عائشة بنت محمد الكندية
في إحدى المؤسسات، يعمل شخص مميز بجهوده وإبداعه، يسعى دائمًا لتقديم أفكار جديدة تدعم أهداف الفريق وتطوّر العمل. ومع مرور الوقت، بدأت بعض التحديات تظهر في بيئة العمل، إذ لم يكن جميع زملائه على نفس النهج من الحماس والتعاون، وظهرت بعض المواقف التي جعلت الأمور تبدو وكأن النجاحات تُقابل ببعض البرود وعدم الاهتمام، بينما تُمنح الفرص الأخرى للأفكار الأقل جودة.
ومع مرور الوقت، لاحظ هذا الشخص أن الحماس الذي كان يدفعه للعمل بدأ يتلاشى، ليدرك أن التقييمات والترقيات في بعض الأحيان لا تعتمد فقط على الجهود والكفاءة، بل تتأثر بعوامل أخرى غير متوقعة.
ومن خلال هذا المثال، يمكننا أن نستنتج مدى تأثير الشخصنة في بيئة العمل؛ حيث يتعين علينا أن نستعرض مفهوم الشخصنة، أشكالها المختلفة، تأثيراتها السلبية، وطرق معالجتها.
إن الشخصنة في العمل هي تحويل الخلافات المهنية أو سوء الفهم إلى صراعات شخصية، بدلًا من حل المشكلات المهنية بشكل احترافي. هذا السلوك يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية وإضعاف الأداء الجماعي. الشخصنة تتمثل في توجيه الهجمات الشخصية والنقد تجاه الأفراد، بدلًا من التركيز على المشكلات المهنية. ومن بين الأشكال المتنوعة للشخصنة، الهجوم الشخصي؛ حيث يُهاجَم الموظف بناءً على صفاته الشخصية بدلًا من تقييم أدائه، إضافة إلى التمييز في التعامل بين الموظفين بناءً على العلاقات والعواطف، وهو ما يؤدي إلى تجاهل الإنجازات أو التقليل من جهود الآخرين لأسباب شخصية
والشائعات والتحريض أيضًا من أشكال الشخصنة؛ حيث يلجأ بعض الموظفين إلى نشر شائعات تهدف إلى تشويه سمعة زميل لهم بدافع الحسد أو المنافسة الشخصية. وهذه السلوكيات تساهم في خلق بيئة عمل غير صحية، مليئة بالتوتر والضغوط النفسية، وتؤدي إلى فقدان الثقة بين الزملاء. في مثل هذه البيئة، يخشى الموظفون من أن يصبحوا هدفًا لهجمات شخصية، مما يقلل من التعاون ويؤثر على سير العمل كفريق. وهذا بدوره يزيد من معدل الاستقالات، حيث يسعى الموظفون إلى الهروب من هذه الأجواء المسمومة بحثًا عن بيئة عمل أفضل.
ولتجنب تأثيرات الشخصنة السلبية في العمل، من الضروري اتخاذ مجموعة من الحلول. أولًا يجب على القادة والمديرين التركيز على الأداء عند تقديم النقد أو الاقتراحات، وأن تكون هذه الملاحظات موجهة نحو تحسين المخرجات المهنية بدلًا من مهاجمة الأفراد. كذلك، من المهم تعزيز بيئة عمل قائمة على الاحترام المتبادل، والتعامل بموضوعية في كل الأوقات، مع الحرص على حل النزاعات بسرعة قبل أن تتفاقم وتتحول إلى مشاكل أكبر.
كما يمكن تنظيم برامج تدريبية للموظفين تركز على كيفية تقديم النقد البناء والتعامل مع النزاعات بشكل إيجابي، دون اللجوء إلى الشخصنة. يجب تشجيع الموظفين على التحدث بصراحة عن أي مشاكل يواجهونها دون خوف من التعرض لهجمات شخصية، مما يسهم في خلق بيئة أكثر انفتاحًا وشفافية.
وفي الختام.. إنَّ تجنُّب الشخصنة في بيئة العمل ليس مجرد خيار؛ بل ضرورة لضمان بيئة مهنية صحية ومنتجة. التعامل مع الجميع بناءً على أدائهم المهني ومهاراتهم، بعيدًا عن العلاقات الشخصية أو المشاعر الفردية، هو مفتاح نجاح الفرق. ولا شك أن التركيز على الأهداف الجماعية والمصلحة العامة يعزز من تماسك الفريق ويخلق بيئة عمل تحترم التنوع وتدعم النجاح المهني للجميع.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
داليا عبدالرحيم: الحرب الإسرائيلية وفرت بيئة خصبة للتنظيمات الإرهابية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
عرضت الإعلامية داليا عبد الرحيم، رئيس تحرير جريدة البوابة، ومساعد رئيس قطاع القنوات الإخبارية بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية لملف الإسلام السياسي، تقريرًا بعنوان “دلالات سيطرة جبهة النصرة على حلب”.
وقالت “عبدالرحيم”، خلال برنامج "الضفة الأخرى"، المذاع عبر فضائية "القاهرة الإخبارية"، إن هذا التقرير يضع إصبعنا على جرح مفتوح في الصراع السوري والإقليمي، حيث تتكرر مشاهد سيطرة الجماعات المتطرفة على المدن الكبرى، في سيناريو يعكس عجزًا دوليًا وإقليميًا عن التصدي لهذه التحولات الخطيرة، وسيطرة هيئة تحرير الشام على حلب تعيد للأذهان صعود داعش قبل عقد من الزمن، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات حول أسباب هذا التكرار، والدور الذي لعبته الفوضى الإقليمية الأخيرة، خاصة تلك الناتجة عن الحرب الإسرائيلية، في توفير بيئة خصبة لهذه التنظيمات.
وتابعت: الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الصمت الدولي أمام هذه التحولات، مما يُثير شكوكًا حول وجود أجندات خفية أو ضعف الإرادة السياسية لمواجهة هذه الجماعات، وبينما ينشغل العالم بتوابع الصراعات في أماكن أخرى، يبدو أن الجماعات المتطرفة تستفيد من هذا الفراغ لتوسيع نفوذها، ما يجعل الحاجة ملحة لتكاتف الجهود الدولية والإقليمية قبل أن تتحول سوريا مجددًا إلى نقطة انطلاق لتهديد أوسع يستهدف أمن واستقرار المنطقة والعالم.. والاتصالات الاقليمية التي بدأت أمس.. ومن أهمها الاتصال الهاتفي بين وزير الخارجية المصري ونظيره السوري قد تكون نقطة انطلاق لجهود دولية نحو عودة الاستقرار للشعب السوري.