسيحية القومية للولايات المتحدة.
وفي حلقة نقاش نظمها معهد بروكينغز قبل أيام، أشارت ليليانا ماسون، أستاذة العلوم السياسية في جامعة جونز هوبكنز، إلى أن النتائج يمكن أن تكون نتيجة للاستقطاب الحاد الذي دفع بكل حزب للنظر إلى خصومه السياسيين على أنهم أكثر عنفا.
مسيحيون قوميون يصلون أمام مبنى الكونغرس بواشنطن في السادس من يناير/كانون الثاني 2021 (غيتي)وبصفة عامة، تزايد دعم العنف السياسي والقلق بشأن حالة الديمقراطية بين الأميركيين، حيث يعتقد 75% منهم أن مستقبل الديمقراطية في خطر في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وارتفع دعم فكرة العنف السياسي، حيث يعتقد 23% من الأميركيين أن "الوطنيين الأميركيين الحقيقيين قد يضطرون إلى اللجوء إلى العنف لإنقاذ البلاد"، وكانت هذه النسبة تبلغ 15% فقط عام 2021.
من ناحية أخرى، فالأميركيون الذين يعتقدون أن انتخابات 2020 سرقت من دونالد ترامب هم أكثر عرضة لدعم استخدام العنف السياسي من أولئك الذين لا يعتقدون ذلك (46% مقابل 13%). من بين أولئك الذين يؤمنون بنظرية مؤامرة الاستبدال، التي تنص على أن المهاجرين أو اليهود يأتون إلى الولايات المتحدة لتخفيف الهيمنة الثقافية للأميركيين البيض، يؤيد 41% استخدام العنف السياسي.
وفقا للاستطلاع، يعتقد 38% من الأميركيين أن البلاد بحاجة إلى شخصية استبدادية لإعادة البلاد إلى المسار الصحيح. يدعم الكاثوليك من أصول الهيسبانيك هذه الفكرة أكثر بكثير من أي مجموعات دينية أخرى، إذ يوافق عليها 51% منهم.
وتوافق أغلبية ضئيلة من الأميركيين (53%) على أنه من المحتمل أن يكون ترامب قد خرق القانون لمحاولة البقاء في السلطة بعد خسارته في انتخابات 2020، رغم أن 17% فقط من الجمهوريين يوافقون على ذلك. في حين يعتقد 62% من الجمهوريين و27% من المستقلين و4% من الديمقراطيين أن انتخابات 2020 سرقت من ترامب.
أميركا مسيحية مرة أخرىيتعمق الاستطلاع أيضا في تمسك الأميركيين بالأيديولوجية القومية المسيحية البيضاء. ووفقا لـ33% من الأميركيين، فقد أعطى الله أميركا للمسيحيين الأوروبيين كأرض موعودة، حيث يمكنهم إنشاء مجتمع مثالي. أكثر من نصف البروتستانت الإنجيليين البيض يوافقون على هذه العبارة، و77% من الأميركيين يعتقدون أن الآباء المؤسسين كانوا يقصدون إنشاء أمة مسيحية.
ويرى هؤلاء القوميون المسيحيون أن شعار دونالد ترامب الانتخابي "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" يعني بالأساس إعادة السلطة إلى أميركا المسيحية البيضاء.
وتشهد الكثير من فعاليات ترامب الانتخابية ارتداء الآلاف من الحاضرين قبعات مكتوب عليها عبارة "لنجعل أميركا تصلي مرة أخرى".
ويوافق 39% من الأميركيين ممن يؤمنون أن الله أراد أن تكون الولايات المتحدة أرضا موعودة للمسيحيين الأوروبيين، على استخدام العنف السياسي لإنقاذ البلاد من أولئك الذين يرفضون ذلك.
ويرى 55% من الأميركيين أن الثقافة الأميركية تغيرت إلى الأسوأ منذ خمسينيات القرن العشرين. يعتقد المسيحيون البيض أن هذا هو الحال أكثر من أي مجموعات دينية أخرى بنسبة 77%، في حين يوافق فقط 57% من الكاثوليك على ذلك.
من جانب آخر، تتمتع الأقلية من الأميركيين الذين يدعمون هذه القومية، بسلطة غير متناسبة لأن أصواتهم تتضخم من خلال حركة لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى "ماغا" (MAGA) المؤيدة لدونالد ترامب، وسيطرتها على مفاصل الحزب الجمهوري حاليا. وأظهر الاستطلاع أن غالبية الجمهوريين (55% منهم) وثلثي الإنجيليين البيض (66% منهم) مؤهلون كأتباع أو متعاطفون مع أيديولوجية القومية المسيحية الأميركية.
عداء للديمقراطية وترحيب بالعنفيعد اعتبار أن أميركا كأرض موعودة للمسيحيين الأوروبيين هو في الأساس فكرة معادية للديمقراطية. علاوة على ذلك، ترتبط المعتقدات القومية المسيحية ارتباطا وثيقا بمجموعة من المواقف الأخرى التي تقوّض الديمقراطية: الاستياء العنصري الأبيض، وإنكار وجود العنصرية النظامية، ومعاداة السامية، والإسلاموفوبيا، والمشاعر المعادية للمهاجرين، ورهاب الشذوذ الجنسي.
وبعبارة أخرى، تثير القومية المسيحية البيضاء مجموعة من التسلسلات الهرمية التي تضع الرجال البيض المسيحيين في القمة.
وبين عامي 2010 و2020، انخفضت نسبة السكان البيض من 63% إلى 57%، وتقل النسبة بين من تقل أعمارهم عن 18 عاما لتصبح 47%.
الأمر الأكثر خطورة هو أن القوميين المسيحيين أكثر عرضة مرتين من الأميركيين الآخرين للاعتقاد بأن العنف السياسي قد يكون مبررا في ظروفنا الحالية لإيقاف التراجع الأبيض المسيحي السكاني.
ويوافق نحو 4 من كل 10 من أتباع القومية المسيحية (38%) وثلث المتعاطفين (33%) على أنه "نظرا لأن الأمور قد خرجت عن المسار الصحيح، فقد يضطر الوطنيون الأميركيون الحقيقيون إلى اللجوء إلى العنف لإنقاذ البلاد"، مقارنة بـ17% فقط من المتشككين في القومية المسيحية و7% من الرافضين لها.
ويرى هؤلاء أن جاذبية حركة "ماغا" هي الرغبة في العودة إلى عصر سابق حيث كانت الهيمنة المسيحية البيضاء سمة راسخة لجميع المؤسسات السياسية والثقافية الأميركية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة من الأمیرکیین انتخابات 2020 أولئک الذین مرة أخرى أکثر من على أن
إقرأ أيضاً:
ترامب لنتانياهو: عليك إنهاء حرب غزة بمجرد دخولي البيت الأبيض
أبلغ المرشح الجمهوري دونالد ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ضرورة إنهاء الحرب في غزة في الوقت الذي يعود فيه إلى منصبه داخل البيت الأبيض إذا فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وقالت مصادر لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إنه تم نقل تلك الرسالة لأول مرة عندما استضاف المرشح الرئاسي الجمهوري ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي في منتجعه مار إيه لاغو بولاية فلوريدا في يوليو (تموز) الماضي، وفقاً لمسؤول سابق في إدارة ترامب ومسؤول إسرائيلي آخر.
وأكد ترامب علناً أنه أخبر نتانياهو أنه يريد أن تفوز إسرائيل بالحرب بسرعة، فإن المصادر التي تحدثت إلى تايمز أوف إسرائيل هي أول من كشفت عن وجود جدول زمني مرتبط بهذا الطلب، وقال المسؤول الأمريكي السابق إن ترامب لم يكن محدداً في مناشدته لنتانياهو ويمكنه دعم نشاط الجيش الإسرائيلي "المتبقي" في غزة.
فيما أكد نتانياهو منذ فترة طويلة أن إسرائيل ستحتفظ بالسيطرة الأمنية الشاملة على غزة في المستقبل المنظور بعد الحرب، وتحدث مسؤولون إسرائيليون آخرون عن احتفاظ الجيش الإسرائيلي بمنطقة عازلة داخل القطاع مع إعادة دخول المناطق في جميع أنحاء الجيب بانتظام عندما يكتشف أن حماس تحاول إعادة تجميع صفوفها.
ولكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أشار يوم الإثنين الماضي إلى أن إسرائيل لم تصل بعد إلى مرحلة إنهاء الصراع، حيث أخبر أعضاء الكنيست من حزب الليكود في تسجيل تم تسريبه أنه لا يستطيع الموافقة على مطلب حماس بإنهاء الحرب مقابل 101 رهينة لا تزال تحتجزهم.
وأشار ترامب في الأسابيع الأخيرة إلى أنه سيمنح إسرائيل حرية أكبر في اتخاذ القرارات، وانتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن لمحاولته تقييد الأهداف المحتملة للرد الإسرائيلي على هجوم الصواريخ الباليستية الإيرانية في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
https://t.co/qE6dyZWSqR
— Mel (@Villgecrazylady) October 30, 2024وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال مسؤولان إسرائيليان كبيران لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إنهما يشعران بالقلق إزاء دعوات ترامب المتكررة لإسرائيل لإنهاء حرب غزة بسرعة، خوفاً من أن يؤدي عدم القدرة على القيام بذلك إلى صدام إذا فاز الرئيس الأمريكي السابق في انتخابات الأسبوع المقبل وعاد إلى منصبه في يناير (كانون الثاني) المقبل.