د. سليمان بن خليفة المعمري

 

كثيرًا ما يعرض الناس صفحًا عن الكتابة وتستثقلها نفوس الطلبة والدارسين، وقد لا حظت أثناء تقديمي للعديد من الدورات التدريبية أن أكثر الأنشطة التدريبية التي يحجم المتدربون عن المشاركة فيها هي الكتابة، كما لاحظتُ ذلك أثناء إجراء البحوث العلمية؛ إذ قلما يستجيب المبحوثون لأسئلة الاستبانات التي تحتاج إلى كتابة.

وفي إحدى الاستبانات التي قمت بتطبيقها مؤخرا رغم قصرها الشديد (على رأي أحد المستجيبين)؛ إذ كانت تتضمن خمسة أسئلة اختيار من متعدد، منها سؤالان فقط تضمنا خيار (أخرى) وطُلب من المستجيبين كتابة تعليقا إضافيا في حال تم اختيار هذا الخيار، ورغم اختيار نسبة (6.01%) من أصل (268) شابا وشابة؛ أي ما يقارب (28) شابا وشابة لهذا الخيار، إلّا أن أيًّا منهم لم يكتب تعليقًا حول اختيارهم هذا، كما إن هناك- للأسف- من يُعد الواجبات الدراسية المنزلية (عقابًا)، رغم أن العديد من مدارس علم النفس- وخاصة ذات التوجه المعرفي السلوكي- ترى أن الواجبات المنزلية أحد أسس العلاج  التي يجب على المسترشدين الالتزام بها لإحراز التقدم المنشود إزاء حالتهم النفسية، فلا يكفي المرء أو الطالب أو المتدرب أن يحضر الجلسة العلاجية او الدورة التدريبية أو الصف الدراسي ليحصد ثمرة حضوره ما لم يبذل الجهد ويتحلى بالصبر والإرادة والعزيمة والالتزام، وقد صدق من قال "العلم صيد والكتابة قيده، قيد صيودك بالحبال الواثقة".

والواقع إن الكثير من الشواهد تشير إلى إن الكتابة ارتبطت ارتباط وثيقا بتقدم الحضارات وازدهار الأمم، فهي بالإضافة إلى أهميتها المعروفة في التدوين والتواصل بين الناس فإن لها قيمة فنية ودينية كبيرة، وقد وردت كلمة (كتب) في القرآن الكريم حوالي 260 مرة، كما نوه القرآن الكريم بالقلم كأحد أدوات الكتابة في قولة تعالى"ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ" (سورة القلم، 1)، ولطالما كانت الكتابة علة شفاء العليل، ولطالما حفظت لنا خبرات الحياة وأسرارها بدلا من ضياعها في زوايا النسيان؛ بل إن هناك العلاج النفسي القائم على استحضار وسرد الذكريات عبر " الاجترار الإيجابي" لماضي الإنسان وتذوق حلاوة إنجازاته.

وقد كتب جراهام جرين في طرائق الهروب" إن الكتابة نوع من العلاج النفسي، حتى إنني أحيانا أتساءل عن أولئك الذين لا يكتبون، ولا يرسمون، وربما لا يؤلفون الموسيقى، كيف يدبرون أمرهم، وكيف يهربون من الجنون، والسوداوية، والفزع والمخاوف" لذا على المرء أن يعتصم بالصبر والتحمل  لمواجهة عصيان الكتابة ليجني ثمرة الكفاح والعمل والاجتهاد.

الكثير من النتاج البشري الأدبي والفني والعلمي والدراسي الذي نشاهده اليوم ما هو إلا حصيلة الكتابة والولوج إلى هياكل الابداع والصفاء الإنساني، وإن على الناشئة وطلبة العلم إذا ما أرادوا شق طريق المجد والفوز باعتلاء منصات العلم وحيازة قصب السبق في مسيرة العلم المشرقة أن يجعلوا من فعل الكتابة متعتهم التي لا ينفكون عن ممارستها ولا يتوقفون عن مقارفتها ليضمنوا السيادة والريادة في مجالات العلم الثقافية والأدبية والتقنية والفنية وقد صدق من قال: "فالعلم في السطور.. يسري إلى الصدور".

متذكرين على الدوام، أن الوصول إلى ذرى المعالي يحتاج إلى الكثير من المعاناة والتحدي والالتزام، وكم أصاب أمير شعراء المهجر إيليا أبو ماضي حين قال:

لا شيء يدرك في الدنيا بلا تعب

من اشتهى الخمر فليزرع دواليها

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

شاهد بالفيديو.. بعد تحريرهم القنصلية المصرية بالخرطوم.. جنود الجيش السوداني يرفعون العلم المصري ويوجهون الشكر لحكومة وشعب المحروسة على استضافة أهاليهم ويهتفون: (نحنا مبسوطين أوي)

في إطار تحريره لكل المواقع بالعاصمة الخرطوم, نجح الجيش السوداني, في تحرير مكاتب القنصلية المصرية, بالسوق العربي وسط الخرطوم.

وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد عبر جنود الجيش عقب تحريرهم مباني القنصلية عن شكرهم لمصر حكومة وشعبا لحسن إستضافتهم أخوانهم السودانيين.

ورفع الجنود الشعار الموجود على العلم المصري, مؤكدين باللهجة المصرية: (نحنا مبسوطين أوي) ومتمنين عودة الموظفين بالقنصلية لمباشرة عملهم من الخرطوم.

محمد عثمان _ الخرطوم

النيلين

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مد فترة التسجيل في الورش التدريبية بالمهرجان المسرحي لشباب الجنوب
  • «الشارقة الخيرية» تضع حجر الأساس لمسجد «العلم نور» في القاهرة
  • نافذ الرفاعي لـ "البوابة نيوز": حكايات الحب والحرب والنجاة والموت في غزة تستحق الكتابة عنها
  • شاهد بالفيديو.. بعد تحريرهم القنصلية المصرية بالخرطوم.. جنود الجيش السوداني يرفعون العلم المصري ويوجهون الشكر لحكومة وشعب المحروسة على استضافة أهاليهم ويهتفون: (نحنا مبسوطين أوي)
  • الرقابة الصحية تنظم عددًا من البرامج التدريبية لتطوير الكوادر البشرية بـ 3 محافظات
  • سفارة باكستان بالقاهرة تحتفل باليوم الوطني الـ85 لباكستان
  • هل يُحاسُب أحيزون؟…ألحق أسوأ عار بألعاب القوى بغياب تاريخي للمغرب عن بطولة العالم داخل القاعة
  • حقيقة اكتشاف أعمدة ضخمة أسفل أهرامات الجيزة | خبير أثري يوضح
  • قومى المرأة بأسوان يواصل تنظيم الورش التدريبية بالمشاغل والوحدات الإنتاجية
  • القصر الجمهوري: نهزم الشر ونجلي الغاصبين