عقود بالمليارات بعد توتر.. ما علاقة صفقات المغرب وفرنسا بالصحراء؟
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
نحو ثلاث سنوات والعلاقات المغربية الفرنسية تشهد توترا. الفجوة بين البلدين بدأت تتسع منذ 2021 عندما اتخذت باريس قرارا بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة كـ"إجراء عقابي" على ما وصفته بـ"عدم تعاون" المغرب في استعادة مواطنيه الذين هم في وضع غير نظامي بفرنسا.
الإثنين، يدخل البلدان منعرجا بإعلان فرنسا دعمها "سيادة المغرب على الصحراء الغربية"، بل ويؤكد رئيسها إيمانويل ماكرون عن مشاريع استثمارية ضخمة في الصحراء، الأرض التي يدور حولها صراع بين المغرب وجبهة البوليساريو مؤيدة من الجزائر المجاورة.
سنوات للوراء
حتى يوليو الماضي، قبل إعلان ماكرون دعم "سيادة المغرب على الصحراء، كانت علاقات فرنسا والمغرب موسومة بتوتر بالغ.
التوتر تصاعد بشكل ملحوظ منذ عام 2021 عندما اتخذت فرنسا قرارا بتقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين المغاربة كـ"إجراء عقابي" على ما وصفته بـ"عدم تعاون" المغرب في استعادة مواطنيه الذين هم في وضع غير قانوني بفرنسا. هذا القرار أثار استياء الرباط، واعتبرته "تصرفا يؤثر سلبا" على العلاقات بين البلدين.
كما ازدادت الفجوة بين باريس والرباط على خلفية موقف فرنسا غير المحسوم حتى ذلك الوقت من قضية الصحراء الغربية، إذ امتنعت عن دعم المغرب بشكل صريح، بعكس الولايات المتحدة التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء في 2020، وإسبانيا التي عدّلت موقفها في 2022، مؤيدة لمقترح المغرب بمنح المنطقة حكما ذاتيا على أن تبقى تحت سيادته.
وتعقد الوضع أكثر في 2021، عندما تفجرت قضية التجسس المزعومة باستخدام برنامج "بيغاسوس"، إذ اتُُّّهم المغرب بالتجسس على شخصيات فرنسية، بما في ذلك الرئيس ماكرون. ورغم نفي المغرب لهذه الادعاءات، إلا أن القضية ساهمت في توتير الأجواء بين البلدين.
ومنذ صيف 2023، تفاقمت الأزمة الدبلوماسية بعد بقاء منصب السفير المغربي في باريس شاغرا، وغياب السفيرة الفرنسية في الرباط لعدة أشهر، مما أضاف إلى البرود الدبلوماسي بين البلدين.
لكن التوتر صار تقاربا منذ يوليو الماضي، حين أعلنت باريس دعمها للمقترح و"سيادة المغرب على الصحراء، في رسالة وجهها ماكرون لمحمد السادس بمناسبة عيد العرش.
اتفاقات بالملاييرالإثنين، وفي ختام اليوم الأول لزيارة ماكرون للمغرب، أُعلن عن اتفاقيات اقتصادية بين البلدين بقيمة تُقدّر بنحو 10 مليارات دولار بقطاعات عدة، في تطور يربطه خبراء بالاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية المتنازع عليها.
وتشمل الاتفاقيات عدة مجالات بينها قطاع النقل بعد منح شركة "إيجيس" حصة في الجزء الثاني من خط القطار فائق السرعة الذي سيربط بين طنجة ومراكش.
كما ستتفاوض شركة "ألستوم" الفرنسية على تزويد الرباط بـ12 إلى 18 قطار فائق السرعة، وفق تقارير إعلامية.
وكانت فرنسا المستثمر الرئيسي في الجزء الأول من خط القطار السريع الذي يصل مدينة طنجة في الشمال إلى مدينة الدار البيضاء، وتم تدشينه عام 2018.
كما تم التوقيع على اتفاق لتفعيل عرض المغرب في قطاع "الهيدروجين الأخضر" بين شركة "توتال إنرجي" الفرنسية والحكومة المغربية.
وتشمل الصفقات الجديدة أيضا اتّفاقا بين شركة الطيران الفرنسية "سافران" والحكومة المغربيّة لإنشاء وحدة لصيانة محرّكات الطائرات.
كما أعلنت شركة الملاحة البحرية الفرنسية، الإثنين، عن إبرام شراكة لاستغلال رصيف الحاويات في ميناء الناظور (شمال شرق المغرب)، مناصفة مع شركة "مارسا ماروك" المغربية لمدة 25 عاما.
ماذا وراء الاتفاقات؟وجاءت زيارة الرئيس الفرنسي إلى الرباط بعد أشهر من توجيه ماكرون رسالة لملك المغرب محمد السادس قال فيها إن "حاضر ومستقبل الصحراء الغربية يندرجان في إطار السيادة المغربية".
واعتبر ماكرون حينها أنه "بالنسبة لفرنسا، فإن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يعد الإطار الذي يجب من خلاله حل هذه القضية. وإن دعمنا لمخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب في 2007 واضح وثابت".
والثلاثاء، اليوم الثاني لزيارته، قال ماكرون، في خطاب أمام البرلمان المغربي، إنه يؤكد مجددا تأييد بلاده لـ"سيادة المغرب على إقليم الصحراء الغربية"، كاشفا الاتفاق مع الرباط على استثمارات فرنسية في هذه المنطقة.
ويطرح توقيع هذه الاتفاقيات الضخمة أسئلة عن الرابط بينها وبين الموقف الفرنسي الجديد إزاء مقترح الحكم الذاتي، وإذا ما كانت الرباط قد قدمت "تنازلات اقتصادية" لافتكاك الاعتراف السياسي الفرنسي بـ"سيادتها على الصحراء".
إجابة على السؤال، يقول الخبير الاقتصادي المغربي نجيب أقصبي إن المغرب "ربح رمزيا من خلال هذه العملية بالحصول على اعتراف فرنسي بسيادته على الصحراء، لكن المقابل الاقتصادي والمالي يعد باهظا".
وأوضح في تصريح لموقع "الحرة" أن "التساؤل الأساسي الآن هو هل كانت هذه الاتفاقيات الاقتصادية مبنية على عروض شفافة تحترم شروط المنافسة الحقيقية"، معتبرا أن "المنطق السياسي يهيمن على منطق المنافسة والسوق".
ويضيف "إذا كانت الإجابة لا كما حدث خلال الجزء الأول من إنشاء خط القطار فائق السرعة، فستكون هذه الاتفاقيات متنزلة ضمن اقتصاد الريع الذي يعد عقبة في طريق تحقيق النمو".
وقف "الابتزاز"
في الوقت الذي يعتبر فيه المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي أن الرباط "دفعت ثمنا باهظا" بحصولها على دعم باريس لموقفها من ملف الصحراء، يرى الخبير الاقتصادي عمر الكتاني أن المغرب "خرج منتصرا".
"جعلت قضية الصحراء دولا غربية تمارس بعمليات ابتزاز للرباط للاعتراف بالطرح المغربي، لكن هذا الابتزاز توقف عندما أعلن الملك محمد السادس أن مستقبل علاقات بلاده مع دول العالم ستكون خاضعة لمستوى الاعتراف بمغربية الصحراء"، يقول الكتاني.
وفي ظل "تنافس إسباني أميركي فرنسي في الساحة الاقتصادية المغربية"، يؤكد الكتاني في تصريح لموقع "الحرة"، فإن "الرباط نجحت في تحصيل اعتراف باريس بسيادتها على الصحراء".
لكن، هل سيدفع المغرب كلفة منحه صفقات ضخمة لفرنسا كان يمكن تفويتها لمن يقدم عروضا أفضل؟
يجيب الخبير الاقتصادي على هذا السؤال بالقول إن "المغرب تجرع نصف خسارة"، موضحا أنه "أعطى جزءا من الاستثمارات لفرنسا على حساب المنافسة الدولية، لكنه استفاد من اعتراف عضو دائم بمجلس الأمن بمغربية الصحراء".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: سیادة المغرب على الصحراء الصحراء الغربیة بین البلدین المغرب فی فرنسیة فی
إقرأ أيضاً:
ترامب: مستعد لإبرام صفقات بشأن الرسوم الجمركية
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الجمعة إنه منفتح على إبرام صفقات مع الدول التي تريد تجنب فرض رسوم جمركية أميركية عليها، لكن سيتعين التفاوض على هذه الاتفاقيات بعد الإعلان عن الرسوم الجمركية المضادة في الثاني من أبريل/نيسان المقبل.
وفي حديثه للصحفيين على متن طائرة الرئاسة، قال ترامب أيضا إنه سيعلن قريبا عن رسوم جمركية تستهدف قطاع الأدوية، لكنه امتنع عن ذكر تفاصيل حول موعد ذلك أو نسبة الرسوم التي يعتزم فرضها.
وأضاف ترامب أن دولا بما في ذلك بريطانيا تواصلت مع الولايات المتحدة لمحاولة إبرام صفقات وتجنب الرسوم الجمركية المضادة.
وتابع "إنهم يريدون إبرام صفقات. هذا ممكن إذا استطعنا الحصول على شيء في المقابل. نعم، أنا منفتح على ذلك بالتأكيد. إذا استطعنا القيام بشيء نحصل فيه على شيء مقابل ذلك".
وعندما سُئل عما إذا كان من الممكن إبرام مثل هذه الصفقات قبل الثاني من أبريل/نيسان المقبل، رد ترامب "لا، ربما في وقت لاحق. إنها عملية مستمرة".
وقال ترامب أول أمس الأربعاء إن الولايات المتحدة ستفرض رسوما جمركية بنسبة 25% على واردات السيارات، ووجه تهديدا إلى الاتحاد الأوروبي وكندا بفرض رسوم جمركية أوسع نطاقا مما كان مقررا في السابق، إذا اتفق الاثنان على إلحاق ضرر اقتصادي بالولايات المتحدة.
إعلانودعت إسبانيا إلى إعادة النظر في الرسوم الجمركية الجديدة التي أعلن عنها ترامب بشأن واردات السيارات، وانتقدت ألمانيا هذه الرسوم، في حين عرضت الهند تخفيضات جمركية على واردات المنتجات الزراعية من أميركا.
أما الصين، فقالت أمس الخميس إنه "لا رابح في حرب تجارية"، وإن النمو والازدهار لأي دولة لا يتحقق من خلال فرض رسوم جمركية.
والأربعاء الماضي أيضا أعرب ترامب عن استعداده لتسويات جمركية مع الصين مقابل موافقتها على بيع أنشطة منصة تيك توك في الولايات المتحدة.
ورفضت الصين أول أمس الخميس اقتراح ترامب بشأن صفقة "تيك توك"، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية غيو جيا كون "فيما يتعلق بمسألة تيك توك، أكد الجانب الصيني موقفه مرارا، كما أن موقف الجانب الصيني رفض رسومٍ جمركية إضافية ثابتٌ وواضح".