الأدوية المشعّة بصيص أمل في معالجة السرطان
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
قلّما يلجأ أطباء الأورام راهنا إلى حقن الجسم بمكوّنات مشعّة لتدمير الخلايا السرطانية مباشرة، إذ لم تحظ هذه التقنية العلاجية بعد بمكانة كبيرة ضمن ترسانتهم، لكنّ هذا العلاج يبدو واعدا أكثر فأكثر، وباتت صناعة الأدوية تستثمر مليارات الدولارات فيه.
ولاحظت المحللة المالية المتخصصة في قطاع تصنيع الأدوية جميلة البوقريني في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية أن هذه الأدوية المشعة "تتوافق مع روح العصر".
وليس أدلّ على ذلك من الإعلان في منتصف تشرين الأول/أكتوبر عن شراكة بين شركتين فرنسيتين عملاقتين هما مجموعة "سانوفي" لصناعة الأدوية، وشركة "أورانو" (أريفا السابقة) المتخصصة في المجال النووي.
وأثار هذا الإعلان الدهشة والتساؤلات عمّا يمكن أن يجمع بين علب الأدوية ومحطات الطاقة النووية في أورانو؟
وتكمن الإجابة في مفهوم الطب النووي نفسه، وبشكل أكثر تحديدا في أدوية من نوع فريد، تعمل شركة "أورانو" على تطوير أحدها من خلال شركة تابعة لها ستستحوذ "سانوفي" على حصة صغيرة منها في مقابل 300 مليون يورو.
تستخدم هذه الأدوية مكونات مشعّة لتدمير الأورام. ولتتمكن من ذلك، يُرفَق بها جزيء يُحدّد العلامات النموذجية للخلية السرطانية، وبالتالي، يكون هذا الجزيء بمثابة "ناقل" لأخذ العنصر المُشعّ مباشرة إلى الخلية.
والمبدأ العام معروف جيدا لأنه مبدأ العلاج الإشعاعي، الذي يُعالَج بواسطته غالبية مرضى السرطان أصلا. ولكن بدلاً من إطلاق الأشعة على الشخص، تسعى هذه المكوّنات المشعّة إلى إصابة الخلايا السرطانية بشكل مباشر بدقة عالية جدا.
وهي تاليا علاجات إشعاعية "مستهدِفة". وسبق أن اعتُمِد هذا المفهوم بالمعنى الواسع طوال عقود في علم الأورام إذ يُستخدَم اليود المشع بانتظام لمعالجة بعض أنواع سرطان الغدة الدرقية.
لكنّ اليود يشكّل حالة خاصة، لأنه ينجذب بشكل طبيعي إلى الغدة الدرقية، وبالتالي لا يحتاج إلى "ناقل" مرفق به. ومن ناحية أخرى، في السنوات الأخيرة، حققت الأدوية نتائج إيجابية بفضل الجمع بين مكوّن مشعّ وناقل بيولوجي.
وكانت نقطة التحول الكبرى شراء شركة "نوفارتيس" السويسرية عام 2018 الدواء الإشعاعي "لوتاثيرا" Lutathera لقاء نحو أربعة مليارات دولار.
وقالت اختصاصية الطب النووي في مستشفى نانت الجامعي في غرب فرنسا فرنسواز كرابر بوديريه لوكالة الصحافة الفرنسية "لم يكن أحد مهتما في السابق بتخصصنا".
اندفاع الشركات
إلا أن الدواء "لوتاثيرا" مخصص حصرا لسرطانات الجهاز الهضمي النادرة. وما لبثت "نوفارتيس" بعد مدة قصيرة أن اشترت حقوق دواء إشعاعي آخر هو "بلوفيكتو" Pluvicto في مقابل مليارَي دولار، يُستخدم في معالجة بعض أنواع سرطان البروستاتا، ونشرت بيانات إيجابية عنه في مطلع العقد الجاري.
ومنذ ذلك الحين، اندفعت شركات الأدوية العملاقة نحو هذا الخيار. في الأشهر الأخيرة، دفعت شركات "أسترازينيكا" و"بريستول مايرز سكويب"، و"إيلاي ليلي" ومجددا "نوفارتيس" مليارات الدولارات لشراء شركات التكنولوجيا الحيوية المتخصصة في العلاجات الإشعاعية المستهدِفة.
ويُعَدّ الاندماج بين "سانوفي" و"أورانو" أحدث مثال على هذه الحركة.
وأكدت البوقريني أن هذه الصفقة "تضع سانوفي بين أكثر الجهات تقدما في العلاج الإشعاعي".
فالدواء الذي طورته "أورانو"، والقائم على الرصاص 212، ينتمي إلى جيل جديد من العلاجات الإشعاعية التي تعتمد على جسيمات تُسمّى ألفا.
وتطلق هذه الجسيمات طاقة إشعاعية أكثر من جزيئات بيتا، وهي أساس معظم العلاجات الموجودة، ولكن على مسافة أقصر. وبالتالي فإن هذا يعطي الأمل في أسلوب عمل أكثر انتقائية.
ويتعين التأكد مما إذا هذا الأمل سيُترجم فعلا إلى نتائج سريرية مقنعة. ولم تُجرَ إلى الآن تجارب واسعة النطاق على معظم علاجات ألفا، لكنّ "أورانو" تتهيأ لاتخاذ هذه الخطوة.
وبينما يظل الأخصائيون حذرين، فإنهم متفائلون. وقالت كرابر-بوديريه "النتائج السريرية الأولى تجعلني أتوقع أن تكون هذه العلاجات فاعلة". واضافت "لو سألني أحد قبل خمس سنوات، لقلت إن الأمر لا يزال محفوفا بالمخاطر بعض الشيء. أما الآن، فأعتقد أن علينا المضي قدما".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
حماس تدعو الوسطاء إلى معالجة خلل في تنفيذ اتفاق غزة
أكد الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم، أن الاحتلال يواصل مراوغته في تنفيذ المسار الإنساني في اتفاق وقف إطلاق النار، ويتعمد تأخير وإعاقة دخول المتطلبات الأكثر أهمية وإلحاحا، وخاصة الخيام والبيوت الجاهزة، والوقود والمعدات الثقيلة لرفع الأنقاض.
وأضاف الناطق باسم حركة حماس وفق ما نقل المركز الفلسطيني للإعلام، أن ما تم تنفيذه في هذه الجوانب أقل بكثير من الحد الأدنى المتفق عليه، ما يعني عدم التزام واضح في الموضوع الإغاثي والإنساني.
وأشار إلى أن العدوان على القطاع خلف دماراً كبيراً خاصة في شمال القطاع، حيث أعدم الاحتلال كل مظاهر الحياة فيه، من تدمير شبه شامل للمنازل والمستشفيات وآبار المياه والمدارس والبنية التحتية؛ مما يجعل الإغاثة مسارا مركزياً في اتفاق وقف إطلاق النار.
ودعا قاسم الوسطاء والضامنين لاتفاق وقف إطلاق النار، وخاصة الأشقاء في مصر وقطر للتدخل ومعالجة الخلل في تطبيق البرتوكول الإنساني في الاتفاق.
كانت حماس وإسرائيل توصلتا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 15 من الشهر الماضي، ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في 19 يناير الماضي، بعد حرب إسرائيلية استمرت 15 شهرا على قطاع غزة.
وينص الاتفاق على ثلاث مراحل، تشمل الأولى، التي تمتد42 يوماً، وقف إطلاق النار، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والرهائن، إضافة إلى تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية وعودة النازحين، فيما يتم التفاوض خلال هذه المرحلة على تفاصيل المرحلتين الثانية والثالثة.