إرادة التغيير.. جهود الحكومة وتطلُّعات المواطن
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
د. بدر بن أحمد البلوشي
تسعى سلطنة عُمان منذ انطلاق نهضتها الحديثة إلى بناء مجتمع مُتماسك يسوده العدل والرفاهية، وقد تجسَّدت هذه الرؤية في مجموعة من الجهود الحكومية المتواصلة التي تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة في مختلف القطاعات.
وانصبّت الجهود على تحسين التعليم من خلال تأسيس مؤسسات تعليمية حديثة، وزيادة فرص الحصول على التعليم الجيد لكل شرائح المجتمع، بما يساهم في رفع مستوى التحصيل العلمي ويعزز من قدرات الأجيال القادمة.
وفي ميدان الصحة، حققت الحكومة إنجازات ملموسة من خلال إنشاء مستشفيات ومراكز طبية تواكب أحدث التطورات التكنولوجية، مما ساهم في تحسين جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. وبفضل هذه الجهود، ارتفعت معدلات الحياة وتحسن مستوى الخدمات الصحية بشكل لافت، مما يعكس التزام الحكومة برفاهية شعبها.
أما في مجال البنية الأساسية، فقد أُطلقت مشاريع كبرى لتطوير شبكة الطرق والمواصلات، حيث ساهمت هذه المشاريع في تسهيل حركة النقل وتعزيز التجارة والسياحة، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني. كما إن اهتمام الحكومة بتعزيز مصادر الطاقة المتجددة يُعبر عن إدراكها لأهمية الاستدامة البيئية وتأمين مستقبل مستدام للأجيال المقبلة.
ومع هذه الجهود الكبيرة، لا يُمكن تجاهل الأصوات المتزايدة التي تُعبر عن عدم رضا بعض المواطنين، الذين يشعرون بأن هناك فجوة بين الإنجازات المعلنة والواقع المعيش؛ فالبيروقراطية في بعض الإجراءات، وتأخر تنفيذ بعض المشاريع الحيوية، يتسببان في تفاقم هذه المشاعر السلبية؛ حيث يُعبر المواطنون- خاصةً الشباب- عن إحباطهم من قلة الفرص المُتاحة لهم، مما يُثير تساؤلات حول مدى جدوى المشاريع الجديدة في معالجة قضايا البطالة.
ونود الإشارة هنا إلى أن قلة التواصل بين المؤسسات الحكومية والمواطنين يُعزز من مشاعر الإقصاء؛ مما يزيد الفجوة بين حقيقة الإجراءات الحكومية واحتياجات المواطنين.
لذا، فإنَّ تعزيز الحوار المجتمعي والاستماع إلى هموم الناس ومقترحاتهم، يُعد من الخطوات الضرورية لبناء علاقة ثقة متبادلة.
وفي هذا السياق، من المُهم أن تُعيد الحكومة النظر في بعض الإجراءات وتبسيطها، مع تحسين آليات تنفيذ المشاريع لتكون أكثر مرونة وملاءمة لاحتياجات المجتمع. كما يجب تكثيف جهود التوعية حول المبادرات الحكومية وأهدافها، بحيث يعي المواطنون أهمية هذه المشاريع في تحسين حياتهم اليومية.
وتحقيق التوازن بين الجهود الحكومية والتطلعات الشعبية يتطلب إرادة صادقة وعزيمة قوية؛ فالحوار المستمر مع المواطنين والشفافية في العمل يمكن أن تُسهم في بناء ثقة متبادلة، مما يؤدي إلى تعزيز الوحدة الوطنية في مسيرة النهضة.
ولا شك أن مسيرة النهضة المُتجددة بحاجة إلى تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية، ليتحقق الأمل في بناء مستقبلٍ مشرق يعكس طموحات الشعب العُماني ويحقق رؤى السلطنة في التنمية المستدامة.
والحق يُقال إن وتيرة التغيير في بلادنا الحبيبة تتسارع؛ حيث تتبنى الحكومة استراتيجيات متقدمة تعكس تفانيها في خدمة المجتمع. إلّا أن الشفافية والمرونة تبقيان ضرورية في تعزيز الثقة الشعبية.
ويتطلع المواطنون إلى المزيد من المبادرات التي تُلبِّي احتياجاتهم الفعلية، ونأمل من الحكومة أن تستجيب لهذا النداء، من خلال اتخاذ خطوات جريئة لجعل الصوت الشعبي مسموعًا، وتوفير منصات فعّالة للمشاركة في صنع القرار.
ومن المؤكد أن تعزيز مفهوم الشراكة بين الحكومة والمواطنين يُعَدُّ أحد المرتكزات الأساسية لتحقيق التنمية المستدامة؛ إذ ينبغي على الحكومة أن تستمع بعناية لمشكلات المجتمع، وتعمل على تطوير سياسات تأخذ بعين الاعتبار تطلعات الشباب وتوفير الفرص التي يحتاجونها.
ويتطلب ذلك وضع خطط واقعية تعكس الاحتياجات الحقيقية، مع التركيز على التوظيف والتدريب، مما يسهم في بناء جيل قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
وتمثل التحديات البيئية أيضًا واحدة من القضايا المُلحَّة التي تحتاج إلى اهتمام جاد؛ حيث يتعين على المؤسسات الحكومية أن تواصل استثماراتها في مشاريع الطاقة المتجددة، وتوفير بيئة تشجع على الابتكار في هذا المجال؛ مما يعكس الحرص الحكومي على الحفاظ على ثروات الوطن وموارده الطبيعية. إن الوعي البيئي وتبني أساليب الحياة المستدامة يجب أن يصبحا جزءًا لا يتجزأ من الثقافة العُمانية، مما يساهم في ضمان استمرارية التنمية للأجيال القادمة.
ومن الحكمة أن نُدرك أن التغيير لا يأتي بين ليلة وضحاها، بل هو نتيجة لصبر الإرادة الشعبية وعزيمتها. كما قال أمير الشعراء أحمد شوقي: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت // فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
والقيم التي يحملها الشعب العُماني هي التي ستبني غدًا مشرقًا، وتُساهم في دفع مسيرة النهضة إلى الأمام؛ فكلما تعاونت الحكومة مع المواطنين واحتضنت تطلعاتهم، كانت قادرة على تحقيق إنجازات تتجاوز التحديات.
في ختام هذا الطرح، لا بُد من الإشادة بالجهود الهائلة التي تبذلها حكومتنا الرشيدة في مسيرة التنمية الشاملة. ولا شك أن العزم والإرادة القوية التي تبديها الحكومة في تحقيق الأهداف الطموحة لا تذهب سُدى؛ بل تُثمِر عن نتائج ملموسة تعزز من مكانة السلطنة على الساحة الإقليمية والدولية، كما إن تفاني الحكومة في خدمة الشعب وتحقيق تطلعاته يُعدُّ مثالًا يُحتذى به، ويعكس رؤية استشرافية تؤسس لمستقبل مشرق يعكس طموحات كل عُماني وعُمانية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
السيسي يتابع جهود دفع عجلة التنمية في محور قناة السويس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
اجتمع الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، مع كل من محب حبشي محافظ بورسعيد، واللواء أمير سيد أحمد مستشار رئيس الجمهورية للتخطيط العمراني، والفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، واللواء أحمد العزازي رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، والدكتور أحمد حسن رئيس مركز الأبحاث بهيئة قناة السويس، والدكتور حسن أبو سعده الأستاذ المساعد بكلية الهندسة بجامعة الإسكندرية.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس اطلع خلال الاجتماع على الجهود المبذولة لدفع عجلة التنمية في محور قناة السويس، ولا سيما في محافظة بورسعيد، وتطورات تنفيذ المشروعات الاستثمارية والخدمية ذات الصلة، سواء كانت قيد التنفيذ أو تلك المخطط تنفيذها، وذلك في إطار الشراكة والتعاون بين هيئة قناة السويس وكافة الجهات والمؤسسات المعنية، وبمشاركة القطاع الخاص، مما يسهم في تعزيز بيئة الاستثمار ويمكن القطاع الخاص من المشاركة الفعالة في جهود التنمية، ويحقق النتائج المرجوة لتحسين مستوى معيشة المواطنين.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيس تابع أيضاً خلال الاجتماع الجهود المبذولة لتسهيل العبور والربط بين ضفتي القناة، بما يخدم الأهداف التنموية والاستراتيجية لمدن القناة، كما تم استعراض سبل رفع كفاءة الخدمات الملاحية والبحرية في القناة، عبر استحداث مجموعة جديدة من الخدمات الملاحية، حيث وجّه السيد الرئيس بتسريع وتيرة العمل على تنفيذ المشروعات المستهدفة في منطقة قناة السويس، مع التركيز على المناطق اللوجستية التي تحظى بأهمية كبيرة.
وأوضح المتحدث الرسمي أن الرئيس قد أكد خلال الاجتماع على أن تطوير منطقة قناة السويس وإقامة المشروعات ذات الصلة يأتي في إطار جهود الدولة وحرصها على تحسين مستوى معيشة المواطنين، وكذا لتعزيز الأهمية الاستراتيجية لقناة السويس في مواجهة التحديات الإقليمية التي أثرت سلباً على حركة الملاحة التجارية الدولية، مما أدى إلى خسارة الدولة ما يزيد عند ٦٠٪ من إيرادات قناة السويس خلال عام ٢٠٢٤، مما يعني أن مصر قد خسرت ما يقرب من ٧ مليارات دولار في عام ٢٠٢٤.
وفي ذات السياق، شدد الرئيس على ضرورة تعظيم العائد الاقتصادي للموانئ المطلة على المجرى الملاحي للقناة، واستغلال الموقع الاستراتيجي للقناة في زيادة الاستثمارات والدخل القومي، والنهوض بمنطقة القناة لتكون محوراً للتنمية ومركزاً إقليمياً لوجستياً وصناعياً، مشيراً إلى أهمية مواصلة تعزيز مشاركة القطاع الخاص في المشروعات الاستثمارية ذات الصلة، باعتباره عنصراً أساسياً لتحقيق التنمية المنشودة.