الأميرة لالة حسناء وعقيلة الرئيس الفرنسي تشرفان على تدشين المسرح الملكي بالرباط على نهر أبي رقراق
تاريخ النشر: 29th, October 2024 GMT
زنقة 20. الرباط
بأمر من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أشرفت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، مرفوقة بالسيدة بريجيت ماكرون، اليوم الثلاثاء، على تدشين المسرح الملكي الرباط، المشروع الهيكلي الذي يأتي لتعزيز منظومة مدينة الأنوار، عاصمة المغرب الثقافية.
وبعد إزاحة الستار عن اللوحة التذكارية، تابعت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء، مرفوقة بالسيدة بريجيت ماكرون، عرضا حول الهندسة الداخلية للمسرح الملكي الرباط، قبل القيام بجولة في مختلف مرافقه.
ويتميز هذا الصرح-الأيقونة، الذي يعد ثمرة رؤية ملكية مستنيرة، وتجسيدا للعناية الموصولة التي ما فتئ جلالة الملك يوليها للفن والثقافة، بموقعه وجماليته ومعاييره التقنية المبتكرة التي تمثل نقلة كبرى في المشهد الثقافي للمغرب.
ويساهم هذا المشروع الهام الذي أعطى جلالة الملك، نصره الله، انطلاقة أشغال إنجازه، والذي يشكل جزءا مندمجا من برنامج تنمية مدينة الرباط، في تعزيز البنيات التحتية الثقافية على مستوى مختلف جهات المملكة، وفي النهوض بالإشعاع الثقافي للمغرب على الصعيد العالمي.
وبوصفه رمزا للحداثة، يضفي التصميم الفريد للمسرح الملكي الرباط لمسة عصرية على الهندسة المعمارية لمدينة الرباط، حيث لا يعد فضاء للتعبير الفني فحسب، وإنما تحفة فنية في حد ذاته.
ويشكل المسرح الملكي الرباط، الذي يطل على نهر أبي رقراق، في امتداد لمعلمتي صومعة حسان وضريح محمد الخامس، رمزا للانبعاث الثقافي والفني لعاصمة المملكة. كما سيعزز الدينامية الثقافية بالمغرب، من خلال تحفيز مقاربة حداثية للفن المغربي، بكل ما يفضي إليه ذلك من تثمين للقدرات الإبداعية.
وتمتد هذه المعلمة، التي أنجزتها وكالة تهيئة ضفتي نهر أبي رقراق، وصممتها المهندسة المعمارية الراحلة زها حديد، على مساحة 7,1 هكتارا، منها 25 ألف و400 متر مربع مبنية. وتنصهر هذه المنشأة، في انسجام تام، في موقع نهر أبي رقراق بفضل تصميمها الذي تم إبداعه بشكل يتماهى مع دينامية الموقع ومشهده العام.
ويتكون المسرح الملكي الرباط من عدة فضاءات موزعة ببراعة، إذ يتميز بتصميمه المبتكر الذي يسمح بحركة سلسة بين مختلف مرافقه، وكذا بتنقل انسيابي للجمهور بفضل السلالم الكبيرة والممرات والمصاعد، بالإضافة إلى الولوجيات المخصصة للأشخاص ذوي القدرة المحدودة على الحركة، وفقا لمبدأ “التنقل للجميع”.
ويضم المسرح الملكي الرباط قاعة كبيرة للعروض تتسع لأزيد من 1800 متفرج، وتتميز بتصميم فريد قائم على واجهات هندسية مميزة ومبتكرة للجدران والسقف. ويمكن لهذه القاعة احتضان أنواع متعددة من التظاهرات الفنية والثقافية (المسرح والرقص والباليه والأوبرا والمسرحيات الموسيقية، والحفلات السيمفونية والفيلارمونية، بالإضافة إلى أشكال أخرى من العروض الحية).
وتتوفر القاعة الكبرى للعروض بالمسرح الملكي الرباط، التي ترقى إلى منشأة من مستوى عالمي، على تقنيات عازلة للصوت مصنفة ضمن أفضل المعايير الدولية في المجال. وتعد جودة الصوت داخل هذه القاعة استثنائية مع هندسة معمارية وهندسة صوتية مصممتين لضمان تجربة صوتية مثيرة للجمهور. ويمثل السقف المتحرك، الذي يأخذ شكل عاكس صوتي، أيضا عنصرا أساسيا ومتفردا في هندسة هذه المؤسسة.
ويحتوي المسرح الملكي الرباط، أيضا، على قاعة ثانية للعروض تضم 250 مقعدا، مفتوحة لاحتضان كافة التجارب والتعبيرات الثقافية بأساليبها وأنواعها المتعددة والمختلفة، لتصبح بمثابة رافعة للمشهد الفني المغربي الجديد.
وبخصوص الفضاء الخارجي للمسرح، فيضم مدرجا بطاقة استيعابية تبلغ 7 آلاف شخص، مخصصا لاحتضان المهرجانات والتظاهرات الكبرى.
ويعد المسرح الملكي الرباط بتجربة ثقافية غامرة من خلال برمجة غنية تشمل احتضان أحداث ثقافية وطنية ودولية، بما يسهم في إثراء المشهد الثقافي للرباط والمغرب بأكمله.
ومن خلال هذه المعلمة المعمارية والحضرية الفريدة، ترتقي العاصمة الرباط إلى مصاف كبريات الوجهات الثقافية العالمية، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله.
وكانت صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء في استقبال السيدة بريجيت ماكرون لدى وصولها إلى المسرح الملكي الرباط، حيث استعرضتا تشكيلة من القوات المساعدة أدت التحية.
وتقدم للسلام على صاحبة السمو الملكي الأميرة للا حسناء مرفوقة بالسيدة بريجيت ماكرون، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، السيد فوزي لقجع، ووالي جهة الرباط-سلا-القنيطرة عامل عمالة الرباط، السيد محمد اليعقوبي، ورئيس مجلس الجهة، السيد رشيد العبدي، ورئيسة المجلس الجماعي لمدينة الرباط، السيدة فتيحة المودني، ورئيس مجلس عمالة الرباط، السيد عبد العزيز الدرويش، وعدد من الشخصيات الأخرى.
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: بریجیت ماکرون نهر أبی رقراق
إقرأ أيضاً:
ماكرون دون مظلة؟!
كثيراً ما كان يطمح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، منذ استلامه الحكم منتصف العام 2017، أن يضع بلاده على خارطة الدول المؤثرة في المشهد العالمي، على شاكلة الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين، غير أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن.
صحيح أن فرنسا تعتبر من اللاعبين الدوليين الكبار وهي عضو دائم في مجلس الأمن الدولي، لكن تأثيرها السياسي والعسكري يأتي في مرتبة متأخرة لا تمكنها من صناعة السلام العالمي أو حتى قيادة أوروبا وحلف «الناتو» بديلاً عن غياب أو تراجع أميركي في لعب هذا الدور.
منذ ولايته الرئاسية الأولى، حاول ماكرون جاهداً قيادة القاطرة الأوروبية ولعب دور سياسي وعسكري أكبر من الذي تلعبه ألمانيا القوة الاقتصادية الأولى في أوروبا، وملء الفراغ الذي أحدثه انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في حزيران 2016.
في أيلول 2018 وخلال خطاب ألقاه في باريس، دعا ماكرون إلى إنشاء جيش أوروبي موحد، رداً على تصريحات نظيره الأميركي ترامب، التي قال فيها: إن بلاده لا يمكنها حماية أوروبا مجاناً وإن على الأخيرة حماية نفسها بأموالها وليس بالمال الأميركي.
منذ ذلك التاريخ وحتى هذه اللحظة، لم تتمكن فرنسا من إنشاء جيش أوروبي موحد، والسبب أن الأولى غير قادرة على ممارسة دور القيادة في ظل إمكانيات سياسية واقتصادية صعبة، إذ إن توفر هذا الدور يتطلب أولاً إرادة سياسية فرنسية موحدة وهذا لم يحصل، وثانياً إنفاق الكثير من المليارات على تطوير الأسلحة والقدرات العسكرية الفرنسية والأوروبية وهذا أيضاً متطلب غير ناضج بعد.
ثم إن الحرب الروسية على أوكرانيا منذ ثلاثة أعوام، كشفت هشاشة الاتحاد الأوروبي على المستويَين السياسي والعسكري، إذ لم تتمكن الدول الأوروبية من إرسال العتاد العسكري الكافي لأوكرانيا حتى تقيها شر الحرب، ولولا الدعم الأميركي لكانت كييف محتلة من جانب روسيا.
حرب أوكرانيا أثبتت أن أوروبا غير قادرة الاعتماد على نفسها في مواجهة أي مخاطر وتهديدات كبرى، وأنها بحاجة فعلاً إلى المظلة الأمنية الأميركية التي ظلت تدعمها منذ الحرب العالمية الثانية وحتى هذه اللحظة، لكن ثمة تغيرات كبرى تحدث في هذا المربع من العالم.
حرب أوكرانيا أثبتت أن أوروبا غير قادرة الاعتماد على نفسها في مواجهة أي مخاطر وتهديدات كبرى
ترامب خلال فترة رئاسته الأولى، ظل «يتحركش» بأوروبا ويهددها حتى يقبض ثمن الحماية التي يؤمنها لها، وماكرون اكتفى بالكلام والتوعد ولم يحدث أن وضعت فرنسا خطة متكاملة لقيادة أوروبا، سواء عبر بناء جيش موحد أو حتى توحيد الجهود لتمكين التحالف العسكري بين دول «الناتو».
لم تكن تصريحات ماكرون الأخيرة بشأن استخدام المظلة النووية الفرنسية لحماية أوروبا جديدة، إذ سبق له أن تحدث في هذا الموضوع مرات كثيرة، وحديثه الأخير يبدو أنه موجه للاستهلاك الإعلامي والغرض منه تلميع صورته أمام الرأي العام الفرنسي، وخارجياً القول: إن هناك رجلاً قوياً يمكنه الوقوف أمام روسيا وحضورها في أوروبا وعقيدتها النووية.
من الصعب على باريس؛ إذا غابت واشنطن عسكرياً عن أوروبا، أن تقوم بدور «سوبرمان» والتلويح بالسلاح النووي ضد روسيا، والسبب أنها أولاً: تمتلك حوالى 290 رأساً نووياً مقارنة بترسانة روسيّة تفوقها عدداً بعشرات المرات، حوالى 6375 رأساً نووياً.
ثانياً: يمكن القول، إن فرنسا تركز على الردع النووي وحماية حلفائها في العمق الجغرافي الأوروبي، بينما تستخدم روسيا سلاحها النووي جزءاً من إستراتيجيتها العسكرية لحماية مصالحها والتلويح بالسلاح للتأثير في المشهد العالمي.
ثالثاً: هناك فرق كبير بين القوتين الروسية والفرنسية لصالح الأولى، وعلى الرغم من تأثيرات الحرب على الاقتصاد الروسي، إلا أن روسيا ماضية بقوة في تحديث وبناء أسلحتها، ونلحظ أنها تُنوّع من إدخال طائرات جديدة وأخرى مُسيّرة وصواريخ باليستية قصيرة وطويلة المدى إلى ترسانتها العسكرية حتى تلبي احتياجاتها الإستراتيجية والأمنية.
النتيجة أن أوروبا دون أمريكا لن تكون قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية بالطريقة المطلوبة
النتيجة أن أوروبا دون أمريكا لن تكون قادرة على حماية مصالحها الإستراتيجية بالطريقة المطلوبة، وإن حاول الرئيس الفرنسي دفع نظرائه الأوروبيين إلى الاعتماد على أنفسهم، فإن ما ينقص أوروبا هو الإرادة السياسية للمضي في وحدة حال حقيقية تؤدي في النهاية إلى إحداث فرق جوهري في القوة العسكرية.
ماكرون يُذكّر الاتحاد الأوروبي كثيراً أن عليه الاعتماد على نفسه، ويُذكّر نفسه هو الآخر أن عليه التقدم خطوات للأمام حتى يحقق الأمن والسلام لأوروبا، وفي نفس الوقت يبقي الباب مفتوحاً للترحيب بالحليف الإستراتيجي الأميركي حتى يظل حامي أوروبا.
أخيراً مهما تحدثت أوروبا وماكرون عن بداية عهد جديد للتعاون الأوروبي، تظل أوروبا بحاجة إلى الولايات المتحدة حتى تدعمها في مواجهة التحديات والمخاطر الأمنية في الفضاء الأوروبي والعالمي، وتدرك أن عليها مغازلة ترامب ودفع الكثير حتى يصل الجميع إلى نقطة التلاقي.
(نقلا عن صحيفة الأيام الفلسطينية)